اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بدرية صالح
خرّج جميع الأقوال التالية ثمّ حرر المسائل التفسيرية المتعلقة بها:
1: قول عائشة رضي الله عنها في لغو اليمين: (هو لا والله، وبلى والله، ما يتراجع به الناس).
رواه عبدالرزاق في تفسيره ، والنسائي في سننه وابن جرير في تفسيره من طريق عروة ابن الزبير ....عن يحيى، عن هشام بن عروة، عن أبيه،عن طريق عروة ابن الزبير عن عائشة
رواه ابن جرير في تفسيره عن طريق ابن إسحاق، عن الزّهريّ، عن القاسم ……
ورواه ابن جرير قولاً عن حكّام بن سلمٍ، عن عبد الملك، عن عطاءٍ ...
وقال بهذا القول ابن عباس وعكرمة والشعبي وأبو قلابة ..
[مخرج الأثر في هذه الأسانيد كان " عروة في الطريق الأولى، وعطاء في الطريق الثانية
ولاختلاف الألفاظ في الروايات يمكننا أن نذكر الراوي عنهما فقط
يعني مثلا من طريق هشام عن عروة عن عائشة أنها قالت " ....." ونذكر نص الرواية]
ومعناه هو الحلف من غير قصد ويكون في درج الكلام عند العامة كقول لاوالله وبلى والله وغيرها مما أعتاد عليه بعض الناس.
قال الألوسي : اللَّغْوُ السّاقِطُ الَّذِي لا يُعْتَدُّ بِهِ مِن كَلامٍ وغَيْرِهِ، ولَغْوُ اليَمِينِ .
وعِنْدَ الشّافِعِيِّ ؛ ما سِيقَ لَهُ اللِّسانُ، وما في حُكْمِهِ مِمّا لَمْ يُقْصَدْ مِنهُ اليَمِينُ؛ كَقَوْلِ العَرَبِ: لا واللَّهِ، لا بِاللَّهِ، لِمُجَرَّدِ التَّأْكِيدِ.
الأقوال الأخرى في اللغو في اليمين :
الأول : حلف الإنسان على الشّيء يظنّ أنّه الّذي حلف عليه، فإذا هو غير ذلك ، وهو قول أبو هريرة وابن عباس والحسن ومجاهد وإبراهيم وقتادة وابن أبي نجيح وسليمان بن يسار.
الثاني : من يحلف من غير عقد وعزم وهو في حالة غضب ، وهو قول ابن عباس وطاووس.
الثالث : الحلف على فعل ما نهى اللّه عنه، وترك ما أمر اللّه بفعله، وهو قول ابن عباس و سعيد بن جبير والشعبي ومسروق .
ودلالة وعلة ذلك مارواه ابن جرير في تفسيره عن طريق عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: من نذر فيما لا يملك فلا نذر له، ومن حلف على معصيةٍ للّه فلا يمين له، ومن حلف على قطيعة رحمٍ فلا يمين لا.
الرابع : هو اليمين الذي بمعنى الدّعاء من الحالف على نفسه إن لم يفعل كذا وكذا، وهو قول زيد بن أسلم.
الخامس : اللّغو في الأيمان: ما كانت فيه كفّارةٌ، وهو قول ابن عباس والضحاك.
قال الزجاج : وإنّما قيل له لغو لأن الإثم يسقط فيه إذا وقعت الكفارة.
السادس : اللّغو من الأيمان: هو ما حنث فيه الحالف ناسيًا ، وهو قول إبراهيم.
فهذه الأقوال من مترادفات القول لاتعارض فيها ، لكن يرجحها ماتواترت من طرق قول عائشة رضي الله عنها ... [ليست مترادفة، الترادف يعني أنها مختلفة لفظًا متوافقة معنى، فلا يوجد خلاف في الأصل.
وخلاف التنوع يعني هناك خلاف في المعنى لكن يمكن الجمع بين الأقوال.
ولكن الخلاف في هذه المسألة من خلاف التضاد فلا يمكن الجمع بين الأقوال.
ومنشأ الخلاف، هل اللغو هو السقط في الكلام دون انعقاد القلب عليه فقط، أم يدخل فيه ما لم يحصل به إثم ومؤاخذة]
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال قول عائشة لأن يحيى القطان قال حدثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبي عن عائشة في قوله: {لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم} قالت: نزلت في قول الرجل لا والله وبلى والله.
فهذا إخبار منها عن علمها بحقيقة ما نزلت فيه هذه الآية.
2: قول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قول الله تعالى: {ومهيمنا عليه} قال: (مؤتمناً عليه).
القول الأول : مؤتمناً عليه ، قول ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن وعكرمة
أخرجه ابن وهب المصري وسعيد بن منصورفي سننه وابن حجر في فتح الباري وابن أبي حاتم في تفسيره وابن جرير في تفسيره عن محمّد بن طلحة عن ابن عباس …
[طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، بلفظ " أمينًا " ، ,ليس مؤتمنًا]
وأخرجه ابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طرق عن أبي إسحاق عن التميمي … [نذكر منتهى الإسناد " ابن عباس" رضي الله عنهما]
الأقوال الأخرى في قوله تعالى :(ومهيمناً عليه} :
الأول : أي شديداً عليه ،قول ابن عباس والسدي وقتادة ومجاهد رواه عبدالرزاق في تفسيره وابن جرير في تفسيره
الثاني : معناه المهيمن المصدق ، قول ابن زيد
الثالث : سيداً عليه. قول ابن عباس والسدي.
الرابع : أميناً عليه ، ذكره البخاري
جميع هذه الأقوال تحتمل هذه المعاني وجميعها مايختص بشأن القرآن ومايهمه ..
قال ابن جرير : وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرّجل الشّيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلانٌ عليه، فهو يهيمن هيمنةً، وهو عليه مهيمنٌ.
3: قول عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما في تفسير قول الله {وفي أنفسكم أفلا تبصرون} قال: «سبيل الخلاء والبول»
أخرجه ابن عبدالرزاق في تفسيره وابن جرير في تفسيره والبيهقي عن طريق ابن جريج عن محمد بن المرتفع عن عبدالله بن الزبير [مخرج الأثر ابن المرتفع]
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق السدي ....
وهذا القول مبني على وظيفة من وظائف خلق الأنسان في بدنه .
والأقوال الأخرى :
الأول : خلق الله وتسوية مفاصل أبدانكم وجوارحكم دلالةٌ لكم على أن خلقتم لعبادته.قول ابن زيد وقتادة .
وهذا القول لعموم النفس البشرية ومافيها من أجزاء خلقت وسويت لمهام قدّرها الله سبحانه وتعالى لتقوم بها لتستمر الحياة إلى أن يشاء الله.
الثاني : في خَلْقِكم مِن تُرابٍ ثُمَّ إذا أنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ.ذكره الماوردي
الثالث : في حِياتِكم ومَوْتِكم وفِيما يَدْخُلُ ويَخْرُجُ مِن طَعامِكم، قالَهُ السُّدِّيُّ.ذكره الماوردي.
الرابع : في الكِبَرِ بَعْدَ الشَّبابِ، والضَّعْفِ بَعْدَ القُوَّةِ، والشَّيْبِ بَعْدَ السَّوادِ، قالَهُ الحَسَنُ.ذكره الماوردي .
جميع هذه الأقوال تحتمل هذا المعنى ، لما تسوية الإنسان وبديع صنعه وماأوكل من وظائف لكل حاسة وعضو من أجزاء جسمه ، لكل منها مهامه الخاصة، لايطغي بعضها على بعض فسبحان الله رب العالمين.
قال ابن جرير : والصّواب من القول في ذلك أن يقال: معنى ذلك: وفي أنفسكم أيضًا أيّها النّاس آياتٌ وعبرٌ تدلّكم على وحدانيّة صانعكم، وأنّه لا إله لكم سواه.
وقال ابن عطية : إحالة على النظر في شخص الإنسان، فإنه أكثر المخلوقات التي لدينا عبرة لما جعل الله تبارك وتعالى فيه -مع كونه من تراب- من لطائف الحواس، ومن أمر النفس وحياتها ونطقها، واتصال هذا الجزء منها بالعقل .
4: قول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في المراد بالصراط المستقيم قال: (الإسلام).
المراد بالصراط المستقيم : هو الطريق المستقيم الذي لاعوج فيه ،دين الإسلام . قول جابر بن عبدالله ، وابن عباس ، وابن الحنيفية وعبدالله بن زيد بن أسلم.
أخرجه ابن جرير عن عبد اللّه بن محمّد بن عقيلٍ، عن جابر بن عبد اللّه … [التخريج ناقص]
فصفة المستقيم لازمة للصراط ويحتملها المعنى ، وهو الذي لاعاوجاج فيه ولا انحراف .
الأقوال في الصراط المستقيم :
الأول : القرآن. قول علي رضي الله عنه. أخرجه ابن جرير من طرق عن الحارث.
فالقرآن هو الطريق الموصل إلى الإستقامة والرشد ، وهو الهداية والإرشاد.
الثاني : قيل هو رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وصاحباه من بعده: أبو بكرٍ وعمر، قول وابن عباس وأبو العالية .
اتباع النبي الكريم والإهتداء بهديه هو الطريق الموصل للجنة والصراط المستقيم ، قال تعالى :( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ …) ، فهدي النبي الكريم هو أهم السبل لهذا الطريق المستقيم.
الثالث : الحق. قول مجاهد.
مضمون معنى الصراط هو الطريق الواضح البين ، وطريق الحق يتضمن ذلك ، قال تعالى :( وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماءً غدقاً …)
جميع هذه الأقوال تحتمل هذا المعنى ، وجميعها موصله للهداية والاستقامة ، فالصراط المستقيم هو الطريق الحق الواضح البين الذي لاعوج فيه ، باتباع القرآن وهدي النبي الكريم لدين الإسلام الموصل إلى الجنان بتدبير الرحمن سبحانه ، قال تعالى : ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه )، فهو الدين المرشد إلى الاستقامة والهداية ، وهو الطريق الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده ، وهداهم له ، قال تعالى :( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ …) ، وقال تعالى :( وَإنَّكَ لَتَهْدِي إلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ ).
قال أبو جعفرٍ: أجمعت الحجة من أهل التّأويل جميعًا على أنّ الصّراط المستقيم هو الطّريق الواضح الّذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب.
5: قول أنس بن مالك رضي الله عنه في تفسير قول الله تعالى: {كشجرة خبيثة} قال: (الحنظل).
المراد بالشجرة الخبيثة هي الحنظل ، قول أنس بن مالك ومجاهد
أخرجه الترمذي في سننه وابن جرير في تفسيره وابن أبي حاتم والهيثمي في موارد الضمآن مرفوعاً عن طريق شعيب بن الحبحاب، عن أنس بن مالك … [مرفوعًا يعني أن القائل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نريد تخريج القول الموقوف على أنس رضي الله عنه.
وإذا روي الأثر من نفس الطريق مرة مرفوعًا ومرة موقوفًا، نذكر الراوي عن " مخرج الأثر " لأنه قد يكون الخطأ منه
مثلا هنا روي من عدة طرق عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك موقوفًا عليه، وروي من طريق حماد بن سلمة عن شعيب عن أنس مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فيبحث هنا علماء الحديث في حال حماد بن سلمة، وروايته عن شعيب لينظروا تصحيحها من عدم]
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره من طرق عن معاوية بن قرّة، عن أنس بن مالكٍ …
والأقوال فيها :
الأول : الشّجرة التي لم تخلق على الأرض ، قول ابن عباس .
الثاني : الكشوثا ، قاله الزجاج والشوكاني.
الثالث : شجرة الثوم. ذكره الشوكاني
الرابع : الكمأة ، ذكره الشوكاني
الخامس : الطحلبة ، ذكره الشوكاني.
فالراجح أن هذه الشجرة ليست معينة ، بل ماتشتمل عليه من رائحة أو طعم أو وصف فهي المراد بالشجرة الخبيثة ، ولكن الأغلب قال أنها الحنظلة والله أعلم.
قال الزمخشري : هي كل شجرة لا يطيب ثمرها كشجرة الحنظل والكشوث.
قال ابن عطية : والظاهر عندي أن التشبيه وقع بشجرة غير معينة إذا وجدت فيها هذه الأوصاف، فالخبث هو أن تكون كالعضاة، أو كشجرة السموم ونحوها إذا اجتثت، أي اقتلعت جثتها بنزع الأصول، وبقيت في غاية الوهن والضعف فتقلبها أقل ريح.، فالكافر يرى أن بيده شيئا، وهو لا يستقر ولا يغني عنه، كهذه الشجرة التي يظن بها على بعد -أو للجهل بها- أنها شيء نافع، وهي خبيثة الجنى غير باقية).
|
التقويم: د+
بارك الله فيكِ ونفع بكِ.