دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الصلاة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #7  
قديم 12 ذو القعدة 1429هـ/10-11-2008م, 10:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

المتن:

باب الذكر عقيب الصلاة:
133- عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عباس:: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك، إذا سمعته.
- وفي لفظ: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير.
134- وعن وارد مولى المغيرة بن شعبة قال: أملى علي المغيرة بن شعبة في كتاب إلى معاوية؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة:
( لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد ).
ثم وفدت بعد ذلك على معاوية، فسمعته يأمر الناس بذلك.
وفي لفظ: (وكان ينهى عن قيل وقال: وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وكان ينهى عن عقوق الأمهات، ووأد البنات، ومنع وهات ).
***
الشرح:

هذان الحديثان عن النبي صلى الله عليه وسلم، كلاهما يدل على شرعية الذكر عقب الصلاة، وأنه يرفع به الصوت حتى يتعلم الجاهل، ويتذكر الناسي، ولا يظن الناس أنه السر غلط وهذا من السنة، من السنة رفع الصوت بالذكر بعد الظهر وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء وبعد الفجر حتى يسمع من حول المسجد أنهم صلوا كما يدل حديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك، إذا سمعته.
وفي لفظ: ما كنا نعرف انقضاء صلاة رسول الله إلا بالتكبير. أي: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، ليعرف من حول أهل المسجد أنهم صلوا.. وهذا واضح في شرعية الجهر بالذكر عقب الصلاة.

يقول: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد.
بعد كل صلاة، هكذا جاء في حديث المغيرة كما هنا لا إله إلا الله اللهم لا مانع لما أعطيت.
وجاء في حديث ابن الزبير عند مسلم بقية الذكر بزيادة: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.

ففي هذين الحديثين؛ حديث المغيرة وحديث ابن الزبير ثبت هذا الذكر العظيم وفي حديث ابن عباس ثبت رفع الصوت بالذكر.
وحديث المغيرة يدل على رفع الصوت لأنه كان يسمع النبي يقول هذا، لولا أنه رفع صوته ما سمعوا، فدل ذلك على أن السنة رفع الصوت بالذكر رفعا متوسطا ليس فيه إزعاج، و يسمعه من حول المسجد.
وفي الحديث الدلالة على أنه في الذكر، والمشروع: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين مرة سواء أفردها: سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله، حتى يكمل ثلاثا وثلاثين أو جمعها؛ سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثا وثلاثين جميعا، هذه تسعة وتسعون، والأفضل أن يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ لأنه صح عن النبي هذا، عند مسلم في حديث........................
وفي حديث المغيرة الدلالة على أنه يقول: ( اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ) أي لا مانع لما أعطى الله ولا معطي لما منع الله، فالأمر بيده سبحانه وتعالى هو المتصرف في الكائنات كلها، وهذا مثل قوله سبحانه: ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) فالأمر بيده سبحانه وتعالى، وهكذا قوله جل وعلا : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يمسسك بخير فلا راد لفضله ) فهو مصرف العباد كيف يشاء؛ وهو المعطي، وهو المانع، وهو النافع، وهو الضار، وهو المحيي، وهو المميت والخالق والرازق وكل شيء بيده سبحانه وتعالى.
وقوله: (ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، أي: ولا ينفع ذا الغنى جده بفتح الجيم، هذا هو الصواب في الرواية: ذا الجد منك الجد: أي لا ينفع ذا الغنى والحظ والرياسة ونحو ذلك جده وحظه وغناه، ( منك ) أي بدلا منك ربنا، فإن الجميع فقراء إلى الله، فلا ينفعهم ولا يغنيهم جدهم أي مالهم ولا ثروتهم ولا وظائفهم .
وفي حديث المغيرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم ينهى عن قيل وقال، وإضاعة المال، وكثرة السؤال، وعن عقوق الأمهات، ووأد البنات ومنع وهات.
وفي لفظ آخر يقول المغيرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعاً وهات وكره لكم قيل وقال وفي لفظ آخر: ويسخط لكم قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال أعظمها: عقوق الأمهات، يحرم عقوق الأمهات، العقوق والقطيعة والإيذاء للأمهات وهكذا الأب، لكن الأم أشد، لأن حقها أعظم، وعقوقها أشد وأخطر والأب كذلك بره واجب وعقوقه محرم، وكبيرة من كبائر الذنوب، والواجب برهما والإحسان إليهما ومصاحبتهما بالمعروف، والسمع الطاعة لهما بالمعروف وعدم رفع الصوت عليهما، وعدم إيذائهما بأي أذى، قولي أو فعلي، كما قال سبحانه: ( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
وسئل النبي عليه الصلاة والسلام: أي العمل أفضل قال: ( الصلاة على وقتها )، قيل ثم أي؟ قال: ( بر الوالدين ) قيل ثم أي؟ قال: ( الجهاد في سبيل الله )،
وقال عليه الصلاة والسلام ( ألا أخبركم بأكبر الكبائر )؟! قلنا: بلى يا رسول الله! قال:
( الإشراك بالله وعقوق الوالدين – وكان متكئا فجلس – فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور ). هذه من أعظم الكبائر وأكبرها وأخطرها: الشرك بالله ثم العقوق للوالدين ثم شهادة الزور، فينبغي الحذر من هذه الأمور المحرمة.
وهكذا: ( وأد البنات )، كانوا في الجاهلية يئدون البنات،فبعض أهل الجاهلية يقتل بنته وهي حية، يخاف من العار، أو من الفقر، وهذا من المنكرات العظيمة ومن الكبائر ومن قطيعة الرحم ولهذا حرم الله ذلك، ويقتل بعضهم الأولاد أيضا، من الذكور؛ خشية الفقر، كذا قال الله جل وعلا: ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم )،
الإملاق: الفقر، فبعض أهل الجاهلية يقتل الولد من الذكر؛ خوف الفقر، ويقتل البنت خوف الفقر وخوف العار، وحرم الله ذلك سبحانه وتعالى على المسلمين
وهكذا: ( منعاً وهات ) أي يمنع الحق ويطلب ما ليس له، ( منعاً ) أي يمنع الواجب من زكاة وغيرها، و( هات ) أن يطلبها ليس له من الكسب الحرام، فهذا محرم، والواجب على المؤمن أن يؤدي الواجب وأن يحذر المحرم.
وكذا: ( قيل وقال ) لا ينبغي قيل وقال لأنه إذا فعل ذلك وقع في الكذب، ولهذا سخط الله قيل وقال، فينبغي للمؤمن أن يكون حافظا للسانه، قليل الكلام إلا فيما ينفع ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت )، وفي حديث معاذ: ( وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم ) نسأل الله السلامة، فينبغي للمؤمن أن يقلل الكلام وأن يحتاط فيه حتى لا يقول إلا خيرا، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يلقي لها بالا يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) نسأل الله السلامة.
كذلك : ( إضاعة المال )، لا يجوز إضاعة المال بالخمور والمحرمات وآلات الملاهي وأشباه ذلك، يجب حفظ المال حتى لا يصرف إلا في وجهه، لا تجوز إضاعته فيما لا يجوز كالمسكرات و الملاهي، أو أشياء تضر ولا تنفع، بل يجب أن يصان المال ويحفظ حتى يصرف في وجهه الشرعي.
والسادسة: (كثرة السؤال)، فسر بالسؤال عن العلم بسؤال الدنيا، أما كثرة السؤال في العلم فهذا منهي عنه إذا كان بقصد إقاعة المسؤول في الأغلاظ وإيذاء المسؤول، أو لقصد إظهار جودة الفهم وأنه حريص على طلب العلم رياء وسمعة، فينبغي له أن لا يكثر السؤال لأنه، إما أن يؤذي المسؤول، وإما أن تكثر عليه المسائل فيغلط ولا يفهم، فينبغي أن يسأل في كل وقت ما يناسبه مع الاقتصاد حتى لا يغلط وحتى لا يؤذي غيره وحتى لا يقع في الرياء.
وهكذا في الدنيا حرام على المؤمن أن يسأل الناس أموالهم عنده ما يكفيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من سأل الناس أموالا تكثرا فإنما يسأل جمرا فيستقل أو ليستكثر ) نسأل الله العافية، فالواجب على المؤمن الحذر من السؤال إلا من حاجة، وقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن المسألة تحل لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيب حمولته)، تحمل حمالة في الإصلاح بين الناس أو في حاجة أهله فإنه يسأل.
الثانية:( إذا أصابته جائحة)، من غرق أو حرق أو جراد حتى ذهب ماله ولم يعد عنده ما يقوم بحاله، حلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أي سداداً من عيش قدر حاجته، ثم يمسك عن السؤال.
الثالثة: (الإنسان إذا أصابته فاقة) بأنه حلت به مصيبة، أو ذهبت أمواله بسبب خسارته في التجارة أو أسباب أخرى غير الجائحة حتى افتقر، فإذا شهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه أنه افتقر، حلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش، أي سدادا من عيش فهؤلاء الثلاث هم الذين تباح لهم المسألة يأخذه صاحبه سحتا والحديث رواه مسلم في الصحيح، وما سوى هذه المسائل يحرم على المؤمن تعاطيه

***
المتن:

135- وعن سمي – مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام – عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم. فقال: ( وما ذاك؟ ) قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أفلا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثلما صنعتم ) قالوا: بلى، يا رسول الله! قال: ( تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة ).
قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ).
قال سمي: فحدثت بعض أهلي بهذا الحديث. فقال: وهمت، إنما قال: ( تسبح الله ثلاثا وثلاثين، وتحمد الله ثلاثا وثلاثين، وتكبر الله ثلاثا وثلاثين ) فرجعت إلى أبي صالح، فقلت له ذلك، فقال: قل الله أكبر وسبحان الله والحمد لله، حتى تبلغ من جميعهن ثلاثا وثلاثين.
136- وعن عائشة رضي الله عنها؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة لها أعلام، فنظر إلى أعلامها نظرة، فلما انصرف قال: ( اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم، وائتوني بأنبجانية أبي جهم؛ فإنها ألهتني آنفا عن صلاتي ).

الأول من هذين الحديثين يتعلق بالذكر عقب الصلاة والثاني يتعلق بالخشوع في الصلاة، والابتعاد عن كل ما يشغل فيها.

الحديث الأول: أن فقراء المهاجرين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله! ذهب أهل الدثور بالأجور، - الدثور: الأموال -، يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويعتقون ولا نعتق.. سألهم النبي عن ذلك فأخبروه أن ذلك بسبب أنهم يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم لكن يزيدون علينا بأنهم يتصدقون وليس عندنا ما نتصدق به ويعتقون وليس عندنا مال نعتق، وفي لفظ آخر: ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى والنعيم المقيم، قال: ( وما ذاك ) أي: بم ذاك قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، أي أنهم فقراء وهم عندهم مال يستطيعون به الصدقة وشراء العبيد والعتق فهم سبقونا بهذا الخير.. فقال عليه الصلاة والسلام: ( ألا أدلكم على شيء تدركون به من سبقكم وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثلما صنعتم ) قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ( تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين ) – هذا يدل على فضل هذا التسبيح والتحميد والتكبير بعد كل صلاة وأنه يقوم مقام الصدقة والعتق لمن عجز عن ذلك، وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى، فإن المؤمن إذا ترك العمل الصالح عجزا عنه، وهو يحب أن يعمله ويريد ذلك لولا العجز كتب الله له مثل أجر العاملين، فضلا منه وإحسانا كما في الحديث الصحيح: يقول صلى الله عليه وسلم: ( إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم )، وفي حديث أبي كبشة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الأربعة: رجل أعطاه الله علما وأعطاه مالا فهو يتقي في ماله ربه ويصل فيه رحمه ويعلم أن لله في حقا قال: فهو بخير المنازل والثاني رجل أعطاه الله علما ولم يعطه مالا، فقال: لو كان لي من المال مثل فلان لعملت مثل عمله قال: فهذا بنيته وهما في الأجر سواء) – لأنه عاجز- فصار بنيته الصادقة مع عجزه يعطى مثل أجر العامل، هذا من فضل الله وجوده وكرمه سبحانه وتعالى قال: (ورجل آتاه الله مالا ولم يعطه علما فهو لا يتقي فيه ربه ولا يصل رحمه و قال: فهذا بشر المنازل، والرابع: رجل لم يعطه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أن لي من المال مثل فلان لعملت مثل عمله - يعني مثل عمله السيئ – قال: فهذا بنيته فهما في الوزر سواء ) هذا يدل على أن الإنسان إذا نية سيئة، ولو قدر لعمل، يكون شريكا ومساويا لمن فعل الشر -والعياذ بالله – ولهذا في الحديث الصحيح: ( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ) قيل: يا رسول الله: هذا القاتل فما شأن المقتول!؟ قال: ( لأنه كان حريصا على قتل صاحبه ) فاستويا في العقوبة نسأل الله العافية.
وفي هذا أن فقراء المهاجرين لما عجزوا عن الصدقة والعتق صار تسبيحهم وتحميدهم وتكبيرهم ونيتهم الصالحة قائمة مقام ذلك، وصاروا مثلهم في الأجر.
وقال الفقراء – لما رجعوا للنبي صلى الله عليه وسلم -: إن إخواننا أهل الأموال سمعوا بما قلت لنا فعملوا مثل عملنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ).
يعني سمع التجار– الأخيار من الصحابة الأثرياء ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم للفقراء من التسبيح والتحميد والتكبير ففعلوه أيضا، مع ما قاموا به من الصدقة والإحسان والعتق، فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء – سبحانه وتعالى -.

ففي هذا الحديث الحث على الإكثار من الذكر، وأنه يقوم مقام الصدقات ويقوم مقام العتق، وله فضل عظيم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس ). ويقول: ( أحب الكلمات إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ). ويقول: ( الباقيات الصالحات: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله ) ويقول صلى الله عليه وسلم: ( كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم )..
وهذا فضل كبير، فيستحب للمؤمن والمؤمنة – بعد كل صلاة – أن يقول سبحان الله والحمد لله والله أكبر يعقدها ثلاثاً وثلاثين، الجميع تساوي تسعا وتسعين، وإذا أفردها قال: سبحان الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاثا وثلاثين فلا بأس ولكن جمعها أيسر عليه وأضبط، ثم يقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، جاء هذا في الحديث الآخر عن أبي هريرة – رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسع وتسعون وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير؛ رفعت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر )
هذا يدل على فضل هذا الذكر، وأن العبد إذا قاله عن صدق وإخلاص وإيمان وعدم إصرار على الذنوب: كفر الله له خطاياه.
وهذا من أحاديث الفضائل من أحاديث الرجاء فينبغي للمؤمن والمؤمنة استعمال ذلك،
ذلك عقب الصلوات؛ رجاء هذا الفضل العظيم.

والحديث الرابع: حديث عائشة – رضي الله عنها – أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بخميصة لها أعلام، - الخميصة: كساء

صلاتي، فطلب أنبجانية أبي جهم؛ لأنها كانت سادة، ليس فيها نقوش، فأحب عليه الصلاة والسلام أن تكون بدلا من تلك التي فيها نقوش؛ لأنها قد تشغل المصلي بالنظر إليها , وهذا يدل على أنه ينبغي للمصلي أن تكون ملابسه بعيدة عما يشغله عن الصلاة ويؤذيه ويشوش عليه خشوعه، وهكذا مصلاة والسجادة التي يصلي عليها لا يكون فيها نقوش تشغله عن الصلاة وهكذا في المساجد تكون السجادات ليس فيها نقوش، هذا هو الأفضل حتى لا يشتغل بها المصلي بالنظر إليها أو التفكير فيها، وصلاته فيها صحيحة، لكن ترك هذا أفضل وأكمل.


 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الذكر, باب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir