دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الحج

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #3  
قديم 16 محرم 1430هـ/12-01-2009م, 08:21 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


644- وعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرِو بنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ في حَجَّةِ الوَدَاعِ فجَعَلُوا يَسْأَلُونَهُ، فَقَالَ رَجُلٌ:لَمْ أَشْعُرْ فحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ؟ قالَ: ((اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ)). وجَاءَ آخَرُ فَقَالَ: لَمْ أُشْعِرْ فنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ؟ قالَ: ((ارْمِ وَلاَ حَرَجَ))، فمَا سُئِلَ يَوْمَئِذٍ عن شَيْءٍ قُدِّمَ ولا أُخِّرَ، إلاَّ قالَ: ((افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ)). مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

مُفْرَداتُ الحديثِ:
-ابنِ العَاصِ: الجُمهورُ على كِتَابَتِه باليَاءِ، وهو الفَصِيحُ عندَ أهْلِ العَرَبِيَّةِ، ويَقَعُ في كَثِيرٍ من الكُتُبِ بحَذْفِها، وقَدْ قُرِئَ في القِرَاءَاتِ السَّبْعِ: {الْكَبِيرُ المُتَعَالِ} والعَاصُ من العِصْيَانِ، وجَمْعُه عُصَاةٌ، كالقاضِي يُجْمَعُ على قُضَاةٍ.
-لَمْ أُشْعِرْ: بضَمِّ العَيْنِ، الشُّعُورُ: هو الإِحْسَاسُ والإِدْرَاكُ، يُقالُ: شَعُرْتُ بالشَّيْءِ شُعُوراً إِذَا فَطَنْتَ بِهِ، فالسَّائِلُ عَمَلَ النُّسُكَ من الحَجِّ بِلا شُعورٍ، ولا إِحْسَاسٍ لِمَا يَنْبَغِي تَقْدِيمُه وتَأْخِيرُه مِن المَناسِكِ، فمَعناهُ: لَمْ أَعْلَمْ جِهَةَ التَّقْدِيمِ والتأخيرِ.
-أَنْ أَذْبَحَ، أَنْ أَرْمِيَ: "أنْ" فيهِ مَصْدَرِيَّةٌ، أي: قَبْلَ الذَّبْحِ، وقَبْلَ الرَّمْيِ.
-ولا حَرَجَ: بفتحِ الحَاءِ والراءِ المُهملَتَيْنِ آخِرَه جِيمٌ مُعْجَمَةٌ، والحَرَجُ: الضِّيقُ، والمرادُ ليْسَ عليكَ شَيْءٌ مُطْلَقاً.
-ارْمِ: فِعْلُ أمْرٍ: أي: ارْمِ الجَمْرَةَ، ولو أخَّرْتَها عن الحَلْقِ أو الطَّوَافِ، فلَيْسَ عليكَ شَيْءٌ مُطْلقاً.
-فما سُئِلَ عن شَيْءٍ: يعني مِن الأُمورِ التي هي من وظَائِفِ يَوْمِ النحْرِ في الحَجِّ، إلاَّ قالَ: افْعَلْ، ولا حَرَجَ.
-قُدِّمَ ولا أُخِّرَ: بالبناءِ للمَجْهولِ، مِن بَابِ التَّفْعِيلِ فيهما، ولا بُدَّ فيهِ من تَقْدِيرِ ((لا)) في الأَوَّلِ؛ لأنَّ الكلامَ الفَصِيحَ قَلَّمَا تَقَعُ (لا) وتَدْخُلُ على الماضي إلاَّ مُكَرَّرَةً، نَظِيرُ قَوْلِه تعالى: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ} [الأحقاف: 9].

ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-وُقُوفُ العالِمِ في أيَّامِ المَنَاسِكِ، لإِفْتَاءِ النَّاسِ، وإِرْشَادِهم في مَنَاسِكِهم.
2-في يَوْمِ النحْرِ أربعةُ أَعْمالٍ للحَجِّ، وهي: رَمْيُ جَمْرَةِ العَقَبَةِ، والذَّبْحُ، والحَلْقُ أو التَّقْصيرُ، والإِفَاضَةُ، فأيَّ وَاحِدٍ مِنْها قَدَّمَهُ على الآخَرِ فهو جَائِزٌ، وهذا في حَقِّ النَّاسِي بالإجماعِ كما هو صريحُ الحديثِ، وسيأتي الخِلافُ في العامِدِ إنْ شَاءَ اللهُ تعالى.
3-سَماحَةُ الشريعةِ وسَعَتُها في أَحْكامِها وعِبَادَاتِها، فلا ضِيقَ، ولا عَنَتَ.

خِلافُ العُلماءِ:

أجْمَعَ العُلماءُ على أنَّ المَشْرُوعَ هو التَّرْتِيبُ، وذلك بتَقْدِيمِ الرَّمْيِ، ثمَّ النحْرِ، ثمَّ الحَلْقِ أو التَّقْصيرِ، ثمَّ طَوَافِ الإفاضَةِ، كما رَتَّبَها النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في فِعْلِه، وقالَ: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
كما أَجْمَعُوا على جَوازِ تَقْديمِ بَعْضِها على بَعْضٍ في حَقِّ الناسِي والجاهِلِ. واختَلَفُوا في جوازِ تَقْديمِ بَعْضِها على بَعْضٍ على غيرِ النَّسَقِ المشروعِ المُتَقَدَّمِ، وذلك في حَقِّ العامِدِ العالِمِ.
فذهَبَ الشافعِيُّ وأحمدُ وجُمهورُ التابعِينَ وفُقهاءُ المُحدِّثِينَ إلى جَوازِ تَقْدِيمِ بَعْضِها على بعضٍ للعامِدِ، مُستدِلِّينَ بأحَدِ طُرُقِ هذا الحديثِ التي رَوَاهُا الْبُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ, عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو، قالَ السائِلُونَ: يا رَسولَ اللهِ! حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. قالَ: ((اذْبَحْ، وَلاَ حَرَجَ)). وقالَ الآخَرُ: ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِيَ. قالَ: ((ارْمِ وَلاَ حَرَجَ)). فما سُئِلَ عن شَيْءٍ قُدِّمَ، وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قالَ: ((افْعَلْ وَلاَ حَرَجَ)). ولَمْ يُقَيِّدْهُ بالنَّاسِي والجَاهِلِ.
وذهَبَ بعضُهم - ومنهم الحَنَفِيَّةُ - إلى أنَّ رَفْعَ الحَرَجِ هو في حَقِّ الجَاهِلِ والنَّاسِي فقَطْ؛ لقولِ السائِلِ في الحديثِ: "لَمْ أَشْعُرْ" والمُطْلَقُ يُحْمَلُ على المُقَيَّدِ، فيَخْتَصُّ الحُكْمُ بهذهِ الحالِ، ويَبْقَى العامِدُ على أصْلِ وُجوبِ اتِّباعِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في المَنَاسِكِ؛ لحديثِ: ((خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ)).
وقالَ الطَّحَاوِيُّ: إِنَّ هذا القَوْلَ له احْتِمَالانِ:
أحدُهما: أنْ يَكونَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أباحَ ذَلِكَ له تَوْسِعَةً وتَرْفِيهاً، فيَكُونُ للحَاجِّ أنْ يُقَدِّمَ مَا شَاءَ ويُؤَخِّرَ ما شَاءَ.
والآخَرُ: أنَّ قَوْلَه: ((لاَ حَرَجَ)). أي: لاَ إِثْمَ عليكم فيما فَعَلْتُمُوهُ مِن هذه، على الجَهْلِ منكم لا عَلَى القَصْدِ، وإِنَّما كانَ ذلك لجَهْلِهم بالمَنَاسِكِ؛ لأنَّ السائِلِينَ كَانُوا أَعْراباً، لا عِلْمَ لهم بالنُّسُكِ.
وهل على مَن قَدَّمَ المُؤَخَّرَ من هذهِ المَنَاسِكِ على المُقَدَّمِ منها دَمٌ، أو لا؟
الجُمهورُ على عَدَمِ وُجوبِ الدَّمِ، بِنَاءً على جَوازِ التَّقْديمِ والتأخيرِ في كلِّ الأحوالِ.

فَائِدَةٌ:
لا خِلافَ بينَ العُلماءِ في إِجْزَاءِ تَقْدِيمِ بَعْضِها على بَعْضٍ في حَقِّ العَامِدِ والنَّاسِي، وسُقُوطِ الوُجوبِ به.
قالَ في المُغْنِي: لا نَعْلَمُ خِلافاً بينَهم في أنَّ مُخالَفَةَ التَّرْتِيبِ لا تُخْرِجُ هذهِ الأفعالَ عن الإِجْزَاءِ، ولا يُمْنَعُ وُقوعُها مَوْقِعَها.
وقالَ الطَّبَرِيُّ: لَمْ يُسْقِطِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الحَرَجَ إلاَّ وقَدْ أَجْزَأَ الفِعْلُ؛ إذْ لَوْ لَمْ يُجْزِئْهُ لأمَرَهُ بالإِعَادَةِ؛ لأنَّ الجَهْلَ والنِّسْيَانَ لا يَضَعانِ عن المُكَلَّفِ الحُكْمَ الذي يَلْزَمُه.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
باب, صفة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:31 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir