السؤال الأول: (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر خمس فوائد سلوكية من دراستك لتفسير سورة العصر، وبيّن وجه دلالة السورة عليها.
1- أهمية الوقت في حياة الإنسان، فيجب عليه أن لا يضيعه فيما لا ينفعه، فهو مسؤول عنه يوم القيامة وهو عمره الذي ينقضي، فما له يضيعه فيما لا نفغ له فيه، فقد أقسم الله تعالى به، فقال: {والعصر}.
2- يجتهد الإنسان في إخلاص الأعمال الصالحة لله، حتى لا يكون من الخاسرين الذين أقسم الله تعالى عليهم بالخسارة، فقال: {إن الإنسان لفي خسر} فالمذكور هنا جنس الإنسان، وال التعريف هنا للاستغراق والعموم، ويكون من الفئة المستثناة في قوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات....}.
3- الإيمان اعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، نستدل على ذلك من قوله تعالى: {...آمنوا وعملوا الصالحات...}.
4- على الإنسان أن يقوِّم نفسه ويزكيها ويكملها بالإيمان والعمل الصالح، ويعين مجتمعه ويكمله بالتواصي بالحق وأداء الطاعات والبعد عن المحرمات، والتواصي بالصبر على ذلك والصبر على أقدار الله، فذلك هو النجاة من الخسر الذي أقسم عليه سبحانه، نستدل على ذلك من الاستثناء في قوله تعالى: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر}.
5- العمل الصالح لا يقبل، إلا إذا كان مقرونا بالإيمان بالله، فشروط قبوله: الإخلاص لله وأن يكون وفق ما أمر الله ورسوله ومتابعا لهما، وذلك من قوله تعال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات....}.
المجموعة الثانية:
السؤال الأول: فسّر قول الله تعالى:-
{إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)}
يقسم الله سبحانه وتعالى على أن جنس الإنسان عامة، بطبيعته كثير الجحود والنكران لنعمة ربه، فهو ينسى شكر النعمة التي رزقه الله إياها ويمتنع عن أداء ما أوجبه الله عليه من الحقوق المالية والبدنية، ولا يذكر إلا المصائب التي تصيبه فقط، وهذا هو العموم في الإنسان إلا من هدى الله.
{ وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7)}
ويؤكد سبحانه أن الإنسان شاهد على هذا الجحود والكفران، فهذا بين ظاهر في أقواله وأفعاله، كما في قوله تعالى: كما قال تعالى: {ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد اللّه شاهدين على أنفسهم بالكفر}، ويحتمل أن يعود الضمير على لفظ الجلالة فيكون المعنى؛ أن الله شهيد على جحود الإنسان وكفرانه للنعمة، ففي هذا تهديد ووعيد له، وكلا المعنيين صحيح وتحتمله الآية.
{ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (8)}
يؤكد سبحانه أن الإنسان يحب المال حبا شديدا حتى أنه يحرص عليه ويبخل به، فلا يؤدي حقه الذي أوجبه الله عليه ويؤثر الدنيا العاجلة وينسى الآخرة، لذلك قال تعالى بعدها؛
{ أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9)}
يخاطب الله هذا الإنسان المغتر بالدنيا وزينتها حتى نسي الآخرة، مذكرا إياه بالبعث، حاثا إياه على الخوف من أهواله، فقال: هلا يعلم هذا المغتر ويتنبه أن هذه الدنيا ليست مخلدة، بل سيأتي الوقت الذي لا محالة آت، حين تنثر القبور ويبعث من فيها للحشر والحساب، فهذا يدعوه أن يزهد في الدنيا وزخرفها ويتذكر الآخرة والبعث بأهواله، ويذكره أيضا بظهور جميع ما كان يظن أنه يخفيه في الدنيا، فقال:
{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10)}
أن جميع ما كان يسر به في الدنيا سيظهر على وجوههم من خير وشر، فعلم الله يستوى فيه السر والعلن، لذلك قال بعدها:
{ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)} العاديات.
يؤكد سبحانه أنه بعد أن رباهم بنعمه في الدنيا، هو عالم ومطلع على جميع ما قدموه من أعمال ظاهرة وباطنة ومجازيهم عليها أوفر الجزاء، وكل سيرى عمله حتى ولو مثقال ذرة من خير أو شر، وفي ذلك بيان للامتناع عن الانشغال بالدنيا وزينتها وبالنعم عن المنعم وعن أداء ما أوجبه عليه.
السؤال الثاني:
حرر القول في المسائل التالية:
1: متعلّق الجار والمجرور في قوله تعالى: {في عمد ممدّدة} الهمزة.
القول الأول: أن العمد هي الأبواب أو عمد من وراء الأبواب استيثاقا في استيثاق؛ فهي بيان وتأكيد لمدى إحكام غلقها عليهم وعدم خروجهم، منها:
1- الأبواب، والأبواب هي الممددة، رواه شبيب بن بشر، عن ابن عبّاسٍ، أورد ذلك ابن كثير في تفسيره.
2- عمد ممددة من وراء الأبواب، ذكره السعدي، وقال: أن العلة هي"لئلا يخرجوا منها { كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا }" وذكره الأشقر عن قول مقاتل.
القول الثاني: أنهم كائنين في هذه العمد (داخلها)، أو أنهم موثقين إليها (من الخارج):
1- دخلوا في عمد, ثم مدت عليهم تلك العمد بعماد، وفي أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب، رواه العوفي عن ابن عباس، وقاله قتادة في قراءة عبد الله بن مسعود : {إنها عليهم مؤصدة بعمد ممدة}،ذكره ابن كثير.
2- كَائِنِينَ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ مُوثَقِينَ، ذكره الأشقر
القول الثالث: عمد يعذبون بها في النار، قاله قتادة، وهو اختيار ابن جرير فيما ذكر ابن كثير
القول الرابع: هي القيود الطوال، قاله أبو صالح، فيما ذكر ابن كثير، كما في قوله تعالى:{إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71)}
واختلفوا في مادة العمد:
- وهي إما من حديد، وهو ما قاله عطية العوفي، فيما ذكر ابن كثير، وذكره الأشقر عن قول مقاتل.
- أو من نار، وهو ما قاله السّدّيّ، فيما ذكر ابن كثير.
وجميع الأقوال تدل على مدى الذل والإهانة والحبس والتضييق ومدى العذاب في هذه النار العظيمة المستعرة التي تنفذ من الأجسام إلى القلوب، المطبقة عليهم فلا يخرجون منها، وهي أصناف من عذاب جهنم.
2: المراد بالنعيم في قوله تعالى: {ثم لتسألنّ يومئذ عن النعيم} التكاثر.
المراد بالنعيم:
ذكرت معرفة ب"ال" الاستغراقية، لتشمل عموم أنواع النعيم في الدنيا، فجميع ما ذكر عن المفسرين هو من باب المثال على النعيم، ونذكر أقوال المفسرين فيها، كما يلي:
القول الأول: شكر ما أنعم اللّه به عليكم من الصّحّة والأمن والرّزق وغير ذلك، ذكره ابن كثير وهو عام وشامل
ثم ذكر أمثلة من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للآية في الأحاديث التي وردت عنه:
1- التمر والماء، ذكره ابن كثير فيما روى ابن أبي حاتمٍ من حديث عمر بن الخطّاب، عندما أكلوا عند أبي الهيثم من نخلة لهم، ثمّ أتاهم بماءٍ، فشربوا عليه؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((هذا من النّعيم الّذي تسألون عنه)). هذا غريبٌ من هذا الوجه، وروى الإمام أحمد عن جابر بن عبد اللّه مثله، ورواه النّسائيّ
2- التمر واللحم ، فيما رواه ابن جريرٍ من حديث أبي هريرة أن أبا بكر وعمر انطلقوا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتّى أتوا بيت رجلٍ من الأنصار فانطلق فجاءهم بعذقٍ؛ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ألا كنت اجتنيت؟)) فقال: أحببت أن تكونوا الذين تختارون على أعينكم. ثمّ أخذ الشّفرة؛ فقال له النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إيّاك والحلوب))، فذبح لهم يومئذٍ فأكلوا؛ فقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لتسألنّ عن هذا يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، فلم ترجعوا حتّى أصبتم هذا، فهذا من النّعيم)).
ورواه مسلمٌ ورواه أهل السّنن الأربعة من حديث أبي هريرة بمثل هذه القصة، ذكره ابن كثير والأشقر.
3- التمر والماء البارد، فخص فيه الماء بأنه بارد، فيما رواه الإمام أحمد وتفرد به، عن أبي عسيبٍ، مولى رسول اللّه، قال: خرج رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ليلاً فمرّ بي فدعاني فخرجت إليه، ثمّ مرّ بأبي بكرٍ فدعاه فخرج إليه، ثمّ مرّ بعمر فدعاه فخرج إليه، فانطلق حتّى دخل حائطاً لبعض الأنصار؛ فقال لصاحب الحائط: ((أطعمنا)). فجاء بعذقٍ فوضعه، فأكل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وأصحابه، ثمّ دعا بماءٍ باردٍ، فشرب وقال: ((لتسألنّ عن هذا يوم القيامة))، قال: فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتّى تناثر البسر قبل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، ثمّ قال: يا رسول اللّه، إنّا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة؟ قال: ((نعم، إلاّ من ثلاثةٍ: خرقةٍ لفّ بها الرّجل عورته، أو كسرةٍ سدّ بها جوعته، أو جحرٍ يدخل فيه من الحرّ والقرّ))
4- ما سيكون من النعيم الذي يفتح على أمته، فيما روى الإمام أحمد عن محمود بن الرّبيع قال: لمّا نزلت: {ألهاكم التّكاثر}؛ فقرأ حتّى بلغ: {لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}- قالوا: يا رسول اللّه، عن أيّ نعيمٍ نسأل؟! وإنّما هما الأسودان: الماء والتّمر، وسيوفنا على رقابنا، والعدوّ حاضرٌ، فعن أيّ نعيمٍ نسأل؟! قال: ((أما إنّ ذلك سيكون))، وروى ابن أبي حاتمٍ مثله عن عبد اللّه بن الزّبير وكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث سفيان- هو ابن عيينة- به، ورواه أحمد عنه، وحسنه التّرمذيّ، ذكره ابن كثير، وذكره أيضا الأشقر.
5- الغنى وطيب النفس، وروى أحمد عن معاذ بن عبد اللّه بن خبيبٍ، عن أبيه، عن عمّه قال: كنّا في مجلسٍ، فطلع علينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعلى رأسه أثر ماءٍ؛ فقلنا: يا رسول اللّه، نراك طيّب النّفس، قال: ((أجل)). قال: ثمّ خاض النّاس في ذكر الغنى؛ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لا بأس بالغنى لمن اتّقى اللّه، والصّحّة لمن اتّقى اللّه خيرٌ من الغنى، وطيب النّفس من النّعيم)).ورواه ابن ماجه.
6- صحة الجسم والارتواء من الماء البارد، وروى التّرمذيّ عن أبي هريرة يقول: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ أوّل ما يسأل عنه -يعني: يوم القيامة- العبد من النّعيم أن يقال له: ألم نصحّ لك جسمك ونروك من الماء البارد؟))، تفرّد به التّرمذيّ، ورواه ابن حبّان في صحيحه من طريق آخر.
7- احتذاء النعال والشرب من الماء البارد، وروى ابن أبي حاتمٍ عن عكرمة قال: نزلت هذه الآية: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قالت الصّحابة: يا رسول اللّه، وأيّ نعيمٍ نحن فيه وإنّما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشّعير؟! فأوحى اللّه إلى نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قل لهم: أليس تحتذون النّعال، وتشربون الماء البارد؟ فهذا من النّعيم.
8- الأمن والصحة، وروى ابن أبي حاتمٍ عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في قوله: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}. قال: ((الأمن والصّحّة)).
9- شبع البطون، وبارد الشّراب، وظلال المساكن، واعتدال الخلق، ولذّة النّوم، قاله ابن أبي حاتم واستدل بما رواه عن زيد بن أسلم عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {ثمّ لتسألنّ يومئذٍ عن النّعيم}
ومن أقوال السلف التي ذكرها ابن كثير:
1- حتّى عن شربة عسلٍ، قاله سعيد بن جبيرٍ
2- الغداء والعشاء، قاله الحسن البصريّ
3- أكل السّمن والعسل بالخبز النّقيّ، قاله أبو قلابة
4- عن كلّ لذّةٍ من لذّات الدّنيا، قاله مجاهدٌ، وهو أشمل أقوال السلف.
5- صحّة الأبدان والأسماع والأبصار، رواه عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ واستدل بقوله تعالى: {إنّ السّمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسؤولاً}
6- الصحة والفراغ، فقد ثبت في صحيح البخاريّ وسنن التّرمذيّ والنّسائيّ وابن ماجه من حديث ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((نعمتان مغبونٌ فيهما كثيرٌ من النّاس: الصّحّة والفراغ))
7- الملبس والظل والماء، فقد روى الحافظ أبو بكرٍ البزّار عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ما فوق الإزار وظلّ الحائط وجرّ الماء فضلٌ، يحاسب به العبد يوم القيامة،، أو يسأل عنه)).
8- ركوب الخيل والإبل والزواج من النساء والترع والرئاسة، رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((يقول اللّه عزّ وجلّ -قال عفّان: يوم القيامة-: يابن آدم حملتك على الخيل والإبل، وزوّجتك النّساء، وجعلتك تربع وترأس، فأين شكر ذلك؟!)).
القول الثاني: عبر عنه الأشقر بالسُّؤَالُ عَن الأَمْنِ، والصِّحَّةِ، وَالْفَرَاغِ، وَمَلاذِّ المَأْكُولِ وَالمَشْرُوبِ، وَعَنْ بَارِدِ الشرابِ، وَظِلالِ المَسَاكِنِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النِّعَمِ.
القول الثالث: عبر عنه السعدي بما تنعمتم به في الدنيا.
وحاصل الأقوال: هو كل ما يتنعم الإنسان به في الدنيا.
والمراد من السؤال عن النعم، هو الحث على أداء حقها من شكر وأخرجتم حق الله فيها ولم تستعينوا بها على معاصيه وانشغلتم بها في الدنيا عن الآخرة.