المراد بالعذاب الأدنى:
1- القتل بالسيف مثلما حدث في يوم بدر وغيرها:
وهو قول عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب والحسن بن علي وعبد الله بن الحارث بن نوفل ومجاهد وقتادة والسدي.
التخريج:
- أما قول ابن مسعود فرواه موسى بن سعيد النهدي في كتابه وابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في مستدركه وقال هو صحيح على شرط الشيخان، وكلهم من طريق سفيان عن السدي عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله بن مسعود.
- وأما القول المروي عن أبي بن كعب فرواه عبد الرزاق في تفسيره عن قتادة أنه بلغه عن أبي ، ورواه ابن جرير في تفسيره وكلهم من طريق قتادة عن مجاهد عن أبي وهو منقطع.
- وأما قول الحسن بن عليّ أخرجه ابن جرير في تفسيره من طريق يعقوب عن هشيم عن عوف عمن حدثه عن الحسن بن علي وقال: هو القتل بالسيف صبرًا.
- أما قول عبد الله بن الحارث بن نوفل فرواه ابن جرير في تفسيره من طريق ابن وكيع عن عبد الأعلى عن عوف عن عبد الله بن الحارث.
- وأما قول مجاهد فرواه ابن جرير في تفسيره من طريق ابن نجيح عن مجاهد ورواه عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد وهو القول بأن العذاب الأدنى هو القتل والجوع لقريش.
- وأما قول قتادة والسدي فقد ذكره البغوي في تفسيره دون إسناد.
2- عذاب الدنيا وهو العقوبات والمصائب التي تحدث في الاموال والأولاد.
(يدخل فيها السنون التي أصابت قريش والقحط والجوع)
هو قول أبي بن كعب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعبادة بن الصامت ومعمر والحسن وإبراهيم وأبي العالية والضحاك وابن زيد ومقاتل وجعفر الصادق.
التخريج:
- أما قول أبي بن كعب فرواه مسلم في صحيحه وابن جريرفي تفسيره كلاهما من طريق شعبة عن قتادة عن عزرة عن الحسن عن ابن أبي ليلى عن أبي بن كعب.
- وأما قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فرواه النسائي في سننه
ورواه عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني في تفسير مجاهد وابن كثير في تفسيره وكلهم من طريق أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود، ورواه ابن الحوزي في تفسيره زاد المسير من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود قال سنون أصابتهم.
[عبد الرحمن راوي كتب والتفسير ليس له في الأصل، ونسبته لمجاهد غير صحيحة كما وضح الشيخ حفظه الله في الدرس، والنسبة الصحيحة لآدم بن أبي إياس؛ فنقول: (رواه آدم بن أبي إياس، وراجعي الملحوظة على ابن الجوزي أدناه]
- أما قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما فرواه ابن جرير في تفسيره من عدة طرق
والثعلبي في تفسيره والبغوي في تفسيره كلاهما من طريق الوالبي عن ابن عباس
وابن الجوزي في تفسيره من وراية ابن أبي طلحة عن ابن عباس وقال هي مصائب الدينا وأسقامها.
- وأما قول عبادة بن الصامت رضي الله عنه فقد
رواه السيوطي في الدر المنثور الحديث الذي أخرجه ابن مردويه عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجابه فقال هي المصائب والاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا قال: زكاة وطهور.
[قول (رواه) نقوله لما رواه المصنف بإسناده إلى منتهى الإسناد (قائل القول)
أما إذا نقله عن مصدر أصيل فيقال عنه مصدر ناقل
وإذا نقل عن مصدر مفقود بالنسبة لنا نقول عنه مصدر بديل، كأنه بديل عن هذا المصدر المفقود.
الدر المنثور من المصادر الناقلة تارة إذا نقل عن مصدر متوفر بالنسبة لنا ومصر بديل إذا نقل عن مصدر مفقود.
فننظر فيمن نقل عنه، ونرجع للكتب المطبوعة لابن مردويه، فإن وجدنا فيها وإلا قلنا
رواه ابن مردويه - كما في الدر المنثور -
أما الثعلبي والبغوي فغالب أمرهم النقل، وأحيانًا يروون بعض الأخبار بإسنادهم، فلابد من مراجعة الأصل للتحقق قبل نسبة الرواية إليهم.
أما ابن الجوزي فهو ناقل دائمًا فلا يجوز أن نقول عند النقل منه (رواه) بل ذكره
وعمومًا لا حاجة للرجوع لمصدر ناقل إلا للاستعانة بجودة تحريرهم للمسائل، هذا بالنسبة للتفاسير التي أجادت التحرير.
أما التخريج فنرجع فيه للمصادر الأصلية فقط، ثم البديلة إن كان المصدر الأصلي مفقود]
- وأما قول إبراهيم النخعي
فرواه موسى بن مسعود النهدي من تفسير سفيان ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وابن جرير في تفسيره كلهم من طريق منصور عن إبراهيم وقال أشياء يصابون بها في الدنيا، وروى ابن جرير قول آخر من طريق سفيان عن منصور عن إبراهيم قوله: سنين أصابتهم
.[موسى أيضًا راوي كتب ومنها تفسير سفيان الثوري، فننسب للمصنف: رواه سفيان الثوري في تفسيره]
- قول أبي العالية فرواه ابن جرير من طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع عن أبي العالية قال هي المصائب في الدنيا.
- قول الضحاك فرواه ابن جرير من طريق أبو خالد الأحمر عن جويبر عن الضحاك قال المصائب في دنياهم وأموالهم.
- قول ابن زيد فرواه ابن جرير في تفسيره من طريق يونس عن ابن وهب عن ابن زيد أنه قال هو عذاب الدنيا
- قول مقاتل
فرواه البغوي وابن عطية وابن الجوزي والقرطبي كلهم دون إسناد والقول هو الجوع سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف.
[تفسير مقاتل بن سليمان نفسه مطبوع، وحينئذ ترجعين له، فإذا وجدتِ القول تقولين: قاله مقاتل في تفسيره]
- وأما قول معمر والحسن فرواه عبد الرزاق في تفسيره ولم يذكر الإسناد وقال هي عقوبات الدنيا، وذكر ابن جرير قول الحسن في تفسيره من طريق سعيد عن قتادة عن الحسن.
اقتباس:
قال عبد الرزاق: (قال معمر وقال الحسن العذاب الأدنى عقوبات الدنيا).
|
معمر شيخ عبد الرزاق والحسن شيخ معمر
فالقول هو قول معمر، لكن صيغة الإسناد هنا بصيغة القول وليست بصيغة "حدثني " لهذا ربما لم تظهر لكِ
وبحث دلالة صيغة الإسناد في كتب مصطلح الحديث.
أما إسناد ابن جرير، فنقول: رواه ، وليس " ذكر" لأن كلمة " ذكر " توحي أنه نقل القول ولم يروه بإسناه]
- أما قول جعفر الصادق فرواه الماوردي في تفسيره دون إسناد وقال أن العذاب الأدنى في المال.
[لا حاجة للنقل من مصدر ناقل فهو ليس أصل في التخريج، خاصة مع رواية المصادر الأصلية للقول]
3- الحدود وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما.
التخريج:
قول ابن عباس رواه ابن جرير في تفسيره من طريق أبوعاصم عن شبيب عن عكرمة عن ابن عباس.
4- عذاب القبر:
وهو قول البراء بن عازب ومجاهد وأبو عبيدة.
التخريج:
- أما قول البراء بن عازب فذكره الماوردي في تفسيره وابن الجوزي في تفسيره والقرطبي في تفسيره وابن كثير في تفسيره وكلهم دون إسناد.
- أما قول مجاهد فرواه ابن جرير في تفسيره من طريق عبيد الله عن إسرائيل عن أبي يحيى عن مجاهد، ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره.
- أما قول أبو عبيدة فذكره ابن كثير والسيوطي دون إسناد.
الدراسة:
القول الأول بُنى على أن هذا حدث بالفعل حيث أن السورة مكية والخطاب فيها لمشركي مكة وقد حدث العذاب لهم بالقتل بالسيف في بدر وما بعدها من الغزوات، وهذا لا يعني أن هذا الحكم خاص بقريش فقط ولكن هذا الحكم عام في كل من فعل مثلهم.
والقول الثاني مبناه على أن العقوبات والمصائب في الدنيا تساعد الناس على التفكر في أحوالهم وما اقترفوا من آثام فلعلهم يتوبوا ويرجعوا إلى الله كما قال جاء في خاتمة الآية {لعلهم يرجعون}، وقد قال الله تعالى: {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس لعلهم يرجعون}.
والقول الثالث مبناه على أن تطبيق الحدود يكون رادعًا للناس ودافعًا لهم للتوبة ويكون مُكَفرًا عما اقترفوه من معاصي.
أما القول الرابع فهو لا يتوافق مع خاتمة الآية {لعلهم يرجعون} حيث أن عذاب القبر لا يكون بعده رجوع للإنسان ولا عنده فرصة للتوبة.
وقد اختار السعدي رحمه الله هذا القول وقال أن الآية من فيها دليل على وقوع عذاب القبر.
حيث قال: العذاب الأدنى، وهو عذاب البرزخ، فنذيقهم طرفًا منه، قبل أن يموتوا، إما بعذاب بالقتل ونحوه، كما جرى لأهل بدر من المشركين، وإما عند الموت، كما في قوله تعالى {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ} ثم يكمل لهم العذاب الأدنى في برزخهم.
وهذه الآية من الأدلة على إثبات عذاب القبر، ودلالتها ظاهرة، فإنه قال: {وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأدْنَى} أي: بعض وجزء منه، فدل على أن ثَمَّ عذابًا أدنى قبل العذاب الأكبر، وهو عذاب النار.
والراجح أن الآية تشمل الثلاث أقوال الأولى حيث لا تعارض بينهم وكلها يصاب بها الإنسان في الدنيا، كما قال ابن جرير: أولى الأقوال في ذلك أن يقال: إنّ اللّه وعد هؤلاء الفسقة المكذّبين بوعيده في الدّنيا العذاب الأدنى، أن يذيقهموه دون العذاب الأكبر، والعذاب: هو ما كان في الدّنيا من بلاءٍ أصابهم، إمّا شدّةٌ من مجاعةٍ أو قتلٍ، أو مصائب يصابون بها، فكلّ ذلك من العذاب الأدنى، ولم يخصّص اللّه تعالى ذكره، إذ وعدهم ذلك أن يعذّبهم بنوعٍ من ذلك دون نوعٍ، وقد عذّبهم بكلّ ذلك في الدّنيا بالقتل والجوع والشّدائد والمصائب في الأموال، فأوفى لهم بما وعدهم