مجلس مذاكرة القسم الثالث من دورة مسائل الإيمان بالقران
جواب السؤال الأول : بيان حكم من وقف في القرآن
الواقف في القرأن هو من قال القرأن كلام الله و سكت و لم يبيَّن أمخلوق هو أم لا و حكمه مرتبط بسبب سكوته فإن كان يعتقد أن القرأن مخلوق و سكت تستراً كطائفة من الجهمية يتزعمها محمد بن شجاع الثلجي فحكمه أنه كافر و إن كان سبب سكوته الشك و التردد في أنَّ القرأن مخلوق أم لا بعد قيام الحجة عليه فهو كافر أيضاً لأن الشك و الإرتياب في أسماء الله و صفاته و أفعاله الثابتة في الكتاب و السنة الصحيحة من نواقض الإيمان قال الله تعالى ( إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ثُمَّ لَمۡ يَرۡتَابُواْ وَجَٰهَدُواْ بِأَمۡوَٰلِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۚ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصَّـٰدِقُونَ ) 15 الحجرات و إن كان سكوته بتأول له وجه و يعتقد أنَّ القرأن غير مخلوق فهو مؤمن مخطئ بتأوله كما فعل طائفة من أهل الحديث حيث قالوا إن القول بخلق القرآن قول محدث و نحن نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداثه و منهم مصعب بن عبد الله الزبيري، وإسحاق بن أبي إسرائيل المروزي و غيرهم
جواب السؤال الثاني : بيان سبب شهرة أبي الحسن الأشعري و موقف أهل السنة منه
سبب شهرة أبي الحسن الأشعري انقلابه على المعتزلة بعد أن كان رأساً من رؤوسهم و مهاجمتهم و مناظرتهم و افحام عدداً منهم في المناظرات انتصاراً لأهل السنة و الجماعة و ذلك بالطرق الكلامية و الحجج العقلية متأثراً بطريقة ابن كلاَّب الأمر الذي أدى إلى شهرته و إعجاب الناس به إلا أنّه قد خالف أهل السنة وطريقتهم، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل. و من جملة أقواله و مواقفه موقفه من فتنة اللفظية فقد أعطى كلمة لفظي الوادة في عبارة الكرابيسي ( لفظي بالقرأن مخلوق ) معناً يخرجها عن المعنى الذي قصده قائلها حيث قال معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن و موقف أهل السنة منه الحذر من مقولاته لأنه من الذين حاولوا أن يدافعوا عن أهل السنة و الجماعة بطريقة المتكلمين لا بطريقة السلف فأخطأ في عدة مواضع و يذكر إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث إجمالاً
جواب السؤال الثالث : بيان سبب نشأة فتنة اللفظية.
سبب نشأة فتنة اللفظية العبارة التي أطلقها الحسين بن علي الكرابيسي و هي ( إنّ القرآن كلام الله غير مخلوقٍ من كلّ الجهات إلاّ أنّ لفظي به مخلوقٌ، ومن لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوقٌ، فهو كافرٌ). و السبب في أنَّ هذه العبارة أدت إلى فتنة كبيرة هو أنها صدرت من رجل يعد من أوعية العلم و له مصنفات كثيرة و ممن روى عنهم البخاري و لأنها عبارة مجملة تحتمل التأويل و قد أدى تأويل الناس لها إلى انحرافهم و تباين موقفهم منها و انقسامهم إلى طوائف متعددة و متفرقة
جواب السؤال الرابع : بيان الفوائد التي استفدتها من دراسة دورة مسائل الإيمان بالقرآن
دورة مسائل الإيمان بالقرأن دورة مليئة بالمعلومات و الفوائد منها ما هو أساسي و منها ما هو فرعي و منها ما هو استطرادي و سأقتصر على أهم الفوائد الرئيسية
1 – وجوب الإيمان بالقرأن على منهج أهل السنة و الجماعة و بكل ما ورد في الكتاب و السنة الصحيحة من أوصاف تخص القرأن ايماناً جازماً لا يخالطه شك و لا ريب و من أتى بهذا الإيمان فهو موعود بالثواب و الأجر العظيم و من أنكره أو شك أو تردد فيه فهو متوعد بالعذاب في نار جهنم
2 – الإيمان بالقرأن له ثلاثة أوجه أو ثلاثة أركان لا يقوم إلا بها أولها الركن الإعتقادي و هو ما يتعلق بعقد القلب على التصديق بالأوصاف الخاصة بالقرأن و التي جاءت في الكتاب و السنة الصحيحة و ثانيها الركن العملي و هو ما يتعلق بامتثال أوامره و اجتناب نواهيه و ثالثها الركن القولي و هو أن يقول ما يدلّ على إيمانه بالقرآن كتلاوته تصديقاً و تعبداً
3 - عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن تقوم على أنَّ القرأن كلام الله حقيقة لا كلام غيره منه بدأ و إليه يعود و أنَّ حروفه و معانيه من الله و أنَّ الله قد تكلَّم بحروفه حقيقة و أنه بلسانٍ عربيٍ مبين و أنَّ القرأن كلام الله غير مخلوق و من زعم أنه مخلوق فهو كافر و أنَّ جبريل عليه السلام قد سمعه من الله تعالى بحروفه و أنَّ النبي محمد صلى الله عليه و سلم قد سمعه من جبريل بحروفه و أنَّ الصحابة قد سمعوه من النبي صلى الله عليه و سلم و أنَّه و صل إلينا بالتواتر و هو الموجود بين دفتي المصحف و من زعم أنَّه ناقص فهو كافر
4 – أنَّ الاهتداء بالقرآن يكون بتصديق أخباره، وعَقْلِ أمثاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه
5 – اتباع منهج السلف في القول بأسماء الله و صفاته و أفعاله و في فهم القرأن و السنة الصحيحة و الحذر أشد الحذر من اتباع طريقة المتكلمين في فهم الكتاب و السنة و جعلهم العقل مهيمناً على النص الأمر الذي أدى بهم إلى الإنحراف و الضلال فنشأ من جراء ذلك الفرق و الملل و النحل و ظهرت البدعة و الفتن و من أعظمها فتنة خلق القرأن التي انتقلت من فتنة إلى محنة على يد المأمون و ما نتج عنها من فتنة الواقفة و اللفظية
6 - الصبر و الثبات على الحق إذا امتُحن العبد في دين الله من أعظم القُربات إلى الله قال الله تعالى ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الأية و هذا يحمل على من صبره و ثباته مرتبط بنفسه و لا يتعدى أثره لغيره أمَّا إذا كان صبر العبد و ثباته و موقفه مما يُمتحن به له أثر على عامة الناس فعندها يحمل الصبر على الوجوب كما فعل الإمام أحمد رضي الله عنه حيث صبر في محنة خلق القرأن
7 – الترخُّصُ بالإكراه نعمة من نعم الله على عباده يستشعر بها العبد رحمة الله و ذلك مصداقاً لقوله تعالى ( لا يكلِّف الله نفساً إلا وسعها ) و قد ترخَّص عدد من أئمة الحديث بالإكراه منهم يحيى بن معين و علي بن المديني و قد عذرهم الإمام أحمد و قال القيد كره و الحبس كره