الطبقة الثالثة: طبقة أتباع التابعين
1: جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (ت:148هـ)
المعروف بجعفر الصادق، كان من وجوه أهل المدينة وأشرافهم وفقهائهم، ولد سنة ثمانين من الهجرة، وأمه هي أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدّته لأمّه قُريبة، ويقال: أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان جعفر يقول: (ولدني أبو بكر مرتين).
وقد تفقّه بأبيه وبجدّه القاسم بن محمد، وبجماعة من علماء التابعين، ورؤيته لسهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ممكنة، لكن لم تثبت، ولو ثبتت رؤيته له أو لأحد من الصحابة رضي الله عنهم لعُدّ من التابعين.
فلذلك هو معدود من كبار طبقة أتباع التابعين.
وله وصايا جليلة، وأخبار وأقوال تدلّ على فقهه وحسن معرفته.
- قال أحمد بن زيد بن الحريش: حدثنا عباس بن الفرج الرياشي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال جعفر بن محمد: «الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتدبير نصف العيش، والتودد نصف العقل، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقدْ عقَّهما، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته فقد حبط أجره، والصنيعة لا تكونن صنيعة إلا عند ذي حسب ودين، والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة، ومنزل الرزق على قدر المؤونة، ومن قدر معيشته رزقه الله تعالى، ومن بذر معيشته حرمه الله تعالى» رواه أبو نعيم في الحلية، وأحمد بن زيد من شيوخ العقيلي، وعباس بن الفرَج من ثقات أهل اللغة كان راوية للأصمعي، قتله الزنج بالبصرة وهو يصلّي الضحى في المسجد.
وكان بريئاً مما نسبته إليه الرافضة من البراءة من أبي بكر وعمر، ومن ادّعاء العصمة.
- وقال علي بن الجعد: أخبرنا زهير، قال: قال أبي لجعفر بن محمد: إن لي جاراً يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر؟
قال: (برئ الله من جارك، والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال مخلد بن أبي قريش الطحان: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة، فقال: (إنكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مصركم، فأبلغوهم عني: من زعم أني إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء). ذكره الذهبي.
- وقال الذهبي: (مناقب جعفر كثيرة، وكان يصلح للخلافة لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه، وقد كذبت عليه الرافضة ونسبت إليه أشياء لم يسمع بها؛ كمثل كتاب الجفر، وكتاب اختلاج الأعضاء، ونسخ موضوعة، وكان ينهى محمد بن عبد الله بن حسن عن الخروج ويحضه على الطاعة، ومحاسنه جمة).
- قال أبو نعيم والمدائني وخليفة بن خياط وابن حبان والذهبي: مات سنة 148هـ.
- قال ابن حبان: وهو ابن ثمان وستين سنة.