227 - وَعَنْ أَبِي قَتَادَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: كانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا، فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ، وَيُسْمِعُنَا الآيَةَ أَحْيَاناً، وَيُطَوِّلُ الرَّكْعَةَ الأُولَى، وَيَقْرَأُ فِي الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ الْكِرْمَانِيُّ: مِثْلُ هَذَا التركيبِ يُفِيدُ الاسْتِمْرَارَ.
أَمَّا الْعَيْنِيُّ فَقَالَ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ (كَانَ) لا تَقْتَضِي المُدَاوَمَةَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذلكَ: مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ (878): (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ يَقْرَأُ بـ (سَبِّحْ) وَ (الْغَاشِيَةِ)، وَرَوَى مُسْلِمٌ: (877) مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: (أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرَأُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ بـ (الْجُمُعَةِ) وَ (المُنَافِقُونَ).
- أَحْيَاناً: جَمْعُ (حِينٍ) مَصْدَرٌ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي (صَحِيحِهِ): (الحينُ عِنْدَ العربِ: مِنْ سَاعَةٍ إِلَى مَا لا يُحْصَى عَدَدُهُ).
وَقَالَ فِي (المِصْبَاحِ): (الحِينُ: الزَّمَانُ، قَلَّ أَوْ كَثُرَ).
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- وُجُوبُ قِرَاءَةِ الفاتحةِ فِي رَكَعاتِ الصَّلاةِ كُلِّهَا، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ الصَّوَابُ.
2- استحبابُ قِرَاءَةِ شيءٍ منَ الْقُرْآنِ بَعْدَ الفاتحةِ، فِي الركعتَيْنِ الأُولَيَيْنِ من الظهرِ والعصرِ، وَمِثْلُهُ المغربُ والعشاءُ وصلاةُ الفجرِ، وَقَدْ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ؛ حَيْثُ نُقِلَ نَقْلاً مُتَوَاتِراً.
قَالَ فِي (الرَّوْضِ المُرْبِعِ وَحَاشِيَتِهِ): وَيُكْرَهُ الاقْتِصَارُ عَلَى الفاتحةِ فِي الصَّلاةِ؛ فَرْضاً كَانَتْ أَوْ نَفْلاً؛ لأَنَّهُ خِلافُ السُّنَّةِ.
3- استحبابُ تطويلِ الركعةِ الأُولَى عَلَى الثَّانِيَةِ فِي الظُّهْرِ والعَصْرِ.
قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَمُدَّ فِي الأُولَيَيْنِ، وَيَحْذِفَ فِي الأُخْرَيَيْنِ؛ لهذا الْخَبَرِ، وَعَامَّةُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا.
4- كَوْنُ قِرَاءَةِ الظهرِ والعصرِ سِرِّيَّةً هُوَ الأفضلُ.
5- أَنَّهُ لا بَأْسَ من الجهرِ بِبَعْضِ الْقِرَاءَةِ فِي السِّرِّيَّةِ، لا سِيَّمَا إِذَا تَعَلَّقَ بِذَلِكَ مصلحةٌ منْ تَعْلِيمٍ أَوْ تَذْكِيرٍ؛ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْهَرُ فِي بَعْضِ الآيَاتِ، وَلَعَلَّ الْغَرَضَ منْ ذَلِكَ بَيَانُ الْجَوَازِ.
6- اسْتِحْبَابُ الاقتصارِ عَلَى الفاتحةِ فِي الركعتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ منْ صَلاةِ العصرِ والظهرِ والعشاءِ، وثالثةِ المغربِ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
7- أَنَّ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ هُوَ سُنَّةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
8- ظَنُّ الصحابةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوَّلَ الأُولَى من الصَّلاةِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنْ يُدْرِكَ النَّاسُ الركعةَ الأُولَى؛ لِمَا جَاءَ عَنْ رَاوِي الْحَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: (كُنَّا نَرَى أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ؛ لِيَتَدَارَكَ النَّاسُ). رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
9- الْقِرَاءَةُ بَعْدَ الفاتحةِ لَيْسَتْ وَاجِبَةً، فلو اقْتَصَرَ عَلَى الفاتحةِ أَجْزَأَتِ الصَّلاةُ؛ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ الاقتصارُ عَلَى الفاتحةِ فِي الصَّلاةِ، فَرْضاً كَانَتْ أَوْ نَفْلاً؛ لأَنَّهُ خِلافُ السُّنَّةِ.
10- جَاءَ فِي مسندِ الإمامِ أَحْمَدَ (11393)، وصحيحِ مُسْلِمٍ (452)، (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَجْعَلُ الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ أَقْصَرَ مِنَ الأُولَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ).
قَالَ الأَلْبَانِيُّ: فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزيادةَ عَلَى الفاتحةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُخْرَيَيْنِ سُنَّةٌ، وَعَلَيْهِ جَمْعٌ من الصحابةِ، مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلٌ للإمامِ الشافعيِّ.
قُلْتُ: ولعلَّ قِرَاءَةَ شيءٍ من الْقُرْآنِ بَعْدَ الفاتحةِ يَكُونُ فِي بَعْضِ الأحوالِ.