دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > الأيمان والنذور

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:39 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي [ الاستثناء في اليمين ]

عن أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ قالَ: ((قَالَ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ منْهُنَّ غُلاَمًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلاَّ امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلمَ: ((لَوْ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ ذَلِكَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ)) .
قولُهُ : قيلَ لهُ : قلْ إنْ شاءَ الله يَعْنِي : قالَ لهُ المَلَكُ .

  #2  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 11:41 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تصحيح العمدة للإمام بدر الدين الزركشي (النوع الثاني: التصحيح اللغوي)

قولُه : ((دَرَكًا لِحَاجَةٍ)) .
بفتْحِ الدالِ والراءِ بمعنى اللحاقِ والوصولِ إلى الشيءِ .

  #3  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 11:42 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي خلاصة الكلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الْحَدِيثُ السَّادِسُ والخمسونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
عنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((قَالَ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ منْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَقِيلَ لَهُ: قُلْ: إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَأطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ ذَلِكَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ)).
قَوْلُهُ: (قيلَ لهُ). قلْ إنْ شاءَ اللَّهُ، يَعْنِي: قالَ لهُ المَلَكُ.

فِيهِ مَسَائِلُ:
الأُولَى: أنَّ المُسْتَثْنِيَ في اليمينِ يقولُ: (إِنْ شَاءَ اللَّهُ) يَحْنَثُ في يَمِينِهِ، كَمَا أنَّ فِيهِ بَرَكَةً وَيُمْنًا وتَحْقِيقًا للمطلوبِ.
الثَّانِيَةُ: في هذا الحديثِ عِظَةٌ وعبرةٌ، فإذا كانَ قُرْبُ النبيِّ سليمانَ منْ رَبِّهِ لم يَشْفَعْ لهُ فَغَيْرُهُ أَوْلَى.
الثَّالِثَةُ: أنَّ عَادَاتِ الصَّالِحِينَ تكونُ بِفَضْلِ نِيَّاتِهِم الصالحةِ عباداتٍ، أمَّا الغافلونَ فَعِبَادَتُهُم كَعَادَاتِهِم يَأْتُونَ بها على العادةِ المَتِيعَةِ.

  #4  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 11:43 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تيسير العلام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام

الحديثُ الثامنُ وَالْخَمْسُونَ بَعْدَ الثَّلَاثِمِائَةٍ
358- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَن النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : قَالَ سُلَيْمانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى تِسْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ منْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَقِيلَ لَهُ : قُلْ : إنْ شَاءَ اللهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ نِصْفَ إِنْسَانٍ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((لَوْ قَالَ : إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ ذَلِكَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ)) .
قَوْلُهُ : قِيلَ لَهُ : قُلْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَعْنِي : قَالَ لَهُ الْمَلَكُ .(184)
__________________________
(184) الغريبُ :
لأطُوفَنَّ : اللامُ وَاقعةٌ فِي جوابِ قسمٍ مقدَّرٍ محذوفٍ، كأَنَّهُ قَالَ : (واللهِ لأطوفَنَّ) وَالنونُ للتأكيدِ .
وطافُ بنسائِهِ : ألَمَّ بِهنَّ وَقَارَبَهُنَّ، وَالمرادُ بهِ المجامعةُ .
دَرَكًا لحاجتِهِ : بفتحِ الدالِ المهملةِ وَالراءِ، اسمُ مصدرٍ لـ((أدركَ)) وَالمرادُ بهِ : اللحاقُ وَالوصولُ إِلَى الشيءِ .
والمَلَكُ : بفتحِ الميمِ وَاللامِ، أحدُ الملائكةِ .
المعنى الإجماليُّ :
سليمانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ نبيٌّ من أنبياءِ اللهِ تعالى إِلَى بني إسرائيلَ، وَقَدْ أعطاهُ اللهُ من المُلْكِ ما لمْ يُعْطِهِ أحدًا .
وكانَ من حرصِهِ ورغبتِهِ فِي الخيرِ وإعلاءِ كلمةِ اللهِ بجهادِ أعدائِهِ، أن أقسمَ باللهِ تعالى أن يجامعَ تسعينَ امرأةً، تلدُ كلُّ وَاحدةٍ منهنَّ غلامًا يَشِبُّ ويقوى، حتى يجاهدَ فِي سبيلِ اللهِ وأتى إِلَى شهوتِهِ بهذهِ النيَّةِ الصالحةِ؛ لتكونَ عِبادةً تقرِّبُهُ من ربِّهِ تباركَ وتعالى، جاءَ وَاثقًا بربِّهِ، مخلصًا فِي مقصدِهِ، جازمًا فِي تحقيقِ مرادِهِ فأذهلَهُ ذلكَ، وأنساهُ عن الاستثناءِ بيمينِهِ بأن يقولَ: (إنْ شاءَ اللهُ) مَعَ تذكيرِ المَلَكِ لهُ ذلكَ .
فَطَافَ بهنَّ، فلمْ تلدْ لهُ منهنَّ إلَّا وَاحدةٌ جاءتْ بنصفِ إنسانٍ؛ تأديبًا منَ اللهِ تعالى، وعظةً لأوليائِهِ وأصفيائِهِ، وليُرجعَهُمْ إِلَى كمالِهم بالتعلُّقِ بهِ وإدامةِ ذكرِهِ ومراقبتِهِ فيما يأتونَ وما يَذَرُونَ، وليعلمَ الناسُ أنَّ الأمرَ للهِ وحدَهُ، وأَنَّهُ المدَبِّرُ المتصرِّفُ بالأمورِ .
فليس لنبيٍّ ولا لملَكٍ ولا لغيرِهما مشاركةٌ معهُ فِي مُلْكِهِ وتصرُّفِهِ، فهو القادرُ عَلَى كلِّ شيءٍ وَالمدبِّرُ لكلِّ شيءٍ .
فلو أنَّ سليمانَ عليهِ السلامُ، استثنى فِي يمينِهِ بمشيئِةِ اللهِ تعالى؛ لأدركَ حاجتَهُ ونالَ مطلوبَهُ، ولكنَّ اللهَ قدَّرَ هَذَا؛ لِيكونَ تشريعًا لخلقِهِ، وعِظَةً وعبرةً للناسِ أجمعينَ .
مَا يُسْتَفَادُ مِنَ الحَدِيثِ :
1- إن الاستثناءُ فِي اليمينِ - وَهُوَ قولُ الحالفِ: إنْ شاءَ اللهُ - نافعٌ ومفيدٌ جدًّا لتحقيقِ المطلوبِ، ونَيْلِ المرغوبِ، فإنَّ مشيئةَ اللهِ تعالى نافذةٌ عَلَى كلِّ شيءٍ، وبركةٌ ويمنٌ .
2- إنَّ المستثني لا يحنثُ فِي يمينِهِ إذا علَّقَهُ عَلَى مشيئةِ اللهِ تعالى .
3- في هَذَا الحديثِ عبرةٌ وعظةٌ، وقعتْ لنبيٍّ منْ أنبياءِ اللهِ تعالى، صَمَّمَ فِي أمرهِ بلا مشيئةِ اللهِ، فلم يشفعْ لهُ قربُهُ من اللهِ جَلَّ وَعَلَا أن يحقِّقَ طلبَهُ إلَّا أنْ يذكرَهُ فلا يَنْسَاهُ، فكيفَ بِمَنْ هُوَ دُونَ الأنبياءِ رُتبةً ومنزلةً ؟! فسبحانَكَ من مُرَبٍّ حكيمٍ .
4- إنَّ عاداتِ أنبياءِ اللهِ وأوليائِهِ تكونُ بسببِ نِيَّاتِهم الصالحةِ عِباداتٍ .
فهم يجامعونَ مثلًا؛ لِيُحَصِّنُوا فروجَهم وأعينَهم عن الحرامِ، ولِيُحَصِّنُوا زوجاتِهم أَوْ ليُرْزَقُوا أولادًا صالحينَ، أَوْ لِيَحْصُلَ كلُّ هَذَا . فتكونُ العادةُ عِبادةً بسببِ هذهِ النيَّةِ الصالحةِ، وَالمقاصدِ الساميَّةِ .
أَمَّا الغَافِلُونَ فعِباداتُهم كعاداتِهم : فهم يأتونَ المساجدَ للصلاةِ جَرْيًا عَلَى العادةِ المُتَّبَعَةِ عِنْدَ المسلمينَ، وليسَ لذكرِ اللهِ فِي قلوبِهم مقامٌ . فإنَّا للهِ وإنَّا إليهِ راجعونَ .
5- يُجْري اللهُ تعالى ويُقَدِّرُ مثلَ هذهِ الأمورِ عَلَى الكَمَلَةِ من عِبادهِ؛ لِيُريَ الناسَ أنَّ الأمرَ لهُ وحدَهُ، وأنَّهُ المتفرِّدُ بالتدبيرِ وَالتصريفِ، وأن ليسَ لهُ مشارِكٌ فِي حُكْمِهِ وأَمْرِهِ .
6- قال ابنُ دقيقِ العيدِ : وَقَدْ يؤخذُ من الحديثِ جوازُ الإخبارِ عن وقوعِ الشيءِ بناءً عَلَى الظَّنِّ، فإنَّ هَذَا الإخبارَ من سليمانَ لم يكنْ عنْ وحْيٍ، وإِلَّا لوجبَ أن يقعَ ما أخبرَ بهِ .

  #5  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 11:44 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي إحكام الأحكام لتقي الدين ابن دقيق العيد

464 - الحديثُ الرابعُ: عن أبي هريرةَ رضيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: "قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً، تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا يُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ. فَقِيلَ لَهُ: قْلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ. فَلْمْ يَقُلْ، فَطَافَ بِهِنَّ، فَلَمْ تَلِدْ مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ: نِصْفَ إِنْسَانٍ. قَالَ: فَقَالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ: “لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ، وَكَانَ دَرَكًا لِحَاجَتِهِ".
قولـُهُ: "قِيلَ لهُ: قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ" يعنِي قالَ لهُ المَلَكُ.
فيهِ دليلٌ: علَى أنَّ اتِّباعَ اليمينِ باللَّهِ بالمشيئةِ يرفعُ حُكمَ اليمينِ؛ لقولـِهِ عليهِ السلامُ: "لَمْ يَحْنَثْ" وفيهِ نظرٌ. وهذا ينقسمُ إلَى ثلاثةِ أوْجُهٍ.
أحدُهَا: أن تُرَدَّ المشيئةُ إلَى الفعلِ المحلوفِ عليه، كقولـِهِ مثلا: "لأدْخُلَنَّ الدارَ إنْ شاءَ اللَّهُ" وأرادَ: ردَّ المشيئةِ إلَى الدخولِ، أيْ إنْ شاءَ اللَّهُ دخُولَهَا. وهذا هو الذي ينفعُهُ الاستثناءُ بالمشيئةِ، ولا يحنثُ إنْ لم يفعلْ.
الثانِي: أن يرُدَّ الاستثناءَ بالمشيئةِ إلَى نفسِ اليمينِ. فلا ينفعُهُ الرجوعُ؛ لوقوعِ اليمينِ، وتيقُّنِ مشيئةِ اللَّهِ.
والثالثُ: أن يُذكرَ علَى سبيلِ الأدبِ في تفويضِ الأمْرِ إلَى مشيئةِ اللَّهِ، وامتثالًا لقولـِهِ تعالَى: (18: 24 وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) لا علَى قصْدِ معنَى التعليقِ. وهذا لا يرفعُ حكْمَ اليمينِ.
ولا تعلُّقَ للحديثِ بتعليقِ الطلاقِ بالمشيئةِ، والفقهاءُ مختلفونَ فيه. ومالكٌ يفرِّقُ بين الطلاقِ واليمينِ باللَّهِ، ويُوقعُ الطلاقَ، وإنْ عُلِّقَ بالمشيئةِ، بخلافِ اليمينِ باللَّهِ؛ لأنَّ الطلاقَ حُكْمٌ قد شاءَهُ اللَّهُ، وهو مُشْكِلٌ جدًّا. تركْنَا التعرُّضَ لتقريرِهِ لعدَمِ تعلُّقِهِ بالحديثِ.
وقد يُؤخذُ من الحديثِ: أنَّ الكنايةَ في اليمينِ مع النيَّةِ، كالصريحِ في حُكْمِ اليمينِ، من حيثُ إنَّ لفظَ الرسولِ صلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ، الذي حكَاهُ عن سليمانَ عليهِ السلامُ، وهو قولـُهُ: "لَأَطُوفَنَّ" ليسَ فيه التصريحُ باسمِ اللَّهِ تعالَى؛ لكنَّهُ مقدَّرٌ، لأجْلِ اللامِ التي دخلتْ علَى قولـِهِ: "لَأَطُوفَنَّ" فإنْ كانَ قد قِيلَ بذلك وأنَّ اليمينَ تلزمُ بمثْلِ هذا.
فالحديثُ حُجَّةٌ لمَن قالَهُ. وإنْ لم يكنْ، فيُحتاجُ إلَى تأويلِهِ، وتقديرِ اللفظِ باسمِ اللَّهِ تعالَى صريحًا في المحكِيِّ. وإنْ كانَ ساقطًا في الحكايةِ- وهذا ليسَ بمُمتنِعٍ في الحكايةِ- فإنَّ مَن قالَ: "وَاللَّهِ لَأَطُوَفَنَّ" فقد قالَ: "لَأَطُوفَنَّ" فإنَّ اللَّافِظَ بالمُركَّبِ لَافِظٌ بالمُفردِ.
وقولـُهُ: "وَكَانَ درَكًا لحَاجَتِهِ" يُرادُ به: أنَّهُ كانَ يُحصِّلُ ما أرَادَ.
وقد يُؤخذُ من الحديثِ: جوازُ الإخبارِ عن وقوعِ الشيءِ المُستقَبَلِ، بِناءً علَى الظنِّ. فإنَّ هذا الإخبارَ– أعنِي قوْلَ سليمانَ عليهِ السلامُ: "تَلِدُ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ غُلَامًا" – لا يجوزُ أنْ يكونَ عن وحْيٍ؛ وإلَّا لوجَبَ وقوعُ مُخْبَرِهِ. وأجازَ الفقهاءُ الشافعيَّةُ اليمينَ علَى الظنِّ في الماضِي، وقالُوا: يجوزُ أنْ يحلِفَ علَى خطِّ أبيهِ. وذكَرَ بعضُهم أضْعَفَ من هذا. وأجازَ الحَلِفَ في صورةٍ، بِناءً علَى قرينةٍ ضعيفةٍ.
وأمَّا بعضُ المالكيَّةِ: فإنَّهُ دلَّ لفْظُهُ علَى احتمالٍ في هذا الجوازِ وتردُّدٍ، أو علَى نقْلِ خلافٍ – أعنِي اليمينَ علَى الظنِّ – لأنَّهُ قالَ: والظاهرُ أنَّ الظنَّ كذلك. وهو مُحتمِلٌ لما ذكرْنَاهُ من الوجهيْنِ.
وقد يُؤخذُ من الحديثِ: أنَّ الاستثناءَ إذا اتَّصلَ باليمينِ في اللفظِ: أنَّهُ يثبُتُ حُكْمُهُ، وإنْ لم يُنْوَ مِن أوَّلِ اللفظِ. وذلكَ: أنَّ المَلَكَ قالَ: "قُلْ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى" عندَ فراغِهِ من اليمينِ. فلو لم يثبُتْ حُكْمُهُ لَمَا أفادَ قولـُهُ. ويمكنُ أنْ يُجْعَلَ ذلك تأدُّبًا، لا لرفْعِ حُكْمِ اليمينِ. فلا يكونُ فيه حُجَّةٌ.
وأقوَى من ذلك في الدِّلَالةِ: قولـُهُ عليهِ السلامُ: "لَوْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، لَمْ يَحْنَثْ" معَ احتمالِهِ للتأويلِ.


  #6  
قديم 19 ذو القعدة 1429هـ/17-11-2008م, 11:45 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي شرح عمدة الأحكام لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز (مفرغ)

.....................................

  #7  
قديم 16 محرم 1430هـ/12-01-2009م, 06:09 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

القارئ: بسم الله الرحمن الرحيم .
عن أبي هريرة رضي الله عنه , عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة , تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله , فقيل له: قل إن شاء الله ، فلم يقل , فطاف بهن , فلم يلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسان)) . قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو قال: إن شاء الله لم يحنث , وكان ذلك دركا لحاجته)) . قوله:((فقيل له قل: إن شاء الله)) يعني قال له الملك .
الشيخ: الحديث موضوعه في الاستثناء في اليمين , وأنه ينفع إذا كان الاستثناء متصلا بأن يقول: إن شاء الله أو إلا ما شاء الله , أو إلا أن يشاء الله ، ونحو ذلك , فإذا استثنى في يمينه ثم لم يوف بها لم يحنث , وكان ذلك دركا لحاجته .
القصة صحيحة أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم , في هذا الحديث أن سليمان بن داود عليه السلام قال: ((لأطوفن الليلة على سبعين امرأة)) . وفي رواية: ((على مائة امرأة)). وذلك لأنه كان عنده نساء كثير , منهن زوجات , ومنهن إماء سريات يملكهن ، فالتزم بأنه سوف يطوف على مائة ، أو على سبعين ، يعني يطئهن في تلك الليلة ، وأن كل واحدة تلد غلاما يقاتل في سبيل الله , وقال له الملك: قل إن شاء الله . فنسي ولم يقل . وليس ذلك عصيانا ، ولا استبدادا ، ولكنه نسي أن يقول ذلك ، أو انشغل . فلما طاف بهن لم تلد منهن ، ولم تحمل منهن في تلك الليلة إلا واحدة , ولدت شِقَّ إنسان , نصف إنسان أي غير كامل , وجعل ذلك سببه عدم الاستثناء بقول: إن شاء الله ، أو إلا ماشاء الله .

أثبت العلماء بهذا الحديث وبغيره أن الاستثناء يكون مبررا لعدم الحنث ، وأن من حلف وأقسم فقال: إن شاء الله فلا حنث عليه ، يسمى هذا الاستثناء , قال الله تعالى: {إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون} أقسموا أهل جنة يعني بستان كان لهم فيه ثمار , فحلفوا في ليلتهم أنهم إذا صبحوا سوف يصرمون ذلك النخل، أو تلك الثمار , ولم يقولوا: إلا أن يشاء الله ، لم يستثنوا , عاقبهم الله تعالى بقوله: [فطاف عليها طائف من ربهم[1] وهم نائمون فأصبحت كالصريم] احترقت ، ولم يبقى فيها شيء ، وأصبحت كأنها مصرومة ، حتى أنهم لما رأوها قالوا: إنا لضالون , ليس هذا بستاننا ، ثم اعترفوا بأنهم ظالمون وقالوا: {سبحان ربنا إنا كنا ظالمين} .
فدل على أنه إذا أقسم الإنسان على شيء أو ذكر شيئا فإنه عليه أن يقول: إلا أن يشاء الله , أو يقول: إن شاء الله ، أو نحو ذلك , إذا كان الأنبياء عوقبوا بمثل هذا .

وكذلك أيضا ورد أن قريشا سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة أشياء: عن فرقة ذهبت في الدهرِ وكان لهم حديث عجيب ، وعن الروحِ ، وعن رجل طواف , طاف بالمشرق والمغرب ، فقالوا: أخبرنا , فإن أخبرتنا فأنت نبي, وإلا فأنت رجل متقول , وأخذوا هذه الأسئلة عن اليهود , فقال لهم: ((أخبركم غدا)). ونسي أن يقول: إن شاء الله , فلم ينزل عليه الملك إلا بعد خمسة عشر يوما , لم ينزل عليه الوحي , عاتبه الله تعالى بقوله: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} , لما قال: إني آتيكم بها غدا ولم يقل: إن شاء الله , تأخر عليه الوحي .

فأفاد بأن على الإنسان أن يحرص على أن يستثني في كلامه , فإذا قال: سأفعل هذا الأمر , فليقل: إن شاء الله , سأسافر إلى البلاد الفلانية غدا , ليقل: إن شاء الله , سأبيع هذا أو سأشتري لك كذا وكذا إن شاء الله . وهكذا المواعيد ونحوها: آتيك غدا إن شاء الله , أو تأتيني إن شاء الله , يأتيني فلان إن شاء الله , وما أشبه ذلك .
هذا الاستثناء يعتبر تبركا , ويعتبر تعليقا , تعليقا للأمر على مشيئة الله ؛ لأنه إذا لم يشأ اللهفإنه لا يحصل , قال تعالى: {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله} أي إذا أردتم أمرا فإنه لا يحصل إلا إذا شاءه الله وأراده إرادة كونية قدرية . فعلقوا أموركم المستقبلة على مشيئة الله تعالى .

أما الاستثناء في الحلف ، فإذا حلف على أمر مستقبل وقال: والله لآتينك غدا إن شاء الله ثم لم يأتك فإنه لا كفارة عليه , بخلاف ما إذا لم يقل: إن شاء الله , بل قال: والله لأقضينك دينك غدا ، أو لأبيعنك ، أو لأحضرن لك هذه السلعة غدا ، ثم لم يحضرها , أو لم يعطك , فمثل هذا عليه كفارة , الكفارة التي ذكرها الله بقوله: {وكفارته إطعام عشرة مساكين} إلى آخره , فإذا استثنى فلا كفارة عليه .هذا هو فائدة الاستثناء .
ويمكن أن يخصص بعض الأشياء , فإذا قال مثلا: بعتكهذا إن شاء الله , فقلت: قبلته إن شاء الله ، أو قال مثلا: زوجتك موليتي إن شاء الله , فقلت: قبلت إن شاء الله , فإن ذلك ينعقد , ولو كان فيه هذا الاستثناء . وكذلك إذا قال: طلقت امرأتي إن شاء الله فإنها تطلق ؛ وذلك لأن هذا شيء ظاهر , فلا يعلق على مشيئة الله الخفية ؛ لأنا لا نعلم مشيئة الله إلا بالأمر الواقع , إذا رأينا الأمر قد وقع قلنا هذا قد شاءه الله , شاء الله أن يولد لفلان وشاء الله أن يموت فلان , وشاء الله أن يشفى , وشاء أن يستغني , وما أشبه ذلك ، فمشيئة الله تعالى ظاهرة بوقوع الأمور التي شاءها ، وإذا رأينا الأمر تخلف قلنا: لم يشأ الله أن يحصل لفلان ولد ، ولم يشأ الله أن يستغني فلان ، أو أن ينجح في سعيه ...

الوجـه الثانـي
... أو يربح في بيعه , عرفنا عدم مشيئة الله بوقوع الأمر الظاهر ، فالاستثناء يؤتى به أيضا للتبرك , حتى ورد في القرآن قال الله تعالى: {لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله} , مع أنه وعد محقق ، ولكن علق بمشيئة الله تعالى للتبرك . وكذلك الاستثناء الذي في زيارة القبور في قولهم: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون , إن شاء الله, فالاستثناء هنا للتبرك ، أو لتخصيص البقعة ، أو نحو ذلك , وإلا فالموت محقق , أن الأحياء لاحقون بالأموات .


[1] -الآية الصحيحة: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم}


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الاستثناء, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir