المجموعة الرابعة:
1: ما الذي يمنع العبد من رؤية الحق؟ وما السبيل إلى إبصاره ومعرفته؟
الشرور الحاجبة الماسكة التي قدرها الله سبحانه في عالم الأمر وهي شرور معنوية , مثل الجهل الأصلي الي هو من طبيعة الإنسان ومما قدره الله عقوبات للذنوب من الران والضلال , والإنسان كلما أذنب ذنب نكتت في قلبه نكتة سوداء وعوقب بظلمة هذا الذنب عن نور الحق وإصابة الصواب في كل أموره , وكان السلف أكثر ما يحذرونه الذنوب , وفي الأثر عن علي رضي الله عنه قال : " لا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجو إلا ربه "
وهذه الحجب لا يفلقها إلا رب الفلق لأنه هو رب الفلق ومالكه والمتصرف فيه , فنستعيذ بالله من شرها بأن يفلقها سبحانه , والسبيل للإبصار وإصابة الحق هي :
1) الإستعاذة بالله من هذه الشرور والظلمة والدعاء والتوبة والاستغفار.
2) ملازمة التقوى واجتناب ظلمة الذنوب ( يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ) ونوراً يبصر به الحق , وهذا النور وإن كان في الدنيا معنوي لكنه في الآخرة يتجسد حقيقةً بحسب ما كان معه من نور في الدنيا وبه يعبر الصراط المظلم على ظهر جهنم
3) القيام بأمر الله واتباع هداه قال تعالى : ( فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ) وقال تعالى : ( يا أهل الكتاب لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم ) فلا ضمان ولا نصر ولا عهد من الله حتى يقوموا بامر الله .
4) أول ما يتبين له الهدى في أمر يسارع إلى شكر هذا البيان واتباع الهدى ليزيده الله بشكره هداية ونورا , طالبا من الله بهذه المبادرة وسرعة الاستجابة النجاة من الحول الذي يكون بين الحق وبين العبد الذي لم يشكر وأعرض, قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون ) وقال : ( ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ).
2: اذكر أنواع الشرور، وكيفية التغلّب على كل نوع.
الشرور نوعين :
1) شرور حاجبة ماسكة " جهل , ضلال , عقوبات الذنوب من الطبع والران وغيرها "
2) شرور هجوم وإعتداء مثل " ظالم , حاسد , أمراض , فقر , شياطين الإنس والجن "
والتغلب على هذه الشرور أما الروحية فلا بد له قبل الحماية من غذاء وغذائها بالعلم والإيمان والعمل الصالح والسلوك القويم فالروح بحاجة إلى غذاء كما هي بحاجة إلى حماية مثلها مثل الجسد ولكنها غير ناطقة وقد تبكي وتأن تعطشاً وجوعاً لكن لا يفهم لغتها إلا المؤمن , ولا يغذيها إلا ما يتصل بالله ( يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ) .
وبالقيام بامر الله واتباع هداه يكفى العبد أمر الدنيا والآخرة قال تعالى : ( أليس الله بكافٍ عبده ) وإن كتب الله عليه شيئاً من هذه الشرور فإن عاقبته إلى خير ولا بد .
والتحصن وقراءة المعوذات والأذكار هو من اتباع الهدى الذي أمرنا به والمفرط فيها غير متبع لهدى الله .
3: وضّح أثر استحضار معاني المعوذتين في الرقية بهما.
تأثيرالرقية معنوي ينتقل للأمور الحسية بإذن الله بحسب ما يقدره الله وما يقوم في القلب من تعلق بالله في رجاء نفعها وعقل لمعانيها واستحضار هداياتها وإيمان بفضلها .
4: حرّر القول في المراد بالحاسد.
القول الأول :كل حاسد , فالتنكير هنا لإفادة العموم , وهو قول قتادة وعطاء الخرساني وابن جرير , قال الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله : " وهو الصواب وعليه جمهور المفسرين " .
القول الثاني : اليهود , وهو قول عبد الرحمن بن زيد ومقاتل بن سلمان واختاره البغوي .
القول الثالث : هو لبيد بن الأعصم , لأنه سحر النبي صلى الله عليه وسلم حسداً , وهو قول الفراء وذكره بعض المفسرين .
5: بيّن الحكمة من تقييد الاستعاذة من شر الغاسق بــ (إذا) الظرفيّة.
لأن الحسد صفة كامنة في كثير من النفوس وطبع فيها , لكن لا يضر مدام كامناً , يعني قد يكون شخص ما حسود بطبعه لكنه ذكرت عنده نعمة لا يتعلق قلبه بها , أو عند من لا يهمه أمره أو ليس بينه وبين الشخص المنعم عليه عداوة , فلم يحسده ولم يعبأ بها ,لكنه إذا حسد وفعل فعل الحسد وخرجت شرارته من قلبه بذكر نعمة يتعلق بها قلبه ليست عنده أو مصلحة ومنفعة يحرص على بلوغها في طريقها لغيره فيسعى على منعها عنه بالكيد والبغي من حسده , بل قد يبلغ بالحسد بعضهم إلى أن يسحر المحسود .فأمرنا الله سبحانه بالاستعاذة من شر الحاسد حين يحسد والله يحب أن يعيذ عبده وفي أمرنا بالاستعاذة ضمانا بالعوذ ولكن العبد يؤتى من قبل نفسه , إما لضعف استعاذته أو لغير اتباعه لهدى الله .
ومعنى ذلك أن الحسد لا يضر مدام كامناً لكن إ ذا حسد إما بقلبه وروحه أو بجوارحه بالسعي في ضرر المحسود أو بمحاولة منع مصلحة ومنفعة عنه أصبح شراً متعدياً يستعاذ منه , وقد تذكر عند أحدهم نعمة تتعلق بها قلبه لكنه يستعيذ بالله من شر نفسه ويدعوا للمنعم عليه بالبركة وإن دعا كان حرياً أن يجاب له لأن الله تعالى قال : ( وسئلوا الله من فضله ) ولا يزال يكف نفسه عن الحسد ويراجع عليها أن نعمة الله لا تنال بمعصيته وأنه لا يكتمل إيمان العبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه , وأنه لا يكمل توحيد المؤمن حتى يرضى بحكمة الله وقسمته في أرزاقه لعباده , فتضمحل هذه الصفة حتى يصبح طيب النفس محباً للخير لجميع المسلمين .وأما إذا ترك نفسه دون أن يكفها عن الحسد تعظم عنده هذه الصفة حتى يصبح حسوداً كثير الحسد .