627- وعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: لَمْ أَرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَلِمُ مِنَ البَيْتِ غَيْرَ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
مُفْرَداتُ الحديثِ:
-يَسْتَلِمُ: اسْتَلَمَ يَسْتَلِمُ اسْتِلاماً.
قالَ في المُحيطِ: اسْتَلَمَ الحَجَرَ الأَسْوَدَ اسْتِلاماً: لَمَسَهُ ومَسَحَهُ بيَدِه.
-اليَمَانِيَّيْنِ: تَثْنِيَةُ يَمَانِيٍّ، وهو مِن بَابِ التَّغْليبِ، حَيْثُ يُرادُ بهما الرُّكْنُ اليَمَانِيُّ، أي: المُوالِي جِهَةَ اليَمَنِ، والرُّكْنُ الشَّرْقِيُّ الذي فيهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ، والتَّغْلِيبُ كَثِيرٌ في اللُّغَةِ العربيَّةِ، كالقَمَرَيْنِ: للشَّمْسِ والقَمَرِ، والأبوَيْنِ: للأَبِ والأُمِّ، وغَيْرِ ذَلِكَ، قالَه النَّوَوِيُّ. واللُّغَةُ الفَصِيحَةُ المَشْهُورَةُ تَخْفِيفُ اليَاءِ، وفيهِ لُغَةٌ أَخْرَى بالتَّشْدِيدِ، فمَنْ خَفَّفَ نِسْبَةً إلى اليَمَنِ، والألِفُ عِوَضٌ عن إِحْدَى يَائَيِ النَّسَبِ، فتَبْقَى اليَاءُ الأُخْرَى مُخَفَّفَةً، ولو شَدَّدْتَ لجَمْعٍ بَيْنَ العِوَضِ والمُعَوَّضِ.
ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1-للبَيْتِ العَتِيقِ أَرْبَعَةُ أَرْكَانٍ: الشامِيُّ، والغَرْبِيُّ، واليَمَانِيُّ، والشَّرْقِيُّ الذي فيهِ الحَجَرُ الأَسْوَدُ.
2- يُشْرَعُ مَسْحُ اليَمَانِيِّ والحَجَرِ الأَسْوَدِ، هذا هو الذي وَرَدَتْ فيه النُّصوصُ الشَّرْعِيَّةُ.
3-أنَّه لا يُسْتَلَمُ إلاَّ الرُّكْنَانِ اليَمَانِيَّانِ.
4-العِباداتُ تَوْقِيفيَّةٌ، فلا يُتَعَبَّدُ اللهُ إِلاَّ بِمَا شَرَعَهُ تعالى، أو شَرَعَهُ رَسُولُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
5-بإجماعِ المُسلمِينَ أَنَّ الرُّكْنَيْنِ اليَمَانِيَّيْنِ مَبْنِيَّانِ على أُسُسِ إِبْرَاهِيمَ وقَوَاعِدِه، وأمَّا الشامِيُّ والغَرْبِيُّ فلَيْسَ على قَوَاعِدِ إِبْراهيمَ، حَيْثُ اقْتُطِعَ الحَجَرُ مِنَ الكَعْبَةِ، واحْتُجِزَ.
6-ذِكْرُنَا هذا إنْ صَلَحَ أَنْ يَكُونَ عَلَّةَ المَسْحِ لليَمَانِيَّيْنِ دُونَ الآخَرَيْنِ، وإلاَّ فالحِكْمَةُ هي امتثالُ أَمْرِ اللهِ تعالى، الذي لا يَأْمُرُ إِلاَّ بِمَا فيهِ الخَيْرُ والصَّلاحُ، ولا يَنْهَى إلاَّ عَمَّا فيه الضَّرَرُ والفَسَادُ، واللهُ أعْلَمُ.