قال الله تعالى :
( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا) [النساء : 31]
فضائل الآية
هذا الآية من آيات الرجاء؛التي تفتح للناس باب التوبة والرجاء في الرحمة الله
وما رواه الحاكم في مستدركه من طريق مَعْن بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: إِنَّ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ لخمسُ آيَاتٍ مَا يَسُرّني أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الْآيَةَ، وَ {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الْآيَةَ، وَ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} الْآيَةَ، وَ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}. ثُمَّ قَالَ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ إِنْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَمِعَ مِنْ أَبِيهِ، فَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ.".
- عن عبد الله بن مسعود أنه قال : خمس آيات من سورة النساء هي أحب إليّ من الدنيا جميعاً ؛- وفي رواية مَا يَسُرّني أَنَّ لِي بِهَا الدُّنْيَا ، وَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ الْعُلَمَاءَ إِذَا مَرُّوا بِهَا يَعْرِفُونَهَا - {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الْآيَةَ، وَ {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الْآيَةَ، وَ {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وَ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ} الْآيَةَ، وَ {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا}. رواه سعيد بن منصور في تفسيره و الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان
القراءات:
فرش "مدخلا" فيه قراءتان
مَدْخَلا: بفتح الميم وهي قراءة نافع و أبي جعفر المدني من العشرة
وقرأ الباقون بضم الميم "مُدخلا"
التوجيه:
-الحجة لمن ضم:
- "مُدخلا" يحتمل أحد الوجهين:إما كونه مصدرا من أدخل يدخل
ودليله قوله تعالى:{ وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ. } فقد اتفق جميع القراء بضم ميم "مُدخلا" ؛ لتقدم الفعل الرباعي أدخلني
- كما أنه يجوز أن يكون "مُدخلا " بالضم " مكانا "
فإن حمل على أنه "مصدر" كان المدخول فيه محذوفا والتقدير
"ويدخلكم الجنة مدخلا كريما ؛ أي إدخالا" ؛ فمدخل وإدخال مصدران لـ «أدخل».
وذكر مكي القيسي علة تقدير المفعول فقال :" الفعل ما نقل إلى الرباعي تعدّى إلى مفعول" اهـ ؛ يعنى الفعل الثلاثي "دخل " يكون لازما فإذا نقل إلى رباعي " أدخل " أصبح متعديا فلابد من مفعول يتعدي إليه
وإن حمل على أنه "مكانا " فنصبه حينئذ على المفعولية؛ وهو مذهب الأخفش؛ فيتعدى إليه «يدخلكم» فلا تضمر مفعولًا آخر.
و الحجة في ذلك أنه ورد في القران وصف المكان بالصدق
فحسن حمل "مُدخلا" هاهنا "مكانا" لوصفه بالكرم
قال أبو علي " والأشبه أن يكون مكانا، لإضافته إلى صدق، فهو في هذا كقوله:"في مقعد صدق "فكما أنّ هذا المضاف إلى صدق مكان، كذلك، يكون المدخل مكانا" اهـ
ومع ترجيح أبي علي الفارسي ل معنى "مكانا "إلا أنه لم يمنع المعنى الأول وهو كون "مُدخلا " مصدرا فهو محتمل و إن وصف بالكرم لورود ذلك في القران وصف المعنى بالصدق
قال أبو علي : ولا يمتنع الآخر لأنّ غير العين قد أضيف إلى صدق في نحو:" أن لهم قدم صدق عند ربهم " ؛ألا ترى أنّه قد فسّر بالعمل الصالح." اهـ
كما أنه يحتمل النصب على الظرفية المكانية وهو مذهب سيبويه
قال السمين الحلبي بعد أن ذكر القولين في نصب "مدخلا" النصب على الظرفية والنصب على المفعولية قال :"وهكذا كلُّ مكان مختص بعد " دخل " فإن فيه هذين المذهبين " اهـ يقصد مذهب الأخفش ومذهب سيبويه
-الحجة لمن فتح :
-"مَدخلا "يحتمل أن يكون مصدرا من الفعل دخل يدخل مدخلا ودخولا؛
قال مكي : " فدخول ومدخل مصدران للثلاثي، بمعنى واحد"
ويحتمل أن يكون «مدخلًا» بالفتح مكانًا
فإن حُمل على المصدر كان انتصابه بفعل مقدر دل عليه المذكور ؛ والحاجة ماسة إلى تقدير لأن "مدخلا" بالفتح من الثلاثي والفعل المذكور من الرباعي
والتقدير : "ويُدخلكم فتدخلون مدخلا كريما"
وإن حُمل على أنه "مكانا " فالمعنى " يدخلكم مكانا " فيتعدى إليه «ندخلكم» في المفعول به.
واستحسن مكي القيسي هذا التوجيه معنى "مكانا " ؛ ورجحه أبو على الفارسي
قال رحمه الله : " والمكان أشبه هاهنا "
و الحجة في ذلك أنه ورد في القران وصف المكان بالكرم في قوله تعالى :" كم تركوا من جنات وعيون و زروع ومقام كريم".. فوصف المكان بالكرم .
قال أبو علي :" .فكذلك يكون قوله: مدخلا* يراد به المكان، مثل المقام ""
كما " مدخلا " يحتمل النصب على الظرفية المكانية
وتحتمل أن يكون المراد به: الدخول، أو الإدخال، قل أبو علي .." ..وإن كان قد وصف بالكرم، ويكون المعنى دخولا تكرمون فيه، خلاف من قيل فيه: الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم ."
ملخص:
- قراءة الجمهور بالضم و هي توافق اللفظ؛ أي توافق الفعل المذكور "ندخلهم" ؛ لأن "مُدخلا" بالضم مصدر للفعل الرباعي أدخل ؛ والمعنى إدخال الله لهم كريما ؛ يعنى فعل الله معهم موصوف بالكرم.
وهذا المعنى لا تفيده قراءة "مَدخلا " بالفتح ؛ لأن " مَدخلا" بالفتح مصدر الفعل الثلاثي "دخل" ؛ والمعنى دخولهم كان كريما لا إدخالهم
فالكرم أحاط بهم من كل جوانبه؛ إدخالهم كريم ودخولهم كريم.
ونزيدهم محلا ومكان الدخول هو أيضا كريم ؛ ووصف المكان بالكرم فيه إشارة إلى أن المقيم فيه ينعم ، ويستطيب الإقامة ؛ وأن الله يكرمه فيه..
فالإدخال والدخول والمحل كله كريم
وفي هذا تطمين لهم وتسكين لقلوبهم؛ وبيان لعظيم فضل الله على عباده وحلمه و رحمته ؛ فالمقام مقام إهانة لأنهم قدموا على ربهم بسيئات تسوؤهم وتؤلمهم هي بحد ذاتها؛ فحالهم يدعو إلى الخوف من الله والحياء منه ؛فلو اكتفي بتكفير السيئات لكان في ذلك عظيم كرم ورحمة وفضل عليهم؛ لكن تأبى رحمة أرحم الراحمين وكرم أكرم الأكرمين إلا أن يزيدهم من وواسع فضله فيدخلهم مدخلا كريما
كما أن القراءتين تفيدنا أن دخولهم المحل الكريم لا يكون إلا بإدخال الله لهم ففيه إشارة لطيفة أنهم لم يملكوا الأسباب والمفاتيح إلا بتفضل منه ورحمة
المعنى الجملي للآية:
- إذا اجتنبتم كبائر الآثام التي نهيتم عنها كفرنا عنكم صغائر الذنوب وأدخلناكم الجنة . ذكره ابن كثير
المسائل التفسيرية
معنى تجتنبوا: المجانبة المباعدة والترك.
المراد بالكبائر
كبائر الآثام وفي تعيينها أقوال لأهل العلم يمكن حصرها في قولين :
القول الأول:
تعيين الكبائر بالعد أي أن الكبائر معدودة وهو قول عبد الله بن مسعود(32)؛علي بن أبي طالب (40) ؛عبد الله بن عمر (74). عبد الله بن عباس (68) وعمران بن حصين
واختلف هؤلاء في تحديد عدد الكبائر قيل ثلاث وقيل هي أربع وقيل هي سبع وقيل غير ذلك
ذكر الأقوال مع التخريج
ذكر من قال أنها ثلاث:
-هي:اليأس من رَوْح الله ، والقنوط من رحمة الله؛ والأمن من مكر الله وهو قول ابن مسعود وعلي رضى الله عنها.
تخريج
قول ابن مسعودأخرجه ابن جرير من طريق مجاهد عنه
قول علي: أخرجه ابن المنذر من طريق إياس بن عامر عنه
والحجة في ذلك
ما رواه البزار عن عكرمة ، عن ابن عباس ؛ أن رجلا قال : يا رسول الله ، ما الكبائر ؟ قال : " الإشراك بالله ، واليأس من رَوْح الله ، والقُنوط من رحمة الله عز وجل"
قال ابن كثير: " وفي إسناده نظر ، والأشبه أن يكون موقوفا .
وقيل هي: الشرك بالله ، وعقوق الوالدين؛ وشهادة الزور.. قول عمران ابن حصين .
والحجة في ذلك
-روى عمران بن حصين ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ) وكان متكئا فاحتفز قال : ( والزور ) .
وروى البخاري ، ومسلم في " الصحيحين " ، من حديث أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، فقال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ) وكان متكئا فجلس فقال : ( وشهادة الزور ) فما زال يكررها حتى قلنا : ليته سكت .
وقيل هي: الشرك بالله ؛وعقوق الوالدين؛ واليمين الغموس
والحجة
-عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وعُقوق الْوَالِدَيْنِ، وَالْيَمِينُ الغَمُوس، وَمَا حَلَفَ حَالِفٌ بِاللَّهِ يَمِينَ صَبْر فَأَدْخَلَ فِيهَا مِثْلَ جَنَاحِ الْبَعُوضَةِ، إِلَّا كَانَتْ وَكْتَةً فِي قَلْبِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ". رواه ابن أبي حاتم بسنده وُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ، كِلَاهُمَا عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، بِهِ.
وقيل هي: أن تجعل لله ندا ؛ قتل الولد ؛ الزنى بحليلة الجار ..قول ابن مسعود
والحجة في ذلك :
ما أخرجاه في " الصحيحين " من حديث ابن مسعود قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم : أي الذنب أكبر ؟ قال : ( أن تجعل لله تعالى ندا وهو خلقك ) . قلت : ثم أي ؟ قال : ( ثم أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك ) . قلت : ثم أي ؟ قال : ( أن تزاني حليلة جارك ) .
وقيل هي:الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وقَتْلُ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ، والفِرار يَوْمَ الزَّحْف
والحجة في ذلك"
-عنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ عَبَدَ اللَّهَ لَا يُشرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَآتَى الزَّكَاةَ، وَصَامَ رَمَضَانَ، واجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ، فَلَهُ الْجَنَّةُ -أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ" فَسَأَلَهُ رَجُلٌ: مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وقَتْلُ نَفْسٍ مُسْلِمَةٍ، والفِرار يَوْمَ الزَّحْف".وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ
وقيل هي: جَمْعٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ -يَعْنِي بِغَيْرِ عُذْرِ-والفِرَار مِنَ الزَّحْفِ، والنُّهْبَة. وهو قول عمر
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ -يَعْنِي الْعَدَوِيَّ-قَالَ: قُرِئَ عَلَيْنَا كتابُ عُمَرَ: مِنَ الْكَبَائِرِ جَمْعٌ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ -يَعْنِي بِغَيْرِ عُذْرِ-والفِرَار مِنَ الزَّحْفِ، والنُّهْبَة." أخرجه ابن أبي حاتم وصحح سنده ابن كثير
ذكر من قال أنها أربع
وقيل هي: الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس قول عبد الله بن عمرو
-عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، واليمين الغموس ) . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ و الإمام أحمد
وقيل هي: الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ؛وشهادة الزور قول أنس بن مالك
وروى أنس بن مالك قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر ، أو سئل عنها ، فقال : ( الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ) . وقال : ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قول الزور ، أو شهادة الزور ) . الحديث في الصحيحين
قيل هي :الإشراك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من رَوْح الله ، والأمن من مكر الله . وهذا قول ابن مسعود ؛ عكرمة .
تخريج:
قول ابن مسعود رواه الطبري من طرق عدة عن الطفيل عنه .وجزم ابن كثير بصحته إلى ابن مسعود
والحجة في ذلك
-عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَّكِئًا فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ: مَا الْكَبَائِرُ؟ فَقَالَ: "الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْح اللَّهِ، والقُنوط مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ، وَالْأَمْنُ مِنْ مَكْرِ اللَّهِ، وَهَذَا أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ". رواه ابن أبي حاتم
- قيل هي الشرك بالله قتل النفس ؛ الزنى ؛ السرقة
والحجة في ذلك
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْجَعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ: أَلَّا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلَا تَقْتُلُوا النفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَسْرِقُوا". قَالَ: فَمَا أَنَا بِأَشَحَّ عَلَيْهِنَّ مِنِّي، إِذْ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. رواه أحمد والحاكم وصححه
وقيل هي:الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَمَنْعُ فُضُولِ الْمَاءِ بَعْدَ الرِّيِّ، وَمَنْعُ طُرُوقِ الفحل إلا بجُعْلٍ.
عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَمَنْعُ فُضُولِ الْمَاءِ بَعْدَ الرِّيِّ، وَمَنْعُ طُرُوقِ الفحل إلا بجُعْلٍ. رواه ابن أبي حاتم
الحجة في ذلك
ما رواه الشيخان
-عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يُمنَع فَضْلُ الماءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ"
-وَفِيهِمَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "ثَلَاثَةٌ لَا ينظرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزكِّيهم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بالفَلاةِ يَمْنَعُهُ ابْنَ السَّبيل"،
-ما رواه الإمام أحمد عن عَمْرو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: "مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ وفَضْلَ الكَلأ مَنَعَهُ اللَّهُ فَضْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
ذكر من قال أنها ستة
وهي الستة التي وردت في آية بيعة النساء للنبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى :" قَوْلَهُ: "يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ.".وهو قول عائشة
تخريج:
قول عائشة أخرجه ابن أبي حاتم من طريق مسروق عنها قَالَتْ: مَا أُخِذ عَلَى النِّساء مِنَ الْكَبَائِرِ.
ذكر من قال أنها سبع
قيل هي:الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات
و الحجة في ذلك:
-ما رواه البخاري ، ومسلم في "الصحيحين " من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( اجتنبوا السبع الموبقات ) ، قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : ( الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات ) .
-وعن عَمْرو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى أَهْلِ الْيَمَنِ كِتَابًا فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، قَالَ: وَكَانَ فِي الْكِتَابِ: "إِنَّ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: إشْراكٌ باللهِ وقَتْل النفْسِ الْمُؤْمِنَةِ بِغَيْرِ حَقٍّ، والفِرارُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَوْمَ الزَّحْفِ، وعُقوق الْوَالِدَيْنِ، ورَمْي الْمُحْصَنَةِ، وتَعَلُّم السحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم" رواه ابن مردويه في تفسيره ورواه الحاكم في المستدرك .
وقيل هي :
الإشراك بالله أولهن ، وقتل النفس بغير حقها ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم بدارا أن يكبروا ، والفرار من الزحف ، ورمي المحصنات ، وانقلاب إلى أعرابية بعد هجرة في بعض الرويات - التعرب بعد الهجرة- وهذا قول عليّ ، عبيد بن عمير ؛ وعبيدة (محمد بن سرين)
تخريج:
قول علي رواه الطبري في تفسيره من طريقمحمد بن سهل ابن أَبِي حَثْمة عَنْ أَبِيهِ (صححه ابن كثير وابن حجر)
قول عبيد بن عمير
أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي إسحاق عن عبيد بن عمير قال الكبائر سبع ليس مِنْهُنَّ كَبِيرَةٌ إِلَّا وَفِيهَا آيَةٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وذكرها
قول عبيدة
أخرجه ابن جرير من طريقابْنِ عَوْن، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: سَأَلَتْ عَبِيدة عَنِ الْكَبَائِرِ فذكرها
والحجة في ذلك:
-عنْ محمد بن سهل ابن أَبِي حَثْمة عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "الْكَبَائِرُ سَبْعٌ، أَلَا تَسْأَلُونِي عَنْهُنَّ؟ الشِّركُ بِاللَّهِ، وقَتْلُ النفْسِ، والفِرارُ يَوْمَ الزَّحْفِ، وأكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وقَذْفُ المحصَنَة، وَالتَّعَرُّبُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ".رواه ابن مردويه
- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( الكبائر سبع ، الإشراك بالله أولهن ، وقتل النفس بغير حقها ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم بدارا أن يكبروا ، والفرار من الزحف ، ورمي المحصنات ، وانقلاب إلى أعرابية بعد هجرة ) . أخرجه ابن أبي حاتم والبزار في مسنده
وقيل هي: قَتْلُ النَّفْسِ، وَأَكْلُ الرِّبَا وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَرَمْيُ الْمُحْصَنَةِ، وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وعقُوق الْوَالِدَيْنِ، والفِرَار مِنَ الزَّحْف. وهو وقول عطاء
تخريج قول عطاء:
أخرجه ابن جرير من طريق ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ عَطَاءٍ.
وقيل هي
عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وإشْرَاكٌ بِاللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وقَذْفُ المُحْصنات، وأكْلُ مالِ اليتيمِ، والفِرارُ مِنَ الزَّحفِ، وأكْلُ الرِّبَا"
والحجة في ذلك
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: صَعِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ: "لَا أقْسِمُ، لَا أقْسِمُ". ثُمَّ نَزَلَ فَقَالَ: "أبْشِرُوا، أبْشِرُوا، مَنْ صَلَّى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، واجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ السَّبعَ، نُودِيَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ: ادخُل". قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا قَالَ: "بِسَلَامٍ". قَالَ الْمُطَّلِبُ: سَمِعْتُ مَنْ سَأَلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرو: أَسْمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُهُنَّ؟ قَالَ: نَعَمْ: "عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وإشْرَاكٌ بِاللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وقَذْفُ المُحْصنات، وأكْلُ مالِ اليتيمِ، والفِرارُ مِنَ الزَّحفِ، وأكْلُ الرِّبَا.
ذكر من قال أنها ثمان
أنها ثمان ، الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل المؤمن ، وقذف المحصنة ، والزنا ، وأكل مال اليتيم ، وقول الزور ، واقتطاع الرجل بيمينه وعهده ثمنا قليلا . قول الحسن البصري .
التخريج
أخرجه عبد الرزاق من طريق معمر عنه
ذكر من قال أنها تسع
قيل هي: الإشراك بالله ، وقتل نفس المؤمن بغير حق ، والفرار من الزحف ، وأكل مال ليتيم ، والسحر ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا
الحجة
-روى عبيد بن عمير ، عن أبيه ، وكان من الصحابة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل ما الكبائر ؟ فقال : ( تسع ، أعظمهن الإشراك بالله ، وقتل نفس المؤمن بغير حق ، والفرار من الزحف ، وأكل مال ليتيم ، والسحر ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا ) .
رواه الحاكم في المستدرك
وقيل هي: الإشراك بالله ، وقذف المحصنة ، وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق الوالدين المسلمين ، وأكل الربا ، وإلحاد بالبيت الحرام ، وهذا قول ابن عمر .
والحجة في ذلك
عن طيسلة بن علي النهدي قَالَ: أَتَيْتُ ابْنَ عُمَرَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، وَهُوَ تَحْتَ ظلِّ أرَاكة، وَهُوَ يَصُبُّ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِهِ، فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْكَبَائِرِ، فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "هُنّ سَبْعٌ". قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هُنّ؟ قَالَ: "الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ -قَالَ: قُلْتُ: قَبْلَ الدَّمِ؟ قَالَ: نَعَمْ وَرُغْمًا -وقتلُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحفِ، والسِّحرُ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وعُقوق الْوَالِدَيْنِ، وَإِلْحَادٌ بِالْبَيْتِ الحرامِ قِبْلَتَكُم أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا". رواه البغوي في الجعديات، وروى الخرائطى في مساوئ الأخلاق
وقيل هي: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ بِغَيْرِ حَقِّهَا وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَةِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ ظُلْمًا، وَإِلْحَادٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالَّذِي يَسْتَسْحِرُ وَبُكَاءُ الْوَالِدَيْنِ مِنَ الْعُقُوقِ. وهو قول ابن عمر رواه ابن جرير
ذكر من قال أنها إحدى عشرة
أنها إحدى عشرة : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، واليمين الغموس ، وقتل النفس ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنات ، وشهادة الزور ، والسحر ، والخيانة . قول ابن مسعود.
التخريج
لم أجد له تخريجا
[اذكري من نسبه إليه من المفسرين]
وقيل هي :
الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار من الزحف ، والتغرب بعد الهجرة ؛والزنى ، والعقوق ، والسرقة ، وسب أبي بكر وعمر...وهذا قول عليّ ، وعمرو بن عبيد .
وقيل هي: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفُ المحصنَة، وَالْفِرَارُ مِنَ الزَّحْف، وَالتَّعَرُّبِ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، والسِّحْر، وعُقوق الْوَالِدَيْنِ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَفِرَاقُ الْجَمَاعَةِ، وَنَكْثُ الصَّفْقَةِ وهو وقول علي
تخريج: قول علي أخرجه ابن أبي حاتم من طريق مَالِكِ بْنِ جُوَيْنٍ
ومنهم من اقتصر على ذكر كبيرة واحدة
الخمر
من قال أن أكبر الكبائر هي الخمر.وهو قول عمرو بن العاص
وذكر في ذلك حديثا يرفعه للنبي صلى الله عليه و سلم:
فَقَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْخَمْرِ فَقَالَ: "هِيَ أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ، وَأُمُّ الْفَوَاحِشِ، مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ تَرَكَ الصَّلَاةَ وَوَقَعَ عَلَى أُمِّهِ وَخَالَتِهِ وَعَمَّتِهِ" .أخرجه ابن أبي حاتم وقال ابن كثير غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
التسبب في شتم الوالدين: وهو قول عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو
قال : -قَالَ: "مِنَ الْكَبَائِرِ أَنْ يَشْتُم الرجلُ وَالِدَيْهِ": قَالُوا: وَكَيْفَ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ؟ قَالَ: "يَسُبُّ الرجلُ أَبَا الرَّجُلِ فيسبَّ أَبَاهُ، ويسُبُّ أمَّه فيسب أمه"
والحجة في ذلك
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إن مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ أَنْ يَلْعَن الرجلُ وَالِدَيْهِ". قَالُوا: وكيفَ يَلْعَنُ الرجلُ وَالِدَيْهِ؟! قَالَ: "يَسُبُّ الرجلُ أَبَا الرَّجُلِ فيسبَّ أَبَاهُ، ويسُبُّ أمَّه فَيَسُبُّ أُمَّهُ". أخرجه الشيخان
-وفي صَّحِيحِ البخاري عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "سِبابُ الْمُسْلِمِ فُسُوقٌ، وقِتاله كُفْر"
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عِرْضُ الرَّجُلِ الْمُسْلِمِ، والسَّبَّتَان والسَّبَّة. رواه ابن أبي حاتم
-وفي رواية : "مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ استطالةُ المرْءِ فِي عِرْضِ رجلٍ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَمِنَ الْكَبَائِرِ السَّبَّتَانِ بِالسَّبَّةِ". أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ فِي سُنَنِهِ
وقيل هو شتم أبي بكر وعمر وهو قول مغيرة
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق جرير عن مغيرة قال: كَانَ يُقَالُ شَتْمُ أَبِي بَكْرٍ وَعُمْرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مِنَ الْكَبَائِرِ.
الجمع بين الصلاتين من غير عذر:
-عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ جَمَعَ بَيْنَ الصَّلاتين مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، فَقَدْ أَتَى بَابًا مِنْ أَبْوَابِ الْكَبَائِرِ". رواه ابن أبي حاتم والترمذي في السنن وقال وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، ضَعَّفَهُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ"
-و وجه ابن كثير بأن محل ارتكاب الكبيرة هو أن يجمع بين الصلاتين كالظهر والعصر أو المغرب والعشاء بغير عذر من الأعذار الشرعية؛ فمن باب أولى أن يكون تارك الصلاة مرتكب لكبيرة من الكبائر
سوء الظن وهو قول ابن عمر
- عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ سُوءُ الظَّنِّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ". رواه ابن مردويه. قال ابن كثير حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا.
- الإضرار بالوصية وهو قول ابن عباس
-عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "الإضْرَارُ فِي الوَصِيَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ". رواه ابن أبي حاتم وقال وهو الصحيح عن ا بن عباس من قوله
ذكر من قال أنها إلى السبعين أقرب وهو قول ابن عباس وأبي العالية
-
التخريج
قول ابن عباس
أخرجه عبد الرزاق و ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق طاووس عن ابن عباس
وفي وراية لابن جرير قال ابن عباس:" هِيَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعٍ وَسَبْعٍ. قال سُلَيْمَانُ- وهو أحد رواة الحديث -: فَمَا أَدْرِي كَمْ قَالَهَا مِنْ مَرَّةٍ.
ذكر من قال أنها إلى سَبْعِمِائَةٍ أقرب وهو قول ابن عباس
تخريج
قول ابن عباسأخرجه ابن جرير و ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير...وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، مِنْ طريق شِبْلٍ، بِهِ.
أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: كَمِ الْكَبَائِرُ؟ سَبْعٌ؟ قَالَ: هُنَّ إِلَى سَبْعِمِائَةٍ أَقْرَبُ مِنْهَا إِلَى سَبْعٍ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ، وَلَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ.
القول الثاني
تعيين الكبائر بالحد
الكبائر لا تحصر بعدد معين بل تعرف بالحد وهو قول عبد الله ابن مسعود (32)؛ابن عباس(68) ؛إبراهيم النخعي(96) ؛ وهو اختيار الزجاج؛ وهؤلاء اختلفوا في تعين حد الكبائر
- القول الأول
الْكَبَائِرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى ثَلَاثِينَ آيَةً مِنْهَا. وهو قول ابن مسعود وابن عباس وإبراهيم النخعي
وهو قول مقاتل
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: الْكَبَائِرُ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ النِّسَاءِ إِلَى ثَلَاثِينَ آيَةً مِنْهَا ثُمَّ تَلَا {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ [نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلا كَرِيمًا]
تخريج
قول ابن مسعود رواه الطبري من ؛ طريق إِبْرَاهِيمَ، و عَلْقَمَةَ، و زِرّ بْنِ حُبيشِ كلها عن ابن مسعود وعبد بن حميد كما عند السيوطي
قول ابن عباس: أخرجه بن المنذر من طريق سعيد بن جبير عنه.
قول إبراهيم أخرجه ابن جرير
القول الثاني: الكبائر كل ذنب يختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ...وهو قول ابن عباس وسعيد ابن جبير ومجاهد ، والضحاك ، والحسن البصري وهو اختيار الزجاج .
وقال ابن عباس أيضاً وغيره : «الكبائر » كل ما ورد عليه وعيد بنار أو عذاب أو لعنة أو ما أشبه ذلك .
قال الزجاج:الكبائر حقيقتها أَنها كل ما وعد اللَّه عليه النار نحو القتل والزنا والسَّرقة وأَكلِ مالِ اليتيم.اهـ
التخريج:
-قول ابن عباس أخرجه ابن جرير و ابن أبي حاتم من طريق عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْكَبَائِرُ كُلُّ ذَنْبٍ خَتَمَهُ اللَّهُ بِنَارٍ أَوْ غَضِبَ أَوْ لَعْنَةٍ أَوْ عَذَابٍ.
-و أخرجه ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قَالَ: الْكَبَائِرُ: كُلُّ مَا وَعَدَ اللَّهُ عَلَيْهِ النَّارَ كَبِيرَةٌ.
-قول سعيد بن جبير أخرجه ابن جرير من طريق محمد بن واسع
قول الضحاك أخرجه ابن جرير من طريق جويبر عنه
قول مجاهد أخرجه ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن أبينجيح عنه
قول الحسن البصري أخرجه ابن جرير من طريق سالم عنه
القول الثالث: أنها كل ما عُصي الله به ، وهو قول ابن عباس ، وعبيدة .
التخريج:
قول ابن عباس
أخرجه ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن سرين عن ابن عباس قال: كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة وقد ذكرت الطرفة يهني :النظرة."
..وهذا سند ضعيف لأن محمد بن سرين لم يسمع من ابن عباس
وأخرجه ابن جرير من طريق أبي الوليد قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنِ الْكَبَائِرِ فَقَالَ هِيَ كُلُّ شَيْءٍ عُصِيَ اللَّهُ فِيهِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ.
قول عبيدة السلمانيأخرجه ابن المنذر والبيهقي من طريق ابن سرين عنه
نسب ابن عطية هذا القول لأئمة الكلام : كالقاضي وأبو المعالي لأن الذنوب كلها كبائر من حيث هي ذنوب ولكن بعضها أكبر من بعض فسميت بهذا الاعتبار كبائر و صغائر
قال ابن عطية :" وإنما قيل : صغيرة بالإضافة إلى أكبر منها وهي في نفسها كبيرة من حيث المعصي بالجميع واحد" اهـ
القول الرابع : أنها كل ما أوجب الله عليه النار في الآخرة ، والحد في الدنيا ، روى هذا المعنى أبو صالح ، عن ابن عباس ، والضحاك .
القول الخامس: أنها كل ما لا تصح معه الأعمال ، وهذا قول زيد بن أسلم
تخريج
قول زيد بن أسلم أخرجه ابن وهب في الجامع وابن أبي حاتم من طريق عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عيَّاش، قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ الْكَبَائِرِ: .... وَالْقَوْلُ الَّذِي لَا يَصْلُحُ مَعَهُ عَمَلٌ، وَأَمَّا كُلُّ ذَنْبٍ يَصْلُحُ مَعَهُ دِينٌ، وَيُقْبَلُ مَعَهُ عَمَلٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ السَّيِّئَاتِ بِالْحَسَنَاتِ.
وهذا القول نسبه ابن عطية إلى فرقة من الأصوليين ؛قال رحمه الله :"وقالت فرقة من الأصوليين : هي في هذا الموضع أنواع الشرك التي لا تصلح معها الأعمال "
اختلاف أهل العلم في تتعين الكبائر
أثار هذه المسألة ابن كثير بقوله :" وَقَدِ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ فِي حَدِّ الْكَبِيرَةِ."
عرض الأقوال أهل العلم في تفسيرهم للكبيرة :
- الأول: أَنَّهَا الْمَعْصِيَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحَدِّ.
-الثَّانِي: أَنَّهَا الْمَعْصِيَةُ الَّتِي يَلْحَقُ صَاحِبَهَا الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ بِنَصِّ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ.
علق ابن كثير على هذا القول بقوله :" وَهَذَا أَكْثَرُ مَا يُوجَدُ لَهُمْ"
والقولان نسبهما لأبي القاسم عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّافِعِيُّ
-الثَّالِثُ: كُلُّ جَرِيمَةٍ تُنْبِئُ بِقِلَّةِ اكْتِرَاثِ مُرْتَكِبِهَا بِالدِّينِ وَرِقَّةِ الدِّيَانَةِ، فَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلْعَدَالَةِ. نسبه إلى إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "الْإِرْشَادِ" . وغيره
-الرَّابِعُ: كُلُّ فِعْل نَصَّ الْكِتَابُ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَكُلُّ مَعْصِيَةٍ تُوجِبُ فِي جِنْسِهَا حَدًّا مِنْ قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَتَرْكُ كُلِّ فَرِيضَةٍ مَأْمُورٍ بِهَا عَلَى الْفَوْرِ، وَالْكَذِبُ فِي الشَّهَادَةِ، وَالرِّوَايَةِ، وَالْيَمِينِ. نسبه إلى الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ أَنَّ الْكَبِيرَةَ.
-ثم ذكر ابن كثير من فصل من أهل العلم في تفسير الكبيرة و سردها سردا مثل القاضي الروياني ؛والمقدسي في كتابه العدة
الترجيح:
قرر ابن عطية أن الأحاديث التي جاءت بالتنصيص على بعض الكبائر لا يعد حصرا لها بل هو من باب التفسير بالمثال .ونسب هذا إلى أئمة الكلام: القاضي وأبو المعالي.وغيرهما
وابن كثيرا أيضا قرر أن من قال أن الكبائر سبع لا يعد هذا حصرا لها ولا نفيا لما عداهن إلا عند من يقول بمفهوم اللقب ومفهوم اللقب ضعيف .
ومال ابن كثير في ترجيحه إلى أن الكبائر كل معصية موجبة للحد او هي ما أوعد الله عليه النار
أما ابن جرير فقد رجح أن الكبائر هي التي ورد تعيينها بالنص الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ فيجب التوقف مع النص في بيانها ولا يتعداه
قال رحمه الله:"
وأولى ما قيل في تأويل الكبائر بالصحة : ما صحّ به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون ما قاله غيره ، وإن كان كل قائل فيها قولاً من الذين ذكرنا أقوالهم ، قد اجتهد وبالغ في نفسه ، ولقوله في الصحة مذهب ،"اهـ
وبمثل قوله رجح القاسمي: قال رحمه الله :" وعندي أن الصواب هو الوقوف في تعدادها على ما صحت به الأحاديث . فان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبين لكتاب الله عز وجل ، أمين على تأويله . والمرجع في بيان كتاب الله تعالى إلى السنة الصحيحة . كما أن المرجع في تعريف الكبيرة إلى العد دون ضبطها بحد . كما تكلفه جماعة من الفقهاء ، وطالت المناقشة بينهم في تلك الحدود . وان منها ما ليس جامعا . ومنها ما ليس مانعا . فكله مما لا حاجة إليه بعد ورود صحاح الأخبار في بيان ذلك "اهـ
معنى نكفر
المراد بالسيئات
الصغائر
ويظهر مما ذكر من كلام المفسرين أن الصغار : الذنوب التي
تسوء العبد في ذاتها من غير تعد ويرتكبها الشخص من غير إصرار ؛ وإن كان ثمة إصرار فليست صغيرة .
مسألة القطع بتكفير الصغائر باجتناب الكبائر
فيه قولان
القول الأول: مذهب جماعة من الفقهاء وأهل الحديث يرون أن الرجل إذا اجتنب الكبائر وامتثل الفرائض ، كفرت صغائره قطعا
والحجة في ذلك ظاهر هذه الآية وظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه الإمام مسلم في كتاب الوضوء ، عن عثمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«ما من امرىء مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ، ما لم يأت كبيرة ، وذلك الدهر كله »
- وكذا ما رواه الإمام أحمد عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ " قُلْتُ: هُوَ الْيَوْمَ الَّذِي جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ أَبَاكُمْ. قَالَ: "لَكِنْ أدْرِي مَا يَوْمُ الجُمُعَةِ، لَا يَتَطَهَّرُ الرَّجُلُ فيُحسِنُ طُهُوره، ثُمَّ يَأْتِي الجُمُعة فيُنصِت حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ، إِلَّا كَانَ كَفَّارَةً لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ الْمُقْبِلَةِ، مَا اجْتُنبت الْكبائر
-
-و روى ابن جرير من طريق سعيد عن قتادة قال: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ} الْآيَةَ: إِنَّمَا وَعَدَ اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ لِمَنِ اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ. وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "اجْتَنِبُوا الْكَبائر، وسَدِّدُوا، وأبْشِرُوا"...
-ومما يحتج أيضا لهذا ما رواه عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَفاعتي لأهْلِ الكبائرِ مِنْ أُمَّتِي".
قال ابن كثير إِسْنَادٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ .
- و قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خُيِّرْتُ بَيْنَ الشَّفَاعَةِ، وَبَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ نِصْفُ أُمَّتِي الْجَنَّةَ، فَاخْتَرْتُ الشَّفَاعَةَ، لِأَنَّهَا أَعَمُّ وَأَكْفَى، أَتُرَوْنَهَا لِلْمُتَّقِينَ؟ لَا، وَلَكِنَّهَا لِلْمُذْنِبِينَ، الْخَطَّائِينَ الْمُتَلَوِّثِينَ» رواه أحمد وابن ماجه
القول الثاني: مذهب الأصوليين أنه لا يجب القطع بتكفير الصغائر باجتناب الكبائر.
وإنما يحمل ذلك على غلبة الظن وقوة الرجاء ، والمشيئة ثابتة .
والحجة في ذلك:
واستدل أصحاب هذا القول بدلالة النص و دلالة النظر و العقل :
دلالة النص أن قوله تعالى " نكفر عنكم سيئاتكم " مطلق ؛ ورد من الآيات ما يقيده وهو قول تعالى :"" { به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
دلالة النظر
- قالوا :" لو قطعنا لمجتنب الكبائر وممتثل الفرائض بتكفير صغائره قطعاً لكانت له في حكم المباح الذي يقطع بأنه لا تباعة فيه وذلك نقض لعرى الشريعة."اهـ
تنبيه :
ذكر ابن عطية أن "محمل الكبائر عند الأصوليين في هذه الآية أجناس الكفر؛فالكفر أنواع كثيرة ؛ فمن اجتنب عين الكفر كان ما وراءه مغفورا ؛ وهذا موافق لصريح قوله تعالى : {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء }
" فإن كان الأمر كما ذكر ؛ فيجب أولا تحرير محل النزاع بين الفريقين؛ في المراد بالسيئات و المراد بالكبائر ثم إعادة النظر في المسألة
- فالكبائر عند أصحاب القول الأول هي كبائر الآثام التي لم تصل إلى الشرك والسيئات هي دونها وأقل منها
-أما أصحاب القول الثاني وهم الأصوليين فالكبائر عندهم أجناس الكفر و السيئات هو ما دونها أي دون الكفر فيدخل فيها الكبائر الآثام التي هي دون الكفر و أيضا الصغائر التي هي دون الكبائر
معنى "كريما"
قال ابن عطية:" يقتضي كرم الفضيلة ونفي العيوب ، كما تقول : ثوب كريم ، وكريم المحتد" اهـ
مسألة استطرادية
المصنفات في الكبائر
من المصنفات في الكبائر كتاب "الكبائر" للإمام الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ ؛ وجمع في كتابه حوالى سبعين كبيرة
والله أعلم
اكتفيت بتطبيق هذه الآية لطولها وكثرة الآثار والأحاديث الواردة فيها فقد أخذت منى جهد ووقت كبير.