[فهرسة]بَابُ احْتِرَامِ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى وَتَغْيِيرِ الاِسْمِ لأِجْلِ ذَلِكَ
عناصر الباب
موضوع الباب
الدليل الذي أورده المؤلف [نذكر نص الدليل، فعند فهرسة باب من أبواب التوحيد تكون المسائل الرئيسية لدي هي الآيات
والأحاديث والآثار الواردة في الباب، فهنا لا يوجد سوى حديث أبي شريح، فنقول: شرح حديث أبي شريح: (إن الله هو الحكم... )
ثم تجعل تحته ما يتعلق به من مسائل؛ تخريج الحدديث، ترجمة الراوي، شرح ألفاظ الحديث....إلخ]
ترجمة راوي الحديث
شرح معاني الحديث
دلالة الحديث على الباب
مسائل وأحكام
فوائد دراسة هذا الباب
موضوع الباب[أهمية باب: (احترام أسماء....)]
-هذا الباب فيه الحث على تحلي المسلم بالأدب مع الله عز وجل، وذلك ظاهرا وباطنا. وهذا يشمل توقير أسماء الله وصفاته وشرعه، وتجنب الهزل بشيء من ذلك، فلا يتكلم عن الله -جل وعلا- إلا بحساب وضبط، وكذلك لا يسمي أحدا بأسماء الله جل وعلا، ويغير الاسم لأجل هذا.
[ثم نذكر مناسبة الباب لكتاب التوحيد]
الدليل الذي أورده المؤلف[تخريج الحديث]
-عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ: أَنَّهُ كَانَ يُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللهَ هُوَ الْحَكَمُ وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ)). فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ. فَقَالَ: ((مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟)). قُلْتُ: شُرَيْحٌ وَمُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللهِ. قَالَ: ((فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟)). قُلْتُ: شُرَيْحٌ. قَالَ: ((فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ)). رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ.
ترجمة راوي الحديث
•اسمه
اختُلف في اسم الراوي على ثلاثة أقوال:
-القول الأول: هو أبو شريح خويلد بن عمرو الخزاعي، وذلك كما جاء في "خلاصة التذهيب"
-القول الثاني: هو هانئ بن يزِيد الكندي، وذلك كما نقله الشارح عن الحافظ.
-القول الثالث: هو الحارث الضبابي، قاله المزّيّ.
•إسلامه ووفاته
-أسلم يوم الفتح، ومات بالمدينة سنة ثمان وستين كما ذكر ابن سعد
•ما روى من أحاديث
-روى عشرين حديثا، اتفق الشيخان على حديثين، وانفرد البخارِي بحديث.
-روى عنه أبو سعيد المقبرِي، ونافع بن جبير وطائفة.
شرح معاني الحديث
•معنى الكنية، وبيان الفرق بينها وبين اللقب
-الكنية هي ما صدر ب"أب" أو "أم" أو نحوِ ذلك.
-وأما اللقب فهو ما لم يصدر بذلك، كزين العابدين ونحوِه.
•معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله هو الحَكم))
-أي أنه سبحانه وتعالى هو الحكم في الدنيا والآخرة، يحكم بين خلقه في الدنيا بوحيِه الذي أَنزله على أنبيائه ورسله.
-وقد يسر الله معرفة أكثرِ أحكامه تلك لأكثرِ علماء هذه الأمة، فهي أمة موفقة لا تجتمع على ضلالة.
•سبب نهي النبي عن التسمية ب"الحكم"
-من جهة: وذلك لكون (الحكم) من أسماء الله جل وعلا، والله لم يلد ولم يولد؛ فتكنيته بأبي الحكم غير لائقة.
-ومن جهةٍ أخرى: أن (الحكم) وهو بلوغ الغاية في الحكم، لأن هذا فيه فصل بين المتخاصمين، وذلك راجع إلى من له الحكم، وهو الله جل جلاله. وأما البشر فهم لا يصلحون أن يكونوا حكاما، أو أن يكون الواحد منهم حكما على وجه الاستقلال؛ ولكن يكون حكما على وجه التبع.
•سبب استخدام النبي للضمير في قوله "الله هو الحكم"
-دخول (هو) بين لفظ الجلالة، وبين (الحكم) يدل على اختصاص الله تعالى بذلك الاسم، كما هو مقرر في علم المعاني؛ لأن (هو) هذا ضمير عماد، أو ضمير فصل لا محل له من الإعراب؛ فائدته أن يُحصر، أو أن يجعل الثاني مختص بالأول.
•لا يطلق لفظ "الحكَم" إلا على من يحكم بشرع الله
-وذلك كقوله تعالى: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها}، فسمّى المبعوث من هذا وهذا حكما؛ لأنهما يحكمان بالشرع.
-فالذي يحكم بما حكم به الله، الذي هو الحكم: يُقال له: حكم؛ لأنه حكم بحكم من له الحكم، وهو الله جل جلاله؛ فيسوغ إطلاق ذلك، ولا بأس به.
•معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإليه الحُكم))
-أي أنه يجب الاحتكام إلى شرع الله تعالى في الحياة الدنيا، كما قال عز وجل: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ}.
-ويكون ذلك بالاحتكام إلى كتابه تعالى، وإلى النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته، وإلى سنته بعد وفاته.
•أدلة وجوب الاحتكام إلى الكتاب والسنة
-قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}.
-وقد قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما أرسله إلى اليمن: ((بِمَ تَحْكُمُ؟)).
قال: (بِكِتَابِ الله).
قال: ((فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟)).
قال: (بِسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ).
قال: ((فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟)).
قال: (أَجْتَهِدُ رَأْيِي).
فقال: ((الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللهِ لِمَا يُرْضِي رَسُولَ اللهِ)).
•وهل يسوغ لكل مسلم الاجتهاد، إذا لم يجد الحكم الشرعي في الكتاب والسنة؟
-لا يسوغ الاجتهاد لمن كان حاله الجهل بالأحكام الشرعية من الكتاب والسنة.
-ويسوغ الاجتهاد لمن كان صاحب علم كما هو حال معاذ؛ حيث كان من أجل علماء الصحابة بالأحكام ومعرفة الحلال والحرام، ومعرفة أحكام الكتاب والسنة.
•الحكم يوم القيامة لله وحده
-وذلك إذا نزل لفصل القضاء بين العباد بعلمه، وهو الذي لا يخفى عليه شيء، وذلك كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ}.
-ويكون الحكم بالحسنات والسيئات وبقدر المظلمة؛ بحيث يُؤخذ للمظلوم من حسنات الظالم، فإن فنيت حسناته؛ أخذ من سيئات المظلوم وطرح بها على الظالم.
•معنى قول أبي شريح: (فَإِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ الفَرِيقَيْنِ)[نجعل تحته عنصر لا يطلق لفظ الحكم...]
-أن أبا شريح لما عرف منه قومه أنه صاحب إنصاف وتحر للعدل بينهم، ومع معرفته بما يرضي كلا من المتخاصمين؛ صار عندهم حكما ومرضيا.
[ونبين أنه كان يحكم بينهم بما يراه]
-ويفهم من قوله (فرضي) أنه كان يعقد بينهم الصلح؛ لأن الصلح مداره على الرضى لا على الإلزام.
[ونبين المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي شريح: (ما أحسن هذا)]
دلالة الحديث على الباب
-دل الحديث على أن أسماء الله تعالى يجب احترامها وتعظيمها، ومن ذلك أن يجعل ما لا يصلح إلا لله منها لله وحده، وألا يسمى به البشر.
مسائل وأحكام
•حكم احترام أسماء الله تعالى
-مستحبّاً؛ وذلك فيما كان من الأدب أن لا يوصف به غير الرب جل وعلا، وهذا راجع إلى تعظيم شعائر الله تعالى، كما قال سبحانه: {ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب}، وقال أيضا: {ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه}.
-وقد يكون واجباً؛ بحيث يُتجنب امتهانها كما يحصل ممن يرمي الورق الذي كتبت فيه أو يضعه في أمكنة قذرة.
فوائد دراسة هذا الباب
-ينبغي احترام أسماء الله وصفاته، وتغيير الاسم لأجل ذلك، ولو لم يقصد معناها.
-لا ينبغي الاعتماد على الكهان وأهل الكتاب في الصلح بين الناس. ولا يسوغ للمصلح أن يستند إلى الأهواء، أو إلى التقليد الأعمى وأحوال الجاهلية؛ وذلك باتباع أحكام كبرائهم المخالفة للكتاب والسنة.
-جاء في هذا الحديث وغيره ما يدل على تقديم الأكبرِ سنا في الكنية وغيرِها غالبا.