دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12 شعبان 1441هـ/5-04-2020م, 03:58 AM
هيئة الإشراف هيئة الإشراف متواجد حالياً
معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,809
افتراضي المجلس الثامن عشر: مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء

مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء من الآية 51 إلى الآية 59

- لخص أحد الدروس التالية مطبقا ما درسته سابقا في دورة المهارات الأساسية والمهارات المتقدمة في التفسير .


- تفسير سورة النساء [ من الآية (51) إلى الآية (55) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (56) إلى الآية (57) ]
- تفسير سورة النساء [ من الآية (58) إلى الآية (59) ]



- ثم صحح أحد تلخيصات زملائك.


قواعد مجالس مذاكرة سورة النساء:

١. يفتح المجلس في بداية كل أسبوع بإذن الله.
٢. ‏يختار كل طالب أحد الموضوعات المقررة في مقرر الأسبوع، ويمنع التكرار حتى تستوعب كل الدروس.
٣. يعمل الطالب على تلخيص الدرس من خلال تطبيق المهارات التي تعلمها في المهارات الأساسية والمتقدمة في التفسير، وطلاب مستوى الامتياز يجدر بهم تقديم عمل جيد يناسب مستواهم وما مارسوه من تطبيقات سابقة.
٤. يحبذ تسليم التلخيص يوم الخميس من كل أسبوع كحد أقصى.
٥. يومي الجمعة والسبت:
يختار الطالب أحد تلخيصات زملائه ويعمل على تصحيحه، مبينا ما فاته من مسائل وما قصر فيه من أدوات التحرير العلمي و الصياغة والعرض ونحو هذا؛ وحتى يحقق هذا المطلوب سيحتاج الطالب قراءة جيدة للدرس ربما تفوق قراءته الشخصية لعمل واجبه، وهذا المطلوب سينمي لديكم عدة مهارات منها التصحيح، والتفطن لمواضع الخطأ ومن ثم تجنبها فيما يستقبل من أعمالكم، والتوسع في فهم بعض المسائل حتى تتمكنوا من شرحها للآخرين.
٦. تقوم هيئة التصحيح بتصحيح جميع أعمالكم في الأسبوع التالي بإذن الله، بما فيها إرشادات على تصحيحكم على نماذج زملائكم.
٧. في النهاية يفتح كل منكم ملفا في حاسوبه، يحتفظ فيه بتلخيص كامل دروس القسم ويفضل تعديل التلخيص وفق ملحوظات التصحيح، ليكتمل له في نهاية هذا المقرر بإذن الله أصلا علميا في تفسير سورة النساء.


وبهذا فإن المطلوب الأسبوعي منكم باختصار:
١. دراسة مقرر كل أسبوع.
٢. تلخيص أحد الدروس.
٣. تصحيح عمل واحد من أعمال زملائكم.
- يمنع التكرار في كل الأحوال حتى تستوعب جميع الأعمال.
زادكم الله توفيقًا وسدادًا ونفع بكم الإسلام والمسلمين.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 شعبان 1441هـ/5-04-2020م, 07:28 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

ان شاء الله اختار الايات 56__ 57

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 13 شعبان 1441هـ/6-04-2020م, 08:39 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

أختار الآيات 58-59 بإذن الله

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 13 شعبان 1441هـ/6-04-2020م, 03:17 PM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)}
القراءات في الآية:
-القراءة المشهورة نصليهم بضم النون من أصليت، وقرأ حميد «نصليهم» بفتح النون من صليت، وقرأ سلام ويعقوب «نصليهم» بضم الهاء. ذكره ابن عطية.
معنى "نصليهم":
معنى التصلية يحتمل -كما ذكر ابن عطية- التقريب من النار والإلقاء فيها والشوي:
-فمن قرأها بضم النون من "أصليت", كان بمعنى التقريب والإلقاء.
-ومن قرأها بفتح النون كان بمعنى شويت.
مع التنبيه على أن الزجاج ذكر أنها بمعنى الشوي دون أن يفصل في أثر القراءات على المعنى, وابن كثير ذكر أن معنى التصلية يدل على شمول العذاب وإحاطته بصاحبه.
في قوله "بدلناهم جلودا غيرها" عدة مسائل واستشكالات طرحت في ثنايا التفسير, فمسألة تبديل الجلود تعرض السلف لها من عدة زوايا:
من حيث عدد مرات التبديل:
-فذكر أنها تبدل عليهم في اليوم سبعين ألف مرة, قاله الحسن بن أبي الحسن. وذكره ابن عطية وابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتمٍ من طريق هشام، عنه.
-وذكر أنه يجعل للكافر مائة جلدٍ، بين كلّ جلدين لونٌ من العذاب. قاله يحيى بن يزيد الحضرمي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتمٍ عن زكريّا بن داود بن بكرٍ أبو يحيى الخفّاف النّيسابوريّ، عن يحيى بن يحيى، أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمر بن خالدٍ المعافريّ، عنه.
- وذكر: أنها تبدّل في ساعةٍ مائة مرّةٍ. قاله معاذ بن جبل, وذكر عمر سماعه عن النبي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتم وابن مردويه -من وجه آخر بلفظ آخر- من طريق نافعٌ، مولى يوسف السّلميّ البصريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر.
-وذكر: أنها تبدل في ساعة مئة وعشرين مرة. ذكره كعب, وأكد عمر على سماعه عن النبي, ورواه ابن مردويه من الطريق المذكور آنفا. وذكره ابن كثير.
ومنهم من تعرض لوصف الجلد البديل, فمنهم من:
-وصفه بأنه أبيض كالقراطيس, كابن عمر. ذكره ابن عطية وابن كثير, ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن ثوير عن ابن عمر.
-ومنهم من ذكر أنه سرابيل القطران, سميت جلودا للزومها فصارت كالجلود. حكاه الطبري وذكره ابن عطية وابن كثير, وضعفه, لأنه خلاف الظاهر.
ومنهم من تعرض لمسألة: هل الجلد المستبدل جلد جديد, أم أنه نفس جلد المعذب يتجدد؟
-القول الأول: تبدل عليهم جلود غيرها. ذكره الزجاج وابن عطية.
وقد يرد استشكال على هذا القول: كيف يبدل الله جلد العاصي بجلد آخر غير عاصي فيعذبه؟
-وجوابه: أن نفوسهم هي المعذبة والجلود لا تألم في ذاتها، فإنها تبدل ليذوقوا تجديد العذاب. ذكره الزجاج وابن عطية.
-والقول الثاني: «تبديل الجلود» هو إعادة ذلك الجلد بعينه الذي كان في الدنيا، تأكله النار ويعيده الله دأبا لتجدد العذاب، وإنما سماه «تبديلا»، لأن أوصافه تتغير ثم يعاد، كما تقول: بدل من خاتمي هذا خاتما وهي فضته بعينها، وكما أنشأ الله الجلد بعد البعث, فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. ذكره الزجاج وابن عطية.
ومنهم من استشهد بصحة هذا المعنى, فقد قال الرّبيع بن أنسٍ: مكتوبٌ في الكتاب الأوّل أنّ جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنّه تسعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبلٌ لوسعه، فإذا أكلت النّار جلودهم بدّلوا جلودًا غيرها. ذكره ابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
مسألة: ما هو مدلول "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب":
-تفيد الآية الإخبار عن دوام عقوبتهم ونكالهم. ذكره ابن كثير.
معنى "ليذوقوا العذاب":
-أي: ليبلغ في ألمهم. ذكره الزجاج.
معنى الـ"عزيز":
-البالغ إرادته، الذي لا يغلبه شي. ذكره الزجاج وابن عطية.
متعلق الحكمة:
-تدبيره سبحانه. ذكره الزجاج.
مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة:
- لأن ّ الملحدين ربما سألوا عن العذاب كيف وقع؟ فأعلم الله عزّ وجلّ أن جميع ما فعله بحكمة, وأنه عزيز لا يغلبه شيء. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية.

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}
القراءات في الآية:
-قرأ ابن وثاب والنخعي، «سيدخلهم» بالياء وكذلك «يدخلهم» بعد ذلك. ذكره ابن عطية.
مناسبة الآية لما قبلها:
-لما ذكر الله عقاب الكافرين, ناسب أن يعقب بجزاء المؤمنين ونعيمهم. ذكره ابن عطية.
ما معنى "تجري من تحتها الأنهار"؟
-أي: تجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء. ذكره الزجاج.
متعلق الطهر في الآية:
-من الحيض والنّفاس والأذى. والأخلاق الرّذيلة، والصّفات النّاقصة، كما قال ابن عبّاسٍ: مطهّرةٌ من الأقذار والأذى. وكذا قال عطاءٌ، والحسن، والضّحّاك، والنّخعيّ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والسّدّيّ. وذكره ابن كثير.
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس, وذكر قوله.
ثم ذكر بعد ذلك موافقة بقية القائلين لابن عباس ولم يسند.
-وقال مجاهدٌ: مطهّرةٌ من البول والحيض والنّخام والبزاق والمنيّ والولد. رواه ابن المبارك عن ابن جريج، عنه. وذكره ابن كثير.
-وقال قتادة: مطهّرةٌ من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف. رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن سعيدٍ وأبان، عنه. وذكره ابن كثير.
فيكون حاصل الأقوال أنها مطهرة من الريب والأقذار التي هي معهودات في الدنيا, حسية كانت أو معنوية. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق الظل في الآية:
-يظل من الريح والحر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده تأكيد الظل بكونه "ظليلا":
-لأنه ليس كل ظل يظل. ذكره الزجاج.
-أنه ظل لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، فأكده بقوله ظليلًا لذلك. ذكره ابن عطية.
-ويصح أن يصفه بظليل لامتداده. قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن -وحدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا ابن جعفرٍ -قالا حدّثنا شعبة قال: سمعت أبا الضّحّاك يحدّث، عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعه". ذكره ابن عطية وابن كثير.
-أنه يفيد كونه ظلّا عميقًا كثيرًا غزيرًا طيّبًا أنيقًا. ذكره ابن كثير.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 19 شعبان 1441هـ/12-04-2020م, 09:11 AM
علاء عبد الفتاح محمد علاء عبد الفتاح محمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Jan 2015
المشاركات: 599
افتراضي السلام عليكم

تفسير قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاء أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً (51)}

==سبب نزول هذه الآية:
أن قريشا قالت لكعب بن الأشرف حين ورد مكة: أنت سيدنا وسيد قومك، إنّا قوم ننحر الكوماء، ونقري الضيف، ونصل الرحم، ونسقي الحجيج، ونعبد آلهتنا الذين وجدنا آباءنا يعبدون، وهذا الصنبور المنبتر من قومه قد قطع الرحم، فمن أهدى نحن أو هو؟ فقال كعب: أنتم أهدى منه وأقوم دينا، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس: وحكى السدي: أن أبا سفيان خاطب كعبا بهذه المقالة، فالضمير في يقولون عائد على كعب على ما تقدم- أو على الجماعة من بني إسرائيل التي كانت مع كعب
ذكر هذا ابن عطية في تفسيره. وقد قيل إنه حيي بن أخطب.
والأثر المذكور قد رواه الطبري عن داود عن عكرمة عن ابن عباس ورواه من طرق أخرى عنه، ورواه ابن أبي حاتم أيضا عنه.
-وأخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق إسرائيل بن يونس عن السدي عن أبي مالك أن أهل مكة قالوا لكعب بن الأشرف
-وأخرج الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس قال كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش وغطفان ومن قريظة حيي بن أخطب وأبو رافع سلام بن أبي الحقيق والربيع بن الربيع بن أبي الحقيق وأبو عمار ووحوح بن عامر وهوذة بن قيس فقدموا على قريش قالوا هؤلاء أحبار يهود فسلوهم أدينكم خيرا أم دين محمد فذكر الخبر
ومن طريق سعيد عن قتادة ذكر لنا أنها نزلت في كعب بن الأشرف وحيي ابن أخطب ورجلين من اليهود فذكر القصة مختصرة.

==المراد بقوله تعالى "الذين"
الآية، ظاهرها يعم اليهود والنصارى، ولكن أجمع المتأولون على أن المراد بها طائفة من اليهود، ذكره ابن عطية.
ووقع تحديدهم في بعض الأقوال فقيل المراد كعب بن الأشرف وقيل حيي بن أخطب، وقيل علماء اليهود.

==ما متعلق العلم الذي أوتوه؟
قال الزجاج أنه العلم بصدق نبوة محمد عليه الصلاة والسلام.

==المراد بالجبت والطاغوت
-المراد بهما هنا صنمان كانا لقريش
وذلك أن كعب بن الأشرف وجماعة معه وردوا مكة محرضين على قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت لهم قريش: إنكم أهل الكتاب، ومحمد صاحب كتاب، ونحن لا نأمنكم أن تكونوا معه، إلا أن تسجدوا لهذين الصنمين اللذين لنا، ففعلوا
قاله عكرمة وغيره.
وقد رواه عن عكرمة عبد الرزاق الصنعاني عن معمر عن أيوب عنه. ورواه سعيد بن منصور في سننه عن سفيان عن عمرو بن دينا عنه.
-وقيل المراد بهما هنا حيي ابن أخطب وكعب بن الأشرف.
قاله ابن عباس، والضحاك.
رواه الطبري عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عنه.
وعن معاوية بن صالحٍ، عن عليٍّ، عنه.
وقول الضحاك رواه الطبري عن المثني عن إسحاق، قال: حدّثنا أبو زهيرٍ، عن جويبرٍ، عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الأصنام، والطّاغوت: القوم الداعون لعبادة الأصنام.
روي هذا القول عن ابن عباس أيضا.
رواه الطبري عن محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي قال: حدّثني عمّي قال: حدّثني أبي عن أبيه، عنه.
-وقيل المراد بالجبت السحر، والطّاغوت: الشيطان.
روي هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقاله مجاهد والشعبي.
روى قول عمر سعيد بن منصور في سننه عن سعيدٌ، قال: نا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن حسّان العبسي عنه.
وذكره البخاري عنه معلقا.
ورواه الطبري عن شعبة، عن أبي إسحاق عن حسّان بن فائدٍ، عنه.
قول مجاهد رواه الطبري عن هشيمٌ، قال: أخبرنا عبد الملك، عمّن حدّثه، عن مجاهدٍ، عنه.
وقول الشعبي رواه الطبري عن يعقوب، قال: أخبرنا هشيمٌ، قال: أخبرنا زكريّا، عنه.
- وقيل المراد بالجبت الساحر، والطّاغوت: الشيطان.
قاله زيد بن أسلم. ذكره ابن عطية
والذي وجدته مرويا هو عن ابن زيد وقد رواه الطبري عن يونس عن ابن وهب عنه.
- وقيل المراد بالجبت: الساحر، والطّاغوت: الكاهن
قاله سعيد بن جبير ورفيع وأبي العالية.
رواه الطبري عن ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ عنه.
رواه الطبري عن ابن المثنّى، قال: حدّثنا عبد الوهاب، قال: حدّثنا داود، عنه.
رواه الطبري عن عمرو بن عونٍ قال: أخبرنا هشيمٌ، عن داود عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الشيطان، والطاغوت: الكاهن،
قاله قتادة.
وهذا رواه عبد الرزاق الصنعاني في تفسيره عن معمر عنه.
ورواه الطبري عن بشر بن معاذٍ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، عن حدّثنا سعيدٌ عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الكاهن، والطاغوت: الشيطان.
قاله سعيد بن جبير.
ورواه الطبري عن ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن رجلٍ عنه.
-وقيل المراد بالجبت: الكاهن، والطّاغوت: الساحر،
قاله ابن سيرين. ذكره ابن عطية ولم أجد من رواه
ووجدت هذا القول مروي عند الطبري عن ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن مسعدة، قال: حدّثنا عوفٌ، عن محمّدٍ فذكره.
-وقيل المراد بالجبت: السحر، والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان.
قاله مجاهد.
ورواه الطبري عن أبي عاصمٍ، عن عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه. وذكره عنه ابن عطية وابن كثير.
=مناقشة الأقوال:
*الذي يظهر من هذه الأقوال أن الجبت والطاغوت يراد بهما كل ما عبد وأطيع من دون الله تعالى وهذا ما رجحه ابن عطية ونسبه لمالك لأنه عرف الطاغوت بأنه كل ما عبد من دون الله تعالى. وقال إن البعض ذهب إلى أن الجبت هي من لغة الحبشة ومعناها الثقيل الذي لا خير فيه، والطاغوت فهو من طغى.
*وأما ذكر بعض الأشخاص فإن العبرة ليست بخصوص السبب وإنما بعموم اللفظ.
*وهذا الذي ذهب إليه الزجاج فقال: (قال أهل اللغة: كل معبود من دون اللّه فهو جبت وطاغوت. وقيل: الجبت والطاغوت الكهنة والشياطين.)
*ثم بين أن القول بالتخصيص غير خارج عما ذكرنا فقال:
(وقيل في بعض التفسير: الجبت والطاغوت ههنا، حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف اليهوديان وهذا غير خارج عما قال أهل اللغة، لأنه إذا اتبعوا أمرهما فقد أطاعوهما من دون اللّه - عزّ وجلّ.)
*واختار الطّبريّ أنّ المراد بالجبت والطّاغوت جنس من كان يعبد من دون اللّه سواءٌ كان صنمًا أو شيطانًا جنّيًّا أو آدميًّا فيدخل فيه السّاحر والكاهن فقال:
(والصّواب من القول في تأويل: {يؤمنون بالجبت والطّاغوت} أن يقال: يصدّقون بمعبودين من دون اللّه يعبدونهما من دون اللّه، ويتّخذونهما إلهين. وذلك أنّ الجبت والطّاغوت اسمان لكلّ معظّمٍ بعبادةٍ من دون اللّه، أو طاعةٍ أو خضوعٍ له، كائنًا ما كان ذلك المعظّم من حجرٍ أو إنسانٍ أو شيطانٍ.
وإذ كان ذلك كذلك وكانت الأصنام الّتي كانت الجاهليّة تعبدها كانت معظّمةً بالعبادة من دون اللّه فقد كانت جبوتًا وطواغيت، وكذلك الشّياطين الّتي كانت الكفّار تطيعها في معصية اللّه، وكذلك السّاحر والكاهن اللّذان كان مقبولاً منهما ما قالا في أهل الشّرك باللّه، وكذلك حييّ بن أخطب، وكعب بن الأشرف، لأنّهما كانا مطاعين في أهل ملّتهما من اليهود في معصية اللّه والكفر به وبرسوله، فكانا جبتين وطاغوتين.)

== المراد بــ «الذين كفروا» في هذه الآية:
المراد بهم قريش.

==المراد بالإشارة ب "هؤلاء"
المراد بهم اليهود.

==معنى "أهدى"
يعني أقوم وأعدل.

==المراد بالذين آمنوا:
المراد بهم النبي عليه السلام ومن معه.

==الذي تدل عليه هذه الآية.
هذه الآية فيها برهان واضح ودليل دامغ على معاندة اليهود لأنهم زعموا إن الذين لم يصدقوا بشيء من الكتب وعبادة الأصنام، أهدى طريقا من الذين يجامعونهم على كثير مما يصدقون به، وهذا عناد بين.

=================================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52)}

==سبب نزول هذه الآية
نزلت هذه الآية مع سابقتها لنفس المناسبة، وتقدم تخريج أثر ابن عباس عند الطبري وفيه " فلمّا قدموا على قريشٍ قالوا هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتب الأول فسلوهم: أدينكم خيرٌ أم دين محمّدٍ؟ فسألوهم، فقالوا: بل دينكم خيرٌ من دينه، وأنتم أهدى منه وممّن اتّبعه. فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ألم تر إلى الّذين أوتوا نصيبًا من [الكتاب يؤمنون بالجبت والطّاغوت ويقولون للّذين كفروا هؤلاء أهدى من الّذين آمنوا سبيلا. أولئك الّذين لعنهم اللّه ومن يلعن اللّه فلن تجد له نصيرًا]} إلى قوله عزّ وجلّ: {وآتيناهم ملكًا عظيمًا}.
وكان سبب قدومهم هو استمالة قريش ليحاربوا معهم.

== المراد "أولئك"
قيل فيه قولين:
أحدهما: أنهم كانوا جماعة وذلك مستقيم لفظا ومعنى،
والآخر: أن المراد كعب أو حيي، فعبر عنه بلفظ الجمع، لأنه كان متبوعا، وكان قوله مقترنا بقول جماعة.

==معنى اللعنة
في اللغة المباعدة
والمعنى أي باعدهم الله من رحمته ومن وقع له ذلك فهو مخذول.

==ما نتيجة عناد اليهود وكتمانهم الحق؟
كان نتيجة ذلك أنهم أصحبوا أبين الطوائف خذلانا فإنهم غلبوا من بين جميع سائر أهل الأديان.

==============================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53)}
==القراءات الواردة في الآية
ذكر ابن عطية في تفسيره أن "يؤتون"
قرأها ابن مسعود «فإذا لا يؤتوا» بغير نون على إعمال «إذا»،
ثم قال (والمصحف على إلغائها، والوجهان جائزان، وإن كانت صدرا من أجل دخول الفاء عليها).

==معنى الاستفهام في قوله: {أم لهم نصيب من الملك}
قيل في معناه قولين:
-الأول أنه استفهام، والغرض منها الإنكار.
والمعنى: بل ألهم نصيب من الملك. وهذا بجعل "أم" غير معطوفة على استفهام متقدم، وهي مضمنة معنى الإضراب والاستفهام، فالكلام مقطوع عما قبله وهو استفهام، وهذا هو مذهب سيبويه
وقد حكي عن بعض النحويين، أن أم يستفهم بها ابتداء دون تقدم استفهام، حكاه ابن قتيبة في المشكل، وهذا غير مشهور للعرب.
-والثاني: أنه بمعنى بل
والمعنى أن لهم ملك، ومعنى الآية عند من قال به: بل هم ملوك أهل دنيا وعتو وتنعم، لا يبغون غيره، فهم بخلاء به، حريصون على أن لا يكون ظهور لسواهم.
-وقد ذكر ابن عطية القولين ثم قال (والمعنى على الأرجح الذي هو مذهب سيبويه والحذاق، أنه استفهام على معنى الإنكار، أي ألهم ملك؟ فإذا لو كان لبخلوا).

==معنى }فإذا لا يؤتون النّاس نقيرا}
قال بعضهم: إنما معناه أنهم لو أعطوا الملك، ما أعطوا الناس نقيرا، -على القول الذي رجحه ابن عيطة في المراد بـ"أم"، وذكر النقير ههنا تمثيل.
وهو الذي ذكره ابن كثير وذكر أنه كقوله تعالى : {قل لو أنتم تملكون خزائن رحمة ربّي إذًا لأمسكتم خشية الإنفاق} [الإسراء:100]
أي: خوف أن يذهب ما بأيديكم، مع أنّه لا يتصوّر نفاده، وإنّما هو من بخلكم وشحّكم؛ ولهذا قال: {وكان الإنسان قتورًا} [الإسراء:100] أي: بخيلًا

==معنى النقير
ورد في تفسيره أقوال منها:
-أنه النكتة التي في ظهر النواة من التمرة، ومن هنالك تنبت، وهو قول الجمهور، ذكره ابن عطية
وقد روي هذا القول عن جماعة منهم ابن عباس وقتادة والسدي
فأما قول ابن عباس فقد رواه الطبري عنه من طرق منها ما رواه عن معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة عنه.
وأما قول قتادة فرواه الطبري أيضا عن الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عنه.
وأما قول قتادة فرواه الطبري أيضا عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عنه.
-وقيل أنه النقطة في بطن النواة
وقد رواه سعيد ابن منصور في سننه عن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس، قال: النّقير: النّقرة الّتي تكون في شقّ النّواة، والقطمير: القشر الّذي يكون على النّواة) وقد جعل الطبري قول ابن عباس دليلا على القول الأول ولم يستدل به لهذا القول .
ورواه الطبري عن جماعة منهم مجاهد والضحاك
فأما قول مجاهد فرواه عن المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عنه. ورواه عنه من طرق أخرى.
وأما قول الضحاك فرواه عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: أخبرنا عبيد بن سليمان، عنه.
-وقيل إنه نقر الإنسان بأصبعه،
وقد روي هذا عن ابن عباس فيما ذكره ابن عطية
ورواه الطبري عن أبي العلاء عن أبي العالية عنه: النقير نقير الرجال أصبيعه كما ينقر الدرهم قال أبو العالية، ووضع ابن عبّاسٍ، طرف الإبهام على باطن السّبّابة ثمّ رفعهما وقال: هذا النّقير.
*مناقشة الأقوال
الذي يظهر من الأقوال أن القول الأول هو الأقرب في هذا الموضع
قال ابن كثير: وهو النّقطة الّتي في النّواة، في قول ابن عبّاسٍ والأكثرين.
وهو الذي نسبه ابن عطية للجمهور
*والمعنى المراد في كل هذه الأقوال هو الكناية عن الغاية في الحقارة والقلة، ولذلك كان من المناسب أن يكون المراد هو القول الأول لأنه أقلها وأحقرها ولهذا اختاره الطبري بعد ذكر الأقوال الثلاثة.

==مسألة لغوية
=فائدة: إذا في القرآن لها ثلاث أحوال أن تتقدم فيجب إعمالها، وثانيها: أن تتوسط فجيب إلغاؤها، وثالثها: أن تسبق بالفاء أو "الواو" وهنا يجوز إعمالها وإلغاؤهم والقرآن على إلغاؤها.
ذكره ابن عطية.

=فائدة أخرى:
روى ابن وهب المصري عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد أن القطمير القشرة التي تكون على النواة، والنقير النقطة التي على ظهرها، والفتيل الذي في شق النواة) وروى نحوه عن عطاء

=============================================================================================

تفسير قوله تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا (54)}
==معنى قوله تعالى "أم يحسدون الناس"
أي: بل أيحسدون النّاس.

==مرجع الضمير في قوله تعالى "يحسدون"
اليهود، وقد ورد هذا عن مجاهد فيما رواه عنه ابن جرير الطبري عن عيس عن ابن أبي نجيح عنه. ورواه أيضا عن قتادة من طريق بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.

==ما المراد بالناس في هذا الموضع؟
قيل في المراد بهم قولين:
-أحدهما:
أن المراد النبي صلى الله عليه وسلم
قاله ابن عباس ومجاهد وعكرمة والسدي والضحاك.
فأما قول ابن عباس فرواه الطبري في تفسيره عن محمد بن سعد عن أبيه عن عمه عن أبيه عن أبيه عنه.
وأما قول مجاهد فرواه الطبري أيضا في تفسيره عن القاسم، عن الحسين، عن حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عنه.
وأما قول عكرمة فرواه الطبري أيضا في تفسيره عن أسباطٌ، عن هشيمٌ، عن خالدٍ، عنه.
وأما قول السدي فرواه الطبري في تفسيره عن محمّد بن الحسين، قال: حدّثني أحمد بن مفضّلٍ قال: حدّثنا أسباطٌ عنه.
وأما قول الضحاك فرواه الطبري في تفسيره عن الحسين بن الفرج، عن أبي معاذٍ، عن عبيد بن سليمان.
-والآخر:
أن المراد بالناس العرب.
روي هذا عن قتادة
وقد رواه عنه الطبري في تفسيره عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه.
*والذي جعله الطبري أولى بالصواب من القولين هو الأول وهذا لأن الكلام عليه في الآية هنا يكون معنى جديد وهو حسدهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وأما على القول الثاني فإن حسدهم يكون متوجه للمؤمنين وقد تقدم ذمهم عليه في الآيات السابقة لما قالوا لكفار قريش "هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا".

==المراد بالفضل في الآية [وقد يقال متعلق الحسد في الآية]
متعلق الحسد هنا مبني على المراد بالناس المذكور في المسألة السابقة
-فعلى القول الأول: فالحسد يكون منهم على النبي صلى الله عليه وسلم لما أوتي من الفضل واختلف فيه على تأويلين:
أولهما:
أنه ما آتاه الله من النبوة، وهذا قاله قتادة وابن جريج
وقد روى قول قتادة الطبري عن بشر بن معاذ عن يزيد عن سعيد عنه
وروى قول ابن جريج عن القاسم عن الحسين عن حجاج عنه.
والرد عليهم في الآية أنهم قد علموا أن النبوة في آل إبراهيم عليه السلام وهم أسلافهم فليحسدوهم كما يحسدونه.
وثانيهما:
أنه الزوجات حسدا لما أحلّ له منهنّ،
وقد قال بهذا ابن عباس والسدي
عن ابن عبّاسٍ: {أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله} الآية، وذلك أنّ أهل الكتاب قالوا: زعم محمّدٌ أنّه أوتي ما أوتي في تواضعٍ وله تسع نسوةٍ، ليس همّه إلاّ النّكاح، فأيّ ملكٍ أفضل من هذا؟ فقال اللّه: {أم يحسدون النّاس على ما آتاهم اللّه من فضله}. وتقدم تخريجه.
وكذا قول السدي فتقدم تخريجه أيضا.
والرد عليهم أنهم نالوا من النساء أكثر مما ناله النبي صلى الله عليه وسلم كما وقع لداود وسلميان عليهما السلام.
*وقد اختار الطبري منهما الأول وقال :( وليس النّكاح وتزويج النّساء، وإن كان من فضل اللّه جلّ ثناؤه الّذي أتاه عباده بتقريظٍ لهم ومدحٍ).
-وعلى القول الثاني: فالحسد منهم واقع على العرب والفضل هنا هو النبوة.

==المراد بالحكمة في الآية
هي الفهم في الدين وما يكون من الهدى مما لم ينص عليه الكتاب، ذكره ابن عطية.

=المراد بالملك.
المراد به ملك سليمان، قاله ابن عباس: وقال مجاهد: الملك العظيم في الآية هو النبوة، وقال همام بن الحارث وأبو مسلمة: هو التأييد بالملائكة.
ذكره ابن عطية ثم قال: (والأصوب أنه ملك سليمان أو أمر النساء في التأويل المتقدم).
==============================================================================================
تفسير قوله تعالى: {فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)}
==القراءات الواردة في الآية
قرأت فرقة: «صد» عنه بضم الصاد على بناء الفعل للمفعول ذكره ابن عطية.

==مرجع الضمير في قوله "به"
قيل: إنه يرجع إلى الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم. ذكره الزجاج، وابن كثير.
وقيل: أي بهذا الخبر عن سليمان وداود فيما أعطيا من النساء. ذكره الزجاج
وقيل: هو عائد على القرآن الذي في قوله تعالى: آمنوا بما نزّلنا مصدّقاً لما معكم من قبل أن نطمس وجوهاً" ذكره ابن عطية وقال إنه قول الجمهور..
وقيل: الضمير عائد على إبراهيم عليه السلام، وحكى مكي في ذلك قصصا ليست بالثابتة،
وقيل: هو عائد على الفضل الذي آتاه الله النبي عليه السلام، أو العرب على ما تقدم. وهو راجع للأول.

==معنى قوله تعالى: {وكفى بجهنم سعيرا}
المعنى: كفت جهنم شدة توقد ذكره الزجاج.
وقال ابن عطية " والسعير: شدة توقد النار، فهذا كناية عن شدة العذاب والعقوبة"


والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 20 شعبان 1441هـ/13-04-2020م, 10:41 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

تصحيحي لتطبيق علاء:
جزاك الله خيرا جهد واضح مبذول، إليك الملاحظات:
-الاهتمام بعلامات الترقيم.
-الاهتمام بمزيد من العناية والتهذيب في طريقة العرض.
-عزو الأقوال وتخريجها.
-الدقة في صياغة المسائل وعند تحريرها، فمثلا: معنى اللعنة (اللغوي) يختلف عن المراد بها، فتستحق بذلك مسألتين منفصلتين.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 20 شعبان 1441هـ/13-04-2020م, 02:05 PM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

قال الله تعالى :" ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء : 56]

§ علوم الآية

u مناسبة الآية لما قبلها:
بعدما ذكر الله عزوجل صفات الطغاة والمردة من بني إسرائيل وبين أفعالهم وصفاتهم؛ ذكر في هذه الآية ما يؤول حالهم يوم القيامة و ما ينتظرهم من عذاب لهم ولمن اتصف بفعلهم. ذكره عطية

u مقصد الآية
دوام عقوبة ونكال الكفار عموما واليهود خاصة في النار يوم القيامة؛ وفي ذلك تهديد ووعيد لهم

§ المسائل التفسيرية

u إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا
إن الذين جحدوا ما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من آيات تنزيله ووحي كتابه ؛ وهي آيات ودلائل و حجج دالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم.

u سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا
· معنى نصليهم : نُصليهم : بضم النون من الفعل "أصلى" ؛ و الفعل " أَصْلَى " : يحتمل أَن ْ تكونَ الهمزةُ فيه للدخول في الشيء ، فيتعدَّى لواحد ؛ كما أنه يحتمل أن تكونَ للتعديةِ ؛ فيتعدى إلى مفعولين؛ كما في الآية فالمفعول الأول الضمير "هم" ؛ والمفعول الثاني نارا .
وصَلِي كرضي إذا قاسى حرّ النار بشدّة ؛ و أصليت ومعناه قربت من النار وألقيت فيها
قال ابن سيده: صَلَى اللَّحمَ صَلْياً شَوَاهُ والصِّلاءُ الشِّواءُ صلَى اللَّحْمَ في النارِ وأصْلاَه أَلْقاهُ للاحْتِراقِ " اهـ
فــــــــــ "الصلي" يأتي على معنى مقاساة حر النار؛ وعلى معنى الدخول والاحتراق فيها
قال الشاعر: فَتَنَوَّرْتُ نَارَهَا مِنْ بَعيدٍ ... بِخَزَازَى هَيْهَاتَ مِنْك الصِّلاءُ
الصلاء مصدر صَلْيِ النَّار، وصَلِيَ بالنار يصلى صِلَىً وَصِلَاءً إذا احترق بها أو ناله حرّها.

وحملها الزجاج في هذا الموضع على الاحتراق قال : (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا) أي نَشْويهم في نار" ...واحتج لقوله بما روي.في الحديث أن يهودية أهدت إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شاة مَصْلِيَّة أي مشويَّةً.

ولعل مما يقوى ما ذهب إليه الزجاج لفظ "نضجت" ؛ فهو يدل على تمام الاحتراق ونهايته
وهذا يقتضى تمام دخولهم في النار حتى تصبح محيطة بهم فلا تترك لهم أي جزء من أجسادهم إلا وأحرقته لهذا قال ابن كثير :" أَيْ نُدْخِلُهُمْ نَارًا دُخُولًا يُحِيطُ بِجَمِيعِ أَجْرَامِهِمْ، وَأَجْزَائِهِمْ."

u كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا

· "كلما " ظرفُ زمانٍ يفيد التكرار، والعاملُ فيها " بَدَّلْناهم
وفي قوله " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْر" كناية أن عذابهم في النار مستمر دائم لا ينقطع

· معنى نضجت
النضج :بلوغ نهاية الشيء ؛ يقال : نضج الشِّواء إذا بلغ حدّ الشيّ ، ويقال : نضج الطبيخ إذا بلغ حدّ الطبخ.

· معنى نضجت جلودهم
احترقت فلغت نهاية الاحتراق ، فلم يبق فيها حياة وإحساس.

· المراد بتبديل الجلود
في المراد بالتبديل الجلود قولان:

الأول:
تبدل بجلود غيرها حقيقة.. ويكون معنى التبديل حقيقي : نزع شيء ووضع شيء آخر مكانه ؛ والمعنى كلما احترقت جلودهم وأكلتها النار وأفنتها جدد الله لهم جلوداً أخرى .وهو قول جماهير السلف: ابن عمر( 74) والضحاك ( 105) والحسن البصري (110) وقتادة ( 117) والسدي(127) والربيع بن أنس (139)و مقاتل(150) ويحي بن سلام (200) وهو اختيار الزجاج


قال مقاتل : { سوف نصليهم نارا كلما نضجت } ، يعني احترقت { جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } ، جددنا لهم جلودا غيرها ، وذلك أن النار إذا أكلت جلودهم بدلت كل يوم سبع مرات على مقدار كل يوم من أيام الدنيا.اهـ

قال يحيى بن سلام : بلغنا أنها تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد ، فيصيح الفؤاد فلا يريد الله أن تأكل أفئدتهم ، فإذا لم تجد شيئا تتعلق به منهم ، خبت ، أي سكنت ، ثم يعادون خلقا جديدا ، فتأكلهم كلما أعيد خلقهم. ..كما في تفسير ابن أبي زمنين
× وقد يعترض على هذا القول : كيف بدلت جلود التذت بالمعاصي بجلود ما التذت .

فيقال : أن الألم والعذاب يصل إلى النفس إلى الإنسان ؛أما الجلود فلا تألم في ذاتها؛ و إنما هي آلة في إيصال العذاب إليهم كما كانت آلة في إيصال اللذة ، وهم المعاقبون لا الجلود ؛ فالجلود تبدل ليذوقوا تجديد العذاب.

& تخريج الأقوال

قول عبد الله بن عمر
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوير عنه قال رضي الله عنه : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضا أمثال القراطيس .
قول الضحاك
رواه ابن المنذر من طريق جويبر عنه قال : تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم ، حتى تفضي النار
إلى العظام ، ويبدلون جلودا غيرها ، فيذيقهم الله شديد العذاب ، فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكفرهم بآيات الله .
قول الحسن
رواه ابن جرير من طريق هشام بن حسان عنه قال : تنضج النار كل يوم سبعين ألف جلد ، وغلظ جلد الكافر أربعون ذراعا ، والله أعلم بأيّ ذراع .
قول قتادة
رواه ابن جرير من طريق سعيد عنه قال كلما احترقت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها
قول السدي
ذكره الثعلبي والبغوي معلقا بدون إسناد
قال ( السدّيّ ) : إنما تبدل الجلود جلوداً غيرها من لحم الكافر ، يعيد الجلد لحماً ويخرج من اللحم جلداً آخر لم يبدّل بجلد لم يعمل خطيئة .
قول الربيع بن أنس
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر عنه قال سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأوّل أن جلد أحدهم أربعون ذراعا ، وسنّه سبعون ذراعا ، وبطنه لو وضع فيه جبل لوَسِعَهُ ، فإذا أكلت النار جلودهم بُدّلوا جلودا غيرها .

& توجيه القول

وجه هذا القول اللغة والنظر
-من جهة اللغة:أن حقيقة الإبدال :التنحية تنحية جسم وجعل مكانه جِسماً غيرَه، فالتبديل يقتضي المغايرة..؛ يقال : أبدَلْتُ الْخَاتم بالحلْقَة: إِذا نَحَّيْتَ هَذَا وَجعلت الحلقة مَكَانَهُ.
قال الله جلّ وعزّ: {فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي؛ قد أَزَال السيئاتِ وَجعل مَكَانهَا حسناتٍ
فالمراد بالتبديل تبديل الذوات ..تنحية ذات ووضع ذات أخرى مكانها ؛وهو بمعنى تجديد الجلود .
و قوله { غيرها } تأكيد لما دلّ عليه فعل التبديل
-من جهة النظر أن حقيقة العذاب واقع على الأنفس لا على الجلود ؛ بدليل قوله تعالى : { لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ }..فالعذاب واقع على الأنفس ومن قصَد تعذيب النفس لا يعذب الجلود .

الثاني:
وقيل المعنى هو إعادة نفس تلك الجلود بعينها التي كانت في الدنيا ؛ فالجلود لما تأكلها النار وتحترق يُعاد إنشاؤها مرة أخرى جلودا غير محترقة لتجدد العذاب عليهم ؛ و هكذا دأبا لا نهاية لها...ذكر هذا القول ابن جرير ولم ينسبه إلى أحد وكذا ذكره ابن عطية دون نسبة
لكن الذي يظهر-والله أعلم - أن هذا القول هو مقتضى كلام الحسن البصري
قال الحسن رحمه الله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } قال : تأكلهم كل يوم سبعين ألف مرّة كلّما أكلتهم فأنضجتهم قيل لهم : عودوا فيعودون كما كانوا .اهـ
فقوله عودوا فيعودون كما كانوا..يقتضى أن تلك الجلود هي التي رجعت إلى ما كانت عليه.؛ولم ينشئ جلودا أخرى.

& تخريج الأقوال
قول الحسن
رواه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هشام بن حسان عنه
وعبد بن حميد كما عند السيوطي

& توجيه القول:
وجه هذا القول اللغة والنظر
- من جهة اللغة أن المراد بالتبديل هو تبديل الصفات مع بقاء نفس الجوهر؛ كما تقول العرب : بدل من خاتمي هذا خاتماً وهي فضته بعينها ، و كما تقول أيضا : صغت من خاتمي خاتما غيره ، وإن كان الثاني إعادة للأول ؛ فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. وهذا المعنى معروف مستعمل في اللغة
-من جهة النظر أن هذا المعنى يشبه إعادة النفس بعدما صارت ترابها لا شيء ثم الله يحييها هي لا غيرها ؛ فكذلك هنا الجلد الجديد هو الجلد الأول ولكنه إذا أحرق أعيد إلى الحال الأول

الثالث :
أن المراد بالجلود في هذا الموضع : سرابيلهم ، أي جعلت السرابيل القطران لهم جلودا
والمعنى بدلناهم سرابيل من قطران غيرها .ذكره بن جرير ولم يسنده إلى أحد ونسبه الثعلبي والبغوي إلى عبد العزيز بن يحي .

-قال عبد العزيز بن يحيى : إن الله عز وجل يلبس أهل النار جلوداً لا تألم ، فيكون زيادة عذاب عليهم ، كلما احترق جلد بدلهم جلداً غيره . كما قال : { سرابيلهم من قطران } [ إبراهيم :50 ] فالسرابيل تؤلمهم وهي لا تألم .اهـ
--وتعقب ابن كثير هذا القول بقوله: "وهو ضعيف لأنه خلاف الظاهر"

& توجيه القول

ووجه هذا القول اللغة والنظر
- من جهة اللغة ؛يقال للشيء الخاصّ بالإنسان : هو جلدة ما بين عينيه ووجهه لخصوصه به . قالوا : فكذلك سرابيل القطران التي قال الله في كتابه : { سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النّارُ } لما صارت لهم لباسا لا تفارق أجسامهم جُعلت لهم جلودا ، فقيل : كلما اشتعل القطران في أجسامهم واحترق بدّلوا سرابيل من قطران آخر .

-و أما من جهة النظر ؛ أن الكفار أهل النار لا يلحقهم فناء ولا يتوقف عليهم العذاب بل ولا يخفف عنهم؛ فلو كانت جلودهم تبدل بعد احتراقها للزم من ذلك فناء تلك الجلود من حال احتراقها إلى إعادتها وفي ذلك راحة لهم وقد أخبر الله تعالى : لا يخفف عنهم العذاب .
كما يلزم أيضا أنه إذا كان الفناء جائزا على الجلود ؛جاز ذلك في جميع الأجزاء، وإذا جاز ذلك وجب أن يكون جائزا عليهم الفناء ثم الإعادة والموت ثم الإحياء ، وقد أخبر الله عنهم أنهم لا يموتون
فقالوا : وفي خبره عنهم أنهم لا يموتون دليل واضح أنه لا يموت شيء من أجزاء أجسامهم ، والجلود أحد تلك الأجزاء .
فلهذا كله قال أن يُكسون سرابيل من قطران يعذبون بها .

النقاش:
-يستعبد القول الثالث لأنه يخالف ظاهر اللفظ كما ذكر ذلك ابن كثير؛ فالجلود لا يطلق عليه السرابيل
يبقى القول الأول والثاني هما محل النظر والبحث ؛وكلاهما تحتمله الآية.
فلفظ التبديل يطلق على تغير الجوهر الشيء كما أنه يطلق على تغيير الصفات مع بقاء الجوهر .

جاء في تهذيب اللغة
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحقيقتُه أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورَة إِلَى صُورَة أُخْرَى، والجوهرةُ بِعَينهَا، والإبدال تَنْحِيَةُ الْجَوْهَرَة واستئنافُ جَوْهَرَة أُخْرَى..اهـ
وكذا لفظ " غير " يطلق على ضربين : غير تضاد و تناف ، وغير تبديل.
فكلا القولين محتمل ؛ وكأن في عبارة السدي جمع بين القولين
قال السدي: إنما تبدل الجلود جلوداً غيرها من لحم الكافر ، يعيد الجلد لحماً ويخرج من اللحم جلداً آخر لم يبدّل بجلد لم يعمل خطيئة.اهـ

تبدل الجلود المحترقة إلى جلود أخرى ناشئة من لحم الكافر ؛ فهي ناشئة عن الجلد الأول وليس جديدة خارجة عن طبيعة وحقيقة الجلد الأول

قال ابن عاشور في بيان هذا المعنى وتعليله : ولأنّه ناشىء -يقصد الجلد الجديد - عن الجلد الأوّل كما أنّ إعادة الأجسام في الحشر بعد اضمحلالها لا يوجب أن تكون أناساً غير الذين استحقّوا الثواب والعقاب لأنّها لمّا أُودعت النفوسَ التي اكتسبت الخيرَ والشرّ فقد صارت هي هي ولا سيما إذا كانت إعادتها عن إنبات من أعجاب الأذناب ، حسبما ورد به الأثر ، لأنّ الناشىء عن الشيء هو منه كالنخلة من النواة .اهـ
فيكون الجلد الجديد ليس هو عين الأول لكن ناشي عن الأول ؛ أو ناشئ من لحم الكافر ؛ ولا يستبعد هذا عن قدرة الله عزوجل.


u لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ

· معنى اللام
اللام للتعليل ؛تعليل لقوله "بدلناهم " .
وقوله "ليذوقوا العذاب" أي ليدوم لهم ذوق العذاب ولا ينقطع إلا فهم ذائقون مستمرون عليه.

· دلالة التعبير بالفعل "ذاق"
وعبر بالفعل " يذوقوا" الذي يدل على إدراك شيء يسير من المذوق ؛ والحال أنهم في أشد العذاب وأعظمه كما أخبر الله تعالى ؛ وذلك لبيان أن إحساسهم بالعذاب مستمر في كل حال وحين لا ينقص ولا يزول بسبب الاحتراق ..ذكره الرازي

· الحكمة من تبديل الجلود
- الجلد مركز الإحساس ؛ موصل إحساس العذاب إلى النفس ؛فلو لم يبدّل الجلد بعد احتراقه لما أمكن وصول عذاب النار إلى النفس. وهذا معروف مشاهد في طبيعة خلقة الناس ؛ لما يموت أو يخدر الجلد يصبح فاقد الإحساس؛ فلا يشعر به صاحبه؛ فمهما أوذي في ذلك الموضع أو ضرب لا يشعر بألم . لهذا قبل إجراء العلمية الجراحية للعبد يخدر المكان أو الجزء المريض المراد علاجه

u إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا
· معنى عزيز حكيما
-عزيزا في نقمته إذا انتقم قاله أبو العالية ومقاتل.
أخرج قول أبي العالية ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه
عزيزا في نصرته ممن كفر إذا شاء قاله محمد ابن إسحاق
أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سلمة عنه
حكيما " حكم لهم بالنار قاله مقاتل

مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة
. وحسن ذكر صفتي العزة والحكم بعد ذكر عذاب أهل الكفار المكذبين بآيات الله ؛لبيان أن الله لا يغالبه مغالب إلا غلبه الله ، وهو مع ذلك لا يفعل شيئاً إلا بحكمة وإصابة ، لا إله إلا هو تبارك وتعالى . فكأن فيه رد عن سؤال: كيف يقع العذاب ؛أو كيف يعذب الله الكفار ؛ أو كيف يمكن بقاء الإنسان في النار الشديدة الحرارة أبد الآباد ؛فيقال : أن الله قادر عليهم وهم تحت قبضته لا يعجزه أمرهم ؛ و أن ما يصيبهم من العذاب هو لحكمة أرادها سبحانه وتعالى
-قال ابن عاشور:" فالعزّة يتأتى بها تمام القدرة في عقوبة المجترىء على الله ، والحكمة يتأتّى بها تلك الكيفية في إصلائهم النار.اهـ


قال الله تعالى :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا) [النساء : 57]

§ علوم الآية

u مناسبة الآية لما قبلها
-لما ذكر الله وعيد الكفار، عقب بوعد المؤمنين بالجنة على الإيمان والأعمال الصالحة.

u وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
الذين أمنوا بالله عزوجل وبرسوله وبكل ما يجب الإيمان به من آياته الشرعية والكونية وغير ذلك ؛ وعملوا الأعمال الصالحات تقربا إلى الله عزوجل امتثالا لأمر واجتنابا لنهيه

u سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

· تجري من تحتها الأنهار
تجري من تحتها الأنهار أيتجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء.
وهذه الأنهار تجري في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاؤوا وأين أرادوا .

· خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
خلود أبدي سرمدي ؛ أي نعيم الجنة دائم مستمر لا انقطاع له أبدا ؛ وهم خالدون فيها باقون لا يموتون و لا يحولون عنها ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا . فنعيم الجنة خالد أبدا وهو خالدون أبدا

u لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا
· المراد ب أزواج مطهرة
في المراد بمطهرة قولان : مطهرة طهارة حسية و مطهرة طهارة معنوية
- 1 طهارة حسية
وفي تعين متعلق الطهارة أقول :
أولا :مطهرة من القذر والأذى وهو قول ابن عباس(68)

& التخريج
رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .
ثانيا: مطهرة من الحيض والبول والنخام والبزاق والمني والولد . وهو قول مجاهد وروى عن عطاء والحسن والضحاك ، والنخعي وأبي صالح ، وعطية والسدي نحو قول ابن عباس .

& التخريج
قول مجاهد رواه ابن المنذر و ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
و أما باقي الأقوال فقد ذكرها ابن أبي حاتم معلقة بدون سند
الثالث مطهرة من الأذى والمآثم.وهو قول قتادة

& التخريج
قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد وأبان عن قتادة به
الرابع مطهرة : ولا حيض ولا كلف .وهو قول قتادة

& التخريج
قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم من طريق خليد عن قتادة به
.
. -2 طهارة معنوية
مطهرة من الأخلاق الرذيلة ، والصفات الناقصة . ذكره ابن كثير
ويدخل فيه الطهارة من الذنوب والمآثم كمال قال قتادة
روى ابن أبي حاتم بسنده من سعيد وأبان ، عن قتادة { لهم فيها أزواج مطهرة } قيل : مطهرة من الأذى والمآثم .

الترجيح
وجميع هذه الأقوال متفقة لا تبان بينها فنساء الجنة مطهرة من جميع أقذار الدنيا و عيوبها ونقائصها المعنوية الحسية

u وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا

· معنى الظل
الظِّلُ: عتَمَةٌ تَغْشَى مكانًا حَجَبَ عنه أَشِعَّةً ضوئيّةً حاجزٌ غيرُ شفَّاف.

· معنى ظليل
ظليل نعت للظل وهو مشتق من لفظه ؛ لتوكيد معناه و للدلالة على المبالغة ؛ وهو أسلوب عربي مشهور يأتون بالوصف بلفظ الموصوف لتأكيد الموصوف.

قد يأتون هذا الوصف بوزن فعيل : كما هنا ، وقولهم : داء دويُّ ، ويأتون به بوزن أفْعل : كقولهم : لَيْلٌ ألْيَل ؛ ويَوْم أيْوَم ، ويأتون بوزن فَاعل : كقولهم شمس شامس شِعْر شاعر ، ونَصَب نَاصِب وكل ذلك مبالغة في الوصف
قال ابن عاشور :" ووصف بالظليل وصفاً مشتقّاً من اسم الموصوف للدلالة على بلوغه الغاية في جنسه .اهـ
وقال أبو مسلم كما عند أبي حيان :" الظليل : هو القوي المتمكن .

· المراد بالظل الظليل
في ذلك أقوال:

1-ظل ظليل أي؛ يقي الحر والبرد و هو اختيار الزجاج .

قال الزجاج :" أعلم الله - عزَّ وجلَّ - أن ظِل أهل الجنَّة ظليل لا حَرَّ مَعَه ولا بَرْدَ" ..وقال أيضا :"وليس كل ظل كذلك."
2-ظل ظليل أي ؛ ظل دائم لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، وهو قول الحسن البصري

&تخريج القول
قول الحسن البصري ذكره يحي بن سلام كما في تفسير ابن أبي زمنين.

3- ظل ظليل أي؛ ظل ممدود ؛ فوصف بظليل لامتداده ذكره ابن عطية دون نسبة لأحد

& توجيه القول
واحتج له ابن عطية بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعها» .رواه أحمد
4- ظل ظليل أي كثيف؛لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك.. وهو قول الحسن كما عند القرطبي
وعبر عنه وعبر عنه ابن جرير بقوله :" وندخلهم ظلا كَنينًا".
5- وقيل هو ظل عرش الرحمان الذي لا يزول وهو قول الربيع ابن أنس

& تخريج القول
روى ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر عن الربيع بن أنس في قوله { وندخلهم ظلا ظليلا } قال : هو ظل العرش الذي لا يزول .

& توجيه القول:
ولعل وجه هذا القول :
- أن العرش هو أعلى المخلوقات وأرفعها، وكل المخلوقات دونه، وهو سقف الجنة؛ كما ثبت ذلك نصوص السنة فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..: (فإذا سألتُم الله، فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة ) رواه البخاري

- و ثبت أيضا أن للعرش ظل
كمال جاء في الحديث عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ). رواه أحمد غيره والحديث صحيح صححه جمع من أهل العلم
وحديث:"( من نَفَّسَ عن غريمه أو محا عنه؛ كان في ظل العرش يوم القيامة) رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في ((صحيح الجامع))
- قال الذهبي في ((العلو)): (بلغ في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر) اهـ.
- والأمر الآخر أن ظل الجنة لا يفنى ولا يبيد؛ لعدم فناء الجنة ؛ و كذلك العرش باق لا يفنى ولا يبيد لهذا قال الربيع ظل العرش الذي لا يزول.
- وأيضا لما ثبت لعرش الرحمان من صفات المجد والكرم والعظمة فكانت صفاته بالغة الحسن والكمال ؛ فيكون ظله كذلك هو أكمل الظل و أحسنه وأدومه.

فإذا كان للعرش ظل وهو سقف الجنة أمكن أن يكون الظل الذي في الجنة هو ظل العرش – والعلم عند الله-

وقد يكون مراد الربيع بظل العرش ؛ الظل الذي يكون يوم القيامة في أرض المحشر يوم تدنو الشمس على رؤوس الخلائق
حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ؛ فإن الله يضل من يشاء من عباده بظل عرشه.
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)
وفي رواية "عند سعيد بن منصور (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه..))
لكن هذا يشكل عليه أمور من أهمها أن الحديث وارد في أناس اتصفوا بخصال مخصوصة ؛ فهؤلاء الذين استحقوا أن يظلهم الله ؛ أما الآية فهي عامة في كل من أمن وعمل صالحا.

الترجيح
ومما سبق ذكره من الأقوال في المراد بالظل الظليل كلها معاني صحيحة ؛ لا تعارض بينها وهى بمجموعها تعطي وصفا جامعا للظل الجنة ؛ وأنه قد بلغ الغاية والكمال فيما يدل عليه معنى الظل


× فالعبد يتطلب الظل لما فيه من اعتدل الجو وهذا مقتضى من قال ظل ظليل: أي لا حر ولا بارد وهذا لبلوغ كمال ونهاية اعتداله.فلا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم

×و يطلب الظل أيضا إذا كان دائما بحيث لا يخاف زواله وانحلاله ونسخ الشمس له ؛ وهذا مقتضى من قال ظل ظليل أي دائم و هذا لبلوغ الغاية والكمال في دوامه.

× ويطلب الظل أيضا إذا كان متصلاً لا فرج فيه وهذا مقتضى من قال ظل ظليل: أي كثيف غزير و هذا لبلوغ الغاية والكمال في اتصاله وكثافته وتراكم بعضه على بعض

× ويطلب الظل إذا كان منبسطاً لا ضيق معه وهذا مقتضى من قال ظل ظليل أي ممدود وذلك بلوغ الغاية والكمال في امتداده

فظل الجنة لا يزول. فهو لا ينسخ، ولا ينسلخ، ولا يضمحل، ولا يتدرج، بل هو دائم
لهذا كانت عبارات بعض المفسرين جامعة لهذه المعاني كلها

قال الراغب في المفردات : وظِلٌّ ظَلِيلٌ: فائض. اهـ.
أي فاض هذا الظل في صفاته؛ زادت صفاته حتى بلغت نهايتها وغايتها ؛ كما يقال فاضت صفات الرجل المحمودة ؛ أي عمت عليه وبلغت غايته حتى أصبح لا يكاد يظهر للصفات المذمومة عين.

قال الزمخشري :" وهو ما كان فينانا لا جوب فيه ، ودائماً لا تنسخه الشمس ، وسجسجاً لا حرّ فيه ولا برد ، وليس ذلك إلا ظل الجنة ."اهـ

وقال ابن كثير :" ظَلَّا عَمِيقًا كَثِيرًا غَزِيرًا طَيِّبًا أَنِيقًا.


وإذا ثبت قول الربيع ابن أنس يكون ظل الجنة هو ظل العرش ؛ و ظل العرش بلغ الحسن غايته وكماله؛ لما للعرش من صفات الجلال والجمال والعظمة والكرم والمجد وهو بالغ حسنى غايته ؛ وهو دائم لا يفنى ولا يبيد فكذلك ظله دائم لا يفنى ولا يبيد
نسأل الله أن يجعلنا من أهلها السابقين مع النبيين والصدّيقين .

.
u وجه الاقتصار على لذة الجنة و لذة النساء في بيان نعيم الآخرة
قال ابن عاشور:واقتصر من نعيم الآخرة على لذّة الجنّات والأزواج الصالحات ، لأنّهما أحبّ اللذّات المتعارفة للسامعين ، فالزوجة الصالحة آنس شيء للإنسان ، والجنّات مَحّل النعيم وحُسن المنظر "اهـ

u وجه المنة والنعمة بذكر الظل الظليل
ما وجه المنة التي يمتن الله بها على عباده بذكر ظلال الجنة ؛ وفي الجنة نور و لا شمس فيها
يقال أن العبد إذا كان داخل النور ؛والنور محاط به من كل جوانبه لا يقدر على التميز في النظر والتمتع بالأنوار ؛ لكن إذا كان في ظل تميز النور عن الظل فتمتع بالنظر إلى الأنوار.
وهذا أمر مشاهد في الدنيا فنحن نتمتع بالنظر إلى القمر و لا نتمتع بالنظر إلى الشمس وليس ذلك إلا بسبب الظل الذي يكون مع القمر و لا يكون مع الشمس..
وكذلك أهل الجنة يجدون تمتعا بالنظر إلى الأنوار ولا يحصل لهم ذلك إلا بوجود الظل...

والله أعلم






رد مع اقتباس
  #8  
قديم 15 ذو القعدة 1441هـ/5-07-2020م, 03:59 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم مجلس مذاكرة القسم الثامن من تفسير سورة النساء من الآية 51 إلى الآية 59


الآيات (51 - 55):
علاء عبد الفتاح أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- ذكرت مسألة "متعلّق العلم الذي أوتوه" ولم يجر للعلم ذكر في الآية، فصغ المسألة بما يناسب ألفاظ الآية نفسها.
- في بيان المراد بالجبت والطاغوت قلت: "وقيل المراد بالجبت: الساحر، والطّاغوت: الكاهن، قاله سعيد بن جبير ورفيع وأبي العالية."
ثم ذكرت ثلاثة تخريجات، هل هي للرواة الثلاثة؟ لأنك لم تشر إلى أي منهم في التخريج.
- مرجع اسم الإشارة {هؤلاء} هم الكفار، فاليهود قالوا إن الكفار أهدى من المؤمنين.
- قلت تعقيبا على أن الله تعالى آتى آل إبراهيم الكتاب والحكم والنبوّة: "والرد عليهم في الآية أنهم قد علموا أن النبوة في آل إبراهيم عليه السلام وهم أسلافهم فليحسدوهم كما يحسدونه."، وليس المقصود أن يؤمروا بحسد آل إبراهيم، وإنما يقال لهم: إنكم أعطيتم مثل ما أعطوا، فما الدافع لحسدكم إياهم؟ فهو إنكار عليهم.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 ذو الحجة 1441هـ/28-07-2020م, 01:29 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
تلخيص مسائل تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56) وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)}
القراءات في الآية:
-القراءة المشهورة نصليهم بضم النون من أصليت، وقرأ حميد «نصليهم» بفتح النون من صليت، وقرأ سلام ويعقوب «نصليهم» بضم الهاء. ذكره ابن عطية.
معنى "نصليهم":
معنى التصلية يحتمل -كما ذكر ابن عطية- التقريب من النار والإلقاء فيها والشوي:
-فمن قرأها بضم النون من "أصليت", كان بمعنى التقريب والإلقاء.
-ومن قرأها بفتح النون كان بمعنى شويت.
مع التنبيه على أن الزجاج ذكر أنها بمعنى الشوي دون أن يفصل في أثر القراءات على المعنى, وابن كثير ذكر أن معنى التصلية يدل على شمول العذاب وإحاطته بصاحبه. [قول ابن كثير هو في دلالة استعمال الفعل " نصليهم " لا في معناه، فمن لازم الشيِّ أن تحيط بهم النار من جميع الجوانب]
في قوله "بدلناهم جلودا غيرها" عدة مسائل واستشكالات طرحت في ثنايا التفسير, فمسألة تبديل الجلود تعرض السلف لها من عدة زوايا:
من حيث عدد مرات التبديل:
-فذكر أنها تبدل عليهم في اليوم سبعين ألف مرة, قاله الحسن بن أبي الحسن. وذكره ابن عطية وابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتمٍ من طريق هشام، عنه.
-وذكر أنه يجعل للكافر مائة جلدٍ، بين كلّ جلدين لونٌ من العذاب. قاله يحيى بن يزيد الحضرمي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتمٍ عن زكريّا بن داود بن بكرٍ أبو يحيى الخفّاف النّيسابوريّ، عن يحيى بن يحيى، أنبأ عبد اللّه بن وهبٍ، عن عمر بن خالدٍ المعافريّ، عنه.
- وذكر: أنها تبدّل في ساعةٍ مائة مرّةٍ. قاله معاذ بن جبل, وذكر عمر سماعه عن النبي, وذكره ابن كثير, ورواه ابن أبي حاتم وابن مردويه -من وجه آخر بلفظ آخر- من طريق نافعٌ، مولى يوسف السّلميّ البصريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر.
-وذكر: أنها تبدل في ساعة مئة وعشرين مرة. ذكره كعب, وأكد عمر على سماعه عن النبي, ورواه ابن مردويه من الطريق المذكور آنفا. وذكره ابن كثير.
ومنهم من تعرض لوصف الجلد البديل, فمنهم من:
-وصفه بأنه أبيض كالقراطيس, كابن عمر. ذكره ابن عطية وابن كثير, ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن ثوير عن ابن عمر.
-ومنهم من ذكر أنه سرابيل القطران, سميت جلودا للزومها فصارت كالجلود. حكاه الطبري وذكره ابن عطية وابن كثير, وضعفه, لأنه خلاف الظاهر.
ومنهم من تعرض لمسألة: هل الجلد المستبدل جلد جديد, أم أنه نفس جلد المعذب يتجدد؟
-القول الأول: تبدل عليهم جلود غيرها. ذكره الزجاج وابن عطية.
وقد يرد استشكال على هذا القول: كيف يبدل الله جلد العاصي بجلد آخر غير عاصي فيعذبه؟
-وجوابه: أن نفوسهم هي المعذبة والجلود لا تألم في ذاتها، فإنها تبدل ليذوقوا تجديد العذاب. ذكره الزجاج وابن عطية.
-والقول الثاني: «تبديل الجلود» هو إعادة ذلك الجلد بعينه الذي كان في الدنيا، تأكله النار ويعيده الله دأبا لتجدد العذاب، وإنما سماه «تبديلا»، لأن أوصافه تتغير ثم يعاد، كما تقول: بدل من خاتمي هذا خاتما وهي فضته بعينها، وكما أنشأ الله الجلد بعد البعث, فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. ذكره الزجاج وابن عطية.
ومنهم من استشهد بصحة هذا المعنى, فقد قال الرّبيع بن أنسٍ: مكتوبٌ في الكتاب الأوّل أنّ جلد أحدهم أربعون ذراعًا، وسنّه تسعون ذراعًا، وبطنه لو وضع فيه جبلٌ لوسعه، فإذا أكلت النّار جلودهم بدّلوا جلودًا غيرها. ذكره ابن كثير. ورواه الطبري وابن أبي حاتم من طريق ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عنه.
مسألة: ما هو مدلول "كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب":
-تفيد الآية الإخبار عن دوام عقوبتهم ونكالهم. ذكره ابن كثير. [هذه فائدة أداة الشرط "كلما"]
معنى "ليذوقوا العذاب": [هذه والله أعلم في بيان معنى التعليل في قوله " ليذوقوا العذاب " وهنا رد على من قال بأن التعذيب للروح لا للجسد أو للجلد، فالله عز وجل علل تبديل الجلود، حتى يذوقوا العذاب ويشعروا بالألم، ذلك أن الجلد هو عضو الإحساس في الجسم فإذا احترق بشكل كامل يقل شعور العذاب لديهم، وهذا من الإعجاز العلمي في الآية.
ولبحث المسألة ستحتاجين البحث عن معنى اللام في قوله " ليذوقوا " ]

-أي: ليبلغ في ألمهم. ذكره الزجاج.
معنى الـ"عزيز":
-البالغ إرادته، الذي لا يغلبه شي. ذكره الزجاج وابن عطية.
متعلق الحكمة:
-تدبيره سبحانه. ذكره الزجاج.
مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة:
- لأن ّ الملحدين ربما سألوا عن العذاب كيف وقع؟ فأعلم الله عزّ وجلّ أن جميع ما فعله بحكمة, وأنه عزيز لا يغلبه شيء. حاصل ما ذكره الزجاج وابن عطية. [والأمر ليس محصورًا في شأن الملحدين]

تفسير قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)}
القراءات في الآية:
-قرأ ابن وثاب والنخعي، «سيدخلهم» بالياء وكذلك «يدخلهم» بعد ذلك. ذكره ابن عطية.
مناسبة الآية لما قبلها:
-لما ذكر الله عقاب الكافرين, ناسب أن يعقب بجزاء المؤمنين ونعيمهم. ذكره ابن عطية.
ما معنى "تجري من تحتها الأنهار"؟
-أي: تجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء. ذكره الزجاج.
متعلق الطهر في الآية:
-من الحيض والنّفاس والأذى. والأخلاق الرّذيلة، والصّفات النّاقصة، كما قال ابن عبّاسٍ: مطهّرةٌ من الأقذار والأذى. وكذا قال عطاءٌ، والحسن، والضّحّاك، والنّخعيّ، وأبو صالحٍ، وعطيّة، والسّدّيّ. وذكره ابن كثير.
قول ابن عباس رواه ابن أبي حاتم قال: حدثنا أبي ثنا أبو صالحٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عباس, وذكر قوله. [قول ابن عباس " الأقذار والأذى، وكلمة الأذى وإن كانت مفهومها عام يشمل المعنى الحسي والمعنوي، لكن لا نعرف نص أقوال بقية الرجال الذين نسب إليهم ابن أبي حاتم نحو هذا القول، لذا الأولى عند حكاية الأقوال أن تذكري نص قول الصحابي أو التابعي وليس القول المستخرج منه، أعني ما وضعت تحته خط]
ثم ذكر بعد ذلك موافقة بقية القائلين لابن عباس ولم يسند.
-وقال مجاهدٌ: مطهّرةٌ من البول والحيض والنّخام والبزاق والمنيّ والولد. رواه ابن المبارك عن ابن جريج، عنه. وذكره ابن كثير. [في أي كتاب روى ابن المبارك هذا الأثر؟]
-وقال قتادة: مطهّرةٌ من الأذى والمآثم ولا حيض ولا كلف. رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن الصّبّاح، ثنا عبد الوهّاب بن عطاءٍ، عن سعيدٍ وأبان، عنه. وذكره ابن كثير.
فيكون حاصل الأقوال أنها مطهرة من الريب والأقذار التي هي معهودات في الدنيا, حسية كانت أو معنوية. حاصل ما ذكره ابن عطية وابن كثير.
متعلق الظل في الآية:
-يظل من الريح والحر. ذكره الزجاج وابن عطية.
ما يفيده تأكيد الظل بكونه "ظليلا":
-لأنه ليس كل ظل يظل. ذكره الزجاج.
-أنه ظل لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، فأكده بقوله ظليلًا لذلك. ذكره ابن عطية.
-ويصح أن يصفه بظليل لامتداده. قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن بشّارٍ، حدّثنا عبد الرّحمن -وحدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا ابن جعفرٍ -قالا حدّثنا شعبة قال: سمعت أبا الضّحّاك يحدّث، عن أبي هريرة, عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعه". ذكره ابن عطية وابن كثير.
-أنه يفيد كونه ظلّا عميقًا كثيرًا غزيرًا طيّبًا أنيقًا. ذكره ابن كثير.
بارك الله فيكِ، ونفع بكِ حيثما حللتِ.من المسائل التي فاتتكِ :
- مناسبة الآية لما قبلها
- المراد بالذين كفروا
ملحوظات أخرى:
- معنى " نُصليهم " ومن الجيد هنا أن تذكري ما استشهد به الزجاج وابن عطية من حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفيه شاةٌ مصلية، والمعنى مشوية.
- يمكنكِ تخصيص مسألة للمراد بالجلود) أنها على الحقيقة أو سرابيل القطران
عند التخريج، اجتهدي في البحث في بقية المصادر، لتعيين الطريق، واجتهدي في تحسين عرض تلخيصكِ.
التقويم: أ
بارك الله فيكِ ونفع بك.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 8 ذو الحجة 1441هـ/28-07-2020م, 01:46 AM
هيئة التصحيح 11 هيئة التصحيح 11 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Jan 2016
المشاركات: 2,525
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عقيلة زيان مشاهدة المشاركة
قال الله تعالى :" ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء : 56]

§ علوم الآية

u مناسبة الآية لما قبلها:
بعدما ذكر الله عزوجل صفات الطغاة والمردة من بني إسرائيل وبين أفعالهم وصفاتهم؛ ذكر في هذه الآية ما يؤول حالهم يوم القيامة و ما ينتظرهم من عذاب لهم ولمن اتصف بفعلهم. ذكره عطية

u مقصد الآية
دوام عقوبة ونكال الكفار عموما واليهود خاصة في النار يوم القيامة؛ وفي ذلك تهديد ووعيد لهم

§ المسائل التفسيرية

u إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا
[حبذا لو قلتِ: المراد بالذين كفروا، المراد بالآيات]
إن الذين جحدوا ما أنزل الله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم من آيات تنزيله ووحي كتابه ؛ وهي آيات ودلائل و حجج دالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم.

u سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا
· معنى نصليهم : نُصليهم : بضم النون من الفعل "أصلى" ؛ و الفعل " أَصْلَى " : يحتمل أَن ْ تكونَ الهمزةُ فيه للدخول في الشيء ، فيتعدَّى لواحد ؛ كما أنه يحتمل أن تكونَ للتعديةِ ؛ فيتعدى إلى مفعولين؛ كما في الآية فالمفعول الأول الضمير "هم" ؛ والمفعول الثاني نارا .
وصَلِي كرضي إذا قاسى حرّ النار بشدّة ؛ و أصليت ومعناه قربت من النار وألقيت فيها
قال ابن سيده: صَلَى اللَّحمَ صَلْياً شَوَاهُ والصِّلاءُ الشِّواءُ صلَى اللَّحْمَ في النارِ وأصْلاَه أَلْقاهُ للاحْتِراقِ " اهـ
فــــــــــ "الصلي" يأتي على معنى مقاساة حر النار؛ وعلى معنى الدخول والاحتراق فيها
قال الشاعر: فَتَنَوَّرْتُ نَارَهَا مِنْ بَعيدٍ ... بِخَزَازَى هَيْهَاتَ مِنْك الصِّلاءُ
الصلاء مصدر صَلْيِ النَّار، وصَلِيَ بالنار يصلى صِلَىً وَصِلَاءً إذا احترق بها أو ناله حرّها.

وحملها الزجاج في هذا الموضع على الاحتراق قال : (سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا) أي نَشْويهم في نار" ...واحتج لقوله بما روي.في الحديث أن يهودية أهدت إِلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شاة مَصْلِيَّة أي مشويَّةً.

ولعل مما يقوى ما ذهب إليه الزجاج لفظ "نضجت" ؛ فهو يدل على تمام الاحتراق ونهايته
وهذا يقتضى تمام دخولهم في النار حتى تصبح محيطة بهم فلا تترك لهم أي جزء من أجسادهم إلا وأحرقته لهذا قال ابن كثير :" أَيْ نُدْخِلُهُمْ نَارًا دُخُولًا يُحِيطُ بِجَمِيعِ أَجْرَامِهِمْ، وَأَجْزَائِهِمْ."

u كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا

· "كلما " ظرفُ زمانٍ [متضمن معنى الشرط] يفيد التكرار، والعاملُ فيها " بَدَّلْناهم
وفي قوله " كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْر" كناية أن عذابهم في النار مستمر دائم لا ينقطع

· معنى نضجت
النضج :بلوغ نهاية الشيء ؛ يقال : نضج الشِّواء إذا بلغ حدّ الشيّ ، ويقال : نضج الطبيخ إذا بلغ حدّ الطبخ.

· معنى نضجت جلودهم
احترقت فلغت نهاية الاحتراق ، فلم يبق فيها حياة وإحساس.

· المراد بتبديل الجلود
في المراد بالتبديل الجلود قولان:

الأول:
تبدل بجلود غيرها حقيقة.. ويكون معنى التبديل حقيقي : نزع شيء ووضع شيء آخر مكانه ؛ والمعنى كلما احترقت جلودهم وأكلتها النار وأفنتها جدد الله لهم جلوداً أخرى .وهو قول جماهير السلف: ابن عمر( 74) والضحاك ( 105) والحسن البصري (110) وقتادة ( 117) والسدي(127) والربيع بن أنس (139)و مقاتل(150) ويحي بن سلام (200) وهو اختيار الزجاج [لا أفهم ما معنى هذه الأرقام؟]


قال مقاتل : { سوف نصليهم نارا كلما نضجت } ، يعني احترقت { جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } ، جددنا لهم جلودا غيرها ، وذلك أن النار إذا أكلت جلودهم بدلت كل يوم سبع مرات على مقدار كل يوم من أيام الدنيا.اهـ

قال يحيى بن سلام : بلغنا أنها تأكل كل شيء حتى تنتهي إلى الفؤاد ، فيصيح الفؤاد فلا يريد الله أن تأكل أفئدتهم ، فإذا لم تجد شيئا تتعلق به منهم ، خبت ، أي سكنت ، ثم يعادون خلقا جديدا ، فتأكلهم كلما أعيد خلقهم. ..كما في تفسير ابن أبي زمنين
× وقد يعترض على هذا القول : كيف بدلت جلود التذت بالمعاصي بجلود ما التذت .

فيقال : أن الألم والعذاب يصل إلى النفس إلى الإنسان ؛أما الجلود فلا تألم في ذاتها؛ و إنما هي آلة في إيصال العذاب إليهم كما كانت آلة في إيصال اللذة ، وهم المعاقبون لا الجلود ؛ فالجلود تبدل ليذوقوا تجديد العذاب.

& تخريج الأقوال

قول عبد الله بن عمر
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوير عنه قال رضي الله عنه : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضا أمثال القراطيس .
قول الضحاك
رواه ابن المنذر من طريق جويبر عنه قال : تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن اللحم ، حتى تفضي النار
إلى العظام ، ويبدلون جلودا غيرها ، فيذيقهم الله شديد العذاب ، فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكفرهم بآيات الله .
قول الحسن
رواه ابن جرير من طريق هشام بن حسان عنه قال : تنضج النار كل يوم سبعين ألف جلد ، وغلظ جلد الكافر أربعون ذراعا ، والله أعلم بأيّ ذراع .
قول قتادة
رواه ابن جرير من طريق سعيد عنه قال كلما احترقت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها
قول السدي
ذكره الثعلبي والبغوي معلقا بدون إسناد
قال ( السدّيّ ) : إنما تبدل الجلود جلوداً غيرها من لحم الكافر ، يعيد الجلد لحماً ويخرج من اللحم جلداً آخر لم يبدّل بجلد لم يعمل خطيئة .
قول الربيع بن أنس
رواه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر عنه قال سمعنا أنه مكتوب في الكتاب الأوّل أن جلد أحدهم أربعون ذراعا ، وسنّه سبعون ذراعا ، وبطنه لو وضع فيه جبل لوَسِعَهُ ، فإذا أكلت النار جلودهم بُدّلوا جلودا غيرها .

& توجيه القول

وجه هذا القول اللغة والنظر
-من جهة اللغة:أن حقيقة الإبدال :التنحية تنحية جسم وجعل مكانه جِسماً غيرَه، فالتبديل يقتضي المغايرة..؛ يقال : أبدَلْتُ الْخَاتم بالحلْقَة: إِذا نَحَّيْتَ هَذَا وَجعلت الحلقة مَكَانَهُ.
قال الله جلّ وعزّ: {فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي؛ قد أَزَال السيئاتِ وَجعل مَكَانهَا حسناتٍ
فالمراد بالتبديل تبديل الذوات ..تنحية ذات ووضع ذات أخرى مكانها ؛وهو بمعنى تجديد الجلود .
و قوله { غيرها } تأكيد لما دلّ عليه فعل التبديل
-من جهة النظر أن حقيقة العذاب واقع على الأنفس لا على الجلود ؛ بدليل قوله تعالى : { لِيَذُوقُواْ الْعَذَابَ }..فالعذاب واقع على الأنفس ومن قصَد تعذيب النفس لا يعذب الجلود .

الثاني:
وقيل المعنى هو إعادة نفس تلك الجلود بعينها التي كانت في الدنيا ؛ فالجلود لما تأكلها النار وتحترق يُعاد إنشاؤها مرة أخرى جلودا غير محترقة لتجدد العذاب عليهم ؛ و هكذا دأبا لا نهاية لها...ذكر هذا القول ابن جرير ولم ينسبه إلى أحد وكذا ذكره ابن عطية دون نسبة
لكن الذي يظهر-والله أعلم - أن هذا القول هو مقتضى كلام الحسن البصري
قال الحسن رحمه الله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا } قال : تأكلهم كل يوم سبعين ألف مرّة كلّما أكلتهم فأنضجتهم قيل لهم : عودوا فيعودون كما كانوا .اهـ
فقوله عودوا فيعودون كما كانوا..يقتضى أن تلك الجلود هي التي رجعت إلى ما كانت عليه.؛ولم ينشئ جلودا أخرى.

& تخريج الأقوال
قول الحسن
رواه ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هشام بن حسان عنه
وعبد بن حميد كما عند السيوطي

& توجيه القول:
وجه هذا القول اللغة والنظر
- من جهة اللغة أن المراد بالتبديل هو تبديل الصفات مع بقاء نفس الجوهر؛ كما تقول العرب : بدل من خاتمي هذا خاتماً وهي فضته بعينها ، و كما تقول أيضا : صغت من خاتمي خاتما غيره ، وإن كان الثاني إعادة للأول ؛ فالبدل إنما وقع في تغيير الصفات. وهذا المعنى معروف مستعمل في اللغة
-من جهة النظر أن هذا المعنى يشبه إعادة النفس بعدما صارت ترابها لا شيء ثم الله يحييها هي لا غيرها ؛ فكذلك هنا الجلد الجديد هو الجلد الأول ولكنه إذا أحرق أعيد إلى الحال الأول

الثالث :
أن المراد بالجلود في هذا الموضع : سرابيلهم ، أي جعلت السرابيل القطران لهم جلودا
والمعنى بدلناهم سرابيل من قطران غيرها .ذكره بن جرير ولم يسنده إلى أحد ونسبه الثعلبي والبغوي إلى عبد العزيز بن يحي .

-قال عبد العزيز بن يحيى : إن الله عز وجل يلبس أهل النار جلوداً لا تألم ، فيكون زيادة عذاب عليهم ، كلما احترق جلد بدلهم جلداً غيره . كما قال : { سرابيلهم من قطران } [ إبراهيم :50 ] فالسرابيل تؤلمهم وهي لا تألم .اهـ
--وتعقب ابن كثير هذا القول بقوله: "وهو ضعيف لأنه خلاف الظاهر"

& توجيه القول

ووجه هذا القول اللغة والنظر
- من جهة اللغة ؛يقال للشيء الخاصّ بالإنسان : هو جلدة ما بين عينيه ووجهه لخصوصه به . قالوا : فكذلك سرابيل القطران التي قال الله في كتابه : { سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النّارُ } لما صارت لهم لباسا لا تفارق أجسامهم جُعلت لهم جلودا ، فقيل : كلما اشتعل القطران في أجسامهم واحترق بدّلوا سرابيل من قطران آخر .

-و أما من جهة النظر ؛ أن الكفار أهل النار لا يلحقهم فناء ولا يتوقف عليهم العذاب بل ولا يخفف عنهم؛ فلو كانت جلودهم تبدل بعد احتراقها للزم من ذلك فناء تلك الجلود من حال احتراقها إلى إعادتها وفي ذلك راحة لهم وقد أخبر الله تعالى : لا يخفف عنهم العذاب .
كما يلزم أيضا أنه إذا كان الفناء جائزا على الجلود ؛جاز ذلك في جميع الأجزاء، وإذا جاز ذلك وجب أن يكون جائزا عليهم الفناء ثم الإعادة والموت ثم الإحياء ، وقد أخبر الله عنهم أنهم لا يموتون
فقالوا : وفي خبره عنهم أنهم لا يموتون دليل واضح أنه لا يموت شيء من أجزاء أجسامهم ، والجلود أحد تلك الأجزاء .
فلهذا كله قال أن يُكسون سرابيل من قطران يعذبون بها .

النقاش:
-يستعبد القول الثالث لأنه يخالف ظاهر اللفظ كما ذكر ذلك ابن كثير؛ فالجلود لا يطلق عليه السرابيل
يبقى القول الأول والثاني هما محل النظر والبحث ؛وكلاهما تحتمله الآية.
فلفظ التبديل يطلق على تغير الجوهر الشيء كما أنه يطلق على تغيير الصفات مع بقاء الجوهر .

جاء في تهذيب اللغة
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحقيقتُه أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورَة إِلَى صُورَة أُخْرَى، والجوهرةُ بِعَينهَا، والإبدال تَنْحِيَةُ الْجَوْهَرَة واستئنافُ جَوْهَرَة أُخْرَى..اهـ
وكذا لفظ " غير " يطلق على ضربين : غير تضاد و تناف ، وغير تبديل.
فكلا القولين محتمل ؛ وكأن في عبارة السدي جمع بين القولين
قال السدي: إنما تبدل الجلود جلوداً غيرها من لحم الكافر ، يعيد الجلد لحماً ويخرج من اللحم جلداً آخر لم يبدّل بجلد لم يعمل خطيئة.اهـ

تبدل الجلود المحترقة إلى جلود أخرى ناشئة من لحم الكافر ؛ فهي ناشئة عن الجلد الأول وليس جديدة خارجة عن طبيعة وحقيقة الجلد الأول

قال ابن عاشور في بيان هذا المعنى وتعليله : ولأنّه ناشىء -يقصد الجلد الجديد - عن الجلد الأوّل كما أنّ إعادة الأجسام في الحشر بعد اضمحلالها لا يوجب أن تكون أناساً غير الذين استحقّوا الثواب والعقاب لأنّها لمّا أُودعت النفوسَ التي اكتسبت الخيرَ والشرّ فقد صارت هي هي ولا سيما إذا كانت إعادتها عن إنبات من أعجاب الأذناب ، حسبما ورد به الأثر ، لأنّ الناشىء عن الشيء هو منه كالنخلة من النواة .اهـ
فيكون الجلد الجديد ليس هو عين الأول لكن ناشي عن الأول ؛ أو ناشئ من لحم الكافر ؛ ولا يستبعد هذا عن قدرة الله عزوجل.
[حبذا لو خصصتِ مسألة في بيان المراد بالجلود بداية]


u لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ

· معنى اللام
اللام للتعليل ؛تعليل لقوله "بدلناهم " .
وقوله "ليذوقوا العذاب" أي ليدوم لهم ذوق العذاب ولا ينقطع إلا فهم ذائقون مستمرون عليه.

· دلالة التعبير بالفعل "ذاق"
وعبر بالفعل " يذوقوا" الذي يدل على إدراك شيء يسير من المذوق ؛ والحال أنهم في أشد العذاب وأعظمه كما أخبر الله تعالى ؛ وذلك لبيان أن إحساسهم بالعذاب مستمر في كل حال وحين لا ينقص ولا يزول بسبب الاحتراق ..ذكره الرازي

· الحكمة من تبديل الجلود
- الجلد مركز الإحساس ؛ موصل إحساس العذاب إلى النفس ؛فلو لم يبدّل الجلد بعد احتراقه لما أمكن وصول عذاب النار إلى النفس. وهذا معروف مشاهد في طبيعة خلقة الناس ؛ لما يموت أو يخدر الجلد يصبح فاقد الإحساس؛ فلا يشعر به صاحبه؛ فمهما أوذي في ذلك الموضع أو ضرب لا يشعر بألم . لهذا قبل إجراء العلمية الجراحية للعبد يخدر المكان أو الجزء المريض المراد علاجه

u إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا
· معنى عزيز حكيما
-عزيزا في نقمته إذا انتقم قاله أبو العالية ومقاتل.
أخرج قول أبي العالية ابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس عنه
عزيزا في نصرته ممن كفر إذا شاء قاله محمد ابن إسحاق
أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سلمة عنه
حكيما " حكم لهم بالنار قاله مقاتل

مناسبة ختم الآية بصفتي العزة والحكمة
. وحسن ذكر صفتي العزة والحكم بعد ذكر عذاب أهل الكفار المكذبين بآيات الله ؛لبيان أن الله لا يغالبه مغالب إلا غلبه الله ، وهو مع ذلك لا يفعل شيئاً إلا بحكمة وإصابة ، لا إله إلا هو تبارك وتعالى . فكأن فيه رد عن سؤال: كيف يقع العذاب ؛أو كيف يعذب الله الكفار ؛ أو كيف يمكن بقاء الإنسان في النار الشديدة الحرارة أبد الآباد ؛فيقال : أن الله قادر عليهم وهم تحت قبضته لا يعجزه أمرهم ؛ و أن ما يصيبهم من العذاب هو لحكمة أرادها سبحانه وتعالى
-قال ابن عاشور:" فالعزّة يتأتى بها تمام القدرة في عقوبة المجترىء على الله ، والحكمة يتأتّى بها تلك الكيفية في إصلائهم النار.اهـ


قال الله تعالى :
( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا) [النساء : 57]

§ علوم الآية

u مناسبة الآية لما قبلها
-لما ذكر الله وعيد الكفار، عقب بوعد المؤمنين بالجنة على الإيمان والأعمال الصالحة.

u وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
الذين أمنوا بالله عزوجل وبرسوله وبكل ما يجب الإيمان به من آياته الشرعية والكونية وغير ذلك ؛ وعملوا الأعمال الصالحات تقربا إلى الله عزوجل امتثالا لأمر واجتنابا لنهيه

u سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

· تجري من تحتها الأنهار
تجري من تحتها الأنهار أيتجري من تحتها مياه الأنهار، لأن الجاري على الحقيقة الماء.
وهذه الأنهار تجري في جميع فجاجها ومحالها وأرجائها حيث شاؤوا وأين أرادوا .

· خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا
خلود أبدي سرمدي ؛ أي نعيم الجنة دائم مستمر لا انقطاع له أبدا ؛ وهم خالدون فيها باقون لا يموتون و لا يحولون عنها ولا يزولون ولا يبغون عنها حولا . فنعيم الجنة خالد أبدا وهو خالدون أبدا

u لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا
· المراد ب أزواج مطهرة
في المراد بمطهرة قولان : مطهرة طهارة حسية و مطهرة طهارة معنوية
- 1 طهارة حسية
وفي تعين متعلق الطهارة أقول :
أولا :مطهرة من القذر والأذى وهو قول ابن عباس(68)

& التخريج
رواه ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .
ثانيا: مطهرة من الحيض والبول والنخام والبزاق والمني والولد . وهو قول مجاهد وروى عن عطاء والحسن والضحاك ، والنخعي وأبي صالح ، وعطية والسدي نحو قول ابن عباس .

& التخريج
قول مجاهد رواه ابن المنذر و ابن أبي حاتم من طريق ابن أبي نجيح ، عن مجاهد
و أما باقي الأقوال فقد ذكرها ابن أبي حاتم معلقة بدون سند
الثالث مطهرة من الأذى والمآثم.وهو قول قتادة

& التخريج
قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سعيد وأبان عن قتادة به
الرابع مطهرة : ولا حيض ولا كلف .وهو قول قتادة

& التخريج
قول قتادة أخرجه ابن أبي حاتم من طريق خليد عن قتادة به
.
. -2 طهارة معنوية
مطهرة من الأخلاق الرذيلة ، والصفات الناقصة . ذكره ابن كثير
ويدخل فيه الطهارة من الذنوب والمآثم كمال قال قتادة
روى ابن أبي حاتم بسنده من سعيد وأبان ، عن قتادة { لهم فيها أزواج مطهرة } قيل : مطهرة من الأذى والمآثم .

الترجيح
وجميع هذه الأقوال متفقة لا تبان بينها فنساء الجنة مطهرة من جميع أقذار الدنيا و عيوبها ونقائصها المعنوية الحسية
[وكلمة الأذى في قول ابن عباس مفهومها عام قد يراد به أذى حسي، أو معنوي أو كلاهما]

u وَنُدْخِلُهُمْ ظِلا ظَلِيلا

· معنى الظل
الظِّلُ: عتَمَةٌ تَغْشَى مكانًا حَجَبَ عنه أَشِعَّةً ضوئيّةً حاجزٌ غيرُ شفَّاف.

· معنى ظليل
ظليل نعت للظل وهو مشتق من لفظه ؛ لتوكيد معناه و للدلالة على المبالغة ؛ وهو أسلوب عربي مشهور يأتون بالوصف بلفظ الموصوف لتأكيد الموصوف.

قد يأتون هذا الوصف بوزن فعيل : كما هنا ، وقولهم : داء دويُّ ، ويأتون به بوزن أفْعل : كقولهم : لَيْلٌ ألْيَل ؛ ويَوْم أيْوَم ، ويأتون بوزن فَاعل : كقولهم شمس شامس شِعْر شاعر ، ونَصَب نَاصِب وكل ذلك مبالغة في الوصف
قال ابن عاشور :" ووصف بالظليل وصفاً مشتقّاً من اسم الموصوف للدلالة على بلوغه الغاية في جنسه .اهـ
وقال أبو مسلم كما عند أبي حيان :" الظليل : هو القوي المتمكن .

· المراد بالظل الظليل
في ذلك أقوال:

1-ظل ظليل أي؛ يقي الحر والبرد و هو اختيار الزجاج .

قال الزجاج :" أعلم الله - عزَّ وجلَّ - أن ظِل أهل الجنَّة ظليل لا حَرَّ مَعَه ولا بَرْدَ" ..وقال أيضا :"وليس كل ظل كذلك."
2-ظل ظليل أي ؛ ظل دائم لا يستحيل ولا ينتقل، كما يفعل ظل الدنيا، وهو قول الحسن البصري

&تخريج القول
قول الحسن البصري ذكره يحي بن سلام كما في تفسير ابن أبي زمنين.

3- ظل ظليل أي؛ ظل ممدود ؛ فوصف بظليل لامتداده ذكره ابن عطية دون نسبة لأحد

& توجيه القول
واحتج له ابن عطية بحديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إن في الجنة شجرة يسير الراكب الجواد المضمر في ظلها مائة سنة ما يقطعها» .رواه أحمد
4- ظل ظليل أي كثيف؛لأنه لا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم ونحو ذلك.. وهو قول الحسن كما عند القرطبي
وعبر عنه وعبر عنه ابن جرير بقوله :" وندخلهم ظلا كَنينًا".
5- وقيل هو ظل عرش الرحمان الذي لا يزول وهو قول الربيع ابن أنس

& تخريج القول
روى ابن أبي حاتم من طريق أبي جعفر عن الربيع بن أنس في قوله { وندخلهم ظلا ظليلا } قال : هو ظل العرش الذي لا يزول .

& توجيه القول:
ولعل وجه هذا القول :
- أن العرش هو أعلى المخلوقات وأرفعها، وكل المخلوقات دونه، وهو سقف الجنة؛ كما ثبت ذلك نصوص السنة فقد روى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..: (فإذا سألتُم الله، فاسألوه الفردوس؛ فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، فوقه عرش الرحمن، ومنه تفجر أنهار الجنة ) رواه البخاري

- و ثبت أيضا أن للعرش ظل
كمال جاء في الحديث عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله ). رواه أحمد غيره والحديث صحيح صححه جمع من أهل العلم
وحديث:"( من نَفَّسَ عن غريمه أو محا عنه؛ كان في ظل العرش يوم القيامة) رواه أحمد وغيره وصححه الألباني في ((صحيح الجامع))
- قال الذهبي في ((العلو)): (بلغ في ظل العرش أحاديث تبلغ التواتر) اهـ.
- والأمر الآخر أن ظل الجنة لا يفنى ولا يبيد؛ لعدم فناء الجنة ؛ و كذلك العرش باق لا يفنى ولا يبيد لهذا قال الربيع ظل العرش الذي لا يزول.
- وأيضا لما ثبت لعرش الرحمان من صفات المجد والكرم والعظمة فكانت صفاته بالغة الحسن والكمال ؛ فيكون ظله كذلك هو أكمل الظل و أحسنه وأدومه.

فإذا كان للعرش ظل وهو سقف الجنة أمكن أن يكون الظل الذي في الجنة هو ظل العرش – والعلم عند الله-

وقد يكون مراد الربيع بظل العرش ؛ الظل الذي يكون يوم القيامة في أرض المحشر يوم تدنو الشمس على رؤوس الخلائق
حَتَّى تَكُونَ مِنْهُمْ كَمِقْدَارِ مِيلٍ ؛ فإن الله يضل من يشاء من عباده بظل عرشه.
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ)
وفي رواية "عند سعيد بن منصور (سبعة يظلهم الله في ظل عرشه..))
لكن هذا يشكل عليه أمور من أهمها أن الحديث وارد في أناس اتصفوا بخصال مخصوصة ؛ فهؤلاء الذين استحقوا أن يظلهم الله ؛ أما الآية فهي عامة في كل من أمن وعمل صالحا.

الترجيح
ومما سبق ذكره من الأقوال في المراد بالظل الظليل كلها معاني صحيحة ؛ لا تعارض بينها وهى بمجموعها تعطي وصفا جامعا للظل الجنة ؛ وأنه قد بلغ الغاية والكمال فيما يدل عليه معنى الظل


× فالعبد يتطلب الظل لما فيه من اعتدل الجو وهذا مقتضى من قال ظل ظليل: أي لا حر ولا بارد وهذا لبلوغ كمال ونهاية اعتداله.فلا يدخله ما يدخل ظل الدنيا من الحر والسموم

×و يطلب الظل أيضا إذا كان دائما بحيث لا يخاف زواله وانحلاله ونسخ الشمس له ؛ وهذا مقتضى من قال ظل ظليل أي دائم و هذا لبلوغ الغاية والكمال في دوامه.

× ويطلب الظل أيضا إذا كان متصلاً لا فرج فيه وهذا مقتضى من قال ظل ظليل: أي كثيف غزير و هذا لبلوغ الغاية والكمال في اتصاله وكثافته وتراكم بعضه على بعض

× ويطلب الظل إذا كان منبسطاً لا ضيق معه وهذا مقتضى من قال ظل ظليل أي ممدود وذلك بلوغ الغاية والكمال في امتداده

فظل الجنة لا يزول. فهو لا ينسخ، ولا ينسلخ، ولا يضمحل، ولا يتدرج، بل هو دائم
لهذا كانت عبارات بعض المفسرين جامعة لهذه المعاني كلها

قال الراغب في المفردات : وظِلٌّ ظَلِيلٌ: فائض. اهـ.
أي فاض هذا الظل في صفاته؛ زادت صفاته حتى بلغت نهايتها وغايتها ؛ كما يقال فاضت صفات الرجل المحمودة ؛ أي عمت عليه وبلغت غايته حتى أصبح لا يكاد يظهر للصفات المذمومة عين.

قال الزمخشري :" وهو ما كان فينانا لا جوب فيه ، ودائماً لا تنسخه الشمس ، وسجسجاً لا حرّ فيه ولا برد ، وليس ذلك إلا ظل الجنة ."اهـ

وقال ابن كثير :" ظَلَّا عَمِيقًا كَثِيرًا غَزِيرًا طَيِّبًا أَنِيقًا.


وإذا ثبت قول الربيع ابن أنس يكون ظل الجنة هو ظل العرش ؛ و ظل العرش بلغ الحسن غايته وكماله؛ لما للعرش من صفات الجلال والجمال والعظمة والكرم والمجد وهو بالغ حسنى غايته ؛ وهو دائم لا يفنى ولا يبيد فكذلك ظله دائم لا يفنى ولا يبيد
نسأل الله أن يجعلنا من أهلها السابقين مع النبيين والصدّيقين .

.
u وجه الاقتصار على لذة الجنة و لذة النساء في بيان نعيم الآخرة
قال ابن عاشور:واقتصر من نعيم الآخرة على لذّة الجنّات والأزواج الصالحات ، لأنّهما أحبّ اللذّات المتعارفة للسامعين ، فالزوجة الصالحة آنس شيء للإنسان ، والجنّات مَحّل النعيم وحُسن المنظر "اهـ

u وجه المنة والنعمة بذكر الظل الظليل
ما وجه المنة التي يمتن الله بها على عباده بذكر ظلال الجنة ؛ وفي الجنة نور و لا شمس فيها
يقال أن العبد إذا كان داخل النور ؛والنور محاط به من كل جوانبه لا يقدر على التميز في النظر والتمتع بالأنوار ؛ لكن إذا كان في ظل تميز النور عن الظل فتمتع بالنظر إلى الأنوار.
وهذا أمر مشاهد في الدنيا فنحن نتمتع بالنظر إلى القمر و لا نتمتع بالنظر إلى الشمس وليس ذلك إلا بسبب الظل الذي يكون مع القمر و لا يكون مع الشمس..
وكذلك أهل الجنة يجدون تمتعا بالنظر إلى الأنوار ولا يحصل لهم ذلك إلا بوجود الظل...

والله أعلم








التقويم: أ+
أحسنتِ، بارك الله فيك ونفع بكِ.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثامن

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:09 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir