1. (عامّ لجميع الطلاب)
اذكر ما استفدته من فقه الدعوة من خلال دراستك لتفسير سورة نوح، مع الاستدلال لما تقول.
1 – أن الداعي إلى الله تعالى يجب عليه أن يبين لقومه ما أرسل به من النذارة والبشارة بيانا واضحا شافيا تزال به كل الشبهات ( قال يا قوم إني لكم نذير مبين ) .
2 – أن أول ما يدعوا إليه الداعي إلى الله تعالى هو التوحيد بإفراد الله بالعبادة فلا يعبد سواه و يأمرهم بالتقوى و العمل الصالح ( أن اعبدوا الله و اتقوه و أطيعون ) .
3 – من فقه الدعوة أن يعلق الداعي إلى الله قلوب المدعوين بالله تعالى فلا يطلبون من غيره شيئا ؛ من مغفرة الذنوب , و طلب الرزق , و المطر من السماء , و طلب الولد , ( يغفر لكم ذنوبكم ) الآية , ( يرسل السماء عليكم مدرارا , ويمددكم بأموال و بنين ) .
4 – أن لا يفتر الداعي إلى الله عن دعوته في أي وقت بل يدعوا إلى الله في كل وقت ممكن ( قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ) .
5 – أن يكون الداعي على يقين أنه سيجد من يصده عن دعوته ويقف أمامها فلا يثنيه ذلك عن الدعوة بل يزيده ذلك إصرار تبليغ الدعوة للناس ( فلم يزيدهم دعائي إلا فرارا ) .
6 – على الداعي أن ينوع أسلوبه في الدعوة إلى الله تعالى بذكر الأمثلة على الخلق والرزق و التدبير , وذكر البعث وغيرها , ( و الله أنبتكم من الأرض نباتا , ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا ) , ( وقد خلقكم أطوارا ) .
المجموعة الثالثة:
1. فسّر قوله تعالى:
{فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (39) فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ (40) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (41)}.
- فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ : يخبر تعالى منكرا حال الكفار الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , فقد شاهدوا التنزيل و عاينوا دلائل النبوة , فمالهم يا محمد نافرين عن سماع دعوتك , مسرعين للتكذيب بها , مستهزئين بك , مادي أعناقهم مديمي النظر إليك , وهذه الآية مثل قوله تعالى {فما لهم عن التّذكرة معرضين (49) كأنّهم حمرٌ مستنفرةٌ (50) فرّت من قسورةٍ} فهؤلاء الكفار مشردون يمينا وشمالا فرقا وشيعا .
- عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ : ذكر في معنى الآية أقوال :
الأول : قبلك ينظرون . و العزين العصب من الناس ,عن يمين وشمال معرضين يستهزئون به . قاله ابن عباس .وذكره ابن كثير .
الثاني : متفرقين يأخذون يمينا وشمالا يقولون : ما قال هذا الرجل . قاله الحسن . و ذكره ابن كثير .
الثالث : عامدين . أي : فرقا حول النبي صلى الله عليه وسلم لا يرغبون في كتاب الله ولا في نبيه صلى الله عليه وسلم . قاله قتادة . وذكره ابن كثير .
وعزين : واحدها عزة , أي متفرقين .عن جابر بن سمرة؛ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم خرج عليهم وهم حلقٌ، فقال: "ما لي أراكم عزين؟ "
أي : فمال هؤلاء الكفار متفرقين في جماعات حول النبي صلى الله عليه وسلم عن اليمين والشمال كل فرح بما لديه
- أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ : نزلت الآية بسبب أن المشركين كانوا يقولون : لئن دخل هؤلاء الجنة لندخلن قبلهم .فبأي سبب طمع هؤلاء المشركون في دخول الجنة ؛ فهم لم يقدموا سوى الكفر , والجحود برب العالمين , بل إن مأواهم نار الجحيم .
- كَلَّا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ : أي : أن الأمر ليس كما يتمنون , بل إننا خلقناهم من القذر الذي يعلمونه , فلا ينبغي لهم التكبر . و في هذه الآية تقرير بوقوع المعاد و العذاب الذي أنكروه مستدلا على ذلك بالبداءة التي الإعادة أهون منها .
- فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ : أي : أقسم بالمشارق والمغارب , مشرق كل يوم من السنة ومغربها إنا لقادرون على البعث والنشور و المعاد و الحساب لا كما يزعم هؤلاء المشركون ولكن ذلك واقع وكائن لا محالة . ولهذا أتى ب "لا" في ابتداء القسم ليدلّ على أنّ المقسم عليه نفيٌ، وهو مضمون الكلام، وهو الرّدّ على زعمهم الفاسد في نفي يوم القيامة .
- عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ : ذكر في معنى الآية أقوال :
الأول : أي : وما نحن بعاجزين يوم القيامة نعيدهم بأبدان خير من هذه , فإن قدرته صالحة لذلك . ذكره ابن كثير واستدل له بقوله تعالى : (أيحسب الإنسان ألّن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوّي بنانه ) , وقوله : (نحن قدّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين على أن نبدّل أمثالكم وننشئكم في ما لا تعلمون ) .
الثاني : أي : أمة تطيعنا ولا تعصينا . وهو قول ابن جرير وجعلها كقوله تعالى : (وإن تتولّوا يستبدل قومًا غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم ) .
الثالث : أي : ما أحد يسبقنا و يفوتنا و يعجزنا إذا أردنا أن نعيده . ذكره السعدي .
الرابع : أي : على أن نخلق أمثل منهم , و أطوع لله ممن عصوه , ونهلك هؤلاء , وما نحن بمغلوبين إذا أردنا ذلك . ذكره الأشقر وهو قريب من قول ابن جرير .
ورجح ابن كثير القول الأول فقال : والمعنى الأول أظهر لدلالة الآيات الأخر عليه، واللّه أعلم .
2: حرّر القول في كل من:
أ: المراد باليوم في قوله تعالى: {تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة}.
ذكر في المراد باليوم أقوال :
الأول : مسافة ما بين العرش العظيم إلى أسفل السافلين , و هو قرار الأرض السابعة . وهو قول ابن عباس ذكره عنه ابن كثير واستدل له بقوله : عن ابن عبّاسٍ قوله: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} قال: منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق السموات مقدار خمسين ألف سنةٍ ويومٌ كان مقداره ألف سنةٍ. يعني بذلك: تنزل الأمر من السّماء إلى الأرض، ومن الأرض إلى السّماء في يومٍ واحدٍ فذلك مقداره ألف سنةٍ؛ لأنّ ما بين السّماء والأرض مقدار مسيرة خمسمائة سنةٍ.
الثاني : مدة بقاء الدنيا منذ خلق الله هذا العالم إلى قيام الساعة . وهو قول مجاهد و عكرمة . ذكره ابن كثير والسعدي و استدل ابن كثير له بقوله : عن مجاهدٍ: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} قال: الدّنيا عمرها خمسون ألف سنةٍ. وذلك عمرها يوم سمّاها اللّه تعالى يوم، {تعرج الملائكة والرّوح إليه في يومٍ} قال: اليوم: الدّنيا.
الثالث : أنه اليوم الفاصل بين الدنيا و الآخرة . وهو قول محمد بن كعب ذكره عنه ابن كثير و قال عنه أنه قول غريب جدا و استدل له بقوله : محمّد بن كعبٍ: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} قال: هو يوم الفصل بين الدّنيا والآخرة.
الرابع : يوم القيامة .وهو قول ابن عباس , وعكرمة , و الضحاك , وابن زيد . ذكره ابن كثير و السعدي والأشقر و استدل ابن كثير له بقوله عن ابن عبّاسٍ: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} قال: يوم القيامة.
الخامس : ذكر أثر عن ابن عباس أنه توقف في تفسير اليوم المراد من الآية . ذكره ابن كثير فقال : عن ابن أبي مليكة قال: سأل رجلٌ ابن عبّاسٍ عن قوله: {في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ} قال: فاتّهمه، فقيل له فيه، فقال: ما يومٌ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ؟ فقال: إنّما سألتك لتحدّثني. قال: هما يومان ذكرهما اللّه، اللّه أعلم بهما، وأكره أن أقول في كتاب اللّه بما لا أعلم
و الراجح هو القول الرابع أن المراد باليوم هو "يوم القيامة" لما ورد في ذلك من أحاديث منها :
عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ما من صاحبٍ كنزٍ لا يؤدّي حقّه إلّا جعل صفائح يحمى عليها في نار جهنّم، فتكوى بها بجهته وجنبه وظهره، حتّى يحكم اللّه بين عباده في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ ممّا تعدّون، ثمّ يرى سبيله إمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار". وذكر بقيّة الحديث في الغنم والإبل كما تقدّم، وفيه: "الخيل الثلاثة؛ لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجلٍ وزرٌ" إلى آخره.
ب: المراد بالنار في قوله تعالى: {مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا}.
ذكر في المراد بالنار أقوال :
الأول : نقلوا من تيار البحار إلى حرارة النار . ذكره ابن كثير .
الثاني : ذهبت أجسادهم في الغرق , و أرواحهم للنار و الحرق . ذكره السعدي .
الثالث : نار الآخرة . ذكره الأشقر .
الرابع : عذاب القبر . ذكره الأشقر .
وهذه المعاني متقاربة إذ أن المراد هو حصول العذاب على الكافرين المكذبين .
3: بيّن ما يلي:
أ: مراتب العلم.
مراتب العلم ثلاثة :
أولها : علم اليقين , وهو العلم المستفاد بالخبر.
ثانيها : عين اليقين , وهو العلم المدرك بحاسة البصر .
ثالثها : حق اليقين , وهو العلم المدرك بحاسة الذوق و المباشرة .
و المرتبة الثالثة التي هي حق اليقين هي أعلى مراتب العلم .
ب: المراد بالمعارج في قوله تعالى: {من الله ذي المعارج}.
ذكر في معنى المعارج أقوال :
الأول : ذو الدرجات . قاله ابن عباس . ذكره ابن كثير .
الثاني : العلو و الفواضل . قاله ابن عباس . ذكره ابن كثير و السعدي بمعناه.
الثالث : معارج السماء . قاله مجاهد . ذكره ابن كثير والأشقر .
الرابع : ذي الفواضل و النعم . قاله قتادة . ذكره ابن كثير .
الخامس : ذي المصاعد التي تصعد فيها الملائكة . ذكره الأشقر .
و المراد بالمعارج يرجع إلى ثلاث معان هي :
الأول : علو الله تعالى .
الثاني : مصاعد الملائكة .
الثالث : إنعام الله تعالى و تفضله .
ج: الدليل على أن السماوات مبنيّة حقيقة وليست غازات كما يدّعي البعض.
الدليل قوله تعالى : ( يوم تكون السماء كالمهل ) , و قوله تعالى : ( و انشقت السماء فهي يومئذ واهية ) , ففي هاتين الآيتين دليل على أن السموات مبنية حقيقة إذا أنها يوم القيامة تذاب كما يذاب الرصاص والنحاس و الفضة , و تنشق بنزول الملائكة , وكل ذلك يوم القيامة .
والله أعلم