فهرسة باب قول الله تعالى: {ولئن أذقناه رحمة منا من بعد ضراء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة}
عناصر الدرس
مقصود الترجمة
أهمية الباب
مناسبة الترجمة لكتاب التوحيد
سبب إيراد الباب
تفسير قوله تعالى : ( ولئن أذقناه رحمة منا ) الآية
أصناف الناس في نسبة النعم
تفسير قولُهُ: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)
تفسير ابن كثير للآية
شرح حديث : الأقرع والأبرص والأعمى
تخريج الحديث
منزلة الحديث
معنى عشراء
معنى أنتج
معنى ولد
معنى قولُهُ : ( انقطعت بي الحبال )
معنى قولُهُ : ( لا أجهدك )
معنى قولُهُ : ( قد قذرني الناس )
أركان شكر النعمة
كلام ابن القيم في شكر النعمة
أسباب ثبات النعمة
التلخيص
مقصود الترجمة
أن العبد إذا ظن أنه مستحق للنعم بحذقه ومجهوده وفطنته , أون ذلك مما له من حق على الله ؛ فإن ذلك مناف للتوحيد , إذ من تمام التوحيد أن يجل العبد ربه و أن يعظمه و أن ما به من نعمة هو من فضل الله عليه .
أهمية الباب
تكمن أهمية هذا الباب في أن العبد يجب عليه أن يتحرز في ألفاظه فيما يتصل بالله عز وجل فإن ذلك من كمال التوحيد , فلا ينسب النعم لغير الله عز وجل , وأن من يفعل ذلك يكون قلبه معظم لربه سبحانه وتعالى , فهو سبحانه ولي النعم وولي الفضل .
مناسبة الترجمة لكتاب التوحيد
أنه يجب توقير الله عز وجل و تعظيمه في الألفاظ فناسب أن يكون في كتاب التوحيد .
سبب إيراد الباب
هذا الباب معقود لتخليص القلب واللسان من الألفاظ و الاعتقادات التي يظن المرء أنه مستحق لأشياء منها على الله .
تفسير قوله تعالى : ( ولئن أذقناه رحمة منا ) الآية
ذكر في معنى الآية عدة أقوال :
الأول : هذا بعملي و أنا محقوق به قاله مجاهد .
الثاني : يريد ( من عندي ) قاله ابن عباس
والمعنى على كلا القولين : أنني مستحق لهذه النعمة , وأن الله لم يتفضل بها علي , بل مستحق لها بجهدي وفعلي .
أصناف الناس في نسبة النعم
هم نوعان :
الأول : من ينسب النعم لنفسه ولا ينسبه إلى الله أصلا .
الثاني : أن ينسب النعم إلى نفسه من جهة الاستحقاق , و أنه مستحق لتلك النعم .
تفسير قولُهُ: (قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي)
ذكر في معنى الآية عدة أقوال :
الأول : على علم مني بوجوه المكاسب قاله قتادة .
الثاني : أوتيته على شرف قاله مجاهد .
الثالث : على علم من الله أني له أهل قاله آخرون .
وهذه المعاني ليس فيها اختلاف و إنما هي أفراد المعنى .
تفسير ابن كثير للآية
{ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ}[الزمر:49]( يُخْبِرُ أنَّ الإِنسانَ في حالِ الضُرِّ يَضْرَعُ إلى اللهِ عزَّ وَجَلَّ ويُنِيبُ إليهِ ويَدْعُوهُ، ثمَّ إذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً منهُ طَغَى وَبَغَى وَ{قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ}؛ أيْ: لِمَا يَعْلَمُ اللهُ اسْتِحْقَاقِي لَهُ، وَلَوْلاَ أَنِّي عندَ اللهِ حَظِيظٌ لَمَا خَوَّلَنِي هذا.
قالَ عَزَّ وجَلَّ:{بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ}أيْ: ليسَ الأمرُ كما زَعَمَ، بلْ إِنَّمَا أَنْعَمْنَا عليهِ بهذهِ النعمةِ لِنَخْتَبِرَهُ فيما أَنْعَمْنَا عليهِ، أَيُطِيعُ أمْ يَعْصِي؟
معَ عِلْمِنَا المُتَقَدِّمِ بذلكَ.
{بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ} أي: اختبارٌ، {وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}فلهذا يقولونَ ما يقولونَ، وَيَدَّعُونَ ما يَدَّعُونَ.{قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} أيْ: قدْ قالَ هذهِ المقالةَ، وَزَعَمَ هذا الزعمَ، وَادَّعَى هذهِ الدعوَى كثيرٌ مِمَّنْ سَلَفَ من الأُمَمِ.{فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}؛ أيْ: فما صَحَّ قَوْلُهُم، ولا نَفَعَهُم جَمْعُهُم وما كانوا يَكْسِبُونَ، كَمَا قالَ تعالَى مُخْبِرًا عنْ قَارُونَ: {إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْفَرِحِينَ(76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلاَ تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلاَ يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ}[القصص:76،77].
شرح حديث : الأقرع والأبرص والأعمى
تخريج الحديث
الحديث أخرجه البخاري وسلم في صحيحيهما .
منزلة الحديث
هذا الحديث له منزلة عظيمة إذا فيه عبرة من الثلاثة نفر ؛ فإن اثنان قد جحدا نعمة الله عليهم و نسبوا هذه النعم لأنفسهم ولم ينسبوها إلى الله عز وجل فحل عليهم سخط الله , أما الثالث فاعترف بنعمة الله عليه ونسب هذه النعم إليه , و أدى حق الله فيها , فنال رضا الله عز وجل .
معنى عشراء
(النَّاقَةُ العُشَرَاءُ) بِضَمِّ العَيْنِ وفَتْحِ الشينِ وبالمَدِّ، هيَ الحاملُ .
معنى أنتج
قولُهُ: ((أَنْتَجَ))، وفي روايَةٍ: ((فَنَتَجَ)) مَعْنَاهُ: تَوَلَّى نِتَاجَهَا، والنَّاتِجُ للنَّاقَةِ كالْقَابِلَةِ للمرأةِ.
معنى ولد
قولُهُ: ((وَلَّدَ هَذَا)) هوَ بِتَشْدِيدِ اللامِ؛ أيْ: تَوَلَّى وِلاَدَتَهَا، وهوَ بِمَعْنَى (أَنْتَجَ) في الناقةِ، فَالمُولِّدُ والنَّاتجُ والقابلةُ بمعنًى واحدٍ، لكنَّ هذا للحيوانِ، وذلكَ لغيرِهِ.
معنى قولُهُ : ( انقطعت بي الحبال )
(انْقَطَعَتْ بِيَ الحِبَالُ) هوَ بالحاءِ المهملةِ والباءِ المُوَحَّدَةِ؛ أي: الأسبابُ.
معنى قولُهُ : ( لا أجهدك )
(لاَ أَجْهَدُكَ) مَعْنَاهُ: لا أَشُقُّ عَلَيْكَ في رَدِّ شَيءٍ تَأْخُذُهُ أوْ تَطْلُبُهُ منْ مَالِي، ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ.
معنى قولُهُ : ( قد قذرني الناس )
(قَدْ قَذِرَنِي النَّاسُ) بِكَرَاهَةِ رُؤْيَتِهِ وَقُرْبِهِ منهم
أركان شكر النعمة
للشكر ثلاثة أركان :
الأول : الإقرار بالنعمة .
الثاني : نسبتها إلى المنعم سبحانه وتعالى .
الثالث : بذلها فيما يحب .
كلام ابن القيم في شكر النعمة
قالَ العلاَّمَةُ ابنُ القَيِّمِ: (أَصْلُ الشكرِ هوَ الاعترافُ بإنعامِ المُنْعِمِ على وَجْهِ الخضوعِ لهُ والذُّلِّ والمَحَبَّةِ. فمَنْ لمْ يَعْرِف النعمةَ بلْ كانَ جاهِلاً بها لم يَشْكُرْهَا. ومَنْ عَرَفَهَا ولمْ يَعْرِف المُنْعِمَ بها لمْ يَشْكُرْهَا أيضًا.
ومَنْ عَرَفَ النِّعْمَةَ والمُنْعِمَ لكنْ جَحَدَهَا كما يَجْحَدُ الْمُنْكِرُ لِنِعْمَةِ المُنْعِمِ عليهِ فقدْ كَفَرَهَا. ومَنْ عَرَفَ النِّعْمَةَ والمُنْعِمَ وَأَقَرَّ بها ولمْ يَجْحَدْهَا، ولكنْ لمْ يَخْضَعْ لهُ ويُحِبَّهُ وَيَرْضَ بهِ وَعَنْهُ، لم يَشْكُرْهُ أَيْضًا.
ومَنْ عَرَفَهَا وَعَرَفَ المُنْعِمَ وَأَقَرَّ بها، وَخَضَعَ للمُنْعِمِ بها، وَأَحَبَّهُ وَرَضِيَ بهِ وعنهُ، وَاسْتَعْمَلَهَا في مَحَابِّهِ وَطَاعَتِهِ، فهذا هوَ الشاكرُ لها. فلا بُدَّ في الشكرِ منْ عِلْمِ القلبِ، وَعَمَلٍ يَتْبَعُ العلمَ، وهوَ المَيْلُ إلى المُنْعِمِ وَمَحَبَّتُهُ والخضوعُ لهُ).
أسباب ثبات النعمة
ومن أسباب ثبات النعمة:
- أن يُعظم العبدُ ربَّه.
- وأن يعلم أنَّ الفضل بيد الله.
- وأن النعمة هي نعمة الله.
والله أعلم