بسم الله الرحمن الرحيم
مجلس المذاكرة الأول لدورة طرق التفسير
القسم الأول: [ من بداية المقرر إلى درس تفسير القرآن بأقوال التابعين]
المجموعة الثالثة:
س1: عدد مراتب طرق التفسير.
- تفسير القرآن بالقرآن وهو من أجلّها وأحسنها.
- تفسير القرآن بالسنة.
- تفسير القرآن بأقوال الصحابة.
- تفسير القرآن بأقوال التابعين ومن تبعهم من الأئمة الربانيين.
- تفسير القرآن بلغة العرب.
- تفسير القرآن بالاجتهاد المشروع.
وهذه الطرق ليست متمايزة ولا متخالفة، بل بينها تداخل واشتراك، ويعين بعضها على بعض، وقد يجتمع في المسألة الواحدة طرق متعددة من طرق التفسير.
س2: هل يدخل الاجتهاد في تفسير القرآن بالقرآن؟
نعم، ويعتمد على استخراج دلالة من آية لبيان معنى آية أخرى من غير أن يكون فيها نص صريح في مسألة التفسير، وقد يصيب فيه المجتهد فيكون قد وفق لتفسير القرآن بالقرآن، وقد يخطئ فلا ينسب حينئذ اجتهاده إلى التفسير الإلهي للقرآن.
س3: عدد ما تعرف من المؤلفات في تفسير القرآن بالقرآن.
- مفاتيح الرضوان في تفسير الذكر بالآثار والقرآن؛ لمحمد الصنعاني.
- تفسير نظام القرآن وتأويل الفرقان بالفرقان؛ لعبدالحميد الهندي.
- تفسير القرآن بكلام الرحمن؛ لأبي الوفاء ثناء الله الهندي.
- أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن؛ لمحمد الأمين الشنقيطي.
س4: بيّن أنواع الأحاديث المتعلقة بالتفسير.
نوعان:
الأول: أحاديث تفسيرية؛ فيها نصّ على معنى الآية أو معنى متصل بالآية.
مثاله: حديث أبي هريرة وحديث أبي موسى الأشعري في تفسير قول الله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} وفيه: أنه يلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، ويبقى ناس ويكشف الله لهم عن ساقه، فيقعون سجودا وذلك قول الله تعالى: {يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون} ويبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد... . الحديث.
وهذا أحد القولين المشهورين عن السلف، وهو التفسير النبوي للآية، وهو قول ابن مسعود والنخعي ورواية عن قتادة.
والقول الثاني: يكشف عن كرب وشدة؛ وهو قول ابن عباس ومجاهد وغيرهم، وهو قول تحتمله اللغة لولا ما صح من التفسير النبوي.
الثاني: أحاديث ليس فيها نصّ على معنى الآية لكن يمكن أن تفسّر الآية بها بنوع من أنواع الاجتهاد، وهذا الاجتهاد قد يكون ظاهر الصحّة، وقد يكون فيه بعد أو يكون محل نظر.
ومثاله: فهم ابن عباس لمعنى اللمم من قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم حظّه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله ويكذبه) وليس في الحديث نصّ على لفظ اللمم.
س5: بيّن خلاصة القول في حديث معاذ بن جبل في طرق القضاء رواية ودراية.
حديث معاذ بن جبل في بعثه لليمن ضعفه جماعة من أهل العلم للانقطاع في إسناده ولعلّة متنه؛ لأنه يُفهم منه أنه لا يُقضى بالسنة إلا إذا لم يجد شيئا في كتاب الله.
ومن لم يفهم هذا المعنى المستنكر من أهل العلم استدلوا به على تقديم النص على الرأي وعلى ترتيب الأدلّة، وأن الترتيب ذكري لا احتجاجي، فالسنة حجّة في جميع الأحوال.
س6: بيّن أوجه تفضيل تفسير الصحابة رضي الله عنهم على تفسير من جاء بعدهم.
- لأنهم أعلمهم بالقرآن بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فقد علمهم النبي صلى الله عليه وسلم الكتاب والحكمة وأدّبهم وزكّاهم، فانتفعوا بالقرآن وفهموا معانيه وعملوا به.
- لأنهم شهدوا من وقائع التنزيل وعرفوا من أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته وجهاده وشؤونه العامّة والخاصّة ما تقدّموا به على غيرهم في العلم بالقرآن.
فروي عن علي رضي الله عنه أنه قال وهو يخطب: (سلوني عن كتاب الله، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم بليل نزلت أم بنهار وأم في سهل أم في جبل) وروي نحو ذلك عن ابن مسعود.
- ولأنهم لكثرة اجتماعهم بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصلوات وفي الاستماع لخطبه ووصاياه وحضور مجالسه وتلقّيهم القرآن منه وتنوّع معاملاتهم معه، كل ذلك كان له أثر عظيم في تقدّمهم على غيرهم.
- رضا الله تعالى عنهم، وتزكيته لهم وطهارة قلوبهم وزكاة نفوسهم، وما فضلوا به غيرهم من الفهم الحسن والعلم الصحيح والعمل الصالح.
- علمهم بالقراءات وبالأحرف السبعة وبما نسخت تلاوته.
فعن أبي بن كعب قال في سورة الأحزاب: (إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم) فسئل عنها فقال: (إذا زنا الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم).
- فصاحة لسانهم، ونزول القرآن بلغتهم وفي ديارهم، وسلامتهم من اللحن والضعف الذي حدث بعد زمانهم.
- سلامتهم من الأهواء والفتن والفرق التي حدثت بعد زمانهم، وفي الحديث: أن هذه الأمة جعل عافيتها في أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها... . الحديث.
س7: ما هي أسباب اختلاف الصحابة رضي الله عنهم في التفسير؟
١. منها أن يقول كل واحد بما بلغه من العلم، ويكون تمام المعنى بمجموع ما بلغهم.
٢. ومنها أن يفسّر أحدهم بمثال أو بجزء من المعنى ويفسر الآخر بمثال آخر أو بجزء آخر من المعنى، ومن ذلك أن يكون في الآية مشترك لفظي أو مشترك أسلوبي.
٣. أن يقصد بعضهم إلى إلحاق معنى تشمله دلالة الآية وقد يُغفل عنه، فيفسّر الآية به تنبيهًا وإرشادًا، ويفسّر غيره الآية على ظاهرها.
٤. أن يدرك بعضهم مقصد الآية فيفسّر الآية بها، ويفسّر بعضهم الآية على ظاهر لفظها.
٥. أن يُسأل أحدهم عن مسألة فيجيب عليها بآية من القرآن فينقل قوله على أنه تفسير لتلك الآية، وهو مما يدخل في باب التفسير ببعض المعنى.
٦. ومنها أن يكون أحدهم متمسّكًا بنصّ منسوخ لم يعلم ناسخه؛ ويكون هذا في الأحكام.
٧. أن يكون مستند أحدهم النص، ومستند الآخر الاجتهاد.
٨. أن تكون المسألة اجتهادية فيختلف اجتهادهم فيها.
٩. أن يفسر بعضهم على اللفظ، ويفسر بعضهم على سبب النزول لعلمه بحاله.
س8: بيّن مراتب الضعف فيما روي عن الصحابة في التفسير.
على نوعين:
الأول: ما يكون ضعفه بسبب نكارة متنه.
الآخر: ما يكون ضعفه بسبب ضعف إسناده؛ وهو على ثلاث مراتب:
مرتبة أولى: الضعف اليسير؛ كأن يكون من مراسيل الثقات، أو فيه انقطاع يسير، ونحوها من العلل التي يكون فيها الإسناد معتبرًا قابلًا للتقوية، والمتن غير منكر، وهذه المرويات جرى العمل على روايتها والتفسير بها إلا أن تتضمن حكمًا شرعيا، فمنهم من يشدد في ذلك إلا أن تحتفّ به قرائن تقوّيه كجريان العمل به.
مرتبة ثانية: الضعف الشديد؛ وهو ما يكون فيه الإسناد واهيًا غير معتبر، لكون أحد رواته متروك الحديث لكثرة خطئه أو اضطرابه أو لاتهامه بالكذب في الحديث، من غير أن يظهر في المتن نكارة.
وهذا النوع من يشدد في روايته، ومن المفسرين الكبار من ينتقي من هذه المرويات ويدع منها.
وهي ليست حجة في التفسير ولا تصح نسبتها إلى الصحابة.
مرتبة ثالثة: الموضوعات على الصحابة، وهذه لا تحل روايتها إلا على التبيين أو لفائدة في علل المرويات.
س9: هل يحمل قول الصحابة في نزول الآية على الرفع مطلقاً؟ وضّح إجابتك.
لا؛ لأن قول الصحابي: (هذه الآية نزلت في كذا) يحتمل أمرين:
الأول: أن يكون صريحا في نقل سبب النزول، وهذا النوع له حكم الرفع؛ لأنه نقل حادثة وقعت في زمان النبي صلى الله عليه وسلم، والصحابة عدول فيما ينقلون.
الثاني: أن يكون لبيان معنى تدلّ عليه الآية، أي يراد به التفسير، وحكمه حكم اجتهاد الصحابة في التفسير.
س10: متى يكون تفسير التابعين حجّة؟
يعدّ تفسير التابعين حجّة قاطعة للنزاع في حال اتفاقهم وعدم اختلافهم، قال شيخ الإسلام: (إذا اجتمعوا على شيء فلا يرتاب في كونه حجة).
والإجماع يُعرف بشهرة الأقوال وعدم المخالف.