قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: ومن لم يستطع منكم طولاً أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (25)
قال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والسدي وابن زيد ومالك بن أنس في المدونة، الطول هنا السعة في المال، وقال ربيعة وإبراهيم النخعي: الطول هنا الجلد والصبر لمن أحب أمة وهويها حتى صار لذلك لا يستطيع أن يتزوج غيرها، فإن له أن يتزوج الأمة إذا لم يملك هواها، وإن كان يجد سعة في المال لنكاح حرة، ثم يكون قوله تعالى: لمن خشي العنت على هذا التأويل بيانا في صفة عدم الجلد، وعلى التأويل الآخر يكون تزوج الأمة معلقا بشرطين: عدم السعة في المال وخوف العنت، فلا يصح إلا باجتماعهما، وهذا هو نص مذهب مالك في المدونة من رواية ابن نافع وابن القاسم وابن وهب وابن زياد.
ان الحر لا يتزوج الأمة على حال إلا ألا يجد سعة في المال لمهر حرة، وأن يخشى العنت مع ذلك، وقال مالك في كتاب محمد: إذا وجد المهر ولكنه لا يقدر على النفقة فإنه لا يجوز له أن يتزوج أمة، وقال أصبغ: ذلك جائز، إذ نفقة الأمة على أهلها إذا لم يضمها إليه، وقال مطرف وابن الماجشون: لا يحل للحر أن ينكح أمة، ولا يقر إن وقع، إلا أن يجتمع الشرطان كما قال الله تعالى، وقاله أصبغ، قال: وقد كان ابن القاسم يذكر أنه سمع مالكا يقول: نكاح الأمة حلال في كتاب الله عز وجل.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهو في المدونة، وقال سحنون في غيرها: ذلك في قوله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصّالحين من عبادكم وإمائكم [النور: 32]. وقاله ابن مزين.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس في الآية ما يلزم منه تحليل الأمة لحر دون الشرطين، وقال مالك في المدونة: ليست الحرة بطول تمنع من نكاح الأمة إذا لم يجد سعة لأخرى وخاف العنت، وقال في كتاب محمد: ما يقتضي أن الحرة بمثابة الطول، قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: وهو ظاهر القرآن، وروي نحو هذا عن ابن حبيب، وقاله أبو حنيفة: فمقتضى هذا أن من عنده حرة فلا يجوز له نكاح أمة، وإن عدم السعة وخاف العنت، لأنه طالب شهوة وعنده امرأة، وقال به الطبري واحتج له، وطولًا- يصح في إعرابه أن يكون مفعولا بالاستطاعة، وأن ينكح في موضع نصب بدل من قوله طولًا أو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح، وفي هذا نظر، ويصح أن يكون طولًا نصبا على المصدر، والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب، وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر، تقول: طال الرجل طولا بفتح الطاء إذا تفضل ووجد واتسع عرفه، وطولًا بضم الطاء في ضد القصر والمحصنات في هذا الموضع الحرائر، يدل على ذلك التقسيم بينهن وبين الإماء، وقالت فرقة: معناه العفائف وهو ضعيف لأن الإماء يقعن تحته،
وقد تقدم الذكر للقراءة في المحصنات، والمؤمنات صفة، فأما من يقول في الرجل يجد طولا لحرة كتابية لا لمؤمنة: إنه يمتنع عن نكاح الإماء، فهي صفة غير مشترطة، وإنما جاءت لأنها مقصد النكاح، إذ الأمة مؤمنة، وهذا هو المذهب المالكي، نص عليه ابن الماجشون في الواضحة ومن قال في الرجل لا يجد طولا إلا الكتابية: إنه يتزوج الأمة إن شاء، فصفة المؤمنات عنده في الآية مشترطة في إباحة نكاح الإماء، والمسألة مختلف فيها حسبما ذكرناه، وما في قوله: فمن ما ملكت أيمانكم يصح أن تكون مصدرية، تقديره: فمن ملك أيمانكم ويصح أن يراد بها النوع المملوك، فهي واقعة عليه، والفتاة- وإن كانت واقعة في اللغة على الشابة أية كانت، فعرفها في الإماء، وفتى- كذلك، وهذه المخاطبات بالكاف والميم عامة، أي: منكم الناكحون ومنكم المالكون، لأن الرجل ينكح فتاة نفسه، وهذا التوسع في اللغة كثير، والمؤمنات في هذا الموضع صفة مشترطة عند مالك وجمهور أصحابه، لأنهم يقولون: لا يجوز زواج أمة غير مسلمة بوجه، وقالت طائفة من أهل العلم منهم أصحاب الرأي: نكاح الأمة الكتابية جائز، وقوله المؤمنات على جهة الوجه الفاضل، واحتجوا بالقياس على الحرائر، وذلك أنه لما لم يمنع قوله المؤمنات في الحرائر من نكاح الكتابيات الحرائر، فكذلك لا يمنع قوله المؤمنات في الإماء من نكاح الكتابيات الإماء، وقال أشهب في المدونة: جائز للعبد المسلم أن يتزوج أمة كتابية.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: فالمنع عنده أن يفضل الزوج في الحرية والدين معا، وقوله تعالى: واللّه أعلم بإيمانكم معناه: أن الله عليم ببواطن الأمور ولكم ظواهرها، فإذا كانت الفتاة ظاهرها الإيمان فنكاحها صحيح، وعلم باطنها إلى الله، وإنما هذا لئلا يستريب متحير بإيمان بعض الإماء، كالقريبة عهد بالسباء، أو كالخرساء وما أشبهه. وفي اللفظ أيضا تنبيه على أنه ربما كان إيمان أمة أفضل من إيمان بعض من الحرائر، أي: فلا تعجبوا بمعنى الحرية، وقوله: بعضكم من بعضٍ قالت طائفة: هو رفع على الابتداء والخبر، والمقصد بهذا الكلام أي إنكم أيها الناس سواء بنو الحرائر وبنو الإماء، أكركم عند الله أتقاكم، فهذه توطئة لنفوس العرب التي كانت تستهجن ولد الأمة، فلما جاء الشرع بجواز نكاحها، أعلموا مع ذلك أن ذلك التهجين لا معنى له، وقال الطبري: هو رفع بفعل تقديره: فلينكح مما ملكت «أيمانكم بعضكم من بعض» فعلى هذا في الكلام تقديم وتأخير. وهذا قول ضعيف.
قوله: بإذن أهلهنّ معناه: بولاية أربابهن المالكين، وقوله: وآتوهنّ أجورهنّ يعني مهورهن، قاله ابن زيد وغيره، وبالمعروف معناه: بالشرع والسنة، وهذا يقتضي أنهن أحق بمهورهن من السادة، وهو مذهب مالك قال في كتاب الرهون: ليس للسيد أن يأخذ مهر أمته ويدعها بلا جهاز. قال سحنون في غير المدونة: كيف هذا؟ وهو لا يبوئه معها بيتا. وقال بعض الفقهاء: معنى ما في المدونة: أنه بشرط التبوئة، فعلى هذا لا يكون قول سحنون خلافا ومحصناتٍ وما بعده حال، فالظاهر أنه بمعنى عفيفات إذ غير ذلك من وجوه الإحصان بعيد إلا مسلمات فإنه يقرب، والعامل في الحال فانكحوهنّ ويحتمل أن يكون فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ كلاما تاما، ثم استأنف «وآتوهن أجورهن مزوجات غير مسافحات»، فيكون العامل وآتوهنّ، ويكون معنى الإحصان: التزويج، و «المسافحات» من الزواني: المبتذلات اللواتي هن سوق للزنا، «ومتخذات الأخدان»: هن المتسترات اللواتي يصحبن واحدا واحدا ويزنين خفية، وهذان كانا نوعين في زنا الجاهلية، قاله ابن عباس وعامر الشعبي والضحاك وغيرهم، وأيضا فهو تقسيم عقلي لا يعطي الوجود إلا أن تكون الزانية إما لا ترديد لامس وإما أن تختص من تقتصر عليه، وقوله تعالى: فإذا أحصنّ الآية قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر «أحصن» على بناء الفعل للمفعول، وقرأ حمزة والكسائي على بناء الفعل للفاعل، واختلف عن عاصم، فوجه الكلام أن تكون القراءة الأولى بالتزوج، والثانية بالإسلام أو غيره مما هو من فعلهن، ولكن يدخل كل معنى منهما على الآخر، واختلف المتأولون فيما هو الإحصان هنا، فقال الجمهور: هو الإسلام، فإذا زنت الأمة المسلمة حدت نصف حد الحرة- وإسلامها هو إحصانها الذي في الآية، وقالت فرقة: إحصانها الذي في الآية هو التزويج لحر، فإذا زنت الأمة المسلمة التي لم تتزوج فلا حد عليها، قاله سعيد بن جبير والحسن وقتادة، وقالت فرقة: الإحصان- في الآية التزوج، إلا أن الحد واجب على الأمة المسلمة بالسنة، وهي الحديث الصحيح في مسلم والبخاري، أنه قيل: يا رسول الله، الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ فأوجب عليها الحد. قال الزهري:
فالمتزوجة محدودة بالقرآن والمسلمة غير المتزوجة محدودة بالحديث.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وهذا الحديث والسؤال من الصحابة يقتضي أنهم فهموا من القرآن أن معنى أحصنّ تزوجن، وجواب النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك يقتضي تقرير المعنى ومن أراد أن يضعف قول من قال: إنه الإسلام بأن الصفة لهن بالإيمان قد تقدمت وتقررت فذلك غير لازم، لأنه جائز أن يقطع في الكلام ويزيد، فإذا كن على هذه الحالة المتقدمة من الإيمان فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ، وذلك سائغ صحيح، والفاحشة هنا: الزنى بقرينة إلزام الحد، والمحصنات في هذه الآية الحرائر، إذ هي الصفة المشروطة في الحد الكامل، والرجم لا يتنصف، فلم يرد في الآية بإجماع، ثم اختلف، فقال ابن عباس والجمهور: على الأمة نصف المائة لا غير ذلك، وقال الطبري وجماعة من التابعين: على الأمة نصف المائة ونصف المدة، وهي نفي ستة أشهر، والإشارة بذلك إلى نكاح الأمة، والعنت في اللغة: المشقة، وقالت طائفة: المقصد به هاهنا الزنا، قاله مجاهد: وقال ابن عباس: ما ازلحف ناكح الأمة عن الزنا إلا قريبا، قال: والعنت الزنا، وقاله عطية العوفي والضحاك، وقالت طائفة: الإثم، وقالت طائفة: الحد.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: والآية تحتمل ذلك كله، وكل ما يعنت عاجلا وآجلا. وقوله تعالى: وأن تصبروا خيرٌ لكم يعني عن نكاح- الإماء- قاله سعيد بن جبير ومجاهد والسدي وابن عباس رضي الله عنهما، وهذا ندب إلى الترك، وعلته ما يؤدي إليه نكاح الإماء من استرقاق الولد ومهنتهن، وهذه الجملة ابتداء وخبر تقديره: وصبركم خير لكم واللّه غفورٌ، أي لمن فعل وتزوج). [المحرر الوجيز: 2/518-524]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف محصناتٍ غير مسافحاتٍ ولا متّخذات أخدانٍ فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب ذلك لمن خشي العنت منكم وأن تصبروا خيرٌ لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ (25)}
يقول [تعالى] ومن لم يجد {طولا} أي: سعةً وقدرةً {أن ينكح المحصنات المؤمنات} أي الحرائر.
وقال ابن وهب: أخبرني عبد الجبّار، عن ربيعة: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات} قال ربيعة الطول الهوى، ينكح الأمة إذا كان هواه فيها. رواه ابن جريرٍ وابن أبي حاتمٍ.
ثمّ شرع يشنّع على هذا القول ويردّه {فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات} أي: فتزوّجوا من الإماء المؤمنات اللّاتي يملكهنّ المؤمنون، ولهذا قال: {من فتياتكم المؤمنات} قال ابن عبّاسٍ وغيره: فلينكح من إماء المؤمنين، وكذا قال السّدّيّ ومقاتل بن حيّان.
ثمّ اعترض بقوله: {واللّه أعلم بإيمانكم بعضكم من بعضٍ} أي: هو العالم بحقائق الأمور وسرائرها، وإنّما لكم أيّها النّاس الظّاهر من الأمور.
ثمّ قال: {فانكحوهنّ بإذن أهلهنّ} فدلّ على أنّ السّيّد هو وليّ أمته لا تزوّج إلّا بإذنه، وكذلك هو وليّ عبده، ليس لعبده أن يتزوّج إلّا بإذنه، كما جاء في الحديث: "أيّما عبدٍ تزوّج بغير إذن مواليه فهو عاهر" أي زان.
فإن كان مالك الأمة امرأةٌ زوّجها من يزوّج المرأة بإذنها؛ لما جاء في الحديث: "لا تزوّج المرأة [المرأة، ولا المرأة نفسها] فإنّ الزّانية هي الّتي تزوّج نفسها".
وقوله: {وآتوهنّ أجورهنّ بالمعروف} أي: وادفعوا مهورهنّ بالمعروف، أي: عن طيب نفسٍ منكم، ولا تبخسوا منه شيئًا استهانةً بهنّ؛ لكونهنّ إماءً مملوكاتٍ.
وقوله: {محصناتٍ} أي: عفائف عن الزّنا لا يتعاطينه؛ ولهذا قال: {غير مسافحاتٍ} وهنّ الزّواني اللّاتي لا يمتنعن من أرادهنّ بالفاحشة.
وقوله: {ولا متّخذات أخدانٍ} قال ابن عبّاسٍ: المسافحات، هنّ الزّواني المعالنات يعني الزّواني اللّاتي لا يمنعن أحدًا أرادهنّ بالفاحشة. (ومتّخذات أخدانٍ) يعني: أخلّاء.
وكذا روي عن أبي هريرة، ومجاهدٍ والشّعبيّ، والضّحّاك، وعطاءٍ الخراسانيّ، ويحيى بن أبي كثيرٍ، ومقاتل بن حيّان، والسّدّيّ، قالوا: أخلّاء. وقال الحسن البصريّ: يعني: الصّديق. وقال الضّحّاك أيضًا: {ولا متّخذات أخدانٍ} ذات الخليل الواحد [المسيس] المقرّة به، نهى اللّه عن ذلك، يعني [عن] تزويجها ما دامت كذلك.
وقوله: {فإذا أحصنّ فإن أتين بفاحشةٍ فعليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب} اختلف القراء في {أحصنّ} فقرأه بعضهم بضمّ الهمزة وكسر الصّاد، مبنيٌّ لما لم يسمّ فاعله، وقرئ بفتح الهمزة والصّاد فعلٌ لازمٌ ثمّ قيل: معنى القراءتين واحدٌ. واختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: أنّ المراد بالإحصان هاهنا الإسلام. روي ذلك عن عبد اللّه بن مسعودٍ، وابن عمر، وأنسٍ، والأسود بن يزيد، وزرّ بن حبيش، وسعيد بن جبير، وعطاء، إبراهيم النّخعي، والشّعبيّ، والسّدّي. وروى نحوه الزّهريّ عن عمر بن الخطّاب، وهو منقطعٌ. وهذا هو القول الّذي نصّ عليه الشّافعيّ [رحمه اللّه تعالى] في رواية الرّبيع، قال: وإنّما قلنا [ذلك] استدلالًا بالسّنّة وإجماع أكثر أهل العلم.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ في ذلك حديثًا مرفوعًا، قال: حدّثنا عليّ بن الحسين بن الجنيد، حدّثنا أحمد بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه [الدّمشقيّ] حدّثنا أبي، عن أبيه، عن أبي حمزة، عن جابرٍ، عن رجلٍ، عن أبي عبد الرّحمن، عن عليٍّ قال: قال رسول اللّه صلّى عليه وسلّم: {فإذا أحصنّ} قال: "إحصانها إسلامها وعفافها". وقال المراد به هاهنا التّزويج، قال: وقال عليٌّ: اجلدوهن.
[ثمّ] قال ابن أبي حاتمٍ: وهو حديثٌ منكرٌ.
قلت: وفي إسناده ضعفٌ، ومنهم من لم يسمّ، و [مثله] لا تقوم به حجّةٌ.
وقال القاسم وسالمٌ: إحصانها: إسلامها وعفافها.
وقيل: المراد به هاهنا: التّزويج. وهو قول ابن عبّاسٍ، ومجاهدٍ، وعكرمة، وطاوسٍ، وسعيد بن جبير، والحسن، وقتادة وغيرهم. ونقله أبو عليٍّ الطّبريّ في كتابه "الإيضاح" عن الشّافعيّ، فيما رواه أبو الحكم بن عبد الحكم عنه وقد رواه ليث بن أبي سليمٍ، عن مجاهدٍ أنّه قال: إحصان الأمة أن ينكحها الحرّ، وإحصان العبد أن ينكح الحرّة. وكذا روى ابن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ، رواهما ابن جريرٍ في تفسيره، وذكره ابن أبي حاتمٍ عن الشّعبيّ والنّخعيّ.
وقيل معنى القراءتين متباينٌ فمن قرأ {أحصنّ} بضمّ الهمزة، فمراده التّزويج، ومن قرأ "أحصنّ" بفتحها، فمراده الإسلام اختاره الإمام أبو جعفر ابن جريرٍ في تفسيره، وقرّره ونصره.
والأظهر -واللّه أعلم-أنّ المراد بالإحصان هاهنا التّزويج؛ لأنّ سياق الآية يدلّ عليه، حيث يقول سبحانه وتعالى: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم} واللّه أعلم. والآية الكريمة سياقها كلّها في الفتيات المؤمنات، فتعيّن أنّ المراد بقوله: {فإذا أحصنّ} أي: تزوّجن، كما فسّره ابن عبّاسٍ ومن تبعه.
وعلى كلٍّ من القولين إشكالٌ على مذهب الجمهور؛ وذلك أنّهم يقولون: إنّ الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدةً، سواءٌ كانت مسلمةً أو كافرةً، مزوّجةً أو بكرًا، مع أنّ مفهوم الآية يقتضي أنّه لا حدّ على غير المحصنة ممّن زنا من الإماء، وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك، فأمّا الجمهور فقالوا: لا شكّ أنّ المنطوق مقدّمٌ على المفهوم. وقد وردت أحاديث عامّةٌ في إقامة الحدّ على الإماء، فقدّمناها على مفهوم الآية، فمن ذلك ما رواه مسلمٌ في صحيحه، عن عليٍّ، رضي اللّه عنه، أنّه خطب فقال: يا أيّها النّاس، أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، فإنّ أمةً لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم زنت فأمرني أن أجلدها، فإذا هي حديثة عهدٍ بنفاسٍ، فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك للنّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: "أحسنت، اتركها حتّى تماثل ".
وعند عبد اللّه بن أحمد، عن غير أبيه: "فإذا تعالت من نفسها حدّها خمسين".
وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم يقول: "إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها، فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثّانية فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها، ثمّ إن زنت الثالثة فتبين زناها، فليبعها ولو بحبل من شعر" ولمسلمٍ إذا زنت ثلاثًا فليبعها في الرّابعة".
وقال مالكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ، عن سليمان بن يسار، عن عبد اللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة المخزوميّ قال: أمرني عمر بن الخطّاب في فتيةٍ من قريشٍ، فجلدنا من ولائد الإمارة خمسين خمسين في الزّنا.
الجواب الثّاني: جواب من ذهب إلى أنّ الأمة إذا زنت ولم تحصن فلا حدّ عليها، وإنّما تضرب تأديبًا، وهو المحكيّ عن عبد اللّه بن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، وإليه ذهب طاوسٌ، وسعيد بن جبير، وأبو عبيد القاسم بن سلّامٍ، وداود بن عليٍّ الظّاهريّ في روايةٍ عنه. وعمدتهم مفهوم الآية وهو من مفاهيم الشّرط، وهو حجّةٌ عند أكثرهم فهو مقدّمٌ على العموم عندهم. وحديث أبي هريرة وزيد بن خالدٍ، رضي اللّه عنهما، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن؟ قال: "إن زنت فحدّوها ثمّ إنّ زنت فاجلدوها ثمّ بيعوها ولو بضفيرٍ" قال ابن شهابٍ: لا أدري أبعد الثّالثة أو الرّابعة.
أخرجاه في الصّحيحين وعند مسلمٍ: قال ابن شهابٍ: الضّفير الحبل.
قالوا: فلم يؤقّت في هذا الحديث عددٌ كما وقّت في المحصنة بنصف ما على المحصنات من العذاب، فوجب الجمع بين الآية والحديث بذلك واللّه أعلم.
وأصرح من ذلك ما رواه سعيد بن منصورٍ، عن سفيان، عن مسعرٍ، عن عمرو بن مرّة، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "ليس على أمةٍ حدٌّ حتّى تحصن -أو حتّى تزوّج-فإذا أحصنت بزوجٍ فعليها نصف ما على المحصنات".
وقد رواه ابن خزيمة، عن عبد اللّه بن عمران العابديّ عن سفيان به مرفوعًا. وقال: رفعه خطأٌ، إنّما هو من قول ابن عبّاسٍ، وكذا رواه البيهقيّ من حديث عبد اللّه بن عمران، وقال مثل ما قاله ابن خزيمة.
قالوا: وحديث عليٍّ وعمر [رضي اللّه عنهما] قضايا أعيانٍ، وحديث أبي هريرة عنه أجوبةٌ:
أحدها: أنّ ذلك محمولٌ على الأمة المزوّجة جمعًا بينه وبين هذا الحديث.
الثّاني: أنّ لفظ الحدّ في قوله: فليجلدها الحدّ، لفظٌ مقحمٌ من بعض الرّواة، بدليل الجواب الثّالث وهو:
أنّ هذا من حديث صحابيّين وذلك من رواية أبي هريرة فقط، وما كان عن اثنين فهو أولى بالتّقدّم من رواية واحدٍ، وأيضًا فقد رواه النّسائيّ بإسنادٍ على شرط مسلمٍ، من حديث عبّاد بن تميمٍ، عن عمّه -وكان قد شهد بدرًا-أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "إذا زنت الأمة فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فاجلدوها، ثمّ إذا زنت فبيعوها ولو بضفيرٍ".
الرّابع: أنّه لا يبعد أنّ بعض الرّواة أطلق لفظ الحدّ في الحديث على الجلد؛ لأنّه لمّا كان الجلد اعتقد أنّه حدٌّ، أو أنّه أطلق لفظة الحدّ على التّأديب، كما أطلق الحدّ على ضرب من زنى من المرضى بعثكال نخلٍ فيه مائة شمراخٍ، وعلى جلد من زنى بأمة امرأته إذا أذنت له فيها مائةً، وإنّما ذلك تعزيرٌ وتأديبٌ عند من يراه كالإمام أحمد وغيره من السّلف. وإنّما الحدّ الحقيقيّ هو جلد البكر مائةً، ورجم الثّيّب أو اللّائط، واللّه أعلم.
وقد روى ابن جريرٍ في تفسيره: حدّثنا ابن المثنّى، حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، حدّثنا شعبة، عن عمرو بن مرّة؛ أنّه سمع سعيد بن جبيرٍ يقول: لا تضرب الأمة إذا زنت ما لم تتزوّج.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ عنه، ومذهبٌ غريبٌ إن أراد أنّها لا تضرب أصلًا لا حدًّا، وكأنّه أخذ بمفهوم الآية ولم يبلغه الحديث، وإن كان أراد أنّها لا تضرب حدًّا، ولا ينفي ضربها تأديبًا، فهو كقول ابن عبّاسٍ ومن تبعه في ذلك، واللّه أعلم.
الجواب الثّالث: أنّ الآية دلّت على أنّ الأمة المحصنة تحدّ نصف حدّ الحرّة، فأمّا قبل الإحصان فعمومات الكتاب والسّنّة شاملةٌ لها في جلدها مائةً، كقوله تعالى {الزّانية والزّاني فاجلدوا كلّ واحدٍ منهما مائة جلدةٍ} [النّور:2] وكحديث عبادة بن الصّامت: "خذوا عنّي، خذوا عنّي، قد جعل اللّه لهنّ سبيلا البكر بالبكر جلد مائةٍ وتغريب عامٍ، والثّيّب جلد مائةٍ ورجمها بالحجارة" والحديث في صحيح مسلمٍ وغير ذلك من الأحاديث.
وهذا القول هو المشهور عن داود بن عليٍّ الظّاهريّ، وهو في غاية الضّعف؛ لأنّ اللّه تعالى إذا كان أمر بجلد المحصنة من الإماء بنصف ما على الحرّة من العذاب وهو خمسون جلدةً، فكيف يكون حكمها قبل الإحصان أشدّ منه بعد الإحصان. وقاعدة الشّريعة في ذلك عكس ما قال، وهذا الشّارع عليه السّلام يسأله أصحابه عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، فقال: "اجلدوها" ولم يقل مائةً، فلو كان حكمها كما قال داود لوجب بيان ذلك لهم؛ لأنّهم إنّما سألوا عن ذلك لعدم بيان حكم جلد المائة بعد الإحصان في الإماء، وإلّا فما الفائدة في قولهم: "ولم تحصن" لعدم الفرق بينهما لو لم تكن الآية نزلت، لكن لمّا علموا حكم أحد الحكمين سألوا عن حكم الحال الآخر، فبيّنه لهم. كما [ثبت] في الصّحيحين أنّهم لمّا سألوه عن الصّلاة عليه، فذكرها لهم ثمّ قال: "والسّلام ما قد علمتم" وفي لفظٍ: لمّا أنزل اللّه قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليمًا} [الأحزاب:56] قالوا: هذا السّلام عليك قد عرّفناه، فكيف الصّلاة عليك؟ وذكر الحديث، وهكذا هذا السّؤال.
الجواب الرّابع -عن مفهوم الآية-: جواب أبي ثورٍ، فإنّ من مذهبه ما هو أغرب من قول داود من وجوهٍ، ذلك أنّه يقول فإذا أحصن فإنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات المزوّجات وهو الرّجم، وهو لا يتناصف فيجب أن ترجم الأمّة المحصنة إذا زنت، وأمّا قبل الإحصان فيجب جلدها خمسين. فأخطأ في فهم الآية وخالف الجمهور في الحكم، بل قد قال أبو عبد اللّه الشّافعيّ، رحمه اللّه: ولم يختلف المسلمون في أن لا رجم على مملوكٍ في الزّنا؛ وذلك لأنّ الآية دلّت على أنّ عليهنّ نصف ما على المحصنات من العذاب، والألف واللّام في المحصنات للعهد، وهنّ المحصنات المذكورات في أوّل الآية: {ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات} والمراد بهنّ الحرائر فقط، من غير تعرّضٍ لتزويج غيره، وقوله: {نصف ما على المحصنات من العذاب} يدلّ على أنّ المراد من العذاب الّذي يمكن تنصيفه وهو الجلد لا الرّجم، واللّه أعلم.
ثمّ قد روى الإمام أحمد [حديثًا] نصا في ردّ مذهب أبي ثورٍ من رواية الحسن بن سعدٍ عن أبيه أنّ صفيّة كانت قد زنت برجلٍ من الحمس، فولدت غلامًا، فادّعاه الزّاني، فاختصما إلى عثمان [بن عفّان] فرفعهما إلى عليّ بن أبي طالبٍ، فقال عليٌّ: أقضي فيهما بقضاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" وجلدهما خمسين خمسين.
وقيل: بل المراد من المفهوم التّنبيه بالأعلى على الأدنى، أي: أنّ الإماء على النّصف من الحرائر في الحدّ وإن كنّ محصناتٍ، وليس عليهنّ رجمٌ أصلًا لا قبل النّكاح ولا بعده، وإنّما عليهنّ الجلد في الحالتين بالسّنّة. قال ذلك صاحب الإفصاح عن الشّافعيّ، فيما رواه ابن عبد الحكم، عنه. وقد ذكره البيهقيّ في كتاب السّنن والآثار، وهو بعيدٌ عن لفظ الآية؛ لأنّا إنّما استفدنا تنصيف الحدّ من الآية لا من سواها، فكيف يفهم منها التّنصيف فيما عداها، وقال: بل أريد بأنّها في حال الإحصان لا يقيم الحدّ عليها إلّا الإمام، ولا يجوز لسيّدها إقامة الحدّ عليها والحالة هذه -وهو قولٌ في مذهب الإمام أحمد رحمه اللّه-فأمّا قبل الإحصان فله ذلك، والحدّ في كلا الموضعين نصف حدّ الحرّة. وهذا أيضًا بعيدٌ؛ لأنّه ليس في لفظ الآية ما يدل عليه.
ولولا هذه لم ندر ما حكم الإمام في التّنصيف، ولوجب دخولهنّ في عموم الآية في تكميل الحدّ مائةً أو رجمهنّ، كما أثبت في الدّليل عليه، وقد تقدّم عن عليٍّ أنّه قال: أيّها النّاس أقيموا على أرقّائكم الحدّ من أحصن منهم ومن لم يحصن، وعموم الأحاديث المتقدّمة ليس فيها تفصيلٌ بين المزوّجة وغيرها، لحديث أبي هريرة الّذي احتجّ به الجمهور: "إذا زنت أمة أحدكم فتبيّن زناها فليجلدها الحدّ ولا يثرّب عليها".
ملخّص الآية: أنّها إذا زنت أقوالٌ: أحدها: أنها بجلد خمسين قبل الإحصان وبعده، وهل تنفى؟ فيه ثلاثة أقوالٍ:
[أحدها] أنّها تنفى عنه والثّاني: لا تنفى عنه مطلقًا. [وهو قول عليٍّ وفقهاء المدينة] والثّالث: أنّها تنفى نصف سنةٍ وهو نفي نصف الحرّة. وهذا الخلاف في مذهب الشّافعيّ، وأمّا أبو حنيفة فعنده أنّ النّفي تعزيرٌ ليس من تمام الحدّ، وإنّما هو رأي الإمام، إن شاء فعله وإن شاء تركه في حقّ الرّجال والنّساء، وعند مالكٍ أنّ النّفي إنّما هو على الرّجال، وأمّا النّساء فلا ؛ لأنّ ذلك مضادٌّ لصيانتهنّ، [وما ورد شيءٌ من النّفي في الرّجال ولا في النّساء نعم حديث عبادة وحديث أبي هريرة] أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عامٍ وبإقامة الحدّ عليه، رواه البخاريّ، و [كلّ] ذلك مخصوصٌ بالمعنى، وهو أنّ المقصود من النّفي الصّون وذلك مفقودٌ في نفي النّساء واللّه أعلم.
والثّاني: أنّ الأمة إذا زنت تجلد خمسين بعد الإحصان، وتضرب [قبله] تأديبًا غير محدودٍ بعددٍ محصورٍ، وقد تقدّم ما رواه ابن جريرٍ عن سعيد بن جبيرٍ: أنّها لا تضرب قبل الإحصان، وإن أراد نفيه فيكون مذهبًا بالتّأويل وإلّا فهو كالقول الثّاني.
القول الآخر: أنّها تجلد قبل الإحصان مائةً وبعده خمسين، كما هو المشهور عن داود، و [هو] أضعف الأقوال: أنّها تجلد قبل الإحصان خمسين وترجم بعده، وهو قول أبي ثورٍ، وهو ضعيفٌ أيضًا واللّه سبحانه وتعالى أعلم بالصّواب.
وقوله: {ذلك لمن خشي العنت منكم} أي: إنّما يباح نكاح الإماء بالشّروط المتقدّمة لمن خاف على نفسه الوقوع في الزّنا، وشقّ عليه الصّبر عن الجماع، وعنت بسبب ذلك [كلّه، فحينئذٍ يتزوّج الأمة، وإن ترك تزوّج الأمة] وجاهد نفسه في الكفّ عن الزّنا، فهو خيرٌ له؛ لأنه إذا تزوجها جاء أولاده أرقّاء لسيّدها إلّا أن يكون الزّوج عربيًّا فلا تكون أولاده منها أرقّاء في قولٍ قديمٍ للشّافعيّ، ولهذا قال: {وأن تصبروا خيرٌ لكم واللّه غفورٌ رحيمٌ}
ومن هذه الآية الكريمة استدلّ جمهور العلماء في جواز نكاح الإماء، على أنّه لا بدّ من عدم الطّول لنكاح الحرائر ومن خوف العنت؛ لما في نكاحهنّ من مفسدة رقّ الأولاد، ولما فيهنّ من الدّناءة في العدول عن الحرائر إليهن. وخالف الجمهور أبو حنيفة وأصحابه في اشتراط الأمرين، فقالوا: متى لم يكن الرّجل مزوّجًا بحرّة جاز له نكاح الأمة المؤمنة والكتابيّة أيضًا، سواءٌ كان واجدًا الطّول لحرّةٍ أم لا وسواءٌ خاف العنت أم لا وعمدتهم فيما ذهبوا إليه [عموم] قوله تعالى: {والمحصنات من الّذين أوتوا الكتاب من قبلكم} [المائدة: 5] أي: العفائف، وهو يعمّ الحرائر والإماء، وهذه الآية عامّةٌ، وهذه أيضًا ظاهرةٌ في الدّلالة على ما قاله الجمهور واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 2/260-267]
* للاستزادة ينظر: هنا