المجموعة الأولى:
س1: كيف تردّ على من أنكر تفاضل سور القرآن وآياته؟
للرد عليهم، يلزمنا أن نذكر من أنكروا تفاضل سور القرآن وحججهم:
ومن الذين أنكروا تفاضل سور القرآن:
- ابن حبان صاحب الصحيح، وكره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها.
- مكّي بن أبي طالب القيسي
- ونُسِبَ هذا القول إلى أبي الحسن الأشعري وأبي بكر محمد بن الطيّب الباقلاني وهو من كبار الأشاعرة
حجتهم:
1- أن القرآن كلام الله، وكلام الله صفة من صفاته، وصفات الله لا تتفاضل، كما أن أسماءه لا تتفاضل.
2- لأن مقتضى الأفضل نقص المفضول عنه، والذاتية في الكلّ واحدة، وكلام الله حقيقة واحدة، لا نقص فيه.
نقول لهم:
أولا: مخالفة دلالة الأدلة الصحيحة، وللمأثور عن السلف الصالح من القول بمقتضى أدلة التفاضل في القرآن
قال ابن تيمية: "والقول بأن كلام الله بعضه أفضل من بعض هو القول المأثور عن السلف، وهو الذي عليه أئمة الفقهاء من الطوائف الأربعة وغيرهم، وكلام القائلين بذلك كثير منتشر في كتب كثيرة".
نستدل على هذا المعنى بالأدلة التالية:
الأدلة من القرآن:
- قال تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها}.
- قال تعالى:{هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هنّ أم الكتاب وأخر متشابهات{.
- قال تعالى: {ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم{.
الأدلة من السنة:
- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين: أن: {قل هو الله أحد}تعدل ثلث القرآن، وذلك أن القرآن: إما خبر، وإما إنشاء، والخبر: إما خبر عن الخالق، وإما عن المخلوق؛ فثلثه قصص، وثلثه أمر، وثلثه توحيد، فهي تعدل ثلث القرآن بهذا الاعتبار.
-وعن أبي سعيد بن المعلَّى، قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم أجبْه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم{.
ثم قال: «لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: «ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن»، قال:{الحمد لله رب العالمين}هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته».
-وعن أنس بن مالك قال: كان النبي: في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ، فقال: «ألا أخبرك بأفضل القرآن»قال: «فتلا عليه الحمد لله رب العالمين».
-وعن أبيّ بن كعب، قال: قال رسول الله: ((يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟»
قال: قلت: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم{.
قال: فضرب في صدري، وقال: «والله ليهنك العلم، أبا المنذر».
-وعن عقبة بن عامر قال: أتيت الرسول وهو راكب فوضعت يدي على قدمه فقلت: أقرئني سورة هود أو سورة يوسف، فقال: «يا عقبة، اقرأ بقل أعوذ برب الفلق؛ فإنك لن تقرأ سورة أحب إلى الله عز وجل وأبلغ عنده منها، فإن استطعت أن لا تفوتك فافعل»
ومن الأثر:
- قال ابن تيمية: "حروف القرآن تتفاضل لتفاضل المعاني وغير ذلك؛ فحروف الفاتحة له بكل حرف منها حسنة أعظم من حسنات حروف من{تبت يدا أبي لهب}"
فهذه الأدلة: تدلّ بوضوح على أنّ بعض الآيات والسور أفضل وأحبّ إلى الله من غيرها، فسور القرآن وآياته ليست على درجة واحدة من الفضل، فبعضها أعظم من بعض، وذلك لعظمة معانيها ودلائلها وكثرتها وما تقتضيه من عبادات تقوم في قلب التقارئ لها، وتبعا لذلك يحصل التفاضل في أجر التلاوة،
ثانيا: فضل الله القرآن على سائر كتبه المنزّلة، وجعل له فضلاً بتلاوته وحفظه على سائر ما أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وسلم من كلامه الذي ليس في القرآن، فتفاضل سور القرآن وآياته كذلك.
ثالثا: أن التفاضل جاء من جهة المتكلَّم فيه، كما ذكر ابن تيمية: أن القرآن؛ إما خبر، وإما إنشاء، والخبر: إما خبر عن الخالق، وإما عن المخلوق؛ فثلثه قصص، وثلثه أمر، وثلثه توحيد، فكلام الله الذي وصف به نفسه، وأمر فيه بالتوحيد، أعظم من كلامه الذي ذكر فيه بعض خلقه، وأمر فيه بما هو دون التوحيد،
رابعا: أن التفاضل يكون من جهة أنه خير للعباد وأنفع، فلزم أن يكون في نفسه أفضل من هذه الجهة، فإن تفاضل ثوابه ونفعه إنما هو لتفاضله في نفسه، كما ذكر ابن تيمية.
خامسا: التنبيه على أن التفاضل هنا لا يعني تنقص المفضول أو التزهيد فيه والترغيب عنه.
س2: بيّن بإيجاز فضائل ما يلي:
1: سورة الفاتحة.
ورد في فضلها أحاديث كثيرة دلَّت على أنّهم أعظم سور القرآن، وأنّها أفضل القرآن، وأنّها خير سورة في القرآن، وأنّها أمّ القرآن أي أصله وجامعة معانيه، وأنّه ليس في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، وأنّها نورٌ لم يُؤتَه نبيّ قبل نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّه لا يقرأ بحرف منها إلا أعطيه، وأنّها رقية نافعة، وأن الصلاة لا تتمّ إلا بها.
1- أعظم سورة في القرآن،لحديث أبي سعيد بن المعلَّى،قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم أجبْه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم{.
ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: «ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن»، قال: {الحمد لله رب العالمين{«هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري
2- لم ينزل في التوراة ولا الزبور ولا الإنجيل مثلها، لحديث أبي بن كعب،قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها؟ »
قلت: بلى.
قال: « فإني أرجو أن لا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها »
ثم قام رسول الله؛ فقمت معه؛ فأخذ بيدي، فجعل يحدثني حتى بلغ قرب الباب، قال: فذكّرته، فقلت: يا رسول الله، السورة التي قلت لي!
قال: « فكيف تقرأ إذا قمت تصلي؟ »
فقرأ بفاتحة الكتاب، قال: « هيَ هي، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيت بعد ».رواه الإمام أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
3-أنها أفضل القرآن، لحديث أنس بن مالك، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أخبرك بأفضل القرآن» قال: (فتلا عليه الحمد لله رب العالمين). رواه النسائي في السنن الكبرى وابن حبان والحاكم كلهم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس به.
4-أنها دعاء مستجاب ونور من الله،لحديث ابن عباس رضي الله عنهما،قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: " هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم"، فنزل منه ملك، فقال: "هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم"؛ فسلَّم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته
5-أنها رقية، لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،قال: انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب؛ فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء؛ فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد منكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم، والله إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براقٍ لكم حتى تجعلوا لنا جُعْلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه، ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين..{؛ فكأنما نُشِطَ من عِقَال؛ فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه؛ فقال بعضهم: اقسموا؛ فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى نأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنذكرَ له الذي كان؛ فننظرَ ما يأمرُنا؛ فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له؛ فقال: «وما يدريك أنها رقية؟!!»
ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما»فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم).
6-أنها لا تصح الصلاة إلا بها، لحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»
7- أنها لا تتم الصلاة إلا بها، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه،عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثلاثا غير تمام. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: «اقرأ بها في نفسك»؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد:{الحمد لله رب العالمين{،قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال:{الرحمن الرحيم{ ،قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال:{مالك يوم الدين{،قال: مجدني عبدي - وقال مرة فوض إلي عبدي - فإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين{قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال:{اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين{ قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل).
2: سورة البقرة.
أكبر سور القرآن، وأكثرها عدد آيات، وقد اشتملت على كثير من أحكام الدين في العقائد والعبادات والمعاملات والمواعظ والقصص والأمثال والآداب
1- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقدمها في القيام، فقدّمت في المصحف لذلك، وهذا من دلائل شرف قدرها.
2- سورة البقرة تقدم سورَ القرآن يوم القيامة، لحديث النواس بن سمعان الكلابي، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم، يقول: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران)).
3- أنها تظلّ صاحبها يوم القيامة وتحاجّ عنه، للحديث السابق في تتمته: ((يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمه سورة البقرة وآل عمران، كأنهما غمامتان، أو ظلتان سوداوان بينهما شرق، أو كأنهما حزقان من طير صواف، تحاجان عن صاحبهما)).
4- أنّ أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة، لحديث: ((اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة)).
5- أنّ تلاوتها تنفّر الشياطين، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة)).
6- تعظيم شأن من حفظها عند النبي صلى الله عليه وسلم وعند أصحابه، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جَدَّ فينا"، لأنَّهم كانوا يتعلّمون ما فيها من العلم والعمل والإيمان -حتى أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه مكث على سورة البقرة، ثماني سنين يتعلَّمها- ومن ذلك:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا كان يوم حنين وتولّى من تولّى، خص أصحاب سورة البقرة بالدعوة، فعادوا عوداً سريعاً لعِظَم الأمانة التي تحمَّلوها بهذه السورة.
ولذلك جعل الصحابة شعارهم يوم اليمامة : "يا أصحاب سورة البقرة".
- أنها تضمّنت أعظم آية في القرآن، وهي آية الكرسي التي صحّ في فضلها وعظيم ثواب تلاوتها جملة من الأحاديث، وصحّ أنّ المؤمن يُحفظ بها من كيد الشياطين.
- أن خواتيمها صح فيها عدد من الأحاديث التي دلّت على جلالة قدرها عند الله عزّ وجل، وعظيم ثواب تلاوتها، وأنّها مما ادّخره الله تعالى لهذه الأمّة، وفضّلها به على غيرها من الأمم.
3. خواتيم سورة البقرة.
صح خواتيم سورة البقرة عدد من الأحاديث التي دلّت على جلالة قدرها عند الله عزّ وجل، وعظيم ثواب تلاوتها، وأنّها مما ادّخره الله تعالى لهذه الأمّة، وفضّلها به على غيرها من الأمم، منها:
1-أنهما نورين لم يؤتهما نبي قبل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما،قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه؛ فرفع رأسه، فقال: (هذا بابٌ من السماء فُتِحَ اليوم لم يفتح قطّ إلا اليوم؛ فنزل منه مَلَكٌ؛ فقال: هذا مَلَكٌ نزل إلى الأرض لم ينزل قطّ إلا اليوم، فَسَلَّمَ، وقال: (أبشر بنورين أوتيتَهما لم يؤتَهما نبيٌّ قبلَك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)أخرجه مسلم في صحيحه.
2-أنهما كفاية لمن قرأهما في ليلة، من حديث أبي مسعود البدري رضي الله عنهقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيتان من آخر سورة البقرة، من قرأهما في ليلة كفتاه»وفي لفظ: «من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه))وهذا الحديث متفق عليه
3-أن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطيهما خاصة، لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه،قال: ((لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، انتهي به إلى سدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها))
قال: {إذ يغشى السدرة ما يغشى}:قال: ((فَرَاشٌ من ذهب))
قال: "فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً المقحمات"، أخرجه مسلم في صحيحه.
4-أنهما لا تقرآن في دار ثلاث ليلال، فيقربها شيطان، لحديث النعمان بن بشير،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام، فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا تقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان» رواه أبو عبيد في فضائل القرآن والدارمي والترمذي وابن الضريس في فضائل القرآن، والنسائي في الكبرى والبزار وابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان كلهم من طريق الأشعث بن عبد الرحمن الجرمي، عن أبي قلابة الجرمي، عن أبي الأشعث الصنعاني، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه، وصححه أبو زرعة الرازي.
5-أنهما كنز من تحت العرش، لحديث أبي ذر رضي الله عنهقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعطيت خواتيم سورة البقرة من بيت كنز من تحت العرش، ولم يعطهن نبي قبلي)).
س3: اذكر ثلاثة أحاديث ضعيفة مما اشتهر في فضائل السور التالية مع بيان سبب الحكم بضعفها:
1: سورة آل عمران
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنهأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات من آخر آل عمران كل ليلة».رواه العقيلي في الضعفاء وابن السني في عمل اليوم والليلة والطبراني في الأوسط وأبو نعيم الأصبهاني في أخبار أصبهان وابن مردويه في تفسيره كلهم من طريق مُظَاهر بن أسلم المخزومي عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
سبب ضعفه: أنمظاهر منكر الحديث، كما ذكر البخاري. فهوحديث موضوع.
2- حديث أبي مسهر الغساني عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أن يزيد بن الأسود الجرشي كان يحدِّث أنه((من قرأ البقرة وآل عمران في يوم برئ من النفاق حتى يمسي، ومن قرأهما في ليلة برئ من النفاق حتى يصبح))، قال: فكان يقرؤهما كل يوم وليلة سوى جزئِه، رواه أبو عبيد في فضائل القرآن، ورجاله أئمّة كبار.
سبب ضعفه: أن سعيد بن عبد العزيز لم يدرك يزيد الجرشي، فهومرسل لانقطاع السند.
3- يزيد بن هارون عن وقاء بن إياس الأسدي، عن سعيد بن جبير، قال: قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: ((من قرأ البقرة , وآل عمران , والنساء في ليلة كان أو كتب من القانتين)).رواه أبو عبيد في فضائل القرآن،
سبب ضعفه: أن سعيد بن جبير لم يدرك عمر، فهومرسل لانقطاع السند.
2: سورة النساء
1- حديث يزيد بن هارون عن وقَّاء بن إياس الأسدي، عن سعيد بن جبير، قال: قال عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: ((من قرأ البقرة , وآل عمران , والنساء في ليلة كان أو كتب من القانتين))رواه أبو عبيد في فضائل القرآن،
سبب ضعفه: أن سعيد بن جبير لم يدرك عمر، فهومرسل لانقطاع السند.
2- حديث أبي إسحاق السبيعي، عن عبد الله بن قيس، عن ابن عباس قال: ((من قرأ سورة النساء؛ فعلم ما يحجب مما لا يحجب علم الفرائض))رواه ابن أبي شيبة
سبب ضعفه: أن أحد رواته (عبد الله بن قيس) مجهول الحالوهذا يضعف سنده.
3- حديث سلام بن سليمان المداينيّ، حدّثنا هارون بن كثيرٍ، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن أبي أمامة، عن أبيّ بن كعبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ((من قرأ سورة النساء فكأنما تصدق على كل مؤمن ومؤمنة ورث ميراثا، وأعطى من الأجر كمن اشترى محررا، وبرى ء من الشرك، وكان في مشيئة الله من الذين يتجاوز عنهم)).رواه الثعلبي والواحدي.
سبب ضعفه: أن سلام قال فيه ابن معين: ليس حديثه بشيء، فهو حديث موضوع لضعف السند
س4: ما هي أسباب عناية أهل الحديث بجمع المرويات الضعيفة.
وقد اعتنى العلماء بجمع الضعيف من المرويات لثلاث فوائد:
الأولى:التنبيه على ضعفها، وبيان سببه، لئلا يُغترّ بها، فيشيع الكذب على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال يحي بن معين للإمام أحمد، عندما أنكر عليه كتابة صحيفة معمر عن أبان عن أنس، وهو يعلم ضعفها، فقال: "رحمك الله يا أبا عبد الله! أكتب هذه الصحيفة عن عبد الرزاق عن معمر على الوجه فأحفظها كلها، وأعلم أنها موضوعة حتى لا يجئ إنسان بعده فيجعل أبان ثابتا ويرويها عن معمر، عن ثابت، عن أنس، فأقول له: كذبت إنما هو عن معمر، عن أبان لا عن ثابت|.
والثاني:جمع الطرق للاستعانة بها على دراسة الأحاديث التي تقبل التقوية بتعدد الطرق والشواهد؛ كالأحاديث التي في إسنادها رجل يضعّف في الحديث لضعف ضبطه أو فيه انقطاع يسير؛ فإذا تعددت طرق هذا الحديث أو كانت له شواهد صحيحة فإنه يحكم بصحّته.
والثالث:جمع المرويات الضعيفة وتصنيفها على الأبواب أو المسانيد وحفظها من الضياع، مع عزوها إلى مصادرها، وذلك ليسهل وصول أهل الحديث إليها، وليستفيد منها أهل العلم؛ بالدراسة والتمحيص.
س5 هل يقتضي ضعف الإسناد المعيّن ضعف المتن مطلقا؟ وضّح إجابتك بالتمثيل.
ضعف الإسناد المعيّن لا يقتضي ضعف المتن مطلقاً ؛ فقد يروى بإسناد آخر صحيح فيعضده.
الأمثلة:
1- حديث مسلمة بن علي الخشني عن حريز بن عثمان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة مرفوعاً: ((اقرؤوا القرآن فإنَّ الله لا يعذّبُ قلباً وَعَى القرآن)).
ضعفه الألباني في السلسلة الضعيفة،والسبب: ضعف السند، لوجود مسلمة بن علي الخشني وهو متروك الحديث، لأنه انفرد برفعه إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم.
والصحيح فيه أنّه موقوف على أبي أمامة رضي الله عنه بلفظ: "اقرءوا القرآن ولا تغرَّنكم هذه المصاحف المعلَّقة، فإنَّ الله لن يعذّب قلباً وَعَى القرآن".
وهذا الأثر رواه عن أبي أمامة (الصحابي): شرحبيل بن مسلم الخولاني، وسليم بن عامر الخبائري، والقاسم بن عبد الرحمن الشامي.
-فأمّا شرحبيل بن مسلم فروى عنه هذا الأثر حَريزُ بن عثمان الرَّحبي وهو ثقة ثبت، ورواه عن حريز ثلاثة هم: يزيد بن هارون عند ابن أبي شيبة، والحكم بن نافع عند الدارمي، وحجّاج بن محمد عند ابن بطة العكبري.
- وأما سليم بن عامر الخبائري فروى عنه هذا الأثر معاوية بن صالح، ورواه عن معاوية عبد الله بن صالح كاتب الليث، ورواه عن عبد الله بن صالح: البخاري في "خلق أفعال العباد" والدارمي في سننه.
- وأما القاسم بن عبد الرحمن فرواه عنه حريز، ورواه عن حريز شبابة بن سوّار عند ابن أبي شيبة.
وهؤلاء كلهم رووه موقوفاً على أبي أمامة باللفظ المتقدّم، وتفرّد مسلمة بن عليّ بروايته عن حريز عن سليم عن أبي أمامة مرفوعاً وأسقط قوله:((ولا تغرنَّكم هذه المصاحف المعلقة))
ومسلمة بن عليّ متروك الحديث كما تقدّم فلا تعتبر مخالفته.
وبمجموع الطرق المعتبرة المتقدّمة (وهي المرويات عن نفس الصحابي)، فالأثر ثابت عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهو وإن كان موقوفا على أبي أمامة فإنّه مما لا يقال بالرأي؛ فيأخذ حكم الرفع من جهة المعنى لا من جهة الرواية.
وبهذا المثال يتبين:
1- أن ضعف الإسناد المعيّن لا يقتضي ضعف الحديث مطلقاً لأنه قد يصحّ من طريق آخر يعضدع.
2- أنّ الموقوف قد يأخذ حكم المرفوع إذا صحّ عن الصحابي وكان مما لا مدخل للاجتهاد فيه، ولم تعرف له علّة أخرى توجب منع القول بالرفع.
س6: عدد بإيجاز أنواع المرويّات الضعيفة في فضائل القرآن.
أنواع المرويات الضعيفة
الضعفُ له أنواع وأسباب عائدة إلى الإسناد أو إلى المتن أو إليهما معاً، ومن تلك الأنواع:
النوع الأول:الإرسال، والمرسل هو ما أسنده التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والإرسال انقطاع في الإسناد، فلا يقبل إلا أن يرد من طريق آخر موصولا بإسناد صحيح أو يكون المرسل معتبراً يتقوّى بالشواهد (إسناد الحديث عن صحابي آخر) والمتابعات (إسناد الحديث عن نفس الصحابي).
والمراسيل على أنواع ودرجات: فمن أهل العلم من يضعّفها مطلقاً، ومنهم من يقبلها بشروط مجتمعة:
1- أن يكون المرسِل من كبار التابعين،
2- أن يُعرف عنه أنه لا يروي إلا عن ثقة،
3- أن لا يعرف عنه شذوذ في الرواية،
4- أن يكون الحديث الذي أرسله غير منكر المتن.
والنوع الثاني:الانقطاع في السند، وهو أعمّ مما قبله، ويعرف الانقطاع بأمور:
-منها: معرفة تواريخ وفاة الشيخ وولادة الراوي عن، ليتبين عدم سماعه منه.
-ومنها:تصريح الراوي بأنّه لم يسمع ممن روى عنه، كما صرّح الضحّاك بن مزاحم أنّه لم يسمع من ابن عباس.
-ومنها :أن يحصر الراوي ما سمعه من شيخه، فيكون ما رُوي عنه مما سواه منقطعاً، كما ذكر الشعبي أنّه لم يسمع من ابن عمر سوى حديثين، وقد صحبه ثمانية أشهر.
-ومنها: نصّ الأئمّة النقّاد على أنّ ذلك الراوي لم يسمع من شيخه أو حصروا ما سمعه منه.
النوع الثالث:المخالفة بالرواية بالمعنى المغيّر للفظ.
النوع الرابع:الخطأ في الإسناد
النوع الخامس: المرويات التي يكون في إسنادها مجهول العين أو مجهول الحال.
النوع السادس: الضعيف لكون أحد رواته متروك الحديث.
النوع السابع: منكر المتن
ونكارة المتن غالباً ما يكون معها علة ظاهرة في الإسناد، وما كان كذلك فأمره بيّن؛ لأن ضعف الإسناد يدلّ على سبب نكارة المتن.
لكن ربما روي حديث أو أثر بإسناد ظاهره الصحّة، ومتنه منكر؛ ففي هذه الحالة:
- إما أن يُجاب عن الإشكال بما يزيل النكارة بحيث يكون للمتن معنى مقبول غير منكر يصحّ أن يُحمل عليه بلا تكلّف.
- وإمّا أن يُتعرّف على علة الإسناد التي أدّت إلى رواية هذا المتن المنكر.
النوع الثامن:الضعيف الذي لا أصل له؛ وهو الذي لا يُعرف له إسناد ولا مخرج.
النوع التاسع:الموضوع
وهو شرّ هذه الأنواع، وهو ما كان من رواية الكذّابين.
ومن أشهر الموضوعات في فضائل القرآن: الحديث الطويل المكذوب على أبيّ بن كعب رضي الله عنه في فضائل القرآن سورة سورة.
س7: بيّن المراد بخواصّ القرآن.
هو ما عرف من الانتفاع ببعض السور والآيات في أحوال مخصوصة،
وهي تسمية اصطلاحية متأخرة أطلقها بعض العلماء، ولم تكن معروفة عند السلف الصالح وإن كان قد جرى في زمانهم بعض ما يدخل في هذا المعنى.
ولا مشاحّة في الاصطلاح إذا كان له معنى معقول، ولم يُستعمل فيما يخالف هدى الشريعة.
استعمل العلماء كلمة "خواصّ القرآن" لمعاني متعددة:
1- تأثير بعض السور والآيات في أحوال مخصوصة في الرّقى والكرب... وهو المراد هنا
2- ما يختصّ به القرآن من خصائص وأحكام يتميّز بها عن غيره.
3- التأثير الإعجازي للقرآن، وهذا المعنى يذكره بعض من يكتب في إعجاز القرآن، ويغلب عليهم العناية ببلاغة القرآن وحسن بيانه وتأثير خطابه.
س8: بيّن حكم الأخذ بما يُحكى من التجارب في خواصّ القرآن.
يجوز الأخذ بما يحكى من تجارب في خواص القرآن على أن تجتمع فيها الشروط التالية:
1- أن يكون ثبت نفعها بالأدلة الصحيحة، وانتفع كثير من الناس بها.
2- أن تكون سالمة من الشرك.
وقد قال ابن القيّم رحمه الله في معرض الحديث عن الفاتحة كرقية: (ومن المعلوم أن بعض الكلام له خواصّ ومنافع مجربة، فما الظن بكلام رب العالمين، الذي فَضْلُه على كلِّ كلام كفضل الله على خلقه الذي هو الشفاء التام، والعصمة النافعة، والنور الهادي، والرحمة العامة الذي لو أنزل على جبل؛ لتصدع من عظمته وجلالته.
قال تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين}، و" من " هاهنا لبيان الجنس لا للتبعيض، هذا أصح القولين كقوله تعالى: {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}وكلهم من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، وكقوله: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان}والأوثان كلها رجس.
فما الظنّ بفاتحة الكتاب التي لم ينزل في القرآن، ولا في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور مثلها؟!!...).