قال ابن الجوزي: (قوله تعالى: {وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ} فيه سبعة أقوال:
أحدها: خافوا ربهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنابوا إلى ربهم، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: ثابوا إِلى ربهم، قاله قتادة.
والرابع: اطمأنوا، قاله مجاهد.
والخامس: أخلصوا، قاله مقاتل.
والسادس: تخشَّعوا لربهم، قاله الفراء.
والسابع: تواضعوا لربهم، قاله ابن قتيبة).
1) قول ابن عباس:
- قال ابن جرير الطبري (ت: 310ه): حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم) ، قال: "الإخبات"، الإنابة.
وحدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس في قوله: (وأخبتوا إلى ربهم) ، يقول: خافوا. جامع البيان (15/ 289)
- قال ابن أبي حاتم (ت 327ه): وبه، عن ابن عباس قوله: وأخبتوا يقول: خافوا. تفسير ابن أبي حاتم (6/ 2019)
- وقال السيوطي (ت 911ه): أخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَأَبُو الشَّيْخ عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأخبتوا} قَالَ: خَافُوا.
وَأخرج ابْن جرير عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الإِخبات الإِنابة. الدر المنثور في التفسير بالمأثور (4/ 414)
2) قتادة:
- قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ (ت: 211هـ): عَنْ مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ} [هود: 23] , قَالَ: «الْإِخْبَاتُ التَّخَشُّعُ , وَالتَّوَاضُعُ» تفسير عبد الرزاق بن همام الصنعاني (2/ 186)
- وقال الطبري (ت 310ه): حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وأخبتوا إلى ربهم) ، يقول: وأنابوا إلى ربهم
حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وأخبتوا إليهم ربهم) ، "الإخبات"، التخشع والتواضع. جامع البيان (15/ 289)
- وقال ابن أبي حاتم (ت 327ه): - حدثنا أبي، ثنا محمد بن عبد الأعلى، ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، وأخبتوا قال: الإخبات: الخشوع والتواضع. تفسير ابن أبي حاتم - محققا (6/ 2019)
- وقال السيوطي (ت 911ه): وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الإِخبات الْخُشُوع والتواضع. الدر المنثور في التفسير بالمأثور (4/ 414).
3) مجاهد:
قال مجاهد (ت 104ه)أنبأ عبد الرحمن، نا إبراهيم، ثنا آدم، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: {وأخبتوا إلى ربهم} [هود: 23] يقول: «اطمأنوا». تفسير مجاهد (ص: 386)
قال الطبري (ت 310ه): حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى وحدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء = عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وأخبتوا إلى ربهم) ، قال: اطمأنوا. جامع البيان (15/ 289)
قال ابن أبي حاتم (ت 327ه): حدثنا حجاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: وأخبتوا إلى ربهم قال: اطمأنوا. تفسير ابن أبي حاتم - محققا (6/ 2019)
قال السيوطي (ت 911ه): وَأخرج ابْن جرير وَأَبُو الشَّيْخ عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وأخبتوا إِلَى رَبهم} قَالَ: اطمأنوا إِلَى رَبهم. الدر المنثور في التفسير بالمأثور (4/ 414)
4) مقاتل:
قال مقاتل بن سليمان (ت 150ه): "ثم أخبر عن المؤمنين وما أعد لهم فقال: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم يعني وأخلصوا إلى ربهم" تفسير مقاتل بن سليمان (2/ 278)
5) الفراء:
قال أبو زكريا الفراء (ت 207ه) "وقوله: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ [23] .
معناهُ: تَخْشَعوا لربِّهم وإلى ربِّهم. وربَّما جعلت العرب (إلى) فِي موضع اللام. معاني القرآن للفراء (2/ 9)
وقال: "ومعنى الإخبات الخشوع" معاني القرآن للفراء (2/ 10)
6) ابن قتيبة:
قال بن قتيبة الدينوري (ت 276هـ):"وأخبتوا إلى ربهم أي تواضعوا لربهم. والإخبات: التواضع والوقار. غريب القرآن لابن قتيبة (ص: 176)
الدراسة والتخريج:
1) لابن عباس قولين في معنى الإخبات:
القول الأول: أخرجه ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عن طريق معاوية، عن علي، عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وأخبتوا} قَالَ: خَافُوا.
القول الثاني:رواه ابن جرير من طريق العوفيين عن ابن عباس. قال حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال حدثني عمي قال، حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: الإِخبات الإِنابة.
2) وقول قتادة أخرجه عبد الرَّزَّاق وَابْن جرير وابن أبي حاتم عَنْ طريق مَعْمَرٍ , عَنْ قَتَادَةَ , أن معنى الْإِخْبَاتُ التخشع والتواضع.
وأخرج ابن جرير قول آخر لقتادة عن طريق يزيد عن سعيد عن معنى قوله: {و أخبتوا إلى ربهم} أي أنابوا إلى ربهم.
وأما القول الثالث:" ثابوا إِلى ربهم، الذي نسبه ابن الجوزي لقتادة لعله تصحيف من قوله (أنابوا) أو رواية بالمعنى.
3) وقول مجاهد أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم عن طريق ابن أبي نجيح عَن مُجَاهِد في قوله {وأخبتوا إِلَى رَبهم} قَالَ: اطمأنوا إِلَى رَبهم.
4) وقال مقاتل بن سليمان في تفسيره في معنى قوله: {وأخبتوا إلى ربهم} يعني وأخلصوا إلى ربهم.
5) ومعنى الإخبات عند الفراء هو الخشوع، أي تَخْشَعوا لربِّهم وإلى ربِّهم.
6) قال ابن قتيبة الدينوري أن المراد بالإخبات: التواضع والوقار.
قال أبو جعفر "الطبري": وهذه الأقوال متقاربة المعاني، وإن اختلفت ألفاظها، لأن الإنابة إلى الله من خوف الله، ومن الخشوع والتواضع لله بالطاعة، والطمأنينة إليه من الخشوع له، غير أن نفس "الإخبات"، عند العرب: الخشوع والتواضع.