وهو اثنا عشر بابا: -
أبواب الثلاثة والأربعة
222 - باب الفرقان
الفرقان: فعلان من التفريق. والفرق: الفلق من الشيء إذا انفلق ومنه قوله تعالى: {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم}.
وذكر أهل التفسير أن الفرقان في القرآن على ثلاثة أوجه: -
أحدها: النصر. ومنه قوله تعالى في البقرة: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان}، وفي الأنفال: {وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان}.
والثاني: المخرج في الدين من الضلال والشبهة. ومنه قوله تعالى في البقرة: {وبينات من الهدى والفرقان}، وفي آل عمران: {وأنزل الفرقان}، وفي الأنفال: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا}.
والثالث: القرآن. ومنه قوله تعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده}.
الفصل: القطع. يقال فصلت الخرقة (من الثوب) أفصلها. والفيصل: الحاكم. والفصيل: ولد الناقة إذا افتصل عن أمه. والمفصل: للعظم. وأيضا المفصل: اللسان. والفصيلة عشيرة الرجل التي تؤويه. وفي الحديث: ((من أنفق نفقة فاصلة فله من الأجر كذا)). وهي التي تفصل بين إيمانه وكفره.
وقال ابن قتيبة ويقال: فصلت الصبي عن أمه، إذا فطمته. ومنه قيل للحوار إذا قطع عن الرضاع. فصيل، لأنه فصل عن أمه. وأصل الفصل: التفريق.
وذكر أهل التفسير أن الفصل في القرآن على ثلاثة أوجه: -
أحدها: القضاء. ومنه قوله تعالى في الدخان: {إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين}، وفي النبأ {إن يوم الفصل كان ميقاتا}.
والثاني: الفطام. ومنه قوله تعالى في البقرة: {فإن أرادا فصالا (عن تراض}، وفي الأحقاف: {وحمله وفصاله ثلاثون شهرا}.
والثالث: الخروج. ومنه قوله تعالى (في البقرة): {فلما فصل طالوت بالجنود}، وفي يوسف: {ولما فصلت العير}، أي: خرجت [العير] من مصر.
الفتح: ضد الإغلاق. والفتح: النصر، لأنه يفتح بابا مغلقا. والفتح: القضاء، لأنه فتح ما أشكل من الأمور. والفتاح: الحاكم والفتاحة: الحكم. قال أعرابي لآخر نازعه: بيني وبينك الفتاح.
وذكر أهل التفسير أن الفتح في القرآن على أربعة أوجه: -
أحدها: الفتح الذي هو ضد الإغلاق (ومنه قوله تعالى في الزمر: {حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها}.
والثاني: القضاء. ومنه قوله تعالى في الأعراف: {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق}، وفي سبأ: {قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم}، وفي السجدة: {قل يوم الفتح لا ينفع الذين كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون}. وفي الفتح: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا}.
والثالث: الإرسال. ومنه قوله تعالى في الأنبياء: {حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج}، وفي المؤمنين: {حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد}، وفي فاطر: {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها}.
والرابع: النصر. ومنه قوله تعالى في النساء: {فإن كان لكم فتح من الله}، وفي المائدة: {فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده}، وفي الصف: {وفتح قريب}.
الأصل في الفرار: أنه الهرب. والمفر: المكان الذي ينتهي إليه الفار. والفر: القوم الفارون. وفررت عن الأمر، إذا تجنبت. وافتر الرجل ضاحكا، إذا أبدى أسنانه. ويقولون: الجواد عينه فرارة، أي: يغنيك منظره عن مخبره.
وذكر أهل التفسير أن الفرار في القرآن على أربعة أوجه: -
أحدها: الهرب. ومنه قوله تعالى في الشعراء: {فررت منكم لما خفتكم}، وفي الأحزاب: {قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من
الموت أو القتل}.
والثاني: الكراهة. ومنه قوله تعالى في الجمعة: {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}.
والثالث: الالتفات. ومنه قوله تعالى في عبس: {يوم يفر المرء من أخيه}، أي: لا يلتفت إليه.
والرابع: التباعد. ومنه قوله تعالى في سورة نوح: {فلم يزدهم دعائي إلا فرارا}
وألحق مقاتل وجها خامسا، فقال: الفرار: التوبة. ومنه قوله تعالى [في الذاريات]: {ففروا إلى الله [إني لكم منه نذير مبين}.
قال ابن قتيبة: الفسق في اللغة: الخروج عن الشيء. قال الفراء: ومنه يقال: فسقت الرطبة إذا خرجت من قشرها.
وحكى ابن فارس: عن ابن الأعرابي: الفويسقة: الفأرة.
قال: ولم يسمع في كلام الجاهلية في شعر ولا في كلام: فاسق.
قال: وهذا عجب هو كلام عربي ولم يأت في شعر جاهلي.
وذكر بعض المفسرين أن الفسق في القرآن على أربعة أوجه: -
أحدها: الكفر. ومنه قوله تعالى سجدة لقمان: {أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون}، وفيها: {وأما الذين فسقوا فمأواهم النار}.
والثاني: المعصية من غير شرك. ومنه قوله تعالى في المائدة: {فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين}، يريد المخالفين في دخول قرية الجبارين. وفيها: {فلا تأس على القوم الفاسقين}.
والثالث: الكذب. ومنه قوله تعالى في النور: {ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون}، وفي الحجرات: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}.
والرابع: السب. ومنه قوله تعالى في البقرة: {فلا رفث ولا فسوق} وقد ألحق بعضهم وجها خامسا، فقال: والفسق: مخالفة أمر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ومنه قوله تعالى في التوبة: {إن المنافقين هم الفاسقون}.
الفواحش: جمع فاحشة. وهي ما قبحت في النفس. ويقال: فاحشة وفحشاء. وأفحش الرجل: قال الفحش، وهو فحاش وفاحش. وفي الحديث: " إن الله يبغض الفاحش البذيء ". وكل شيء جاوز قدره فهو: فاحش.
وذكر أهل التفسير أن الفواحش في القرآن على أربعة أوجه: -
أحدها: المعصية. ومنه قوله تعالى في الأعراف: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء}، وفي النجم: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}.
والثاني: الزنا. ومنه قوله تعالى في آل عمران: {والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم}، وفي سورة النساء: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم}، وفي الأعراف: {قل إنما حرم ربي الفواحش}، وفي الأحزاب: {من يأت منكن بفاحشة مبينة}.
والثالث: اللواط. ومنه قوله تعالى في العنكبوت: {إنكم لتأتون الفاحشة}.
والرابع: نشوز المرأة. ومنه قوله تعالى في سورة النساء: {ولا تضاروهن [لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن] إلا أن يأتين بفاحشة
مبينة}، وفي الطلاق: [{ولا تخرجوهن من بيوتهن] ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة}.