دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 13 محرم 1441هـ/12-09-2019م, 02:37 AM
نورة الأمير نورة الأمير غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز - مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 749
افتراضي

المجموعة الثانية:
( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
تخريج القول:
رواه ابن وهب في الجامع عن الحارث، عن غالب بن عبيد الله، عنه.
وذكر السيوطي أن ابن أبي حاتم أخرجه, ولم أعثر عليه.
وقال به أيضا أبو جعفر, وابن زيد, وكعب, والربيع بن أنس.
وقيل في معنى القدس: البركة. وقيل: الطهر.
أما في قوله "روح القدس" ككلمة مركبة:
قيل: جبريل.
وقال آخرون: أنه الإنجيل.
وقيل: هو الاسم الذي كان يحيي عيسى الموتى.
وقيل: حفظة الملائكة.
وقال الزمخشري: الروح المقدسة . فجعل المعنى على إطلاقه.
وقيل: المطهر.

توجيه القول:
في اللغة: التّقديس: التّطهير، والقدس: الطّهر من ذلك.
وقد قال ابن جرير: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.
ومن أسماء الله تعالى (القدوس), مما يبين وجاهة هذا القول وبيانه.
الترجيح:
القول الراجح: أن (روح القدس) هو (جبريل -عليه السلام-), وقد قال بذلك: ابن مسعود, وقتادة, والسدي, والضحاك, والربيع, وإسماعيل بن أبي خالد, وعطية العوفي, ومحمد بن كعب, ورجحه الزجاج, وابن جرير, وابن كثير, والقرطبي.
روى الطبري وابن كثير عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي الحسين المكّيّ، عن شهر بن حوشبٍ الأشعريّ: أنّ نفرًا، من اليهود سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أخبرنا عن الرّوح. قال: «أنشدكم باللّه وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنّه جبريل، وهو يأتيني؟»، قالوا: نعم.
وقال الطبري: "أولى التّأويلات في ذلك بالصّواب قول من قال: الرّوح في هذا الموضع جبريل؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر أنّه أيّد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} أنه أيده به فلو كان الرّوح الّذي أيّده اللّه به هو الإنجيل لكان قوله: إذ أيّدتك بروح القدس وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل تكرير قولٍ لا معنى له.
ذلك أنّه على تأويل قول من قال: معنى: {إذ أيّدتك بروح القدس} إذ أيّدتك بالانجيل إنّما هو: إذ أيّدتك بالإنجيل، وإذ علّمتك الإنجيل؛ وهو لا يكون به مؤيّدًا إلاّ وهو معلّمه. فذلك تكرير كلامٍ فى ايه واحدٍ من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر، وذلك خلفٌ من الكلام، واللّه تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدةً". ووافقه على ذلك ابن كثير.
وذكر السيوطي أن أخرجوا عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرا في المسجد، فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيه».
- وأخرج ابن حبان، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب».
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه»).[الدر المنثور: 1/ 459-460]
واستدل ابن كثير بقوله: {نزل به الرّوح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* [بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ]} [الشّعراء: 193-195], وما قاله البخاريّ عن ابن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع لحسّان بن ثابتٍ منبرًا في المسجد، فكان ينافح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك». وأخرجه ابن سعيد وأحمد وأبو داود والترمذي. كما ذكر السيوطي, وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وفي شعر حسّان قوله:
وجبريلٌ رسول اللّه ينادي ....... وروح القدس ليس به خفاء]
فإذا تبين لك أن روح القدس هو جبريل, لم يتبق شك في أن معنى (القدس) هو: الله. إذ روح جبريل منسوبة له -سبحانه-, وقد ذكر ابن جرير أنه: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.

( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى)
تخريج القول:
رواه ابن وهب عن شهل عن قرة بن خالد، عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عقيلٍ، قال: سمعت الحسن, وذكرا قوله.
وقال به ابن زيد, والسدي, وقتادة, ومجاهد, وابن مسعود, وابن عباس, وإبراهيم, والضحاك, وأنس بن مالك, وسعيد بن جبير, وعكرمة, وزيد بن ثابت. كما قال بهذا القول غيره, لكن بصيغ أعم تشمل الحرام كله, أو يتمثل ببعضه, وقد يذكرون الرشوة كمثال على ذلك, كمسروق, وزيد, وعلي بن أبي طالب, وأبو هريرة, وابن هبيرة, وعطاء, وعبدالله بن شقيق, وابن عمر, وابن عطية, وابن كثير. ومنهم من يروى عنه تخصيصه برشوة الحكام أو الرشوة في الدين, كابن عباس, وطاوس, وابن مسعود, ومنهم من يذكر أن الهدية للحاكم سحت, ومن أرادها رشوة قاصدا فهو أعظم من ذلك فوصفه بالكفر, كمسروق.
والمقصود التحرز في النقل, وإلا فإن تنوع الأقوال في الروايات لنفس القائل يدل على عمومية المعنى لديه, وأن ما ذكره كان على سبيل التمثيل, ودخول القول الذي ذكره الحسن تحته بالمقام الأول, ولهذا اعتبرت الأقوال كلها متعاضدة, لا متعارضة, وسيتم التفصيل عند الترجيح.
أما أهل اللغة فعرفوه بأنه: كسب ما لا يحل. كمعمر بن المثنى, وعبدالله الزيدي, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب.
وذكر ابن قتيبة والزجاج والنحاس أن المقصود الرشا.
توجيه القول:
قال ابن قتيبة: السحت: من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه. وذكر الطبري: أن أصل السّحت: كلب الجوع، يقال منه: فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا -وذكر ابن عطية أن في عبارته بعض اضطراب لأن مسحوت المعدة هو مأخوذ من الاستئصال والذهاب، وليس كلب الغرث أصلا للسحت-.
وإنّما قيل للرّشوة السّحت، تشبيهًا بذلك؛ كأنّ بالمسترشي من الشّره إلى أخذ ما يعطاه من ذلك مثل الّذي بالمسحوت المعدة من الشّره إلى الطّعام، يقال منه: سحته وأسحته، لغتان محكيّتان عن العرب، ومنه قول الفرزدق بن غالبٍ:.
وعضّ زمانٍ يا ابن مروان لم يدع = من المال إلاّ مسحتًا أو مجلّف
يعني بالمسحت: الّذي قد استأصله هلاكًا بأكله إيّاه وإفساده، ومنه قوله تعالى: {فيسحتكم بعذابٍ} وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله.
وذكر ابن عطية أن المال الحرام سمي سحتا لأنه يذهب وتستأصله النوب، كما قال عليه السلام «من جمع مالا من تهاوش أذهبه الله في نهابير»، وقال مكي سمي المال الحرام سحتا لأنه يذهب من حيث يسحت الطاعات أي يذهب بها قليل قليلا، وقال المهدوي من حيث يسحت أديانهم.
إلا أنه ذكر أنه مردود لأن السيئات لا تحبط الحسنات اللهم إلا أن يقدر أنه يشغل عن الطاعات فهو سحتها من حيث لا تعمل، وأما طاعة حاصلة فلا يقال هذا فيها، وقال المهدوي سمي أجر الحجام سحتا لأنه يسحت مروءة آخذه.
أقول: رحم الله ابن عطية, فكلامه يرد عليه قوله تعالى :"يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون", مما يدل على إحباط العمل الحسن بالسيء.
ومن هنا تتبين وجاهة القول ومدى صلته بمعنى الآية, إذ المعنى اللغوي يؤكد المعنى الشرعي ويبين علاقته.
الترجيح:
الراجح كما تبين من فلتات حديثنا سابقا أن السحت هو الكسب الحرام عامة, وهو ينطبق على الرشا بالمقام الأول لكثرة من قال به ونقله عن رسول الله, ومن تلك الأحاديث:
ما رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الموالي، عن عمر بن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: كلّ لحمٍ أنبته السّحت فالنّار أولى به قيل: يا رسول اللّه، وما السّحت؟ قال: الرّشوة في الحكم.
وما رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، ثنا أبي عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ قال: قال عكرمة: إنّ ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
ومن الأحاديث التي تبين عمومية المراد, وأن كل مال حرام هو سحت:
ما رواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال: يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.
فمن هنا يتبين أن الأقوال لا تتعارض, فكلها صحيح إلا أنها من قبيل التفسير بمثال, كما قال بذلك ابن عطية.

( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

تخريج القول:
رواه موسى النهدي وابن جرير عن سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عنه.
وقال به قتادة, والسدي, وابن عباس, والحسن -وله غير ذلك-, والضحاك, والربيع, وابن زيد, ومقاتل, وابن عطية,
وقيل: معناه: هو قول الرجل: أنشدك الله والرحم. قال بذلك: الحسن, ومجاهد, وإبراهيم.

توجيه القول:
ذكر الطبري أن من قرأها نصبًا، بمعنى: واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره.
قال: والقراءة الّتي لا نستجيز للقارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النّصب: {واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام}
بمعنى: واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بيّنّا أنّ العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيٍّ في حال الخفض، إلاّ في ضرورة شعرٍ. وقد وافقه على ذلك علماء العربية, مما يبين وجاهة قول عكرمة.

الترجيح:
الراجح قول عكرمة ومن قال بقوله, كما أكد ذلك أهل العربية: أن القراءة الجيّدة نصب الأرحام. وقد أيده الفراء, والأخفش, وأبو عبيدة, والزجاج.
قال الزجاج: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر، وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تحلفوا بآبائكم)).
فكيف يكون تساءلون به وبالرحم على ذا؟.
رأيت أبا إسحاق إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى: أن الحلف بغير اللّه أمر عظيم، وأن ذلك خاص للّه - عزّ وجلّ - على ما أتت به الرواية.
فأما العربية فإجماع النحويين أنه: يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الجر إلا بإظهار الجار.
وقال ابن عطية: المضمر المخفوض لا ينفصل فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، ويرد عندي هذه القراءة من المعنى وجهان: أحدهما أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحض على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها، وهذا تفرق في معنى الكلام وغض من فصاحته، وإنما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدة مستقلة، والوجه الثاني أن في ذكرها على ذلك تقريرا للتساؤل بها والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله عليه السلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وقالت طائفة: إنما خفض- «والأرحام» - على جهة القسم من الله على ما اختص به لا إله إلا هو من القسم بمخلوقاته، ويكون المقسم عليه فيما بعد من قوله: إنّ اللّه كان عليكم رقيباً وهذا كلام يأباه نظم الكلام وسرده. وبذا يتبين لك سبب ترجيح هذا القول, إضافة لكثرة القائلين به من كبار السلف وأئمة العربية.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 محرم 1441هـ/17-09-2019م, 07:49 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورة الأمير مشاهدة المشاركة
المجموعة الثانية:
( 1 ) قول مجاهد: ( وأيّدناه بروح القدس) : القدس هو الله ).
تخريج القول:
رواه ابن وهب في الجامع عن الحارث، عن غالب بن عبيد الله، عنه.
وذكر السيوطي أن ابن أبي حاتم أخرجه, ولم أعثر عليه.
[ يقال: ورواه ابن أبي حاتم كما في الدر المنثور للسيوطي]
[ وأين الحكم على الأثر؟ ]



وقال به أيضا أبو جعفر [ من أبو جعفر؟ ], وابن زيد, وكعب [من؟], والربيع بن أنس.
وقيل في معنى القدس: البركة. وقيل: الطهر.
أما في قوله "روح القدس" ككلمة مركبة:
قيل: جبريل.
وقال آخرون: أنه الإنجيل.
وقيل: هو الاسم الذي كان يحيي عيسى الموتى.
وقيل: حفظة الملائكة.
وقال الزمخشري: الروح المقدسة . فجعل المعنى على إطلاقه.
وقيل: المطهر.
[ أين العزو؟ ]
توجيه القول:
في اللغة: التّقديس: التّطهير، والقدس: الطّهر من ذلك.
وقد قال ابن جرير: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.
ومن أسماء الله تعالى (القدوس), مما يبين وجاهة هذا القول وبيانه.
الترجيح:
القول الراجح: أن (روح القدس) هو (جبريل -عليه السلام-), وقد قال بذلك: ابن مسعود, وقتادة, والسدي, والضحاك, والربيع, وإسماعيل بن أبي خالد, وعطية العوفي, ومحمد بن كعب, ورجحه الزجاج, وابن جرير, وابن كثير, والقرطبي.

[ يُفرّق بين المراد بالقدس، وبين المراد بروح القدس ]

روى الطبري وابن كثير عن ابن إسحاق، قال: حدّثني عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي الحسين المكّيّ، عن شهر بن حوشبٍ الأشعريّ: أنّ نفرًا، من اليهود سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالوا: أخبرنا عن الرّوح. قال: «أنشدكم باللّه وبأيّامه عند بني إسرائيل هل تعلمون أنّه جبريل، وهو يأتيني؟»، قالوا: نعم.
وقال الطبري: "أولى التّأويلات في ذلك بالصّواب قول من قال: الرّوح في هذا الموضع جبريل؛ لأنّ اللّه جلّ ثناؤه أخبر أنّه أيّد عيسى به، كما أخبر في قوله: {إذ قال اللّه يا عيسى ابن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيّدتك بروح القدس تكلّم النّاس في المهد وكهلاً وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل} أنه أيده به فلو كان الرّوح الّذي أيّده اللّه به هو الإنجيل لكان قوله: إذ أيّدتك بروح القدس وإذ علّمتك الكتاب والحكمة والتّوراة والإنجيل تكرير قولٍ لا معنى له.
ذلك أنّه على تأويل قول من قال: معنى: {إذ أيّدتك بروح القدس} إذ أيّدتك بالانجيل إنّما هو: إذ أيّدتك بالإنجيل، وإذ علّمتك الإنجيل؛ وهو لا يكون به مؤيّدًا إلاّ وهو معلّمه. فذلك تكرير كلامٍ فى ايه واحدٍ من غير زيادة معنى في أحدهما على الآخر، وذلك خلفٌ من الكلام، واللّه تعالى ذكره يتعالى عن أن يخاطب عباده بما لا يفيدهم به فائدةً". ووافقه على ذلك ابن كثير.
وذكر السيوطي أن أخرجوا عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرا في المسجد، فكان ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم أيد حسان بروح القدس كما نافح عن نبيه».
- وأخرج ابن حبان، عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب».
- وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة، عن الحسن، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه»).[الدر المنثور: 1/ 459-460]
واستدل ابن كثير بقوله: {نزل به الرّوح الأمين* على قلبك لتكون من المنذرين* [بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ]} [الشّعراء: 193-195], وما قاله البخاريّ عن ابن أبي الزّناد، عن أبيه، عن عروة، عن عائشة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وضع لحسّان بن ثابتٍ منبرًا في المسجد، فكان ينافح عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «اللّهمّ أيّد حسّان بروح القدس كما نافح عن نبيّك». وأخرجه ابن سعيد وأحمد وأبو داود والترمذي. كما ذكر السيوطي, وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.
وفي شعر حسّان قوله:
وجبريلٌ رسول اللّه ينادي ....... وروح القدس ليس به خفاء]
فإذا تبين لك أن روح القدس هو جبريل, لم يتبق شك في أن معنى (القدس) هو: الله. إذ روح جبريل منسوبة له -سبحانه-, [ بل من الوارد أن تكون الإضافة من باب إضافة الموصوف إلى صفته؛ كما في "عين اليقين" و"دين الحق" و "دار الآخرة" ، والإسناد إلى مجاهد في هذا الأثر لا يصحّ؛ لأن غالب بن عبيد الله متروك الحديث، فلا يحتجّ به في مسألة كهذه فيها إثبات اسم لله تعالى، ولعلك تطالعين تعليق أبي منصور الأزهري في تهذيب اللغة على قول الليث عن الخليل بن أحمد ]

وقد ذكر ابن جرير أنه: إنّما سمّى اللّه تعالى جبريل روحًا وأضافه إلى القدس لأنّه كان بتكوين اللّه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده، فسمّاه بذلك روحًا، وأضافه إلى القدس، والقدس: هو الطّهر، كما سمّي عيسى ابن مريم روحًا للّه من أجل تكوينه له روحًا من عنده من غير ولادة والدٍ ولده.

( 2 ) قول الحسن البصري: (أكالون للسحت) : أكالون للرشى)
تخريج القول:
رواه ابن وهب عن شهل عن قرة بن خالد، عنه.
ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عقيلٍ، قال: سمعت الحسن, وذكرا قوله.
وقال به ابن زيد, والسدي, وقتادة, ومجاهد, وابن مسعود, وابن عباس, وإبراهيم, والضحاك, وأنس بن مالك, وسعيد بن جبير, وعكرمة, وزيد بن ثابت. كما قال بهذا القول غيره, لكن بصيغ أعم تشمل الحرام كله, أو يتمثل ببعضه, وقد يذكرون الرشوة كمثال على ذلك, كمسروق, وزيد, وعلي بن أبي طالب, وأبو هريرة, وابن هبيرة, وعطاء, وعبدالله بن شقيق, وابن عمر, وابن عطية, وابن كثير. ومنهم من يروى عنه تخصيصه برشوة الحكام أو الرشوة في الدين, كابن عباس, وطاوس, وابن مسعود, ومنهم من يذكر أن الهدية للحاكم سحت, ومن أرادها رشوة قاصدا فهو أعظم من ذلك فوصفه بالكفر, كمسروق.
والمقصود التحرز في النقل, وإلا فإن تنوع الأقوال في الروايات لنفس القائل يدل على عمومية المعنى لديه, وأن ما ذكره كان على سبيل التمثيل, ودخول القول الذي ذكره الحسن تحته بالمقام الأول, ولهذا اعتبرت الأقوال كلها متعاضدة, لا متعارضة, وسيتم التفصيل عند الترجيح.
أما أهل اللغة فعرفوه بأنه: كسب ما لا يحل. كمعمر بن المثنى, وعبدالله الزيدي, وغلام ثعلب, ومكي بن أبي طالب.
وذكر ابن قتيبة والزجاج والنحاس أن المقصود الرشا.
توجيه القول:
قال ابن قتيبة: السحت: من أسحته اللّه وسحته: إذا أبطله وأهلكه. وذكر الطبري: أن أصل السّحت: كلب الجوع، يقال منه: فلانٌ مسحوت المعدة: إذا كان أكولاً لا يلفّى أبدًا إلاّ جائعًا -وذكر ابن عطية أن في عبارته بعض اضطراب لأن مسحوت المعدة هو مأخوذ من الاستئصال والذهاب، وليس كلب الغرث أصلا للسحت-.
وإنّما قيل للرّشوة السّحت، تشبيهًا بذلك؛ كأنّ بالمسترشي من الشّره إلى أخذ ما يعطاه من ذلك مثل الّذي بالمسحوت المعدة من الشّره إلى الطّعام، يقال منه: سحته وأسحته، لغتان محكيّتان عن العرب، ومنه قول الفرزدق بن غالبٍ:.
وعضّ زمانٍ يا ابن مروان لم يدع = من المال إلاّ مسحتًا أو مجلّف
يعني بالمسحت: الّذي قد استأصله هلاكًا بأكله إيّاه وإفساده، ومنه قوله تعالى: {فيسحتكم بعذابٍ} وتقول العرب للحالق: اسحت الشّعر: أي استأصله.
وذكر ابن عطية أن المال الحرام سمي سحتا لأنه يذهب وتستأصله النوب، كما قال عليه السلام «من جمع مالا من تهاوش أذهبه الله في نهابير»، وقال مكي سمي المال الحرام سحتا لأنه يذهب من حيث يسحت الطاعات أي يذهب بها قليل قليلا، وقال المهدوي من حيث يسحت أديانهم.
إلا أنه ذكر أنه مردود لأن السيئات لا تحبط الحسنات اللهم إلا أن يقدر أنه يشغل عن الطاعات فهو سحتها من حيث لا تعمل، وأما طاعة حاصلة فلا يقال هذا فيها، وقال المهدوي سمي أجر الحجام سحتا لأنه يسحت مروءة آخذه.
أقول: رحم الله ابن عطية, فكلامه يرد عليه قوله تعالى :"يا أيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون", مما يدل على إحباط العمل الحسن بالسيء.
ومن هنا تتبين وجاهة القول ومدى صلته بمعنى الآية, إذ المعنى اللغوي يؤكد المعنى الشرعي ويبين علاقته.
[ هذا حديث عن معنى السحت في اللغة ، وأما توجيه قول الحسن فهو تفسير بالمثال كما أشرت إلى ذلك في خاتمة الترجيح ]

الترجيح:
الراجح كما تبين من فلتات حديثنا سابقا أن السحت هو الكسب الحرام عامة, وهو ينطبق على الرشا بالمقام الأول لكثرة من قال به ونقله عن رسول الله, ومن تلك الأحاديث:
ما رواه الطبري عن يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني عبد الرّحمن بن أبي الموالي، عن عمر بن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: كلّ لحمٍ أنبته السّحت فالنّار أولى به قيل: يا رسول اللّه، وما السّحت؟ قال: الرّشوة في الحكم.
وما رواه ابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد الدّشتكيّ، ثنا أبي عن أبيه عن إبراهيم الصّائغ عن يزيد النّحويّ قال: قال عكرمة: إنّ ابن عباس قال: أن الرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: رشوة الحكّام حرامٌ، وهي السّحت الّذي ذكر اللّه في كتابه.
ومن الأحاديث التي تبين عمومية المراد, وأن كل مال حرام هو سحت:
ما رواه ابن أبي حاتم عن يونس بن عبد الأعلى قراءةً، ثنا سفيان بن عيينة عن هارون بن زياب عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن مخارقٍ أنّه تحمّل بحمالةٍ فأتى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: نؤدّيها عنك ونخرجها من نعم الصّدقة أو إبل الصّدقة، فقال: يا قبيصة، إنّ المسألة قد حرّمت إلا في ثلاثٍ: رجلٌ تحمّل بحمالةٍ فحلّت له المسألة حتّى يؤدّيها ثمّ يمسك، ورجلٌ أصابته حاجة فاجتاحت ماله فحلّت له المسألة حتّى يصب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثمّ يمسك، وما سوى ذلك من المسألة فهو سحتٌ.
فمن هنا يتبين أن الأقوال لا تتعارض, فكلها صحيح إلا أنها من قبيل التفسير بمثال, كما قال بذلك ابن عطية.
[ ينبغي أن يفرّق بين الجمع والترجيح؛ فالجمع هو جمع الأقوال الصحيحة في معنى الآية والتعبير عنها بعبارة جامعة، والترجيح إنما يصار إليه إذا تعذّر الجمع بين الأقوال التي تعدّ صحيحة في نفسها وإن كانت على مراتب في الصحة، وأما القول الضعيف فيبيّن ضعفه؛ فهذه مراتب في دراسة الأقوال والحكم عليها ]


( 3 ) قول عكرمة في تفسير قول الله تعالى: {واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام} قال: اتقوا الأرحام أن تقطعوها).

تخريج القول:
رواه موسى النهدي وابن جرير عن سفيان [الثوري] عن خصيفٍ عنه. [ موسى النهدي راوي كتاب؛ فلا يعزى له ]

[ يقال: رواه سفيان الثوري وابن جرير الطبري من طريق خصيف عنه. ]

وقال به قتادة, والسدي, وابن عباس, والحسن -وله غير ذلك-, والضحاك, والربيع, وابن زيد, ومقاتل, وابن عطية,
وقيل: معناه: هو قول الرجل: أنشدك الله والرحم. قال بذلك: الحسن, ومجاهد, وإبراهيم.

توجيه القول:
ذكر الطبري أن من قرأها نصبًا، بمعنى: واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به، واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، عطفًا بالأرحام في إعرابها بالنّصب على اسم اللّه تعالى ذكره.
قال: والقراءة الّتي لا نستجيز للقارئ أن يقرأ غيرها في ذلك النّصب: {واتّقوا اللّه الّذي تساءلون به والأرحام}
بمعنى: واتّقوا الأرحام أن تقطعوها، لما قد بيّنّا أنّ العرب لا تعطف بظاهرٍ من الأسماء على مكنيٍّ في حال الخفض، إلاّ في ضرورة شعرٍ. وقد وافقه على ذلك علماء العربية, مما يبين وجاهة قول عكرمة.

الترجيح:
الراجح قول عكرمة ومن قال بقوله, كما أكد ذلك أهل العربية: أن القراءة الجيّدة نصب الأرحام. وقد أيده الفراء, والأخفش, وأبو عبيدة, والزجاج.
[ كل قراءة تصحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي جيّدة ]

قال الزجاج: واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فأما الجر في الأرحام فخطأ في العربية لا يجوز إلا في اضطرار شعر، وخطأ أيضا في أمر الدين عظيم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تحلفوا بآبائكم)).
فكيف يكون تساءلون به وبالرحم على ذا؟.
رأيت أبا إسحاق إسماعيل بن إسحاق يذهب إلى: أن الحلف بغير اللّه أمر عظيم، وأن ذلك خاص للّه - عزّ وجلّ - على ما أتت به الرواية.
فأما العربية فإجماع النحويين أنه: يقبح أن ينسق باسم ظاهر على اسم مضمر في حال الجر إلا بإظهار الجار. [ الذي نقل هذا الإجماع هو أبو إسحاق الزجاج فالأولى العزو إليه، وهو بصري المذهب في النحو، وقد خالفه بعض الكوفيين، وجرى في هذه المسألة بحث طويل، ولعلك تطالعين هذا المبحث من دراسات عضيمة : العطف على الضمير المجرور ]
وقال ابن عطية: المضمر المخفوض لا ينفصل فهو كحرف من الكلمة، ولا يعطف على حرف، ويرد عندي هذه القراءة من المعنى وجهان: أحدهما أن ذكر الأرحام فيما يتساءل به لا معنى له في الحض على تقوى الله، ولا فائدة فيه أكثر من الإخبار بأن الأرحام يتساءل بها، وهذا تفرق في معنى الكلام وغض من فصاحته، وإنما الفصاحة في أن يكون لذكر الأرحام فائدة مستقلة، والوجه الثاني أن في ذكرها على ذلك تقريرا للتساؤل بها والقسم بحرمتها، والحديث الصحيح يرد ذلك في قوله عليه السلام: «من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت» وقالت طائفة: إنما خفض- «والأرحام» - على جهة القسم من الله على ما اختص به لا إله إلا هو من القسم بمخلوقاته، ويكون المقسم عليه فيما بعد من قوله: إنّ اللّه كان عليكم رقيباً وهذا كلام يأباه نظم الكلام وسرده. وبذا يتبين لك سبب ترجيح هذا القول, إضافة لكثرة القائلين به من كبار السلف وأئمة العربية.


ب



أحسنت بارك الله فيك.

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المجلس, الثالث

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir