دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > العقيدة > متون العقيدة > لمعة الاعتقاد

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 3 ذو القعدة 1429هـ/1-11-2008م, 12:39 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي جواز الانتساب للمذاهب الفقهية

وأَمَّا النِّسْبَةِ إِلى إِمَامٍ في فُرُوعِ الدِّينِ كَالطَّوائِفِ الأَرْبَعِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ، فَإِنَّ الاخْتِلاَفَ في الفُرُوعِ رَحمةٌ، وَالمُختَلِفُونَ فِيها مَحمُودُونَ في اخْتِلافِهمْ، مُثَابُونَ في اجْتِهَادِهِم، واختِلاَفُهُم رَحْمَةٌ وَاسِعةٌ، واتِّفَاقُهُم حُجَّةٌ قَاطِعةٌ.


  #2  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 05:55 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح لمعة الاعتقاد للشيخ: محمد بن صالح العثيمين

(4) الخِلافُ في الفُرُوعِ
الفُرُوعُ: جَمْعُ فَرْعٍ، وهو لُغَةً: مَا بُنِيَ على غَيْرِه.
واصْطِلاحًا:
ما لا يَتَعَلَّقُ بالعَقَائِدِ(4) كَمَسَائِلِ الطهَارَةِ والصلاةِ ونَحوِها.

والاخْتِلافُ فيها ليسَ بِمَذْمُومٍ، حيثُ كانَ صَادِرًا عن نِيَّةٍ خَالِصَةٍ واجْتِهَادٍ، لا عن هَوًى وتَعَصُّبٍ؛ لأنه وَقَعَ في عَهْدِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولم يُنْكِرْه، حيثُ قالَ في غَزْوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ: ((لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَإلاَّ في بَنِي قُرَيْظَةَ))، فحَضَرَت الصَّلاةُ قَبْلَ وُصُولِهم، فَأخَّرَ بَعْضُهُم الصَّلاةَ حَتَّى وَصَلُوا بَنِي قُرَيْظَةَ، وَصَلَّى بَعْضُهُم حِينَ خَافُوا خُرُوجَ الوَقْتِ، وَلَمْ يُنْكِر النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهم ) رواه البُخَارِيُّ، ولأن الاخْتِلافَ فيها مَوْجُودٌ في الصَّحَابَةِ وهم خيرُ القُرُونِ، ولأنَّه لا يُورِثُ عَدَاوَةً ولا بَغْضَاءَ ولا تَفَرُّقَ كَلِمَةٍ بخَلافِ الاخْتِلافِ في الأُصُولِ.
وقولُ المُؤَلِّفِ: (المُخْتَلِفُون فيه مَحْمُودُونَ في اخْتِلافِهِم) ليسَ ثناءً على الاختلافِ؛ فإن الاتِّفَاقَ خَيْرٌ منه، وإنما المُرَادُ به نَفْيُ الذَّمِّ عنه، وأنَّ كلَّ وَاحِدٍ مَحْمُودٌ على مَا قالَ؛ لأنه مُجْتَهِدٌ فيه مُرِيدٌ للحقِّ فهو مَحْمُودٌ على اجْتِهَادِهِ واتِّباعِ مَا ظَهَرَ له مِن الحَقِّ، وإنْ كانَ قد لا يُصِيبُ الحَقَّ.
وقولُه: (إنَّ الاخْتِلافَ في الفُرُوعِ رَحْمَةٌ) وإنَّ (اخْتِلافَهم رَحْمَةٌ وَاسِعَةٌ) أي: داخِلٌ في رَحْمَةِ اللهِ وعَفْوِهِ حيثُ لم يُكَلِّفْهُم أَكْثَرَ ممَّا يَسْتَطِيعُون، ولم يُلْزِمْهُم بأَكْثَرَ ممَّا ظَهَرَ لَهُم، فلَيْسَ عليهم حَرَجٌ في هذا الاخْتِلافِ، بل هُم فيه داخِلُون تحتَ رَحْمَةِ اللهِ وعَفْوِهِ؛ إنْ أَصَابُوا فلهم أجْرَان، وإنْ أَخْطَؤُوا فلهم أجْرٌ واحِدٌ.
(5) الإِجْمَاعُ وحُكْمُهُ
الإِجْماعُ لُغَةً: العَزْمُ والاتِّفَاقُ.
واصْطِلاحًا:

اتِّفَاقُ العلماءِ المُجْتَهِدِين مِن أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حُكْمٍ شَرْعِيٍّ بعدَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهو حُجَّةٌ؛ لقولِه تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ في شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَىَ اللهِ وَالرَّسُولِ}
(5) [النساء: 59]، وقولِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَجْتَمِعُ أُمَّتِيعَلَى ضَلالَةٍ))، رَوَاه التِّرْمِذِيُّ.
التَّقْلِيدُ
التَّقْلِيدُ لُغَةً: وَضْعُ القِلاَدَةِ في العُنُقِ.
واصْطِلاحًا:

اتِّبَاعُ قَوْلِ الغَيْرِ بلا حُجَّةٍ.

وهو جَائِزٌ لمَن لا يَصِلُ إلى العِلْمِ بنَفْسِهِ(6)؛ لقولِه تعالَى: {فَسْألُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]
والمَذاهِبُ المَشْهُورَةُ أرْبَعَةٌ:
المَذْهَبُ الحَنَفِيُّ:

وإِمَامُه أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ بنُ ثَابِتٍ، إِمَامُ أهلِ العِرَاقِ، وُلِدَ سَنَةَ 80 وتُوُفِّيَ سَنَةَ 150 هـ.

المَالِكِيُّ:
وإمامُه أَبُو عَبْدِ اللهِ مَالِكُ بنُ أَنَسٍ، إِمَامُ دَارِ الهِجْرَةِ، وُلِدَ سَنَةَ 93 هـ وتُوُفِّيَ سَنَةَ 179 هـ.

الشَّافِعِيُّ:
وإِمَامُه أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ، وُلِدَ سَنَةَ 150 هـ وتُوُفِّيَ سَنَةَ 204 هـ.

الحَنْبَلِيُّ:
وإِمَامُه أَبو عبدِ اللهِ أحمدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ حَنْبَلٍ، وُلِدَ سَنَةَ 164 هـ وتُوُفِّيَ سَنَةَ 241 هـ.

وهناك مَذاهِبُ أُخْرَى كمَذْهَبِ الظَّاهِريَّةِ والزَّيْدِيَّةِ والسُّفْيَانِيَّةِ وغيرِهم.
وكلٌّ يُؤْخَذُ مِن قَوْلِهِ مَا كَانَ صَوَابًا، ويُتْرَكُ مِن قَوْلِهِ مَا كَانَ خَطَأً، وَلا عِصْمَةَ إِلاَّ في كِتَابِ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ(7).



حاشية الشيخ : صالح العصيمي على شرح ابن عثيمين
(4) ظاهره أن الفروع هي ما لا يتعلق بالعقائد وأن الأصول هي العقائد كما هو المشهور، ورتب على ذلك لوازم مشهورة في كتب العقائد وأصول الفقه، وقد انتقد جماعة من المحققين كابن تيمية الحفيد كونها ما ذكر آنفاً.
والصحيح:


أن الأصول هي ما لا يسوغ الاجتهاد فيه.

وأن الفروع هي: ما يسوغ فيه الاجتهاد.

(5) وجه الاستدلال بها هو ما تضمنته من الأمر بالرد عند التنازع إلى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم طلباً لتحصيل الاجتماع المفضي إلى تحقق الإجماع والله أعلم.
(6) وللمصنف ـ رحمه الله ـ في كتابه (الأصول) كلامٌ حسن في تحقيق حكم التقليد فانظره (ص77 ـ79).(7) أي: فلا يقع فيهما خطأٌ لتكفل الله بحفظ الشريعة؛ كما قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}.


  #3  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 06:01 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

(2) هذا آخرُ العقيدةِ، خَتَمَهَا بهذهِ الجُمْلَةِ، وهيَ حُكْمُ الانتسابِ إلى المذاهبِ الأربعةِ الفَرْعِيَّةِ.
وقدْ ذَكَرْتُ قَرِيبًا أنَّ هذا يُعْتَبَرُ من الفروعِ لا مِن الأصولِ، أوْ يَلْحَقُ بأصولِ الْفِقْهِ، ولكنْ هناكَ مَنْ يَجْعَلُهُ منْ أصولِ العقائدِ، وَيَتَشَدَّدُ في النَّهْيِ عن الانتسابِ إلى التَّمَذْهُبِ، فَهُنَاكَ فِرَقٌ في الهِنْدِ وفي البَاكِسْتَانِ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُم (أهلَ الحديثِ)، يُشَدِّدُونَ على المُنْتَسِبِينَ إلى المذاهبِ، ولكنْ لا نَلُومُهُم؛ لأنَّ هناكَ مَنْ يَتَعَصَّبُ عندَهُم للمذاهبِ تَعَصُّبًا زَائِدًا، فآلَ بهم الأمرُ إلى أنْ جَعَلُوا الانتسابَ إلى المذهبِ كالانتسابِ إلى المُعْتَقَدِ، فقَالُوا: (لا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ جَهْمِيًّا، ولا أنْ تَكُونَ أَشْعَرِيًّا، ولا أنْ تكونَ كَرَّامِيًّا، ولا كُلاَّبيًّا، ولا سَالِمِيًّا، ولا وَاصِلِيًّا، ولا نِظَامِيًّا، ولا جَاحِظِيًّا، وما أَشْبَهَ ذلكَ، ولا يَجُوزُ أنْ تَكُونَ شَافِعِيًّا، ولا حَنْبَلِيًّا، ولا مَالِكِيًّا، ولا حَنَفِيًّا، ولا ثَوْرِيًّا، ولا لَيْثِيًّا).
وَجَعَلُوا الانتسابَ إلى المذاهبِ كالانتسابِ إلى المعتقداتِ، وهذا خَطَأٌ؛ وما ذاكَ إلاَّ أنَّ أهلَ المذاهبِ أوَّلاً كُلُّهُم منْ علماءِ السُّنَّةِ، وكلُّهُم منْ أهلِ الحديثِ، فَتَحَ اللهُ تَعَالَى عليْهِم وَرَزَقَهُم فِقْهًا وَفَهْمًا، فَجَمَعُوا بينَ الحفظِ والفَهْمِ، فَأَدَّى بهم اجْتِهَادُهُم إلى أقوالٍ دَوَّنُوهَا في مُؤَلَّفَاتِهِم.
فأوَّلُهُم (أَبُو حَنِيفَةَ) رَحِمَهُ اللهُ؛ كانَ ذَكِيًّا، عندَهُ قُوَّةُ إدْرَاكٍ، وعندَهُ قُوَّةُ فَهْمٍ، فكانَ يُفْتِي بِهَذِهِ الفَتَاوَى وَيُعَلِّلُهَا.
وَيَسَّرَ اللهُ لهُ تِلْمِيذَيْنِ، وَهُمَا أَبُو يُوسُفَ، ومُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، سَجَّلاَ فَتَاوَاهُ وَأَقْوَالَهُ في مُؤَلَّفاتٍ كثيرةٍ، فَانْتَشَرَ مَذْهَبُهُ، وَبِسَبَبِ كُتُبِ هَذَيْنِ العالِمَيْنِ تَمَكَّنَ وَصَارَ لهُ مَذْهَبٌ مُتَّبَعٌ، هُوَ لمْ يَكْتُبْ هَذِهِ الفَتَاوَى بِنَفْسِهِ، إنَّما تَارَةً يُمْلِيهَا على التَّلاميذِ، وَتَارَةً يَكْتُبُونَهَا هم إذا اسْتَفَادُوا منها فائدةً، كَتَبُوهَا ثمَّ جَمَعُوهَا في مُؤَلَّفٍ، ثمَّ انْتَشَرَ هذا المَذْهَبُ، واعْتَنَقَهُ مَن اعْتَنَقَهُ.
ثمَّ جاءَ بعدَهُ (الإمامُ مَالِكٌ)، وَأَلَّفَ كِتَابَهُ (الْمُوَطَّأَ)، وَاخْتَارَ فِيهِ ما اخْتَارَ، ولَمَّا انْتَشَرَ اعْتَنَقَهُ مَن اعْتَنَقَهُ، وَرَأَى كَثِيرٌ من العلماءِ أنَّهُ عالِمُ المدينةِ، وأنَّهُ مُحَدِّثٌ جليلٌ كَبِيرٌ، حتَّى إنَّ المنصورَ العَبَّاسِيَّ في زَمَانِهِ قَالَ: (نُرِيدُ أَنْ نَحْمِلَ النَّاسَ على العملِ (بِالمُوَطَّأِ)، كما أنَّ عُثْمَانَ حَمَلَهُم على المُصْحَفِ)، فامْتَنَعَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ وقالَ: (إنَّ الصَّحابةَ تَفَرَّقُوا، وإنَّ عِنْدَهُم مِن العلومِ ما فَاتَنَا، وليسَ كلُّ العِلْمِ قدْ حَوَيْتُهُ، أَجَلْ، ولا العُشْرَ وَلَوْ أَحْصَيْتُهُ).
ثمَّ تَتَلْمَذَ عليهِ أيضًا تِلْمِيذٌ جَمَعَ مِنْ فَتَاوَاهُ شَيْئًا كَثِيرًا في الكتابِ الَّذي اسْمُهُ (المُدَوَّنَةُ)؛ المَطْبُوعُ في خمسةِ مُجَلَّدَاتٍ كِبَارٍ، انْتَشَرَ مَذْهَبُهُ بِسَبَبِهَا في أكثرِ البلادِ المَغْرِبِيَّةِ والإفريقيَّةِ؛ بِسَبَبِ أنَّهم ذَهَبُوا بِكُتُبِهِ هناكَ.
ثمَّ جاءَ بعدَهُ (الشَّافِعِيُّ) رَحِمَهُ اللهُ، وَأَلَّفَ كِتَابَ (الأُمِّ)، و(الرِّسالةِ)، والرَّسائلَ الكثيرةَ المطبوعةَ مَعَهُمَا؛ هُوَ الَّذي أَمْلاَهَا أوْ كَتَبَهَا، وَاخْتَصَرَهَا بعضُ تَلاَمِذَتِهِ، فكانَ ذلكَ سَبَبًا أَيْضًا في أنْ تَتَلْمَذَ عليهِ تلامذةٌ كثيرونَ في الشَّامِ، وفي مصرَ، وفي العراقِ، وفي الحجازِ، وفي اليَمَنِ، وفي كثيرٍ من البلادِ، وَكَثُرَ أَتْبَاعُهُ الَّذينَ على مَذْهَبِهِ بِسَبَبِ اعتمادِهِم على هذهِ المؤلَّفاتِ.
ثمَّ جاءَ بعدَهُ، أوْ في زمنِهِ، الإمامُ (أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ)، وكانَ رَحِمَهُ اللهُ لا يُحِبُّ أنْ تُكْتَبَ فَتَاوَاهُ، فَلَمْ يَكْتُبْ في الْفِقْهِ، وإنَّما كِتَابَاتُهُ فيما يَتَعَلَّقُ بالحديثِ، أوْ فيما يَتَعَلَّقُ بالعقيدةِ، ولكنْ تَتَلْمَذَ عليهِ تلامذةٌ مُحِبُّونَ لهُ، فَكَانُوا يَكْتُبُونَ فَتَاوَاهُ، هذا يَكْتُبُ مُجَلَّدًا، وهذا يَكْتُبُ وَرَقَتَيْنِ، وهذا يَكْتُبُ عِشْرِينَ وَرَقَةً، وهذا كَتَبَ وهذا كَتَبَ، حتَّى ذَكَرُوا أنَّهُ جُمِعَ منْ فَتَاوَاهُ أكثرُ مِنْ ثَلاَثِينَ مُجَلَّدًا، ثمَّ جَمَعَهَا أحدُ تلاميذِهِم؛ وهوَ أبو بَكْرٍ الْخَلاَّلُ صاحبُ كِتَابِ (السُّنَّةِ)، في عِشْرِينَ مُجَلَّدًا أَخَذَهَا منْ تَلاَمِذَتِهِ.
وجاءَ أيضًا بعدَهُ تِلْمِيذٌ لهُ، وهوَ محمَّدُ بنُ حامدٍ، وَجَمَعَهُ أَيْضًا في مجموعٍ آخَرَ، وكادَ مَذْهَبُ الإمامِ أَحْمَدَ أَنْ يَضْمَحِلَّ ولا يَكُونَ لهُ أَتْبَاعٌ، إلى أنْ جَاءَ عَهْدُ القاضِي أبي يَعْلَى، فَاعْتَنَقَ هذا المذهبَ، وَلَمَّا تَوَلَّى القضاءَ أَظْهَرَ هذا المذهبَ وَدَعَا إليهِ، وَأَلَّفَ فيهِ المُؤَلَّفَاتِ، وَانْتَشَرَ المذهبُ وَصَارَ لهُ أتباعٌ منْ ذلكَ اليومِ وحتَّى يَوْمِنَا هَذَا.
هذهِ هيَ المذاهبُ الأربعةُ، ولكنْ هَلْ كانَ بْعَضُهُم يُضَلِّلُ بَعْضًا؟ حَاشَا وَكَلاَّ، بلْ كُلُّهم مُتَآخُونَ وَمُتَحَابُّونَ وَمُجْتَمِعُونَ على الحَقِّ.
سُئِلَ الإمامُ الشافعيُّ فَقِيلَ لهُ: (هَلْ نُصَلِّي خَلْفَ مَنْ يُقَلِّدُ مَالِكًا؟) فَارْتَعَدَ وقالَ: (أَلَسْتُ أُصَلِّي خَلْفَ مالكٍ؟!).
فَمَالِكٌ شَيْخُ الشافعيِّ الَّذي أَفَادَهُ فَوَائِدَ كَثِيرَةً جَمَّةً، فَأَنْكَرَ على هذا الَّذي قَالَ: (إنَّنَا نَتَوَرَّعُ أنْ نُصَلِّيَ خَلْفَ المَالِكِيَّةِ)؛ لأِنَّهم يُخَالِفُونَنَا في أشياءَ، والخلافاتُ الَّتي بَيْنَهُم في الصَّلاةِ مَثَلاً في الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ أو التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ، أوْ في بعضِ الأشياءِ اليَسِيرَةِ القليلةِ. وكذلكَ بَيْنَهُ وبينَ الحَنَفِيَّةِ خِلاَفَاتٌ لا تُبْطِلُ الصَّلاةَ.
ومعَ ذلكَ كُلِّهِ؛ فَإِنَّ هؤلاءِ الأَئِمَّةَ لَيْسُوا هم العلماءَ كُلَّهُمْ، بلْ في زَمَانِهِم مَنْ هوَ أهلٌ للاتِّباعِ وَأَهْلٌ للعلمِ.
فَالإمامُ الثَّوْرِيُّ عَالِمُ العراقِ من العلماءِ المَشْهُورِينَ، وكانَ لهُ أَيْضًا أَتْبَاعٌ.
والإمامُ اللَّيثُ بنُ سَعْدٍ عَالِمُ مِصْرَ كَانَ عالمًا جَلِيلاً، ولهُ أيضًا أَتْبَاعٌ، وإنْ لَمْ يَكُنْ لهُ مُؤَلَّفَاتٌ ولا مَذْهَبٌ مُتَّبَعٌ.
وكذلكَ الإمامُ الأوْزَاعِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحمنِ عَالِمُ الشَّامِ في زَمَانِهِ، ولهُ أَيْضًا أَتْبَاعٌ، ولهُ تلاميذُ كَثِيرُونَ.
ولكنَّ المُجْمِعَ وَاحِدٌ، فَكُلُّهُم يَتَّبِعُ الآخرَ إذا ظَهَرَ لهُ الحقُّ معَ أَحَدِهِم، فإنَّهم يَتَبَرَّءُونَ من الخطأِ وَيَقُولُونَ لتلامِذَتِهِم: (إذا اتَّضَحَ لَكُم الخطأُ في قَوْلِنَا فلا تَتَّبِعُوهُ، اتَّبِعُوا الحقَّ وَخُذُوا بهِ).
ذَكَرُوا أنَّ الإمامَ أبا حَنِيفَةَ يقولُ: (إذا جاءَ الحديثُ عنْ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَلَى الرأسِ والعَيْنِ، وإذا جاءَ عن الصَّحابةِ فعلى الرأسِ والعَيْنِ، وإذا جاءَ عن التَّابعينَ فَنَحْنُ رجالٌ وهم رجالٌ)؛ وذلكَ لأنَّهُ مِن التَّابعِينَ.
واشْتَهَرَ عنْ مالكٍ رَحِمَهُ اللهُ أنَّهُ يَقُولُ: (كلُّ أحدٍ يُؤْخَذُ منْ قولِهِ وَيُتْرَكُ، إلاَّ صاحبَ هذا القبرِ).
يَعْتَرِفُ على نفسِهِ أنَّ أقوالَهُ عُرْضَةٌ للخطأِ وَعُرْضَةٌ للتَّرْكِ، وإذا اتَّضَحَ فيها خَطَأٌ فَلْتُتْرَكْ.
وجاءَ رَجُلٌ إلى الشَّافعيِّ رَحِمَهُ اللهُ، وَسَأَلَهُ عنْ مسألةٍ، فقالَ: (هذهِ المسألةُ أَفْتَى فيها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا وكذا، فقالَ السَّائلُ: (فَمَا تَقُولُ أَنْتَ يا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟) فَغَضِبَ الشَّافعيُّ غَضَبًا شَدِيدًا وقالَ: (وَيْحَكَ أَتُرَانِي في بِيعَةٍ؟! أَتُرَانِي في صَوْمَعَةٍ؟! أَتُرَانِي على وَسَطِي زُنَّارٌ؟! أَقُولُ لكَ: أَفْتَى فيها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ: ماذا تَقُولُ أَنْتَ؟ أَتَرَى أَنِّي أُخَالِفُ فَتْوَى رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟!) هَكَذَا غَيْرَتُهُم وَحَمَاسَتُهُم على السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.
كذلكَ الإمامُ أحمدُ رَحِمَهُ اللهُ اشْتَهَرَتْ مَقَالَتُهُ الَّتي يَقُولُ فيها: (عَجِبْتُ لقومٍ عَرَفُوا الإسنادَ وَصِحَّتَهُ وَيَذْهَبُونَ إلى رَأْيِ سُفْيَانَ، واللهُ تَعَالَى يقولُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النُّور: 63]، أَتَدْرِي ما الْفِتْنَةُ؟ الفِتْنَةُ الشِّرْكُ، لَعَلَّهُ إذا رَدَّ بَعْضَ قولِهِ أنْ يَقَعَ في قلبِهِ شيءٌ من الزَّيْغِ فَيَهْلِكَ).
هذهِ مَقَالَتُهُم الَّتي يَحُثُّونَ فيها على الرُّجوعِ إلى السُّنَّةِ، ومعَ ذلكَ وَلِلأَسَفِ؛ فإنَّ كَثِيرًا منْ أَتْبَاعِهِم المُقَلِّدَةِ صَارُوا يَرَوْنَ الحَقَّ والصَّوابَ مَعَهُم فَقَطْ، وَيَتَعَصَّبُونَ للمذاهبِ هذا التَّعَصُّبَ الَّذي سَبَّبَ الفُرْقَةَ.
فقدْ نَتَجَ عن التَّعَصُّبِ لِمَذْهَبِ هذا على هذا، أنَّهُ حَصَلَ بِيْنَهُم مُنَافَسَاتٌ ومُجَادَلاَتٌ، سَوَاءٌ في الكُتُبِ أوْ في الأعمالِ أوْ نَحْوِهَا، حتَّى ذَكَرُوا أنَّ المسجدَ الأُمَوِيَّ في دِمَشْقَ كانتْ تُقَامُ الصَّلاةُ فيهِ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ؛ يُصَلِّي الإمامُ الحَنَفِيُّ بِمَنْ مَعَهُ، ثمَّ يُصَلِّي الشافعيُّ، ثمَّ الْمَالِكِيُّ، ثمَّ الحَنْبَلِيُّ. وهذهِ تَفْرِقَةٌ بينَ المُسْلِمِينَ.
وهكذا أيضًا قَبْلَ مائةٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً في الحَرَمِ المَكِّيِّ، كانَ فيهِ أَرْبَعُ مَقَامَاتٍ؛ فالمَقَامُ الحَنَفِيُّ في الجانبِ الشَّمَالِيِّ يُصَلِّي فيهِ الإمامُ الحَنَفِيُّ، والمقامُ المَالِكِيُّ في الجانبِ الغَرْبِيِّ يُصَلِّي فيهِ الإمامُ المَالِكيُّ، والمقامُ الشافعيُّ في الجانبِ الجَنُوبِيِّ يُصَلِّي فيهِ الإمامُ الشَّافِعِيُّ، والمقامُ الحَنْبَلِيُّ بالجانبِ الشَّرقيِّ في مَقَامِ إبراهيمَ يُصَلِّي فيهِ الإمامُ الحَنْبَلِيُّ، فَتُقَامُ الصَّلاةُ في المسجدِ الحَرَامِ أربعَ مَرَّاتٍ، أوْ يُصَلِّي فيهِ أَرْبَعَةُ أَئِمَّةٍ! هذا لا شَكَّ أنَّهُ تَعَصُّبٌ مَذْمُومٌ.
ومعَ الأَسَفِ ذُكِرَ لنا أنَّ كثيرًا مِن المُبْتَدِعَةِ يُعِيدُونَ الصَّلاةَ إذا صَلَّوْا خَلْفَ إمامِ الحرمِ الموجودِ الآنَ، يقولونَ: (هذا وَهَّابِيٌّ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ).
ولكنَّ هؤلاءِ ما ضَلَّلُوهُ لأَِجْلِ أنَّهُ حَنْبَلِيٌّ، وَإِنَّما مِنْ أجلِ أنَّهُ وَهَّابِيٌّ كما يَزْعُمُونَ.
ونحنُ نقولُ: (الأَئِمَّةُ رَحِمَهُم اللهُ مُجْتَهِدُونَ، وَمَذَاهِبُهُم مُعْتَرَفٌ بها، واتِّفَاقُهُم حُجَّةٌ قاطعةٌ، وإجماعُهُم دليلٌ قَوِيٌّ، واخْتِلاَفُهُم رَحْمَةٌ، وفيهِ سَعَةٌ).
ذُكِرَ أنَّ رَجُلاً جاءَ إلى الإمامِ أحمدَ، وقدْ كَتَبَ كِتَابًا سَمَّاهُ (الاخْتِلافَ)، قالَ فيهِ مَثَلاً: اخْتَلَفُوا في المسألةِ الفُلانِيَّةِ؛ فقالَ الشافعيُّ كذا، وقالَ الثَّوريُّ كذا، وقالَ اللَّيثُ كذا، وقالَ مالِكٌ كذا، فَسَمَّاهُ (الاختلافَ)، فَأَنْكَرَ عليهِ أَحْمَدُ وقالَ: (لا تُسَمِّهِ بالاختلافِ، بلْ سَمِّهِ بِالسَّعَةِ)، يَعْنِي: أنَّ هذا الاختلافَ تَوْسِعَةٌ على المسلمِينَ، حتَّى إذا عَمِلَ أَحَدُهُم بهذا القولِ، وَعَمِلَ الثَّاني بهذا القولِ، كانَ كلٌّ منهم على خَيْرٍ.
فهذا ما يَتَعَلَّقُ بهذهِ المذاهبِ، وهيَ المذاهبُ المُتَّبَعَةُ.
ومَنْ ظَهَرَ لهُ الحقُّ في غيرِ مَذْهَبِهِ، فلا ضَيْرَ عليهِ أنْ يَتَّبِعَ الحقَّ، ولوْ خَالَفَ مَذْهَبَ إِمَامِهِ.
واللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

  #4  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 06:07 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز آل الشيخ (مفرغ)

القارئ:
(وَتَركُ الجِدَالِ والخُصُوماتِ في الدِّينِ، وَتَرْكُ النَّظَرِ في كُتُبِ المُبْتَدِعَةِ والإصْغَاءِ إلى كلاَمِهمْ، وَكُلُّ مُحْدَثةٍ في الدِّينِ بِدْعَةٌ.

وَكُلُ مُتَسَمٍّ بِغَيْرِ الإِسْلاَمِ والسُّنَّةِ مُبْتَدِعٌ،
كالرَّافِضَةِ، والجَهْمِيَّةِ والخَوَارِجِ والقَدَرِيَّةِ وَالمُرْجِئَةِ، والمُعْتَزِلَةِ وَالكُرامِيَّةِ والسالمية وَالكُلاَّبِيَّةِ وَنَظَائِرِهِمْ فَهذِهِ فِرَقُ الضَّلاَلِ، وَطَوائِفُ البِدَعِ، أَعَاذَنَا اللهُ مِنْها.

وأَمَّا النِّسْبَةِ إِلى إِمَامٍ في فُرُوعِ الدِّينِ
كَالطَّوائِفِ الأَرْبَعِ فَلَيْسَ بِمَذْمُومٍ، فَإِنَّ الاخْتِلاَفَ في الفُرُوعِ رَحمةٌ، وَالمُختَلِفُونَ فِيها مَحمُودُونَ في اخْتِلافِهمْ، مُثَابُونَ في اجْتِهَادِهِم، واختِلاَفُهُم رَحْمَةٌ وَاسِعةٌ، واتِّفَاقُهُم حُجَّةٌ قَاطِعة).

الشيخ:
اختلفَ الأئمَّةُ في مسائلِ الفقهِ، قال الموفّق ابنُ قدامةَ: (واختلافُهُم رحمةٌ) وهذا صحيحٌ باعتبارٍ، وغيرُ صحيحٍ باعتبارٍ آخرَ، فاختلافُهُم رحمةٌ، صحيحٌ باعتبارِ أنَّهم بذلوا وسعَهُم لإرشادِ النَّاسِ، وحصلَ مع بذلِ الوسعِ والاجتهادِ الاختلافُ، فيقال اختلافُهُم رحمةٌ، يعني: سبب الاختلافِ من أنَّه بذل الاجتهادِ والجهدِ في بيانِ المسائلِ ونفعِ النَّاسِ رحمةٌ، ولو حصلَ الاختلافُ، فإنْ كانَ المقصودُ هذا المعنى: فهذا صحيحٌ.

وأمَّا إن كان المقصودُ:
أنَّ اختلافَهُم على هذه الأنحاءِ، وهذه الأقوالِ المتباينةِ؛ أنَّهُ رحمةٌ رُحِمَتْ بها الأمَّةُ، فهذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ هذه الأقوالَ المختلفةَ منها ما هو مخالفٌ للسّنَّةِ، ومنها ما قد فرّق الأمَّة، فليس برحمةٍ؛ كما هو ظاهرٌ.
فإذاً؛ قولُهُ: (اختلافُهُم في الدِّينِ رحمةٌ) يمكن أن يفسَّرَ بتفسيرٍ صحيحٍ، ويمكنُ أن يفسَّرَ بتفسيرٍ خاطئ، فإن أُريدَ به التَّفسيرُ الصَّحيحُ صُحّح، وإن أُريدَ به التَّفسيرُ الباطلُ أو الخطأ خُطِّئ.

هذا الاختلافُ ما موقفُنَا منه؟
الواجب أولاً:
أن يترحمَ على جميع العلماءِ، وأن يُعذروا في اختلافِهِم، وما أخطأوا فيه من اجتهادِهِم المخالفِ للسّنَّةِ لا يُتّبعون فيه، فإنَّ العالمَ لا يُتْبع بزلَّتِه؛ ولا يتَّبَعُ على ما أخطأ من قولِهِ أو في فعلِهِ، ويحبُّ الجميعُ، ونعتقدُ أنَّ المجتهدَ منهم مأجورٌ بأجرٍ واحدٍ إن أخطأ، وبأجرين إن أصابَ.

وأمَّا من تبعَهُم في أقوالِهِم
؛ فإن كان ذلك الاتّباعُ عن تعصّبٍ بعدَ معرفةِ الدَّليلِ: فهذا مذمومٌ وباطلٌ، وهو الَّذي أقامَ السَّلفُ الصَّيحاتِ على من سار على هذا النَّحوِ، يقدِّمُ أقوالَ الرِّجالِ على ما دلَّتْ عليه الأدلَّةُ من الكتابِ والسّنَّةِ.

وأمَّا إن كان اتّباعُهُ
لا عن تعصُّبٍ، لكن عن اقتناعٍ باستدلالاتِهم وبأصولِهِم، فإنَّ ذلك لا يُلامُ، ولا يُعابُ على صاحبِهِ.

  #5  
قديم 22 ذو القعدة 1429هـ/20-11-2008م, 06:09 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
Post شرح الشيخ:صالح الفوزان .حفظه الله (مفرغ)

المَتْنُ:(وأَمَّا بالنِّسْبَةِ إِلَى إِمَامٍ فِي فُرُوعِ الدِّينِ والطوائف كالطَّوَائِفِ الأَرْبَعِ فَلَيْسَ في ()بمَذْمُومٍ).
الشَّرْحُ: انظروا إلى الانْتِسَابُ إِلَى شَخْصٍ في أُصُولِ الدِّينِ غَيْرِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا لا يَجُوزُ, والمُرَادُ بأُصُولِ الدِّينِ العَقِيدَةُ وهي تَوْقِيفِيَّةٌ لا مَجَالَ للاجْتِهَادِفِبيهَا, وإِنَّمَا يُتَّبَعُ بها فِيهَا الدَّلِيلُ من كتاب العقيدة العقيدة توقيفيه لا مجال للاجتهاد بها وإنما يتبع بها الدليل مِنْ كِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ, لا مَجَالَ للاخْتِلافِ فِيهَا, ولِهَذَا لَمْ يَخْتَلِفْ فِيهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ, وَلا مَنْ جَاءَ بَعْدَهُمْ مِمَّنْ تَبِعَهُمْ, لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي العَقِيدَةِ؛ لأَنَّ العَقِيدَةَ تَوْقِيفِيَّةٌ, مَبْنَاهَا عَلَى التَّسْلِيمِ والانقياض والانْقِيادِ بما لِمَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

فالأَئِمَّةُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي العَقِيدَةِ, لا أَئِمَّةُ التَّابِعِينَ, ولا مَن جَاءَ بَعْدَهُمْ, الأَئِمَّةُ الأَرْبَعَةُ-رَحِمَهُمُ اللهُ- لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي العَقِيدَةِ, العَقِيدَةُ لَيْسَتْ مَجَالاً للاخْتِلافِ ولا للاجْتِهَادَاتِ, ومَنْ خَالَفَ فِيهَا فَهُو ضَالٌّ, إِنَّمَا الاخْتِلافُ يَقَعُ فِي مَسَائِلِ الفُرُوعِ, مَسَائِلُ الفِقْهِ العَمَلِيَّةُ؛ لأَنَّ مذارها عَلَى الاسْتِنْبَاطِ والاجْتِهَادِ.

ونَحْنُ مَأْمُورُونَ بالإجْتِهَادِ فِي مَسَائِلِ الفِقْهِ والنَّوَازِلِ الَّتِي تَنْزِلُ, والحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ, نَحْنُ مَأْمُورُونَ بالاجْتِهَادِفِيهَا ومَعْرِفَةِ حُكْمِهَا فِي كِتَابِ اللهِ وسُنَّةِ رَسُولِهِ؛ لأَنَّهَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا المَنْصُوصُ عَلَيْهِ,ا هَذَا مَا فِيهِ الكَلامٌ, تَحْرِيمُ الرِّبَا, تَحْرِيمُ الزِّنَا, تَحْرِيمُ الخَمْرِ, تَحْرِيمُ المُسْكِرَاتِ, تَحْرِيمُ قَطِيعَةِ الرَّحِمِ, هَذِهِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهَا, مَا يشتبه يُحْتَاجُ إِلَى.. فيها المجال هذاهَذِهِ مَجالُهاالتَّسْلِيمُ, نَصَّ عَلَى حُكْمٍ (خلاص) مَا لَنَاه مَجَالٌ بها فِيهَا.

المُبَاحَاتُ الَّتِي نَصَّ اللهُ عَلَيْهَا: البَيْعَ مَا فِيهِ مَجَالٌ للاخْتِلافِ؛ لأَنَّ اللهَ نَصَّ على حِلَّهُ, والأَصْلُ فِي الأَشْيَاءِ الإِبَاحَةُ إِلاَّ مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى (مَنْعِهِ, وهَذَا مَجَالُ الفُقَهاءِ ومَجَالُ المُجْتَهِدِينَ, ولذَلِكَ اخْتَلَفُوا فِي اجْتِهَادَاتِهِمْ, وتَكَوَّنَ مِنْ ذَلِكَ المَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ؛ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ, ومَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ, ومَذْهَبُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، ومَذْهَبُ مَالِكٍ, بمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِن هَؤُلاءِ الأَئِمَّةِ, لَهُ طَرِيقَةٌ في الاجْتِهَادِ والاسْتِنْبَاطِ, وكُلُّهُمْ يَقْصِدُ الحَقَّ ويَقْصِدُ الدَّلِيلَ.

ولا يَجُوزُ للعَالِمِ يُقَلِّدُ بغَيْرَهُ مَادَامَ عِنْدَهُ تَمَكُّنٌ مِنْ معْرِفَةِ الدَّلِيلِ بنَفْسِهِ والبَحْثِ عَنِ الحُكْمِ؛ فَإِنَّهُ يَجْتَهِدُ حَسَبَ طَاقَتِهِ ولا يُقَلِّدُ أَحَداً, إِنَّمَا التَّقْلِيدُ للعَامِّيِّ والمُبْتَدِئِ, أَمَّا العَالِمُ المُدْرِكُ فَهَذَا يَجِبُ عَلَيْهِ أن يَجْتَهِدُ, وَمَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُ يَعْمَلُ له بِهِ, فَإِنْ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ: أَجْرُ الإِصَابَةِ, وأَجْرُ الاجْتِهَادِ, وإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ وَاحِدٌ, ويُغْفَرُ لَهُ الخَطَأُ, ولَكِنْ لا يَجُوزُ لَنَا أَنْ نَتَّبِعَهُ علَى هَذَا الخَطَأِ, هَذَا الاجْتِهَادُ مَحْمُود, والاخْتِلافُ فِيهِ لَيْسَ مَذْمُوماً؛ لأنَّهُ وجدنَتِيجَةُ اجْتِهَادٍ وطَلَبٌ للحَقِّ, لا نَتِيجَةُ هَوًى.

أَمَّا إِذَا كَانَ الاخْتِلافُ نَتِيجَةَ الهَوًى وشَهْوَةٍ فهَذَا لا يَجُوزُ, يَعْنِي: الإنْسَانُ لا يَأْخُذْ إِلاَّ مَا يُوَافِقُ هَوَاهُ هواه أَوْ رَغْبَتَهُ, مثل هَذَا مَذْمُومٌ, أَمَّا إِنْ كَانَ عِنْدَهُ أَهْلِيَّةٌ عِلْمِليَّةٌ وقُدْرَةٌ عَلَى البَحْثِ والتَّقَصِّي؛ فإِنَّه يَجِبُ عَلَيْهِ الاجْتِهَادُ, ولا يُقَلِّدُ غَيْرَهُ, ويَعْرِفُ الحُكْمَ بنَفْسِهِ, أَوْ يُقَارِبُ, قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: ((سَدِّدُوا وقَارِبُوا)). التسديد هو الإصابة والمقاربة هِيَ مُقَارِبَةُ الأصابة الإِصَابَةِ ولَوْ لَمْ يسدد يُصِبْ, لَكِنْ حَاوَلَ بَذْلَ جُهْدٍ, وحَاوَلَ.

فَهَذَا الاجْتِهَادُ الفِقْهِيُّ الَّذِي دَافِعَهُ طَلَبُ الدَّلِيلِ،وطَلَبُ الحُكْمِ الشَّرْعِيِّ هَذَا مَمْدُوحٌ ولَيْسَ مَذْمُوماً, والانْتِسَابُ إِلَى أَحَدِ الأَئِمَّةِ؛ الحَنْبَلِيٍّ, مَالِكِيٍّ, شَافِعِيٍّ, حَنَفِيٍّ, لَيْسَ فِيهِ لَوْمٌ بشَرْطِ أَلاَّ يَتَعَصَّبَ, فَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الدَّلِيلُ أَخَذَ منه بِهِ, ولَوْ لَمْ يَكُنْ مِن مَذْهَبِ إِمَامِهِ، الحَنَفِيِّ إِذَا تَبَيَّنَ لَهُ الدَّلِيلُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ بقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، الحَنْبَلِيِّ إِذَا تَبَيَّنَ معه لَهُ الدَّلِيلُ مَعَ مَذْهَبِ مَالِكٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْخُذَ بقَولِ مَالِكٍ؛ والأَئِمَّةَ يُوصُونَنَا بذَلِكَ.

فيَقُولُونَ: لا تَأْخُذُوا بأَقْوَالِنَا حَتَّى تَعْرِفُوا أَدِلَّتَهَا, الشَّافِعِيُّ يقولون يَقُولُ: إِذَا خَالَفَ قَوْلِي قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فاضْرِبُوا بقَوْلِي عُرْضَ الحَائِطِ,وقَالَ: إِذَا صَحَّ الحَدِيثُ فَهُو مَذْهَبِي.

والإِمَامُ الشَّافِعِيُّ أَيْضاً يَقُولُ: أَجْمَعَ المُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَنِ اسْتَبَانَتْ لَهُ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يقل يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهَا لقَوْلِ أَحَدٍ,والإِمَامُ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ: أَوَ كُلَّمَا جَاءَنَا رَجُلٌ أَجَدْلُ مِنْ رَجُلٍ-يَعْنِي: أَشَدُّ جَدَلاً- تَرَكْنَا مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَليجَدَلِ هؤلاءِ, ويَقُولُ رَحِمَهُ اللهُ: كُلُّنَا رَادٌّومَرْدُودٌ وراد عَلَيْهِ إلاَّ صَاحِبَ هَذَا القَبْرِ. يَعْنِي: رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ.

والإِمَامُ أَحْمَدُ يَقُولُ: عَجِبْتُ لقَوْمٍ عَرَفُوا الإِسْنَادَ وصِحَّتَهُ يَذْهَبُونَ إِلَى رَأْيِ سُفْيانَ, واللهُ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}. أَتَدْرِي مَا الفِتْنَةُ؟ الفِتْنَةُ: الشِّرْكُ, لعَلَّهُ إِذَا رَدَّ بَعْضَ قَوْلِهِ أَنْ يَقَعَ فِي قَلْبِهِ شَيْءٌ مِنَ الزَّيْغِ فيَهْلِكَ.

هَذِهِ أَقْوالُ الأَئِمَّةِ -رَحِمَهُم اللهُ- يَقُولُونَ لَنَا: لا تَأْخُذُوا مِنْ أَقْوَالِنَا إِلاَّ مَا وَافَقَ الدَّلِيلَ, ومَا خَالَفَ الدَّلِيلَ فَاتْرُكُوهُ ولا كائناً مَنْ كَانَ, فَلَيْسَتِ المَسْأَلَةُ مَسْأَلَةَ مَذَاهِبَ, المَسْأَلَةُ مَسْأَلَةُ إتباع الدَّلِيلِ.



... الفتنة الشرك, لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء الذين الزيغ فيهلك, هذه أقوال الأئمة -رحمهم الله- يقولون لنا: لا تأخذوا من أقوالنا إلا ما وافق الدليل, وما خالف الدليل فاتركوه, كائنا من كان, أليست فليست المسألة مٍسألة مذاهب, المسألة مسألة إتباع الدليل, لَكِنَّنَا نَسْتَفِيدُ مِن اجْتِهَادِ هؤلاءِ الأَئِمَّةِ, لأَنَّهَا ثَرْوَةٌ عِلْمِيَّةٌ ونَسْتَفِيدُ مِنْهَا, وعَلَى ضَوْئِهَا نَسْتَنْبِطُ, وعَلَى ضَوْئِهَا نَبْحَثُ, فَهِيَ ثَرْوَةٌ عِلْمِيَّةٌ, آلَةٌ قل بأَيْدِينَا فيَجِبُ عَلَيْنَا طَلَبُ الدَّلِيلِ والأَخْذُ بالدَّلِيلِ


  #6  
قديم 13 ذو الحجة 1429هـ/11-12-2008م, 10:42 AM
طيبة طيبة غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 1,286
Post تيسير لمعة الاعتقاد للشيخ :عبد الرحمن بن صالح المحمود .حفظه الله ( مفرغ )

ثم قال الشيخ رحمه الله تعالى : (( وأما بالنسبة إلى إمام في الفروع كالطوائف الأربع )) المالكية, والشافعية, والحنابلة, والحنفية
(( فليس بمذموم فإن الاختلاف في الفروع رحمة)) لم يرد في ذلك حديث صحيح, لكنه قول صحيح وهو أن الله تعالى رحم هذه الأمة بالتوسعة عليها.

والصحابة كانوا يجتهدون ويختلفون, فالانتساب إلى المذهب المالكي أو الشافعي أو الحنيفي أو غير ذلك فيه بدعة , إنما يكون بدعة إذا تحول إلى تعصب ورفض للدليل الحق, أو إذا تحول إلى تنقص للأمة الاخرين, أو شحناء وبغضاء بين المؤمنين فإنه حينئذ يكون مذموماً.

ثم قال الشيخ : ((والمختلفون فيه محمدون في اختلافهم, مثابون في اجتهادهم , واختلافهم رحمة واسعة, واتفاقهم حجة قاطعة)) . ما اتفق عليه المسلمون وأجمعوا عليه فهو حجة بشروط الإجتماع المعروفة, وما اختلفوا فيه فإننا نترحم على الجميع, لكن الواجب علينا أن نتبع من كان معه الدليل .

ولو أن الإنسان انتسب إلى المذهب الحنفي أو المالكي أو الشافعي أو الحنبلي ثم رأى في مسألة من المسائل أن الدليل مع القول الآخر أو المذهب الآخر, فالواجب عليه أن يتبعه .


  #7  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 03:43 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي ِشرح لمعة الاعتقاد, الغفيص

حكم الانتساب إلى المذاهب الفقهية دون تعصب
قال الموفق رحمه الله: [وأما النسبة إلى إمام في فروع الدين كالطوائف الأربع فليس بمذموم] . هذه الجملة من فضائل هذه الرسالة، ولم يكن عند السلف رحمهم الله مثل هذه المعاني، وإن كانت لم تظهر في زمنهم ظهوراً بيناً، الانتساب إلى إمام في الفروع كالطوائف الأربع -أي: كالانتساب إلى الشافعي أو مالك أو أبي حنيفة ، وظهر عند بعض فضلاء العلم من المعاصرين أن من السلفية ترك الانتساب للمذهب، وأن من انتسب للمذهب ليس سلفياً في الفقه، هذا فيه قدر من الزيادة؛ لأن هذه المذاهب الأربعة لها قرون في المسلمين، وقد درج عليه العلماء ما بين شافعي وحنفي ومالكي وحنبلي، وفيهم علماء سنة محققون كشيخ الإسلام ، وأبي عمر بن عبد البر ، وابن رجب ، وابن كثير ، وأمثال هؤلاء، ومع ذلك ما نقل عن هؤلاء الأكابر من المحققين في مذهب السلف أنهم أنكروا الانتساب، وأول من أنكر الانتساب من متأخرة القرن العاشر، بعضهم عن أثر زيدي، أو بعضهم عن أثر ظاهري. فالقصد: أن هذا الإنكار غير معتبر، أما من انتسب إلى مذهب من المذاهب الأربعة على معنى التعصب للمذهب، أو أنه لا يخرج في فقهه على هذا المذهب، أو يرى أن الحق في هذا المذهب، بل حتى من يرى أن هذا المذهب أفضل من غيره من المذاهب، فلا شك أن هذه المعاني منكرة ليس لها أصل، ومخالفة لهدي السلف. وأما من انتسب إلى واحد مذهب المذاهب الأربعة من باب الترتيب العلمي، كأن يقول: أنا حنبلي أي: إذا لم يكن في المسألة دليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع قدم قول الصحابي على القياس، هذا معنى حنبليته، والآخر يقول: أنا حنفي، إذا لم يكن عنده دليل من الأصول الثلاثة -الكتاب والسنة والإجماع- قدم القياس على قول الصحابي، والمالكي يقدم عمل أهل المدينة، والشافعي لا يرى عمل أهل المدينة. من تبنى التمذهب على الترتيب العلمي فهذا لا بأس به. وأما من تعصب لمذهب من المذاهب الأربعة فهذا مخالف لهدي السلف، سواء تعصب لمذهب من


المذاهب الأربعة أو حتى تعصب لرجل من الرجال ولو كان إماماً من الأئمة، وهذا يقع: أنهم ينهون عن الإنتساب للمذاهب الأربعة وينتسب من ينتسب لابن حزم أو للشوكاني أو لفلان وفلان.. فما الفرق بين الانتسابين؟! إن قيل: هؤلاء لا يتعصبون. قيل: وهل تقول: إن سائر المالكية أو سار الحنابلة متعصبون؟ كلا، ابن تيمية رحمه الله خرج عن المذهب خروجات، وكذا ابن عبد البر ... إلخ. ......
الاختلاف في الفروع الفقهية

قال الموفق رحمه الله: [فإن الاختلاف في الفروع رحمة] . هذه كلمة مجملة، والإختلاف في الفروع يقع منه ما هو مقام من الرحمة، ومن وجه آخر قد يكون اختلاف شر كغياب الدليل على العالم، فهذا ليس من الرحمة والفضل. قال الموفق رحمه الله: [والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم، مثابون في اجتهادهم، واختلافهم رحمة واسعة، واتفاقهم حجة قاطعة] . هذا معنى قول النبي عليه الصلاة والسلام:
(إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر) وهو في الصحيحين عن عمرو بن العاص .


  #8  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 03:43 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي

الإختلاف في الفروع

- تعريف الفروع
- تعريف بالمذاهب الأربعة

- ذكر بعض المذاهب الأخرى

- موقفنا من الأقوال المختلفة في الفروع

- التحذير من التعصب للمذاهب

- الرد على من أنكر الانتساب للمذاهب الأربعة

- شرح قوله: ( الاختلاف في الفروع رحمة )

- شرح قول المؤلف: ( المختلفون فيه محمودون في اختلافهم)

- تعريف التقليد

- حكم التقليد

- تعريف الإجماع

- حجية الإجماع

أهمية الدعاء بالثبات على الحق، والسلامة من البدعة

ضرورة الالتجاء إلى الله تعالى وسؤاله الثبات على الدين
أهمية التوسع في علم العقيدة


  #9  
قديم 6 محرم 1430هـ/2-01-2009م, 03:43 AM
تيمية تيمية غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 256
افتراضي

الأسئلة
س1: اشرح قول المؤلف رحمه الله "الاختلاف في الفروع رحمة"، وما هو تعليقك عليه؟
س2: عرف الإجماع، مع ذكر الدليل.

س3: عرف التقليد، واذكر حكمه.

س4: ما موقف طالب العلم من اختلاف الأئمة في مسائل الأحكام؟

س5: عرف بالمذاهب الأربعة، واذكر ما تعرفه عن المذاهب الأخرى.

س6: أنكر بعض المنتسبين لأهل الحديث الانتساب للمذاهب الأربعة وعدوه بدعة، فكيف ترد عليهم؟

س7: اذكر بعض المذاهب الفقهية الأخرى، وإلى من تنسب؟

س8: تحدث بإيجاز عن خطر التعصب للمذاهب الفقهية.

س9: أيهما أشد؟ البدع في العقائد أم البدع في الأحكام؟ وضح ما تقول.

س10: ما معنى الاختلاف في الفروع؟ وما توجيه قول المؤلف رحمه الله:
"والمختلفون فيه محمودون في اختلافهم"؟


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الانتساب, جواز

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir