دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم القرآن الكريم > متون التفسير وعلوم القرآن الكريم > التفسير وأصوله > تفسير جزء تبارك

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 6 ذو القعدة 1429هـ/4-11-2008م, 02:20 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي سورة الجن (الآيات: 25-28)

قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 ذو القعدة 1429هـ/8-11-2008م, 06:58 PM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تيسير الكريم الرحمن للشيخ: عبد الرحمن بن ناصر السعدي

{قُلْ} لهم إنْ سأَلُوكَ فقالوا: مَتَى هذا الوعْدُ؟:
{إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً}؛ أي: غايةً طويلةً، فعِلْمُ ذلك عندَ اللَّهِ، {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} مِن الْخَلْقِ.
بل انْفَرَدَ بعِلْمِ الضمائرِ والأسرارِ والغَيْبِ، {إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ}؛ أي: فإنَّه يُخْبِرُه بما اقْتَضَتْ حِكْمَتُه أنْ يُخْبِرَه به.
وذلك لأنَّ الرسُلَ لَيْسُوا كغَيْرِهم؛ فإنَّ اللَّهَ أيَّدَهم بتأييدٍ ما أَيَّدَه أحداً مِن الخَلْقِ، وحَفِظَ ما أَوْحَاهُ إليهم حتَّى يُبَلِّغُوه على حقيقتِه مِن غيرِ أنْ تَتَخَبَّطَهم الشياطينُ، ولا يَزيدُوا فيه أو يَنْقُصُوا.
ولهذا قالَ: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً}؛ أي: يَحْفَظُونَه بأمْرِ اللَّهِ {لِيَعْلَمَ} بذلك {أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ} بما جَعَلَه لهم مِن الأسبابِ، {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ}؛ أي: بما عندَهم، وما أَسَرُّوه وأَعْلَنُوه، {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً}.
وفي هذه السورةِ فَوائدُ كَثيرةٌ: منها وُجودُ الجِنِّ، وأنَّهم مُكَلَّفونَ مَأمُورونَ مكَلَّفونَ مَنْهِيُّونَ، مُجَازُونَ بأعمالِهم كما هو صريحٌ في هذه السورةِ.
ومنها: أنَّ رسولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ رسولٌ إلى الْجِنِّ، كما هو رسولٌ إلى الإنسِ؛ فإنَّ اللَّهَ صَرَفَ نَفَرَ الجِنِّ لِيَسْتَمِعُوا ما يُوحَى إليه ويُبَلِّغُوا قومَهم.
ومنها: ذَكاءُ الجِنِّ, ومَعْرِفَتُهم بالحقِّ، وأنَّ الذي سَاقَهم إلى الإيمانِ هو ما تَحَقَّقُوه مِن هدايةِ القرآنِ، وحُسْنُ أدَبِهم في خِطابِهم.
ومِنها: اعتناءُ اللَّهِ برسولِه وحِفْظُه لِمَا جاءَ به، فحِينَ ابْتَدَأَتْ بَشائِرُ نُبُوَّتِه، والسماءُ محروسةٌ بالنجومِ، والشياطينُ قد هَرَبتْ عن أماكِنِها وأُزْعِجَتْ عن مَرَاصِدِها، وأنَّ اللَّهَ رَحِمَ به الأرضَ وأَهْلَها رَحمةً ما يُقْدَرُ لها قَدْرٌ، وأرادَ بهم ربُّهم رَشَداً.
فأَرَادَ أنْ يُظْهِرَ مِن دِينِه وشَرْعِه ومَعْرِفَتِه في الأرضِ، ما تَبتَهِجُ له القلوبُ، وتَفْرَحُ به أُولُو الألبابِ، وتَظهَرُ به شعائرُ الإسلامِ، ويَنْقَمِعُ به أهْلُ الأوثانِ والأصنامِ.
ومنها: شِدَّةُ حِرْصِ الجِنِّ لاستماعِ الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ وتَرَاكُمُهم عليه.
ومِنها: أنَّ هذه السورةَ قدِ اشْتَمَلَتْ على الأمْرِ بالتوحيدِ والنهيِ عن الشِّرْكِ، وبَيَّنَتْ حالةَ الخلْقِ، وأنَّ كلَّ أحَدٍ منهم لا يَسْتَحِقُّ مِن العبادةِ مِثقالَ ذَرَّةٍ؛ لأنَّ الرسولَ مُحمَّداً صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ إذا كانَ لا يَمْلِكُ لأحَدٍ نفْعاً ولا ضَرًّا، بل ولا يَمْلِكُ لِنَفْسِه ـ عُلِمَ أنَّ الخلْقَ كلَّهم كذلك، فمِن الخطأِ والغَلَطِ اتِّخاذُ مَن هذا وصْفُه إلَهاً آخَرَ معَ اللَّهِ.
ومنها: أنَّ عُلومَ الغَيْبِ قدِ انْفَرَدَ اللَّهُ بعِلْمِها فلا يَعْلَمُها أحَدٌ مِن الخلْقِ إلاَّ مَن ارْتَضَاهُ اللَّهُ وخَصَّهُ بعِلْمِ شيءٍ منها.
تَمَّ تفسيرُ سُورةِ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ، وللهِ الحمْدُ.

لعلها حين بدون الفاء ولكنها هكذا بالأصل


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:40 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي زبدة التفسير للدكتور: محمد بن سليمان الأشقر

25-{قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ} أيْ: لستُ أعْلَمُ قُربَ العذابِ الذي يَعِدُكم اللهُ به، {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} أيْ: غايةً ومُدَّةً فلا يَعرِفُ متى يَومُ القِيامةِ إلاَّ اللهُ وَحْدَه.
26-{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} أيْ: لا يُطْلِعُ على الغيْبِ، وهو ما غابَ عن العِبادِ، أحداً منهم.
27-{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ} استَثْنَى مَن ارْتَضَى مِن الرُّسُلِ، فأَوْدَعَهم ما شاءَ مِن غَيبةٍ بطَريقِ الوحيِ إليهم، وجَعَلَه مُعجزةً لهم ودَلالةً صادقةً على نُبُوَّتِهم، وليس الْمُنَجِّمُ ومَن ضَاهَاهُ ممن يَضْرِبُ بالحَصَى ويَنْظُرُ في الكَفِّ ويَزْجُرُ بالطيرِ ممن ارتضاه، فهو كافرٌ باللهِ مُفْتَرٍ عليه بحَدْسِه وتَخْمِينِه وكَذِبِه.
{فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} يَجْعَلُ سُبحانَه بينَ يَدَيِ الرسولِ ومِن خَلْفِه حرَساً مِن الملائكةِ يَحرُسُونَه مِن تَعَرُّضِ الشياطينِ؛ لِمَا أَظْهَرَه عليه مِن الغَيْبِ، ويَحُوطُونَه مِن أنْ تَسْتَرِقَهُ الشياطينُ فتُلْقِيَهُ إلى الكَهَنَةِ.
27-{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} أيْ: ليَعْلَمَ اللهُ أنَّ رُسُلَه قد أبْلَغُوا رِسالاتِه، ليَعلَم ذلك عن مُشاهَدَةٍ كما عَلِمَه غَيْباً.
{وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} أيْ: بما عندَ الرصَدِ مِن الملائكةِ، أو بما عندَ الرُّسُلِ الْمُبَلِّغِينَ لرِسالاتِه، وبما لَدَيْهِم مِن الأحوالِ.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11 ذو القعدة 1429هـ/9-11-2008م, 02:41 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي تفسير القرآن للإمام أبي المظفر السمعاني

قولُه تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً} أيْ: مُدَّةً وغَايةً، والمعنى: لا أَدْرِي أنه يُعَجِّلُ لكم العذابَ أو يُؤَخِّرُه، ويُعَجِّلُ لكم مُدَّةً ومُهْلَةً، وقد رُوِيَ أنَّ الْمُشْرِكينَ كانوا يَستعجلونَه العذابَ، ويَقولونَ: إلى مَتَى تَوَعَّدُنا العذابَ؟ فأينَ العذابُ؟ فأَمَرَه اللهُ تعالى أنْ يَكِلَ ذلك إلى اللهِ تعالى، وأنْ يَقولَ: إنه بِيَدِ اللهِ لا بِيَدِي.
قولُه تعالى: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً} أيْ: هو عالِمُ الغَيْبِ فلا يُظْهِرُ على غَيْبِه أَحَداً {إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} فإنه يُطْلِعُه على غَيبِه بما يُنْزِلُه عليه مِن الآياتِ والبَيِّنَاتِ.
وقولُه: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ} أيْ: يَجعَلُ مِن بينِ يَدَيْهِ {وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً} أيْ: حَفَظَةً، ورَوَى سُفيانُ عن منصورٍ عن إبراهيمَ قالَ: ملائكةٌ يَحْرُسُونَه. وفي التفسيرِ: أنَّ اللهَ تعالى ما بَعَثَ وَحْياً مِن السماءِ إلا ومَعه ملائكةٌ يَحْرُسُونَه. فإنْ قالَ قائلٌ: ومِن ماذا يَحفظونَه ويَحْرُسونَه؟ والجوابُ: أنَّ الحفْظَ والحراسةَ لِخَطَرِ شأنِ الوحْيِ ولتعظيمِه في النفُوسِ، لا بِحُكْمِ الحاجةِ إلى الحراسةِ والْحَفَظَةِ.
يُقالُ: إنَّ الحفْظَ والحراسةَ مِن الْمُسْتَرِقِينَ للسمْعِ؛ لئلاَّ يَسْرِقوا شيئاً مِن ذلك ويُلْقُوهُ إلى الكَهَنَةِ، وقد وَرَدَ في الأخبارِ: أنَّ اللهَ تعالى لَمَّا أَنْزَلَ سورةَ " الأنعامِ " بَعَثَ معَها سَبعينَ ألْفَ مَلَكٍ يَحْرُسُونَها، وفي الآيةِ دليلٌ على أنَّ مَن قالَ بالنجومِ شيئاً، وادَّعَى عِلْماً مِن الغَيْبِ بجِهَتِها فهو كافِرٌ بالقرآنِ.
وقد قالَ بعضُهم: الطَّرْقُ والْجِبْتُ والكُهَّانُ كلُّهم مضَلِّلُون، ودونَ الغيْبِ أَشَارُوا، وقد وَرَدَ في الأخبارِ: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عن النظَرِ في النجومِ، والمعنى هو النظَرُ فيها للقولِ بالغَيْبِ عنها، فأمَّا النظَرُ فيها للاهتداءِ أو للاعتبارِ أو لِمَعْرِفَةِ القِبلةِ وما أَشْبَهَ ذلك مُطْلَقٌ جائِزٌ.
وقولُه تعالى: {لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ} وقُرِئَ: (رِسَالةَ رَبِّهِمْ) وهي واحدُ الرِّسالاتِ، واختَلَفَ القولُ في قولِه تعالى: {لِيَعْلَمَ} فأحَدُ الأقوالِ هو أنَّ معناه: ليعلَمَ محمَّدٌ أنَّ الرسُلَ الذين كانوا قبلَه قد أبلَغُوا رِسالاتِ ربِّهم على ما أُنْزِلَ إليهم.
والقولُ الثاني: أنه مُنْصَرِفٌ إلى الْجِنِّ، وقُرِئَ: (ليَعْلَمَ الْجِنُّ أنْ قدْ أَبْلَغَ الرُّسُلُ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ عَلَى مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ).
والقولُ الثالثُ: ليَعلمَ المؤمنونَ.
والقولُ الرابعُ: ليعلَمَ اللهُ، أوْرَدَه الزَّجَّاجُ وغيرُه، فإنْ قالَ قائلٌ، ما معنى قولِه: {لِيَعْلَمَ اللَّهُ}، وهو عالِمٌ بالأشياءِ قَبْلَ كونِها ووُجودِها؟
والجوابُ أَنَّا قد بَيَّنَّا الجوابَ فيما سَبَقَ في مَواضِعَ كثيرةٍ، وقد قيلَ: ليَعْلَمَ اللهُ تعالى أنْ قد أبْلَغَ الرسُلُ رِسالاتِ ربِّهم شَهادةً ووُجوداً، وقد كان يَعلمُ ذلك غَيْباً.
وقولُه: {وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ} أيْ: أَحاطَ عِلْمُه بما عِندَهم.
وقولُه: {وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً} أيْ: وأَحْصَى كلَّ شيءٍ مَعدوداً، ويُقالُ: عَدَّ كلَّ شيءٍ عَدَداً، وهذا على معنى أنه لا يَخْفَى على اللهِ شيءٌ كثيرٌ أو قَليلٌ، جَليلٌ أو دَقيقٌ. واللهُ أَعْلَمُ.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 جمادى الآخرة 1435هـ/10-04-2014م, 12:12 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي تفسير ابن كثير

تفسير ابن كثير

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى آمرًا رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يقول للنّاس: إنّه لا علم له بوقت السّاعة، ولا يدري أقريبٌ وقتها أم بعيدٌ؟ {قل إن أدري أقريبٌ ما توعدون أم يجعل له ربّي أمدًا}؟ أي: مدّةً طويلةً.
وفي هذه الآية الكريمة دليلٌ على أنّ الحديث الّذي يتداوله كثيرٌ من الجهلة من أنّه عليه السّلام، لا يؤلّف تحت الأرض، كذبٌ لا أصل له، ولم نره في شيءٍ من الكتب. وقد كان صلّى اللّه عليه وسلّم يسأل عن وقت السّاعة فلا يجيب عنها، ولمّا تبدّى له جبريل في صورة أعرابيٍّ كان فيما سأله أن قال: يا محمّد، فأخبرني عن السّاعة؟ قال: "ما المسئول عنها بأعلم من السّائل" ولمّا ناداه ذلك الأعرابيّ بصوتٍ جهوريّ فقال: يا محمّد، متى السّاعة؟ قال: "ويحك. إنّها كائنةٌ، فما أعددت لها؟ ". قال: أما إنّي لم أعدّ لها كثير صلاةٍ ولا صيامٍ، ولكنّي أحبّ اللّه ورسوله. قال: "فأنت مع من أحببت". قال أنسٌ: فما فرح المسلمون بشيءٍ فرحهم بهذا الحديث
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا محمّد بن مصفى، حدّثنا محمّد بن حمير حدّثني أبو بكر بن أبي مريم، عن عطاء بن أبي رباحٍ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "يا بني آدم، إن كنتم تعقلون فعدّوا أنفسكم من الموتى، والّذي نفسي بيده، إنّما توعدون لآتٍ"
وقد قال أبو داود في آخر "كتاب الملاحم": حدّثنا موسى بن سهيلٍ، حدّثنا حجّاج بن إبراهيم، حدّثنا ابن وهبٍ، حدّثني معاوية بن صالحٍ، عن عبد الرّحمن بن جبير، عن أبيه، عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لن يعجز اللّه هذه الأمّة من نصف يوم"
انفرد به أبو داود، ثمّ قال أبو داود:
حدّثنا عمرو بن عثمان. حدّثنا أبو المغيرة، حدّثني صفوان، عن شريح بن عبيدٍ، عن سعد بن أبي وقّاصٍ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: "إنّي لأرجو ألّا تعجز أمّتي عند ربّها أن يؤخّرهم نصف يومٍ". قيل لسعدٍ: وكم نصف يومٍ؟ قال: خمسمائة عامٍ. انفرد به أبو داود
وقوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ} هذه كقوله تعالى: {ولا يحيطون بشيءٍ من علمه إلا بما شاء} [البقرة: 255] وهكذا قال هاهنا: إنّه يعلم الغيب والشّهادة، وإنّه لا يطّلع أحدٌ من خلقه على شيءٍ من علمه إلّا ممّا أطلعه تعالى عليه؛ ولهذا قال: {فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ} وهذا يعمّ الرّسول الملكيّ والبشريّ.
ثمّ قال: {فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} أي: يختصّه بمزيد معقّباتٍ من الملائكة يحفظونه من أمر اللّه، ويساوقونه على ما معه من وحي اللّه؛ ولهذا قال: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}
وقد اختلف المفسّرون في الضّمير الّذي في قوله: {ليعلم} إلى من يعود؟ فقيل: إنّه عائدٌ إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا يعقوب القمّيّ عن جعفرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ في قوله: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: أربعة حفظةٍ من الملائكة مع جبريل، {ليعلم} محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم {أن قد أبلغوا رسالات ربّهم وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}
ورواه ابن أبي حاتمٍ من حديث يعقوب القمّيّ به. وهكذا رواه الضّحّاك، والسّدّيّ، ويزيد بن أبي حبيبٍ.
وقال عبد الرّزّاق، عن معمر عن قتادة: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم} قال: ليعلم نبيّ اللّه أنّ الرّسل قد بلّغت عن اللّه، وأنّ الملائكة حفظتها ودفعت عنها. وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. واختاره ابن جريرٍ.
وقيل غير ذلك، كما رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ في قوله: {إلا من ارتضى من رسولٍ فإنّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدًا} قال: هي معقّباتٌ من الملائكة يحفظون النّبيّ من الشّيطان، حتّى يتبيّن الّذي أرسل به إليهم، وذلك حين يقول، ليعلم أهل الشّرك أن قد أبلغوا رسالات ربّهم.
وكذا قال ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربّهم} قال: ليعلم من كذّب الرّسل أن قد أبلغوا رسالات ربّهم. وفي هذا نظرٌ.
وقال البغويّ: قرأ يعقوب: "ليعلم" بالضّمّ، أي: ليعلم النّاس أنّ الرّسل بلّغوا.
ويحتمل أن يكون الضّمير عائدًا إلى اللّه عزّ وجلّ، وهو قولٌ حكاه ابن الجوزيّ في "زاد المسير" ويكون المعنى في ذلك: أنّه يحفظ رسله بملائكته ليتمكّنوا من أداء رسالاته، ويحفظ ما بيّن إليهم من الوحي؛ ليعلم أنّ قد أبلغوا رسالات ربّهم، ويكون ذلك كقوله: {وما جعلنا القبلة الّتي كنت عليها إلا لنعلم من يتّبع الرّسول ممّن ينقلب على عقبيه} [البقرة: 143] وكقوله: {وليعلمنّ اللّه الّذين آمنوا وليعلمنّ المنافقين} [العنكبوت: 11] إلى أمثال ذلك، مع العلم بأنّه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعًا لا محالة؛ ولهذا قال بعد هذا: {وأحاط بما لديهم وأحصى كلّ شيءٍ عددًا}). [تفسير القرآن العظيم: 8/246-248]

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجن, سورة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:50 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir