اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالكريم الشملان
المجلس الثامن : مجلس مذاكرة القسم الأول من أصول التفسير البياني .
اختيار تطبيقين من كل درس - الدرس الثاني :
1- التطبيق الأول : معنى الغاسق في قوله تعالى " ومن شر غاسق إذا وقب " قال الزجاج : غاسق : يعني به الليل ، وقيل لليل غاسق - والله أعلم - لأنه أبرد من النهار ، والغاسق :البارد
-قال العباس والحسن : الغاسق: الليل إذا أظلم ، وقال مجاهد : هو الليل : إذا أظلم ، وقال : إذا دخل ،
وقال محمد بن كعب : غاسق إذا وقب" النهار إذا دخل في الليل ، وقال ابن زيد : كانت العرب تقول : الغاسق :سقوط الثريا ،
وروى أبوهريرة : النجم هو الفاسق ،وقالت عائشة : أخذ النبي بيدي ثم نظر إلى القمر ،فقال : ياعائشة : تعوذي بالله من شر غاسق إذا وقب ،
قال الزهري : الغاسق إذا وقب : الشمس إذا غربت .
وكل شي أسود فهو غسق ،قال الزمخشري :الغاسق : الليل إذا اعتكر بظلامه ، من قوله " إلى غسق الليل " ،ومنه : غسقت العين : امتلأت دمعا ،وغسقت الجراحة : امتلأت دما ، قال أبوحيان : وقيل : الحية إذا لدغت ،والغاسق :سم نابها، لأنه يسيل منه ،وقال : وكل غاسق لا يكون فيه الشر ، إنما يكون في بعض دون بعض .
قال أبو السعود : وأصل الغسق : سيلان دمعها ،وإضافة الشر إلى الليل : لملابسته له بحدوثه فيه ، وقيل : هو كل شر يعتري الإنسان ،
وذكر ابن عاشور :
والغاسق : وصف الليل إذا اشتدت ظلمته ،فالغاسق : صفة لموصوف محذوف لظهوره من معنى وصفه مثل : الجواري ،
وتنكير غاسق : للجنس ، لأنه المراد جنس الليل ،
وتنكير غاسق في مقام الدعاء : يراد به العموم ، لأن مقام الدعاء يناسب التعميم ،وصحح الشنقيطي أن المراد بالغاسق الليل بشهادة القرآن ،
والثاني، أي أن المراد : القمر ، تابع له ،لأن القمر في ظهوره واختفائه مرتبط بالليل ، فهو بعض مايكون في الليل ، قال الراغب : غسق الليل : شدة ظلمته ، والغاسق : الليل المظلم ،
وفسر الآية بقوله " وذلك عبارة عن النائبة بالليل كالطارق، وقيل القمر : إذا كسف فاسود ، والغاسق : مايقطر من جلود أهل النار ، قال " إلا حميما وغساقا".
وفقك الله: نبين بداية المعنى اللغوي للكلمة, ثم المراد منها بحسب ما جاء عن المفسرين, والأصل الرجوع بداية إلى التفاسير التي اعتنت بالتفسير بالمأثور, قال في تفسير الآية: (الليلُ إذا دخل في ظلامه: غاسق، والنجم إذا أفل: غاسق، والقمر: غاسق إذا وقب، ولم يخصِّص بعضَ ذلك، بل عمَّ الأمرَ بذلك ، فكلُّ غاسق فإنه صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالاستعاذة من شرّه إذا وقب) .
معنى العصر في قوله تعالى " والعصر " .
قال الراغب :
العصر ، مصدر : عصرت ، والمقصود الشي العصير و العصارة نفاية مايعصر ..
قال :" والعصر : إن الإنسان لفي خسر " والعصر : الدهر ، والجمع : العصور ،
والعصر: العشي، ومنه صلاه العصر ، وإذا قيل العصران ، فقيل : الغداة والعشي ، وقيل :الليل والنهار ، وذلك كالعمرين : الشمس والقمر .
قال الزجاج : والعصر هو :الدهر ، والعصران : اليوم ، والعصر : الليلة.
قال ابن فارس : عَصَرَ:الْعَيْنُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ صَحِيحَةٌ:
فَالْأَوَّلُ دَهْرٌ وَحِينٌ، وَالثَّانِي ضَغْطُ شَيْءٍ حَتَّى يَتَحَلَّبَ، وَالثَّالِثُ تَعَلُّقٌ بِشَيْءٍ وَامْتِسَاكٌ بِهِ.
وقال قتادة : العمر ، ساعة من ساعات النهار ،يعني " العشي" ،وقاله" الحسن "
وذكر أبوعلي: العصر : اليوم ،والعصر :الليلة، ونقل ابن عطية عن بعض العلماء : العصر : بكرة ،والعصر : عشية، وهما الأبردان ،
وقال مقاتل : العصر : هي الصلاة الوسطى ،
قال أبوحيان : والعصر : اسم جنس يعم ،
وذكر أبو السعود : أقسم الله بالعصر : وهي صلاه العصر :لفضلها الباهر ، أو بالعشى ، أو بعصر النبوة لظهور فضله على سائر الأعصار ، أو بالدهر لأنطوائه على تعاجيب الأمور القارة والمارة ،
ذكر ابن عاشور أن التعريف في لفظ العصر : تعريف العهد ، وصار علما بالغلبة ، كما هو شأن كثير من أسماء الأجناس المعرفة باللام ، مثل : العقبة ،
ويطلق العصر على مدة معلومة لوجود جيل من الناس ،أو ملك أو نبي ، أو دين ، ويعيين بالإضافة : فيقال :عصر الفطحل ، وعصر الاسكندر ، فيجوز أن يكون مراد هذا الاطلاق هنا، ويكون المعني به عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، والتعريف فيه تعريف العهد الحضوري ، مثل : التعريف في اليوم ، من قولك ، فعلت اليوم كذا ،
ويجوز أن يراد به عصر الإسلام كله ، وهو خاتمة عصور الأديان لهذا العالم ، وقد مثل الرسول عصر الأمة الإسلامية بالنسبة إلى عصر اليهود والنصارى بما بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس ،
ويجوز أن يفسر العصر في هذه الآية بالزمان كله ،وأضاف الشنقيطي أن العصر : اسم للزمن كله، أو جزء منه ، واستدل عليه بالقراءة الشاذة " والعصر .ونوائب الدهر "، وحمل على التفسير إن لم يصح قرآنا ،واستظهر أن أقرب الأقوال : إما العموم ،بمعنى الدهر ، للقراءة الشاذة ، إذ أقل درجاتها التفسير ، ولأنه يشمل بعمومه بقية الأقوال ، وإما عصر الإنسان ، هذا القول من مفردات القول الأول أي : عمره ومدة حياته ،الذي هو محل الكسب والخسران ، لإشعار السياق ، ولأنه يخص العبد في نفسه موعظة وانتفاعا ، ويرجح هذا المعنى مايكتفي هذه السورة من سور التكاثر قبلها والهمزة بعدها ، لأنهما تذمان التلهي والتكاثر بالمال والولد ، خلال حياة الإنسان ، لأنه ألزم له في عمله .
نحرص على ترتيب الإجابة: فتبين المعنى اللغوي ثم تنتقل إلى أقوال المفسرين, فتذكرها على شكل نقاط؛ القول الأول....القول الثاني, مع نسبتها إلى قائلها وذكر ما استدلوا به, وتوجيه القول
تطبيقات الدرس الثالث :
بيان المفردات التالية
3- ناشئة الليل :-
قال الراغب : النشء والنشأة إحداث الشيء وتربيته،..و"ناشئة الليل" :يريد القيام والانتصاب للصلاة ، والإنشاء : إيجاد الشيء وتربيته .
قال الزجاج ؛ هي ساعات الليل كلها، كلما نشأ منه ، أي : كل ما حدث منه ،فهو ناشئة ،قال ابن عمر وأنس : ناشئة الليل : مابين المغرب والعشاء .
وقال الحسن والحكم : ناشئة الليل: من العشاء و الآخرة إلى الصبح ،وقال ابن عباس وابن الزبير : الليل كله ناشئة ،وهو قول :ابن جبير ومجاهد ،وأصله من نشأ : إذا ابتدأ ،فعلى هذا بناه من قال إنه من المغرب إلى العشاء الآخرة ،
وقال الكسائي : ناشئة الليل :أوله،
ونقل ابن عطية عن ابن جبير وابن زيد : هي لفظة حبشية ، نشأ الرجل ، إذا قام من الليل ،فناشئة على هذا جمع : ناشئ ، أي : قائم ،
وقالت عائشة ومجاهد : القيام بعد النوم،
ومن قام أول الليل قبل النوم فلم يقم ناشئة ،
وقال ابن جبير وابن زيد وجماعة : ناشئة الليل :ساعاته كلها ،لأنها تنشأ شيئاً بعد شئ ،
وقال الزمخشري : ناشئة الليل : النفس الناشئة بالليل التي تنشأ من مضجعها إلى العبادة ، أي تنهض وترتفع ،من نشأت السحابة إذا ارتفعت ،أو قيام الليل ،على أن الناشئة : مصدر من نشأ ،إذا قام ونهض على فاعله ،كالعاقبة،
وذكر أبو السعود : العبادة التي تنشأ بالليل ،أي : تحدث ،أو إن ساعات الليل ،فإنها تحدث واحدة بعد واحده ،أو ساعاتها الأول، من نشأ إذا ابتدأ،
قال ابن عاشور : وناشئة : وصف من النشء ،وهو الحدوث ، وقد جرى على غير موصوف ،وأضيف إلى الليل إضافة على معنى " في " مثل : مكر الليل ، وقد يكون الموصوف المحذوف صلاة، أي : الصلاة الناشئة في الليل ،ووصفت الصلاة بالناشئة لأنها أنشأها المصلي ،فنشأت بعد هدأة الليل ،فأشبهت السحابة التي تنشأ من الأفق بعد صحو ،
ونقل القرطبي عن يمان وابن كيسان : القيام من آخر الليل ، ويقال : ما ينشأ في الليل من الطاعات ،حكاه الجوهري .
وقال ابن كثير : هي ساعاته وأوقاته ، وكل ساعة منه تسمى ناشئة وهي الأنّات،انتهى.
5- سيما في قوله " سيماهم في وجوههم "
قال الراغب :-
السوم : أصله الذهاب إلى ابتغاء الشي ،فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والابتغاء ...،
والسيماء والسيمياء: العلامة ،قال الشاعر :
له سيمياء لا تشق على البصر .
وقال تعالى " سيماهم في وجوههم " وقد وسمته ،أي : أعلمته ، ومسومين: أي معلَمين ، ومسوِمين : معلمين لأنفسهم ،أو لخيولهم ،أو مرسلين لها .
وقال الزجاج : أي في وجوههم علامة السجود ،وهي علامة الخاشعين لله المصلين ،
وقيل : يبعثون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الطهور ،وهذا يجعله الله لهم يوم القيامة علامة ،وهي السيما ، يبِين بها فضلهم على غيرهم ،
قال ابن عباس : معناه : أثر صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة ،
قال عطية : مواضع السجود في وجوههم يوم القيامة أشد بياضا من اللبن وهو قول مقاتل،
قال الحسن : هو بياض في وجوههم يوم القيامة ، وعنه :هو بياض في وجوههم ،
وعن ابن عباس أن ذلك في الدنيا ،وهو السمت الحسن ،
وقال مجاهد : أما إنه ليس الذي ترون ،ولكن سيماء الإسلام ،وسمته وخشوعه وتواضعه ،
وقال الحسن : هو الصفرة التي تعلو الوجه من السهر والتعب ،وهو قول عطية.
وقال ابن جبير وعكرمة : هو أثر التراب وأثر الطهور ،
وقال ابن وهب :أخبرني مالك : أنه ما يتعلق بالجبهة من تراب الأرض،
وأصل السيمي : العلامة،
قال مالك بن أنس : كانت جباههم متربة من كثرة السجود في التراب ، كان يبقى على المسح أثره،
وقاله عكرمة ،
قال أبو العالية : يسجدون على التراب لا على الأثواب ،وقال ابن عباس وخالد الحنفي وعطية : هو وعد بحالهم يوم القيامة من أن الله تعالى يجعل لهم نورا من أثر السجود ،
وقال ابن عباس : السمت الحسن هو السيما ، وهو الخشوع : خشوع يبدو على الوجه،
وقال الحسن بن أبي الحسن وشمر بن عطية : السيما :بياض وصفرة وبهيج يعتري الوجوه من السهر .
وقال عطاء والربيع بن أنس : السيما :حسن يعتري وجوه المصلين.
وذكر القرطبي : السيما العلامة ، وفيها لغتان :المد والقصر ، أي : لاحت علامات التهجد بالليل ،وأمارات السهر .
وقال شهر بن حوشب : يكون موضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر.
وأجمل ابن عاشور المراد على ثلاثة أنحاء :
1- أنها أثر محسوس للسجود .
2- أنها من الأثر النفسي للسجود .
3- أنها أثر يظهر في وجوههم يوم القيامة .
وقال السعيد وعكرمة : الأثر كالغدة ،يكون في جبهة الرجل .
وليس المراد أنهم يتكلفون حدوث ذلك في وجوههم ،ولكن يحصل من غير قصد ،بسبب تكرر مباشرة الجبهة للأرض ،فليس فيه رياء .
وذكر الحديث الذي أخرجه الطبراني عن أبي بن كعب قال ؛ قال رسول الله : سيماهم في وجوههم ...النور يوم القيامة "، وعلق بقوله " وهو لا يقتضي
تعطيل بقية الاحتمالات إذ كل ذلك من السيما المحمود ،ولكن النبي ذكر أعلاها .
تطبيقات الدرس الرابع
بيان أثر دلالة الإعراب على المفردات
1- سبيل في قوله تعالى " ولتستبين سبيل المجرمين "
ورد في لفظة " سبيل " في الآية قراءتان ،
وعلى كل قراءة يبنى وجه من الإعراب ،كما يلي :-
القراءة الأولى : قراءة نافع " ولتستبين " بالتاء ، " سبيل َ" :نصب .
قال ابن زنجله موجها هذة القراءة في كتابه " حجة القراءات "
(253) " أي : ولتستبين أنت يامحمد سبيل المجرمين ،فإن قال قائل : أفلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم مستبينا سبيل المجرمين ؟ فالجواب في هذا :
أن جميع ما يخاطب به المؤمنون يخاطب به النبي صلى الله عليه وسلم ،فكأنه قيل :ولتستبينوا سبيل المجرمين ،أي : لتزدادوا استبانة لها ،ولم يحتج إلى أن يقول " ولتستبين سبيل المؤمنين مع ذكر سبيل المجرمين ،لأن سبيل المجرمين إذا بانت ،فقد بان معها سبيل المؤمنين
وقال الفراء في معاني القرآن (1/337) :"وقد يجعل الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم فتنصب السبيل ، يراد به : ولتستبين يا محمد سبيل المجرمين " ،
وذكر أبو علي الفارسي في الحجة (3/316-314) قراءة النصب ، وعلق بقوله " التاء فيها ليس على ماتقدم ، ولكنها لك أيها المخاطب ففي الفعل ضمير المخاطب ،.. والتاء تؤذن بأن الفاعل المسند إلى الفعل مؤنث..".
فالتاء في قراءة نافع للخطاب ، ومن التأنيث على قولك : استبنت الشيء".
ووجه ابن خالويه في إعراب القراءات السبع (1/158) قراءة النصب ،قال : و المعنى و ولتستبين أنت يا محمد سبيل المجرمين ، والسبيل :الطريق يذكر ويؤنث .
وقال العكبري في التبيان(1/393) ويقرأ بنصب السبيل ،و الفاعل : المخاطب ،واللام تتعلق بمحذوف ،أي :لتستبين فضلنا".
قال أبو حيان في البحر المحيط (529/4) :"وقراءة النصب "سبيل" على أن استبان متعدية "
فقيل هو خطاب للرسول ، وقيل له ظاهرا ،والمراد به أمته ،لأنه عليه السلام كان استبانها،
قال السمين الحلبي في الدر المصون (655/4) ومن قرأ بالتاء من فوق ونصب السبيل ،فإنه أسند الفعل إلى المخاطب،
،ونصب السبيل على المفعولية ، وذلك على تعدية الفعل ،أي :ولتستبين أنت سبيل المجرمين ،،.
قال ابن عاشور (26/7) على قراءة النصب فالتقدير مثلا: وكذلك التفصيل نفصل الآيات لتعلم بتفصيلها كنهها ،
ولتستبين سبيل المجرمين ، ففي الكلام إيجاز الحذف ، وقراءة النصب في سبيل ،على أنه مفعول لتستبين ، فالسين والتاء للطلب.
القرءاة الثانية : قراءة حمزة والكسائي وأبوبكر ،"وليستبين "بالياء "سبيلُ " (رفع) ،
قال ابن زنجلة (235) "اعلم أن "السبيل" يذكر ويؤنث ،جاء القرآن بالوجهين .
قال الفراء" في معاني القرآن (337/1) "ترفع السبيل بقوله "وليستبين "لأن الفعل له".
قال الفارسي في الحجة (315-314/3) "وجه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر "سبيلُ" رفعاً :أنهم جعلوا السبيل فاعل الاستبانة "وأنث السبيل ،فالسبيل على هذا فاعل الاستبانة "
قال سيبويه : استبان الشيء واستنبته .." فالفعل على هذا مسند إلى السبيل ، إلا أنه ذُكِّر السبيل على قوله "يتخذوه سبيلا" ،والمعنى :ولتستبين سبيل المجرمين وسبيل المؤمنين ،فحذف لأن ذكر أحد السبيلين يدل على الآخر.
وقال العكبري (393-1) "وليستبين : يقرأ بالياء ،و "سبيلُ " : فاعل ،أي : يتبين ،وذكر السبيل ،وهو لغة فيه "، ويجوز أن تكون القراء ة بالياء على أن تأنيث السبيل غير حقيقي ، ويقرأ بالتاء ،والسبيل فاعل مؤنث وهو لغة فيه ..".
وذكر أبو حيان في البحر المحيط (529/4) "..سبيلُ بالرفع :فاستبان هنا لازمة ،أي :ولتظهرَ سبيلُ المجرمين ..وخص سبيل المجرمين لأنه يلزم من استبانتها استبانة سبيل المؤمنين ،يكون على حذف معطوف لدلالة المعنى عليه ،التقدير :سبيل المجرمين و المؤمنين
وخص سبيل المجرمين ،لأنهم الذين أثاروا ما تقدم من الأقوال ،وهم أهم في هذا الموضع لأنها آيات رد عليهم ،وظاهر المجرمين العموم " .
قال ابن عاشور (260/7) "وسبيلُ المجرمين :طريقهم وسيرتهم في الظلم والحسد والكبر واحتقار الناس والتصلب في الكفر .. فسبيل فاعل لتستبين ،أي :لتتضح سبيلهم لك وللمؤمنين.
4- مرجع الضمير "به "في قوله تعالى "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا .." 174البقرة ،
اختلف العلماء في عود الضمير ،
القول الأول : عائد على الكتمان :
ذكر الزجاج في معاني القرآن (244-1) أن مرجع الضمير في ويشترون به " يعني :علماء اليهود الذين كتموا أمر النبي صلى الله عليه وسلم
،.. أي كتموه ،لأنهم أخذوا على كتمانه الرشي ،
وقال الثعلبي في تفسيره (47/2) " ويشترون به :بالمكتوم " ،
وذكر ابن عطية هذا القول احتمالاً ، وذكره أبو حيان في تفسيره (120/2).
القول الثاني : عائد على الكتاب ،قال ابن عطية في تفسيره (141/1) والضمير في "به "عائد على الكتاب ،وذكره أبو حيان في تفسيره (120/1) ،والسمين في الدر المصون (241/2).
القول الثالث : أن يعود على "ما" وهو جزء من الكتاب ،فيه أمر محمد صلى الله عليه وسلم ،وفيه وقع الكتم "لا في جميع الكتاب ،ذكره ابن عطية ،واستظهر أبو حيان في تفسيره (120/2) هذا القول ،قال "ويكون على حذف مضاف ،أي بكتم ما أنزل الله به ،وتابعه السمين الحلبي في الدر المصون (241/2).
تطبيقات الدرس الخامس :
دلالات الصيغة الصرفية في : 1- "منزل "في قوله "وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين "المؤمنين 29 ،
قال الزجاج في معاني القرآن (11/4) تقرأ :مُنزَلا ،ومَنزِلاً جميعا ،فالمنزل اسم لكل ما نزلت فيه ،والمنزل المصدر ،بمعنى الإنزال ،يقول :أنزلته إنزالاً ومنزلاً، ويجوز منزَلاً ،ولم يُقرأ بها ، على معنى نزلت نزولاً ومَنزلاً .
وأضاف ابن عطية في تفسيره (4-142) أنه يجوز على قراءة مُنزَل :أن يراد موضع النزول ،وقال أبو حيان في تفسيره "وقرأ الجمهور :"مُنزلاً "بضم الميم وفتح الزاي ،فجاز أن يكون مصدراً ومكاناً ،أي : إنزالاً، أو موضع إنزال ، وقرأ أبو بكر و المفضل .. ،بفتح الميم وكسر الزاي ،أي مكان نزول ،
قال السمين الحلبي في الدر المصون (330-8) " والمُنزل والمَنزل كل منهما
يتحمل أن يكون اسم مصدر ،وهو الإنزال والنزول ،وأن يكون اسم مكان للنزول والإنزال ،إلا أن القياس "مُنزلاً" بالضم والفتح ،لقوله "أنزلني"، "وأما الفتح والكسر فعلى نيابة مصدر الثلاثي مناب مصدر الرباعي ،كقوله أنبتكم من الأرض نباتا"،
وقد وجّه ابن خالويه في إعراب القرآن (89/2) قراءة "مَنزلا" جعله اسما للمكان ومصدر ثلاثي " ،
ومُنزلاً : لأنه مصدر أنزلت إنزالا ،قال ابن عاشور في تفسيره (48/18) "وقرأ الجمهور مُنزلاً بضم الميم وفتح الزاي ،وهو اسم مفعول من (أنزله) على حذف المجرور، أي منزلاً فيه ،ويجوز أن يكون مصدرا ،أي إنزالا مباركاً، والمعنيان متلازمان ..".
5 -دلالة اسم الفاعل في قوله "إن الله بالغ أمره " الطلاق 3،
قال الزجاج في معاني القرآن (184/5) "وتقرأ "بالغُ أمرَه "،أي :إن الله بالغ مايريد،
وقرئت إن الله بالغ أمرُه ،على رفع الأمر ببالغ ،أي :إن الله يبلغ أمره وينفذ ".
وقال ابن عطية في تفسيره (324/5) "بالغ أمره" برفع الأمر ،وحذف مفعول تقديره : بالغ أمره ماشاء .
وذكر أبو حيان في تفسيره (199/10) " إن الله بالغُ أمره ،
قال مسروق : أي لابد من نفوذ أمر الله ، توكلت أم لم تتوكل " ،
وقراءة الجمهور "بالغٌ
أمرَه" ،بالإضافة ،وفي قراءة : بالغٌ أمرُه : رفع :أي
نافذ أمره،
و المفضل :بالغاً أمرُه : بالرفع : فخرجه الزمخشري على أن بالغا حال ،وخبر إن هو قوله تعالى "قد جعل.." ،
ومن رفع أمره:فمفعول بالغٌ محذوف، تقديره بالغ أمره ماشاء ..".
قال ابن عاشور في تفسيره (313/28 )"ومعنى بالغ أمره : واصل إلى مراده ،و البلوغ : مجاز مشهور في الحصول على المراد.
دل اسم الفاعل (بالغ) على الثبوت والاستمرار واللزوم
|
أحسنت نفع الله بك
أرجو قراءة الملاحظات, وتنبه بأن أسلوبك وطابعك الخاص في حل التطبيقات لم يظهرا لطغيان النقولات في الإجابة, مع كون النقل مطلوبا.
ب