المجموعة الأولى :
س1: اذكر مناسبة نزول قوله تعالى: {إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (3)}.
لما مات ابن الرسول عليه الصلاة والسلام, قال بعض المشركين عن الرسول عليه الصلاة والسلام: إنه أبتر, وهو الذي لا ولد له, فرد عليهم الله تعالى في هذه الآية بأن الأبتر هو المحروم من خيري الدنيا والآخرة, فالأبتر على الحقيقة هو مبغضك يا محمد, فإن له الخزي في الدنيا والآخرة, فإن ذكروا, ذكروا على سبيل الذم والقذح, أما الرسول عليه الصلاة والسلام, فقد رفع الله له ذكره, فلا يذكر الله إلا ويذكر الرسول عليه الصلاة والسلام معه, ونصر دينه, وكثر اصحابه وأتباعه, وأعد له الثواب والخير العظيم في الآخرة, منه الكوثر والحوض والشفاعة.
س2: اذكر الأقوال في تفسير الفلق.
ورد في المراد ب"الفلق" ثلاثة أقوال متقاربة:
الأول: الصبح, ذكره الأشقر.
الثاني: فالق الحب والنوى وفالق الإصباح, قاله السعدي.
الثالث: كل مَا انفلق عن جميع ما خلق اللَّه, ذكره الأشقر.
والأقوال متقاربة, و يحمعها القول الثالث, فيكون المراد ب"الفلق" كل مَا انفلق عن جميع ما خلق اللَّه من الحيوان والصبح والحب والنوى، وَكل شيء من نبات وغيره, وقد ورد قوله تعالى:"فالق الحب والنوى", وقوله :"فالق الإصباح", وهذا القول عام, فيدخل فيه "الصبح", ويدخل فيه الخلق, والحب والنوى.
س3: فسّر سورة الفيل، مع ذكر فوائد سلوكية تستفيدها من هذه السورة.
قوله تعالى:"ألم تر كيف فعل ربك باصحاب الفيل":يخاطب الله تعالى النبي عليه الصلاة والسلام, ومن يصلح للخطاب من أمته, فيذكرهم الله تعالى بحادثة الفيل, لما حصل فيها من آيات عظيمة دلت على كمال قدرة الله وكمال عظمته, وأنه سبحانه لا يعجزه شيئ, فذكرهم سبحانه بما حصل لقوم من النصارى, ملكوا الحبشة واليمن, وعقدوا العزم على هدم الكعبة المشرفة, وتجهزوا لغزو البيت الحرام, فجمعوا الجنود والعتاد, واصطحبوا معهم فيلا ضخما ليهدموا به الكعبة, وقد حصل هذا في السنة التي ولد فيها عليه الصلاة والسلام, فصارت من جملة إرهاصاتِ دعوته، ومقدمات رسالتهِ, وقد كان بعض من شهدوا الواقعة أحياء عند بعثته عليه الصلاة والسلام.
"ألم يجعل كيدهم في تضليل": لكن الله رد مكرهم وسعيهم في خراب الكعبة إلى نحورهم, فمنعهم من بيته, وتكفل بالدفاع عنه, فأضلهم عنه حتى إنهم لم يصلوا إليه, وحبس الفيل عن التوجه للكعبة, فعجزوا عن حمله على السير إليها, بل كان هلاكهم قبل ذلك.
"وأرسل عليهم طيرا أبابيل": ولما كانوا قد اغتروا بما جمعوه من عدة وعتاد وفيلة, أهلكهم الله لهوان أمرهم عنده بطيور صغيرة, أرسلها وسلطها عليهم جماعات كثيرة متفرقة متتابعة.
"ترميهم بحجارة من سجيل": وكانت هذه الطيور تحمل معها أحجارا صغيرة من طين مشتعل, تتبعتهم بها فلم ينجو منها أحد, فكان الحجر يخترقهم فيهلكهم.
"فجعلهم كعصف مأكول" فأصبحوا كالتبن الذي أكلته الدواب ثم أخرجته, هامدين, خامدين, بعد أن كانوا مهابين يتخوف الناس من شرهم, وكان في هذا تذكير لكفار قريش ومن شابههم, بقدرة الله عليهم, فوجب عليهم أن يخشوه ويخافوا عقوبته, فيكفوا عما يصدر منهم من اذى في حق دين الله وعباده.
من الفوائد السلوكية:
- العناية بقراءة وفهم ما جاء في القرآن الكريم من قصص الأمم السابقة, إنما ذكرها سبحانه للعبرة والموعظة, والتحذير مما وقعوا فيه فيجتنبه المسلم.
- زيادة الإيمان والخشية بالعلم بكمال قدرة الله على خلقه, وكمال عظمته سبحانه, فلا يخشى المسم إلا ربه, ولا يذل إلا له سبحانه, فلله العزة ولرسوله وللمؤمنين.
- كف الأذى عن الناس وعدم الكيد لأحد, فإن الجزاء من جنس العمل.
- جميع المخلوقات مسخرة بأمر الله سبحانه, فلا يخرج شيئ عن ملكه سبحانه, فلا يغتر الإنسان بما يملك, ولا بمن هم تحت تصرفه, فملكه صوري لا يسري أثره دائما, هذا مع سرعة زواله.
- التنبه لتغير الأحوال في الدنيا وتقلباتها, فلا يتعلق القلب بها وبزينتها, والتأمل في هذا يرقق الطبع والقلب, ويحسن الخلق, ويزيد الإيمان.
س4: تحدث عن خطر الإعانة على المعصية، في ضوء دراستك لسورة المسد.
التعاون على المعصية والإثم والعدوان يجر على صاحبه الويلات, والخسارة متحققة في حقه, ولو نجا في الدنيا, وقد مثل الله سبحانه وتعالى, لنا في سورة المسد بأبي لهب وزوجته, فقد كانا بئس الشريكين في أذية الرسول عليه الصلاة والسلام, فكانا يتعاونان على هذا الصنيع القبيح, فتضع زوجة أبي لهب الشوك والأذى بمعاونة زوجها في طريق النبي عليه الصلاة والسلام, وكانت تسبه وتقدح فيه هي وزوجها, حيث كان يتبعه إذا دعا الناس لدين الله, فيكذبه ويسبه امامهم, فأخبر سبحانه وتعالى عن عاقبة أمرهم بأنهم خالدين في نار ذات لهب, وسيكونان عونا في عذاب بعضهما لبعض, فهي ستحمل الحطب لتزيد من اشتعال نار العذاب عليها وعلى زوجها, بعد أن كانت تحمل الشوك لتضعه في طريق النبي عليه الصلاة والسلام, وقد قال تعالى:"الإخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين".