وَصُغْ مِنَ اثْنَيْنِ فَمَا فَوْقَ إِلَى = عَشَرَةٍ كَفَاعِلٍ مِنْ فَعَلاَ([1])
وَاخْتِمْهُ فِي التأَنْيِثِ بِالتَّا وَمَتَى = ذَكَّرْتَ فَاذْكُرْ فَاعِلاً بِغَيْرِ تَا([2])
يصاغُ مِنَ "اثْنَيْنِ" إلى "عَشَرَةَ" اسمٌ مُوَازِنُ لِفَاعلٍ كما يصاغُ مِنْ "فَعَل" نحو: ضاربٌ مِنْ ضَرَبَ فيقالُ ثَانٍ، وثالثٍ، ورابعٍ إلى عاشِرٍ، بلا تاءٍ في التذكيرِ، وبتاءٍ في التأنيثِ.
وَإِنْ تُرِدْ بَعْضَ الذي منه بُنِي = تُضِفْ إِلَيْهِ مِثْلَ بَعْضٍ بَيِّنِ([3])
وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا = فَوْقُ فَحُكْمَ جَاعِلٍ لَهُ احْكُمَا([4])
لفاعلِ المَصُوغِ مِنِ اسمِ العددِ استعمالانِ:
أحدُهما: أن يُفْرَدَ فيقالُ: ثانٍ، وثانية ٌ، وثالثٌ وثالثةٌ كما سبقَ.
والثاني: أن لا يُفْرَدَ وحينئذٍ إما أَنْ يُسْتَعْمَلَ مع ما اشْتُقَّ منه، وإِمَّا أن يُسْتَعْمَلَ مع ما قبلَ ما اشْتُقَّ منهُ.
ففي الصورةِ الأولى يجِبُ إضافةُ فاعلٍ إلى ما بعدَهُ فتقولُ في التذكِيرِ: "ثاني اثنينِ، وثالثِ ثلاثةٍ، ورابعُ أربعةٍ - إلى عاشرِ عشرةٍ" وتقولُ في التأنيثِ: "ثانيةُ اثنتينِ، وثالثةُ ثلاثٍ، ورابعةُ أربعٍ - إلى عاشرةِ عشرٍ".
والمعنى أحدُ اثنينِ وإحدى اثنتينِ وأحدَ عشرَ وإحدِى عشرةَ.
وهذا هو المرادُ بقولِه: (وإِنْ تُرِدْ بَعْضَ الذي - البيتَ) أي: وإنْ تُرِدْ بفاعلِ المصوغِ مِنَ اثنينِ فما فوقه إلى عشرةٍ بعضَ الذي بُنِيَ فاعلٌ منه أي: واحدًا مما اشْتُقَّ منه فأَضِفْ إليه مثلَ بعضٍ، والذي يضافُ إليه هو الذي اشْتُقَّ منه.
وفي الصورةِ الثانيةِ يجُوزُ وجهانِ؛ أحدُهما: إضافةُ فاعلٍ إلى ما يلِيه، والثاني: تنوينُه ونصبُ ما يلِيه به، كما يُفْعَلُ باسمِ الفاعلِ نحو: "ضاربُ زيدٍ، وضاربٌ زيدًا".
فتقولُ في التذكيرِ: "ثالثُ اثنينِ، وثالثٌ اثنينِ ورابعُ ثلاثةٍ، ورابعٌ ثلاثةً" وهكذا إلى "عاشرِ تسعةٍ، وعاشرٍ تسعةً".
وتقولُ في التأنيثِ: "ثالثةُ اثنتينِ، وثالثةٌ اثنتينِ، ورابعةُ ثلاثٍ، ورابعةٌ ثلاثاً" وهكذا إلى "عاشرِةِ تسعٍ، وعاشرةٍ تسعًا"، والمعنى جاعلُ الاثنينِ ثلاثةً، والثلاثةَ أربعةً، وهذا هو المرادُ بقولِهِ: (وَإِنْ تُرِدْ جَعْلَ الأَقَلِّ مِثْلَ مَا فَوْقُ) أي: وإن تُرِدْ بفاعلِ المصوغِ مِنَ اثنينِ فما فوقَه جَعْلَ ما هو أقلُّ عددًا مثلَ ما فوقَه، فاحكمْ له بحكمِ جاعلٍ، مِنْ جوازِ الإضافةِ إلى مفعولِه وتنوينِه ونصبِه.
وَإِنْ أَرَدْتَ مِثْلَ ثَانِي اثْنَيْنِ = مُرَكَّبًا فَجِئْ بِتَرْكِيبَيْنِ([5])
أَوْ فَاعِلاً بِحَالَتَيْهِ أَضِفْ = إِلَى مُرَكَّبٍ بِمَا تَنْوِي يَفِي([6])
وَشَاعَ الِاسْتِغْنَا بِحَادِي عَشَرَا = وَنَحْوِهِ، وَقَبْلَ عِشْرِينَ اذْكُرَا([7])
وَبَابُهُ الفَاعِلُ مِنْ لَفْظِ العَدَدْ = بِحَالَتَيْهِ قَبْلَ وَاوٍ يُعْتَمَدْ([8])
قد سبقَ أنه يُبْنَى فَاعِلٌ مِنَ اسمِ العددِ على وجهينِ أحدُهما: أنْ يكُونَ مرادًا بهِ بعضَ ما اشْتَقَّ منه كثانِي اثنينِ، والثاني: أَنْ يُرَادَ به جَعْلُ الأقلِّ مساويًا لما فوقه كثالثِ اثنينِ.
وذكَرَ هنا أنَّه إذا أُرِيدَ بناءُ فاعلٍ مِنَ العددِ المركبِ للدَّلاَلَةِ على المعنى الأَوَّلِ، وهو أنه بعضُ ما اشْتُقَّ منه يجُوزُ فيه ثلاثةُ أوجهٍ:
أحدُها: أنْ تجيءَ بتركيبينِ، صدرُ أولُهما "فاعلٌ" في التذكيرِ و"فاعلةٌ" في التأنيثِ وعَجُزُهُمَا "عشرٌ" في التذكيرِ و"عشرةٌ" في التأنيثِ، وصدرُ الثاني منهما في التذكيرِ: "أحدٌ واثنانِ، وثلاثةٌ بالتاء - إلى تسعةٍ" وفي التأنيثِ: "إحدى واثنتانِ وثلاثٌ - بلا تاءٍ - إلى تسعٍ" نحو: "ثالثَ عَشَرٍ, ثلاثةَ عَشَرَ" وهكذا إلى "تاسعَ عَشَرَ, تسعةَ عَشَرَ" و"ثالثةَ عَشَرَةَ، ثلاثَ عَشَرَةَ - إلى تاسعةَ عَشَرَةَ، تسعَ عَشَرَةَ" وتكونُ الكلماتُ الأربعُ مبنيَّةً على الفتحِ.
الثاني: أنْ يقتصِرَ على صدرِ المركَّبِ الأوَّلِ فيُعربُ ويُضافُ إلى المركَّبِ الثاني باقيًا الثاني على بناءِ جُزْأَيْهِ نحو: "هذا ثالثُ ثلاثةَ عشرَ، وهذه ثالثةُ ثلاثَ عَشَرَةَ".
الثالثُ: أنْ يقتصِرَ على المركَّبِ الأوَّلِ باقيًا على بناءِ صدرِهِ وعَجُزِهِ نحو: "هذا ثالثَ عَشَرَ وثالثةَ عَشَرَةَ" وإليه أشارَ بقوله: (وشاعَ الِاسْتِغْنَا بِحَادِي عَشَرَا ونحوِهِ) ولا يُستعملُ فاعلٌ مِنَ العددِ المركَّبِ للدَّلالَةِ على المعنى الثاني: وهو أنْ يرادَ به جَعْلَ الأقلِّ مساويًا لما فوقه فلا يقالُ: "رابعَ عَشَرَ، ثلاثةَ عَشَرَ" وكذلك الجميعُ؛ ولهذا لم يذكُرْه المصنِّفُ، واقتصرَ على ذِكْرِ الأوَّلِ([9]).
وحادي مقلوبُ واحدٍ، وحاديةُ مقلوبُ واحدةٌ ،جعلُوا فاءَهما بعدَ لامِهِما ولا يُستعملُ "حادي" إلا مع "عشر" ولا تُستعملُ "حادية" إلا مع "عشرة" ويُستعملانِ أيضًا مع "عشرين" وأخواتِها نحو: "حادي وتسعون، وحاديةٌ وتسعون"، وأشارَ بقوله: (وَقَبْل َعشرينَ - البيتَ) إلى أنَّ فاعلاً المصوغِ مِنَ اسمِ العددِ يُستعملُ قبلَ العقودِ ،ويُعطفُ عليه العقودُ نحو: "حادي وعشرونَ، وتاسعٌ وعشرونَ - إلى التسعينِ" و قولُهُ: (بِحَالَتَيْهِ) معناه أنه يُستعملُ قبلَ العقودِ بالحالتينِ اللتين سبقتا وهو أنه يقالُ: فاعلٌ في التذكيرِ وفاعلةٌ في التأنيثِ.
([1])(وصغ) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (من اثنين) جار ومجرور متعلق بصغ (فما) الفاء عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على اثنين (فوق) ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول (إلى عشرة) جار ومجرور متعلق بصغ (كفاعل) جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لموصوف محذوف يقع مفعولا به لصغ، أي: صغ وزنا مماثلا لفاعل (من فعلا) جار ومجرور متعلق بفاعل.
([2])(واختمه) اختم: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والهاء مفعول به (في التأنيث) جار ومجرو متعلق بمحذوف حال من الهاء في قوله (اختمه) السابق (بالتا) قصر للضرورة: جار ومجرور متعلق بقوله: اختمه (ومتى) اسم شرط جازم يجزم فعلين، وهو ظرف زمان مبني على السكون في محل نصب باذكر الآتي (ذكرت) ذكر: فعل ماض مبني على الفتح المقدر في محل جزم، فعل الشرط وتاء المخاطب فاعله (فاذكر) الفاء واقعة في جواب الشرط اذكر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والجملة في محل جزم جواب الشرط (فاعلا) مفعول به لاذكر (بغير) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله (فاعلا) السابق، وغير مضاف و(تا) قصر للضرورة: مضاف إليه.
([3])(وإن) شرطية (ترد) فعل مضارع فعل الشرط، مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (بعض) مفعول به لترد، وبعض مضاف و(الذي) اسم موصول: مضاف إليه (منه) جار ومجرور متعلق بقوله (بني) الآتي (بني) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الذي، والجملة من بني ونائب فاعله المستتر فيه لا محل لها من الإعراب صلة (تضف) فعل مضارع جواب الشرط وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ومفعوله محذوف (إليه) جار ومجرور متعلق بتضف (مثل) حال من مفعول تضف المحذوف، ومثل مضاف و(بعض) مضاف إليه (بين) نعت لبعض، والتقدير: وإن ترد بعض الشيء الذي بني اسم الفاعل منه تضف إليه الفاعل حال كونه مماثلا لبعض: أي في معناه.
([4])(وإن) شرطية (ترد) فعل مضارع، فعل الشرط، مجزوم بالسكون، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (جعل) مفعول به لترد وجعل مضاف و(الأقل) مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله الأول (مثل) مفعول ثان لجعل منصوب بالفتحة الظاهرة، ومثل مضاف و(ما) اسم موصول: مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر (فوق) ظرف متعلق بمحذوف صلة الموصول (فحكم) الفاء واقعة في جواب الشرط حكم: مفعول به مقدم على عامله وهو قوله (احكما) الآتي وحكم مضاف و(جاعل) مضاف إليه (له) جار ومجرور متعلق باحكم الآتي (احكما) احكم: فعل أمر، مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الخفيفة المنقلبة ألفا للوقف، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت ونون التوكيد المنقلبة ألفا حرف لا محل له من الإعراب.
([5])(وإن) شرطية (أردت) أراد: فعل ماض مبني على فتح مقدر في محل جزم، فعل الشرط، وتاء المخاطب فاعله (مثل) مفعول به لأردت، ومثل مضاف و(ثاني اثنين) مضاف إليه (مركبا) حال من مثل (فجئ) الفاء واقعة في جواب الشرط جئ: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (بتركيبين) جار ومجرور متعلق بقوله (جئ).
([6])(أو) حرف عطف (فاعلا) مفعول تقدم على عامله وهو قوله (أضف) الآتي (بحالتيه) الجار والمجرور متعلق بمحذوف نعت لقوله (فاعلا) وحالتي المجرور بالباء لأنه مثنى مضاف، وضمير الغائب العائد إلى فاعل مضاف إليه (أضف) فعل أمر معطوف بأو على (جئ) في البيت السابق، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت (إلى مركب) جار ومجرور متعلق بقوله (أضف) السابق (بما) جار ومجرور متعلق بقوله (يفي) الآتي (تنوي) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والجملة لا محل لها من الإعراب صلة (ما) المجرورة محلا بالباء والعائد ضمير محذوف يقع مفعولا به لتنوي، وتقدير الكلام: بالذي تنويه (يفي) فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى مركب، والجملة من يفي وفاعله في محل جر صفة لمركب.
([7])(وشاع) فعل ماض (الاستغنا) قصر للضرورة: فاعل شاع (بحادي عشرا) جار ومجرور متعلق بالاستغنا (ونحوه) الواو عاطفة، نحو: معطوف على حادي عشرا، ونحو مضاف والضمير مضاف إليه (وقبل) ظرف متعلق بقوله (اذكرا) الآتي، وقبل مضاف و(عشرين) مضاف إليه (اذكرا) فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت والألف منقبلة عن نون التوكيد الخفيفة.
([8])(وبابه) معطوف على قوله (عشرين) في البيت السابق (الفاعل) مفعول به لاذكر في البيت السابق (من لفظ) جار ومجرور متعلق باذكر، أو بنعت لقوله الفاعل محذوف تقديره: الفاعل المصوغ من لفظ، ولفظ مضاف و(العدد) مضاف إليه (بحالتيه) الجار والمجرور متعلق باذكر، وحالتي مضاف والضمير مضاف إليه (قبل) ظرف متعلق بمحذوف حال من (الفاعل) وقبل مضاف و(واو) مضاف إليه (يعتمد) فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى واو والجملة من (يعتمد) ونائب فاعله في محل جر صفة لواو.
([9])هذا الذي ذكره الشارح – من أنه لا يستعمل فاعل من المركب للدلالة على جعل الأقل مساويا للأكثر – هو الذي ذهب إليه الكوفيون وأكثر البصريين.
ومذهب سيبويه رحمه الله أنه يجوز ذلك ومستنده في ذلك القياس.
ولك حينئذ في ذلك وجهان:
أولهما: أن تأتي بمركبين صدر أولهما أكبر من صدر ثانيهما بواحد فتقول: "رابع عشر ثلاثة عشر" ويجب في هذا الوجه إضافة المركب الأول إلى المركب الثاني لأن تنوين الأول ونصب الثاني غير ممكن.
والوجه الثاني: أن تحذف عجز المركب الأول، فتقول: "رابع ثلاثة عشر" ويجوز لك في هذا الوجه إضافة الأول إلى الثاني، وتنوين الأول ونصب الثاني محلا به.