قال أبو عبد الله عبيد الله بن محمد بن بطة العكبري الحنبلي (ت: 387هـ): (باب ما روي في جهمٍ وشيعته الضّلّال، وما كانوا عليه من قبيح المقال[الإبانة الكبرى: 6/86]
317 - حدّثنا أبو عمرٍو عثمان بن أحمد بن عبد اللّه الدّقّاق، قال: نا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن ثابت بن يعقوب التّوزيّ المقريّ، أخبرني أبي، عن الهذيل بن حبيبٍ، عن مقاتل بن سليمان، قال: وكان ممّا علمنا من أمر عدوّ اللّه جهمٍ أنّه كان من أهل خراسان من أهل التّرمذ، وكان صاحب خصوماتٍ وكلامٍ، وكان أكثر كلامه في اللّه، وقد جاء عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: «تفكّروا في خلق اللّه ولا تفكّروا في اللّه عزّ وجلّ» فلقي جهمٌ ناسًا يقال لهم:
[الإبانة الكبرى: 6/86]
السّمنيّة فعرفوا جهمًا، فقالوا له: نكلّمك فإن ظهرت حجّتنا عليك دخلت في ديننا، وإن ظهرت حجّتك علينا دخلنا في دينك، فكان ممّا كلّموا به جهمًا أن قالوا له: ألست تزعم أنّ لك إلهًا؟ . قال جهمٌ: نعم. فقالوا: هل رأيت إلهك؟ قال: لا.
[الإبانة الكبرى: 6/87]
قالوا: أسمعت كلامه؟ قال: لا. قالوا: فسمعت له حسًّا؟ قال: لا. قالوا: فما يدريك أنّه إلهٌ؟ . قال: فتحيّر جهمٌ، فلم يصلّ أربعين يومًا، ثمّ استدرك حجّته مثل حجّة زنادقة النّصارى، وذلك أنّ زنادقة النّصارى تزعم أنّ الرّوح الّتي في عيسى عليه السّلام هي روح اللّه من ذاته كما يقال: إنّ هذه الخرقة من هذا الثّوب فدخل في جسد عيسى فتكلّم على لسان عيسى، وهو روحٌ غائبٌ عن الأبصار، فاستدرك جهمٌ من هذه الحجّة، فقال للسّمنيّة: ألستم تزعمون أنّ في أجسادكم أرواحًا؟ . قالوا: نعم. قال: هل رأيتم أرواحكم؟ قالوا: لا. قال: أفسمعتم كلامها؟ قالوا: لا. قال: أفشممتم لها رائحةً؟ قالوا: لا. قال جهمٌ: فكذلك اللّه عزّ وجلّ لا يرى في الدّنيا ولا في الآخرة، وهو في كلّ مكانٍ، لا يكون في مكانٍ دون مكانٍ، ووجدنا ثلاث آياتٍ في كتاب اللّه
[الإبانة الكبرى: 6/88]
عزّ وجلّ، قوله: {ليس كمثله شيءٌ} [الشورى: 11]، وقوله {وهو اللّه في السّموات وفي الأرض}، وقوله {لا تدركه الأبصار} [الأنعام: 103] فبنى أصل كلامه على هذه الثّلاث الآيات، ووضع دين الجهميّة، وكذّب بأحاديث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وتأوّل كتاب اللّه على تأويله، فاتّبعه من أهل البصرة من أصحاب عمرو بن عبيدٍ، وأناسٌ من أصحاب أبي حنيفة فأضلّ بكلامه خلقًا كثيرًا
[الإبانة الكبرى: 6/89]
318 - حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ، قال: نا أبو داود السّجستانيّ، قال: نا أحمد بن هاشمٍ الرّمليّ، قال ضمرة: عن ابن شوذبٍ، قال: «ترك
[الإبانة الكبرى: 6/89]
جهمٌ الصّلاة أربعين يومًا، وكان فيمن خرج مع الحارث بن سريجٍ»
[الإبانة الكبرى: 6/90]
319 - حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ، قال: نا أبو داود، قال: نا عبد اللّه بن مخلدٍ، قال: نا مكّيّ بن إبراهيم، قال: نا يحيى بن شبلٍ، قال: كنت جالسًا مع مقاتل بن سليمان، وعبّاد بن كثيرٍ إذ جاء شابٌّ فقال: ما تقول في قوله عزّ وجلّ: {كلّ شيءٍ هالكٌ إلّا وجهه} [القصص: 88]، فقال مقاتلٌ: «هذا جهميٌّ من قال، ويحك، إنّ جهمًا واللّه ما حجّ البّيت، ولا جالس العلماء، وإنّما
[الإبانة الكبرى: 6/90]
كان رجلًا أعطي لسانًا»
[الإبانة الكبرى: 6/91]
320 - حدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: نا أبو داود، قال: نا أحمد بن حفص بن عبد اللّه، قال: حدّثني أبي، قال إبراهيم بن طهمان: حدّثنا من لا يتّهم غير واحدٍ أنّ جهمًا رجع عن قوله ونزع عنه وتاب إلى اللّه منه، فما ذكرته ولا ذكر عندي إلّا دعوت اللّه عليه، ما أعظم ما أورث أهل القبلة من منطقه هذا العظيم "
[الإبانة الكبرى: 6/91]
321 - حدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: نا أبو داود، قال: نا إبراهيم بن الحارث الأنصاريّ، قال: نا أحمد بن عمر الكوفيّ، قال: سمعت عبد
[الإبانة الكبرى: 6/91]
الحميد الحمّانيّ، يقول: «جهمٌ كافرٌ باللّه»
[الإبانة الكبرى: 6/92]
322 - حدّثنا جعفرٌ القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق الصّاغانيّ، قال: أنا يحيى بن أيّوب، قال: سمعت أبا نعيمٍ البلخيّ، قال: سمعت رجلًا من أصحاب جهمٍ كان يقول بقوله، وكان خاصًّا به ثمّ تركه وجعل يهتف بكفره، قال: " رأيت جهمًا يومًا افتتح سورة طه، فلمّا أتى على هذه الآية {الرّحمن على العرش استوى} [طه: 5] قال: لو وجدت السّبيل إلى حكّها لحككتها. ثمّ قرأ حتّى أتى على آيةٍ أخرى، فقال: ما كان أظرف محمّدًا حين قالها، ثمّ افتتح سورة القصص، فلمّا أتى على ذكر موسى جمع يديه ورجليه، ثمّ دفع المصحف، ثمّ قال: أيّ شيءٍ هذا، ذكره هاهنا فلم يتمّ ذكره، وذكره ثمّ فلم يتمّ ذكره "
[الإبانة الكبرى: 6/92]
323 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو جعفرٍ، قال: نا المرّوذيّ، قال: حدّثني يحيى بن أيّوب، قال: سمعت أبا نعيمٍ، يقول: كان رجلٌ من أصحاب
[الإبانة الكبرى: 6/92]
جهمٍ من أكرم أصحابه عليه، فوثب عليه ذلك الرّجل، فندّد به وصيّح به. قال أبو نعيمٍ: قلت: كيف تصنع به مثل هذا وقد كان بينكما ما كان؟ فقال: يا أبا نعيمٍ " جاء منه ما لا يحتمل. قلت: ما هو؟ قال: كان المصحف يومًا في حجره وهو يقرأ طه، فلمّا بلغ إلى قوله {الرّحمن على العرش استوى} [طه: 5] قال: لو وجدت السّبيل أن أحكّها من المصاحف فعلت، قال: فقلت في نفسي: هذه فاحتملتها، ثمّ ذكر يومًا آيةً، فقال: ما كان أظرف محمّدًا حين قالها. قال: فقلت: هذه أيضًا. قال: فلمّا كان بعد بينما هو يقرأ طسم القصص والمصحف في حجره، فلمّا أتى على ذكر موسى دفع المصحف بيديه جميعًا من حجره، فرمى به أبعد ما يقدر عليه، ودفعه برجله وقال: أيّ شيءٍ هذا ذكره هاهنا فلم يتمّ ذكره، وذكره هاهنا فلم يتمّ ذكره، أيّ شيءٍ هذا حالٌّ؟ فجاء ما لا يحتمل " قال: فذاك الّذي حملني أن صنعت ما صنعت
[الإبانة الكبرى: 6/93]
324 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو جعفرٍ، نا أبو بكرٍ، قال: حدّثني يحيى بن أيّوب، قال: سمعت مروان الفزاريّ، وذكر جهمًا، فقال: «قبّح اللّه جهمًا، حدّثني ابن عمٍّ لي أنّه شكّ في اللّه أربعين صباحًا»
[الإبانة الكبرى: 6/93]
325 - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد، قال: نا أبو الأحوص، قال: حدّثني إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحرّانيّ، قال: سمعت يزيد بن هارون، يقول: «القرآن كلام اللّه، لعن اللّه جهمًا، ومن يقول بقوله، كان كافرًا جاحدًا، ترك الصّلاة أربعين يومًا، يريد بزعمه يرتاد دينًا، وذلك أنّه شكّ في الإسلام» قال يزيد: فقتله سلم بن أحوز بأصبهان على هذا القول
[الإبانة الكبرى: 6/94]
326 - وحدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو جعفرٍ، قال: نا أبو بكرٍ، قال: نا إسماعيل بن أبي كريمة، قال: سمعت يزيد بن هارون، يقول: «القرآن كلام اللّه، لعن اللّه الجهم ومن يقول بقوله، كان كافرًا جاحدًا، ترك الصّلاة أربعين يومًا، يريد زعم يرتاد دينًا، وذلك أنّه شكّ في الإسلام»
[الإبانة الكبرى: 6/94]
327 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو جعفرٍ، قال: نا أبو بكرٍ، قال: نا أبو بكر بن خلّادٍ، قال: سمعت عبد الرّحمن بن مهديٍّ، إذا ذكر عنده أمر
[الإبانة الكبرى: 6/94]
جهمٍ وأمر بشرٍ يعني المرّيسّي قال: " تدري إلى أيّ شيءٍ يذهبون؟ إلى أنّه ليس - ويشير بيده إلى السّماء - أي: ليس إلهٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/95]
328 - حدّثنا جعفرٌ القافلائي، قال: نا الصّاغانيّ، قال: أخبرنا أحمد بن نصر بن مالكٍ، أخبرني رجلٌ، عن ابن المبارك، قال: قال له رجلٌ: يا أبا عبد الرّحمن قد خفت اللّه من كثرة ما أدعو على الجهميّة. قال: فقال: لا تخف «فإنّهم يزعمون أنّ إلهك الّذي في السّماء ليس بشيءٍ»
[الإبانة الكبرى: 6/95]
329 - حدّثنا القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق الصّاغانيّ، أنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثني سليمان بن حربٍ، قال: سمعت حمّاد بن زيدٍ، يقول: " إنّ هؤلاء الجهميّة إنّما يحاولون يقولون: ليس في السّماء شيءٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/95]
330 - حدّثنا القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق، وحدّثنا ابن مخلدٍ، قال: نا يحيى بن أبي طالبٍ، ومحمّد بن إسحاق، قالا: نا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، قال: سمعت خارجة، يقول: " كفرت الجهميّة في غير موضعٍ من كتاب اللّه، قولهم أنّ الجنّة تفنى. وقال اللّه عزّ وجلّ: {إنّ هذا لرزقنا ما له من نفادٍ} [ص: 54]، فمن قال: إنّها تنفد فقد كفر، وقال {أكلها دائمٌ وظلّها} [الرعد: 35]، فمن قال: لا يدوم، فقد كفر. وقال: {لا مقطوعةٍ ولا ممنوعةٍ} [الواقعة: 33]، ومن قال: إنّها تنقطع فقد كفر.
[الإبانة الكبرى: 6/96]
وقال {عطاءً غير مجذوذٍ} [هود: 108]، فمن قال إنّها تنقطع فقد كفر "
[الإبانة الكبرى: 6/97]
331 - أخبرني أبو القاسم عمر بن أحمد بن أحمد بن محمّد بن هارون قال: حدّثني حرب بن إسماعيل، قال: نا محمّد بن المصفّى، قال: نا بقيّة بن الوليد، عن عبد العزيز الماجشون، قال: «جهمٌ وشيعته الجاحدون»
[الإبانة الكبرى: 6/97]
332 - حدّثنا جعفرٌ القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق الصّاغانيّ أنا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ
333 - وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ، قال: أنا أبو داود، قال: نا الحسن بن الصّبّاح، قال: نا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ
334 - وحدّثني أبو عيسى الفسطاطيّ، قال: نا يحيى بن جعفرٍ، قال: نا عليّ بن الحسن بن شقيقٍ، قال: سمعت ابن المبارك، يقول: «إنّا لنحكي كلام اليهود والنّصارى وما نستطيع أن نحكي كلام الجهميّة»
[الإبانة الكبرى: 6/97]
335 - حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان، قال: نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني أحمد بن سعيدٍ الدّارميّ، قال: سمعت أبي يقول: سمعت خارجة، يقول: " الجهميّة كفّارٌ، بلّغوا نساءهم أنّهنّ طوالق وأنّهنّ لا يحللن لأزواجهنّ، ولا تعودوا مرضاهم، ولا تشهدوا جنائزهم، ثمّ تلا {طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى} [طه: 2] إلى قوله {الرّحمن على العرش استوى} [طه: 5]، هل يكون الاستواء إلّا الجلوس؟ "
[الإبانة الكبرى: 6/98]
336 - حدّثنا القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق، أنا أحمد بن إبراهيم، حدّثني زهيرٌ السّجستانيّ، قال: سمعت سلّام بن أبي مطيعٍ، يقول: «هؤلاء الجهميّة كفّارٌ ولا يصلّى خلفهم»، قال زهيرٌ: وأمّا أنا يا ابن أخي فإذا تيقّنت أنّه جهميٌّ أعدت الصّلاة خلفه يوم الجمعة وغيرها
[الإبانة الكبرى: 6/99]
337 - حدّثنا القافلائي، قال: نا محمّد بن إسحاق، قال: نا أحمد بن إبراهيم، قال: سمعت يزيد بن هارون، وذكر الجهميّة، فقال: «هم واللّه زنادقةٌ، عليهم لعنة اللّه»
[الإبانة الكبرى: 6/100]
338 - قال: وسمعت يزيد بن هارون، يقول: " وقد ذكر الجهميّة، فقال: هم كفّارٌ لا يعبدون شيئًا "
[الإبانة الكبرى: 6/100]
339 - حدّثنا أحمد بن سلمان، قال: نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: حدّثني الحسن بن عيسى، مولى ابن المبارك قال: حدّثني حمّاد بن قيراطٍ، قال: سمعت إبراهيم بن طهمان، يقول: «الجهميّة كفّارٌ»
[الإبانة الكبرى: 6/100]
340 - حدّثنا أحمد بن سلمان، قال: نا عبد اللّه بن أحمد، قال: حدّثني محمّد بن صالحٍ، مولى ابن هاشمٍ قال: نا عبد الملك بن قريبٍ
[الإبانة الكبرى: 6/100]
الأصمعيّ، قال: نا المعتمر بن سليمان التّيميّ، عن أبيه، أنّه قال: «ليس قومٌ أشدّ نقضًا للإسلام من الجهميّة»
[الإبانة الكبرى: 6/101]
341 - وأخبرني أبو القاسم عمر بن أحمد، عن أحمد بن محمّد بن هارون، قال: نا يزيد بن جمهورٍ، قال: سمعت مصعب بن سعيدٍ، قال: سمعت ابن المبارك، يقول: «الجهميّة كفّارٌ زنادقةٌ» قال أبو خيثمة: «الجهميّ يفرّق بينه وبين امرأته ولا أورّثه»
[الإبانة الكبرى: 6/101]
342 - حدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن بكرٍ، قال: نا أبو داود، قال: نا أحمد بن إبراهيم، قال: حدّثني الثّقة، قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: بشرٌ المرّيسيّ، وأبو بكرٍ الأصمّ كافران حلالا الدّم "
[الإبانة الكبرى: 6/101]
343 - قال أبو داود: وسمعت قتيبة بن سعيدٍ، يقول: «بشرٌ المرّيسيّ كافرٌ»
[الإبانة الكبرى: 6/102]
344 - حدّثنا ابن مخلدٍ، قال: نا المرّوذيّ، قال: أخبرني يعقوب ابن أخي معروفٍ الكرخيّ قال: سمعت عمّي، يقول: " رأيت رجلًا في النّوم فذكرت له بشرًا المرّيسيّ، فقال: لا تذكر ذاك اليهوديّ "
[الإبانة الكبرى: 6/102]
345 - وحدّثنا أبو عليٍّ محمّد بن أحمد بن إسحاق الصّوّاف، قال: وجدت في كتابنا، نا محمّد بن سليمان البغداديّ، قال: نا الرّبيع بن سليمان، قال: سمعت الشّافعيّ، يقول: " دخلت بغداد فنزلت على بشرٍ المرّيسيّ، فأنزلني في غرفةٍ له، فقالت أمّه: لم جئت إلى هذا؟ قلت: لأسمع العلم. فقالت لي: هذا زنديقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/102]
346 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ الرّازيّ، قال: وفيما كتب به إليّ أبو محمّدٍ عبد الرّحمن بن أبي حاتمٍ على سبيل الإجازة، عن أبيه، قال: أخبرني يونس بن عبد الأعلى، قال: سمعت الشّافعيّ، يقول: " قالت لي أمّ بشرٍ المرّيسيّ: كلّم المرّيسيّ أن يكفّ عن الكلام والخوض فيه، فكلّمته، فدعاني إلى الكلام "
[الإبانة الكبرى: 6/103]
347 - حدّثنا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن سليمان الفاميّ، قال: نا محمّد بن عبد الملك الدّقيقيّ
348 - وحدّثنا أبو حفص بن رجاءٍ، قال: نا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: نا محمّد بن عبد الملك
349 - وحدّثنا ابن مخلدٍ، قال: نا الدّقيقيّ، قال: نا حامد بن يحيى البلخيّ، قال: سمعت يزيد بن هارون، يقول: «المرّيسيّ حلال الدّم، يقتل فإن حيّ قتل، فإن حيّ قتل، فإن حيّ قتل، أخبر يا حامد أهل خراسان عنّي
[الإبانة الكبرى: 6/103]
بهذا الكلام»
[الإبانة الكبرى: 6/104]
350 - وحدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا محمّد بن داود، قال: نا أبو بكرٍ المرّوذيّ، قال: حدّثني أبو محمّدٍ عوّامٌ قال: " أنا كنت صاحب بشرٍ المرّيسيّ عند ابن عيينة. قال: وجئنا لنقتله فهرب "
[الإبانة الكبرى: 6/104]
351 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا الحسن بن الصّبّاح، قال: نا محمّد بن أبي كبشة، قال: " كنّا في البحر في مركبٍ ليلًا، فإذا بهاتفٍ يهتف: لا إله إلّا اللّه، كذب المرّيسيّ على اللّه، ثمّ هتف ثانيةً، فقال: لا إله إلّا اللّه على بشرٍ المرّيسيّ، وثمامة، لعنه اللّه "
[الإبانة الكبرى: 6/104]
352 - حدّثنا إسماعيل الخطبيّ، قال: نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ،
[الإبانة الكبرى: 6/104]
قال: قال عبد الوهّاب: ذكر لي " أنّ إبراهيم بن أبي نعيمٍ، قال لمّا مات بشرٌ المرّيسيّ: الحمد للّه الّذي عجّله إلى النّار "
[الإبانة الكبرى: 6/105]
353 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا محمّد بن المثنّى، صاحب بشر بن الحارث، قال: نا عبد اللّه بن محمّدٍ البزّاز، قال: حدّثني يحيى يعني ابن أبي كريمة، قال محمّد بن المثنّى: وأراني قد سمعته من يحيى قال: " بينما أنا جاءٍ من خراسان أريد بغداد أدركني اللّيل، فبتّ في بعض الخانات، وإذ تمثّل لي شيءٌ عظيمٌ له عينان في صدره، فهالني أمره، قلت: لا إله إلّا اللّه، فقال: لا إله إلّا اللّه، فنعم ما قلت، فقلت له: من أنت؟ فقال: أنا إبليس، قلت: لا حييت، من أين أقبلت؟ قال: من العراق، قلت: من أيّ العراق؟ قال: من بغداد. قلت: وما كنت تصنع ببغداد؟ قال: استخلفت بها خليفةً. قلت: ومن استخلفت بها؟ قال: بشرٌ المرّيسيّ. قلت: ما أصبت بها أحدًا أوثق منه تستخلفه؟ قال: إنّه دعا النّاس إلى شيءٍ لو دعوتهم أنا إليه ما أجابوني. قلت: وإلى ما دعاهم؟ قال: إلى خلق القرآن " قال الشّيخ: وزادنا آخرون ممّن سمعت هذه الحكاية منهم قال: فقلت: فأسألك باللّه يا إبليس، ما تقول أنت في القرآن؟ فقال: أنا وإن عصيت اللّه، فالقرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ
[الإبانة الكبرى: 6/105]
354 - حدّثنا حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ، قال: وأخبرني بعض أصحابنا أنّ رجلًا ببغداد يقال له: أبو حاتمٍ الهرويّ المفلوج، وكان يحسن الثّناء عليه قال: " رأيت في المنام جنازةً ومعها النّصارى يقسقسون، فقلت: من هذا؟ فقالوا: جنازة بشرٍ المرّيسيّ، فقلت: مسلمٌ معه نصارى؟ فقال لي رجلٌ: وهو عندك مسلمٌ؟ "
[الإبانة الكبرى: 6/106]
355 - وحدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد بن ثابتٍ، قال: نا إسحاق بن إبراهيم بن سنين، قال: نا محمّد بن أحمد أبو الفضل الذّرّاع، قال: حدّثني محمّد بن الحسين الطّرسوسيّ الزّاهد، قال: قال لي عليّ بن
[الإبانة الكبرى: 6/106]
عاصمٍ: يا بنيّ «احذر بشرًا المرّيسيّ، فإنّ كلامه أبو جادّ الزّنادقة، وأنا لقيت أستاذهم جهمًا، فلم يكن يثبت أنّ في السّماء إلهًا»
[الإبانة الكبرى: 6/107]
356 - وروى الميمونيّ، قال: ذاكرت أبا عبد اللّه أمر الجهميّة وما يتكلّمون، فقال: «في كلامهم كلام الزّنادقة، يدورون على التّعطيل ليس يثبتون شيئًا، وهكذا الزّنادقة»
[الإبانة الكبرى: 6/107]
357 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ،
358 - وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن صالحٍ الأزديّ، قالا: نا أحمد بن سنانٍ الواسطيّ، قال أبو حاتمٍ في حديثه، وكان ثقةً، قال: حدّثني حسين بن عليّ بن بحرٍ القطّان، قال: قال أبي عليّ بن بحرٍ: " يا بنيّ رأيت كأنّي بين القبور أريد
[الإبانة الكبرى: 6/107]
قبر بشرٍ المرّيسيّ، فقال قائلٌ: يا هذا أتريد قبر المرّيسيّ؟ قلت: نعم. قال: ذاك بشرٌ، فالتفتّ، فإذا سنّورٌ ميّتٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/108]
359 - حدّثنا حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا محمّد بن عبد اللّه بن إسماعيل، قال: قال لي ابن بسّامٍ وكان له فضلٌ وعبادةٌ، فقال: " ما رأيت المرّيسيّ في نومٍ ولا يقظةٍ إلّا مرّةً واحدة، رأيته قد جيء به من ناحية الزّندورد، وهو على حمارٍ ووجهه إلى مؤخّر الحمار، وقد اسودّ وجهه ووجوه قومٍ معه، وأبو مسلمٍ المستمليّ يقرأ عليهم {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودّةٌ أليس في جهنّم مثوًى للمتكبّرين} [الزمر: 60] "
[الإبانة الكبرى: 6/108]
360 - قال أبو حاتمٍ: وحدّثني بعض أصحابنا قال: " رأى يحيى بن أبي
[الإبانة الكبرى: 6/108]
موسى أبو زكريّا في النّوم ليلة مات بشرٌ المرّيسيّ أو بعدها بليلةٍ، كأنّي جاءٍ من البستان، فإذا جنازةٌ معها قدر عشرين نفسًا سود الوجوه، عليهم ثيابٌ سودٌ ورأس الجنازة موضع رجل السّرير، ورجلها موضع الرّأس وهم يشمعلون حولها، كلّما أرادوا أن يصعدوا بها يرجعون إلى خلفهم، فقلت لبعضهم: جنازة من هذا؟ قال: جنازة بشرٍ المرّيسيّ "
[الإبانة الكبرى: 6/109]
361 - قال أبو حاتمٍ: وقال لي مقاتل بن سليمان الرّازيّ النّاقد: حدّثني أبو جعفرٍ الورّاق، قال: رأيت أمّ جعفرٍ زبيدة في المنام فقلت لها: ما فعل بك ربّك؟ فقالت: غفر لي باصطناعي المعروف، ورأيت في وجهها شيئًا، فقلت: ما هذا؟ قالت: قدم بشرٌ المرّيسيّ فزفرت جهنّم زفرةً، فلم يبق منّا أحدٌ إلّا أصابه هذا "
[الإبانة الكبرى: 6/109]
362 - حدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن سلمٍ قال: نا عمرو بن الحكم النّسائيّ، قال: نا محمّد بن الحسين، قال: قالت أمّ ابن بريهة
[الإبانة الكبرى: 6/109]
الهاشميّ: كنت أرى أمّ جعفرٍ زبيدة في المنام كثيرًا بحالةٍ حسنةٍ، قالت: فرأيتها ذات ليلةً متغيّرة الوجه، فقلت لها: ما شأني أراك متغيّرة الوجه؟ قالت: لأنّ جهنّم زفرت البارحة لقدوم روح بشرٍ المرّيسيّ، فما بقي أحدٌ من أهل الجنّة إلّا تغيّرت حاله "
[الإبانة الكبرى: 6/110]
363 - حدّثنا أبو الحسن بن مسلمٍ، قال: نا عمرو بن عبد الحكم النّسائيّ، قال: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: رأيت بشر بن الحارث في المنام بعد موته بمائة يومٍ وهو متغيّر الحلية، فقلت: يا أبا نصرٍ ما لي أراك هكذا؟ فقال: لأنّ جهنّم زفرت لقدوم هذا، فلم يبق أحدٌ من أهل الجنّة إلّا تغيّرت حليته "
[الإبانة الكبرى: 6/110]
364 - حدّثنا أحمد بن محمّدٍ، قال: نا عمر، قال: حدّثني محمّد بن الحسين، قال: حدّثني عبد اللّه بن رجاءٍ الغدانيّ، قال: " مات ابنٌ لي أمرد فرأيته في المنام وقد شاب رأسه، قال: فقلت له: يا بنيّ أليس متّ وأنت أمرد؟ قال: بلى، إنّه مات البارحة رجلٌ من الجهميّة، فقذف به في جهنّم، فما بقي أحدٌ من الولدان إلّا شاب "
[الإبانة الكبرى: 6/110]
365 - قال أبو حاتمٍ: وحدّثني بعض أصحابنا، قال: " رأى أبو يعقوب الموازينيّ البغداديّ في المنام كأنّه يمشي في طريقٍ واسعٍ، ولقيه شيخٌ أبيض الرّأس واللّحية، أبيض الثّياب وهو يبكي، وهو يقول: العنوا بشرًا المرّيسيّ لعنه اللّه، فإنّه كان يتكلّم في كتاب اللّه، وذلك قبل أن يموت بشرٌ المرّيسيّ "
[الإبانة الكبرى: 6/111]
366 - قال أبو حاتمٍ: وقال لي الحسن بن الصّبّاح: حدّثني خالد بن خداشٍ، قال: " رأيت في المنام كأنّ آتيًا أتاني بطبقٍ، فقال: اقرأه، فقرأت: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، ابن أبي دؤادٍ يريد يمتحن النّاس، فمن قال: القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، كساه اللّه خاتمًا من ذهبٍ فصّه ياقوتةٌ حمراء وأدخله اللّه الجنّة وغفر له، ومن قال: القرآن مخلوقٌ جعلت يمينه يمين قردٍ، فعاش بذلك يومًا أو يومينٍ، ثمّ يصير إلى النّار، قال: ورأيت قائلًا يقول: مسخ ابن أبي دؤادٍ، وأصاب ابن سماعة الفالج "
[الإبانة الكبرى: 6/111]
367 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا محمّد بن داود، قال: نا المرّوذيّ، قال: سمعت أبا عبد اللّه، وذكر بشرًا المرّيسيّ، فقال: «من كان أبوه يهوديًّا أيشٍ تراه يكون؟»
[الإبانة الكبرى: 6/112]
368 - قال محمّد بن داود: فسمعت عبد الوهّاب الورّاق، " ذكر يعقوب بن شيبة وابن الثّلّاج، فقال: «جهميّةٌ زنادقةٌ»
[الإبانة الكبرى: 6/112]
369 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: حدّثني أبو يوسف حكيمٌ التّمّار، وكان صديقًا لأبي نصرٍ التّمّار قال: " لمّا أدخل أبو نصرٍ يعني التّمّار دار إسحاق بن إبراهيم للمحنة قعدنا على
[الإبانة الكبرى: 6/112]
الباب ننظر ما يكون من أمره، فخرج، فقلت: ما صنعت يا أبا نصرٍ؟ فقال: يا أبا يوسف دخلنا كفرنا وخرجنا "
[الإبانة الكبرى: 6/113]
370 - حدّثنا أبو عليٍّ محمّد بن أحمد بن إسحاق الصّوّاف، قال: نا أبو العبّاس أحمد بن عمرٍو الورّاق المعروف بالتّامشيّ، قال: نا أبو بكرٍ أحمد بن أبي العوّام، قال: حدّثني أبي، قال لي: " كان حمارٌ مجوسيّ وكان اسمه بهرام، فمات فرآه أبي في النّوم، فقال له: ما فعل اللّه بك؟ قال: أسكنني سقر. فقلت: أسفلكم أحدٌ؟ قال: هؤلاء الّذين يقولون: القرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/113]
371 - وأخبرني أبو القاسم القصبانيّ، عن أبي بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثنا محمّد بن عبيد بن هارون المنقّى الكوفيّ، قال: سمعت أيّوب الأصبهانيّ، وكان من خيار المسلمين قال: " كان لي جارٌ يهوديٌّ وكنت أدعوه إلى الإسلام فيأبى، فمات فرأيته في النّوم، فقلت: إلى أيّ شيءٍ صرت؟ قال: إلى النّار، فقلت له: قد كنت أدعوك إلى الإسلام فتأبى، قال: فترون أن ليس في النّار شرٌّ منّا؟ من يقول: القرآن مخلوقٌ، أسفل منّا بدرجةٍ "
[الإبانة الكبرى: 6/113]
372 - أخبرني أبو القاسم، عن أحمد بن محمّدٍ، قال: نا عبد اللّه بن محمّد بن سعيد بن الأسود القرشيّ الكوفيّ، قال: نا عمّي، قال: نا ابن الأصبهانيّ، قال: " لمّا مات أيّوب اليهوديّ رأيته في المنام، فقلت: أيّوب إلى ما صرت؟ قال: إلى النّار. قال: قلت: فأين أنت منها؟ قال: في الدّرك الأسفل. قال: فقلت: فهل أحدٌ أسفل منكم؟ قال: نعم. قلت: ومن هم؟ قال: قومٌ منكم. قلت: ومن هم؟ قال: الّذين يقولون: القرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/114]
373 - حدّثنا حفص بن عمر أبو القاسم الحافظ، قال: نا أبو حاتمٍ، قال: سألت محمّد بن بشرٍ العبديّ، فقلت: الحكاية الّتي كنت تحكيها عن جارك، فقال: " سمعت جارًا لي كان يقرئ القرآن وكان يقول: القرآن مخلوقٌ. فقال له قائلٌ: إن لم يكن القرآن مخلوقًا فمحى اللّه كلّ آيةٍ في صدرك من القرآن. قال: نعم، فأصبح وهو يقول: {الحمد للّه ربّ العالمين. الرّحمن الرّحيم مالك يوم الدّين. إيّاك}، فإذا أراد أن يقول {نعبد} [الفاتحة: 5]، لم يجر لسانه
[الإبانة الكبرى: 6/114]
374 - قال أبو حاتمٍ: هكذا حفظي عنه. وقال بعض أصحابنا، عن بندارٍ، عن عثمان بن عمرٍو، وابن الضّحّاك أنّه " أصبح هذا الرّجل لا يحفظ من القرآن
[الإبانة الكبرى: 6/114]
شيئًا حتّى يقال له: قل بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، فيقول: معروفٌ معروفٌ، ولا يتكلّم "
[الإبانة الكبرى: 6/115]
375 - وأخبرني أبو بكرٍ محمّد بن الحسين قال: نا أبو محمّدٍ عبد اللّه بن العبّاس الطّيالسيّ، قال: نا بندارٌ، قال: نا أبو بكرٍ
376 - وحدّثنا أبو بكرٍ محمّد بن عبد الحميد الواسطيّ، قال: نا أبو موسى محمّد بن المثنّى،
377 - وحدّثنا أبو الحسن أحمد بن زكريّا السّاجيّ، قال: نا أبي، قال: حدّثنا بندارٌ محمّد بن بشّارٍ، وأبو موسى محمّد بن المثنّى، قالا: " كنّا نقرأ على شيخٍ ضريرٍ بالبصرة، فلمّا أحدثوا ببغداد القول بخلق القرآن قال الشّيخ: إن لم يكن القرآن مخلوقًا فمحى اللّه القرآن من صدري. قال: فلمّا سمعنا هذا من قوله تركناه وانصرفنا عنه، فلمّا كان بعد مدّةٍ لقيناه فقلنا: يا
[الإبانة الكبرى: 6/115]
فلان ما فعل القرآن؟ قال: ما بقي في صدري منه شيءٌ، فقلنا: ولا قل هو اللّه أحدٌ؟ قال: ولا قل هو اللّه أحدٌ، إلّا أن أسمعها من غيري أن يقرأها "
[الإبانة الكبرى: 6/116]
378 - وأخبرنا أبو القاسم عمر بن أحمد، عن أبي بكرٍ أحمد بن محمّد بن هارون، قال: حدّثني محمّد بن أحمد السّيّاريّ، قال: نا محمّد بن عمر، قال: سمعت بندارًا، يقول: " كان لنا جارٌ وكان من حفّاظ القرآن فناظره رجلٌ يومًا في القرآن، فقال: إن لم يكن القرآن مخلوقًا فمحا اللّه ما في قلبه من القرآن. قال: فرأيته لا يحفظ من كتاب اللّه شيئًا، يسأل عن الآية، فيقول: هاه، هاه، معروفٌ معروفٌ، لا يقدر يردّدها "
[الإبانة الكبرى: 6/116]
379 - وحدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا أبو عقيلٍ المعروف بشاهٍ المروزيّ، وقدم علينا من البصرة يريد خراسان أخبرني أنّه " رأى بالبصرة رجلًا كان يقول: القرآن مخلوقٌ، فالتقى مع رجلٍ من أهل السّنّة فابتهلا جميعًا، فقال هذا: إن لم يكن القرآن مخلوقًا، فمحى اللّه القرآن من صدري. وقال السّنّيّ: إن كان هذا القرآن مخلوقًا فمحى اللّه القرآن من صدري، فأصبح الجهميّ وهو يقول: {الحمد للّه ربّ العالمين. الرّحمن الرّحيم. مالك يوم الدّين}، فإذا أراد أن يقول {إيّاك نعبد} [الفاتحة: 5]، لم يجر
[الإبانة الكبرى: 6/116]
لسانه، وقال: هيهات هيهات، وأصبح السّنّيّ قارئًا للقرآن كما كان "
[الإبانة الكبرى: 6/117]
380 - حدّثنا أبو عليٍّ محمّد بن أحمد بن الصّوّاف قال: نا أبو العبّاس أحمد بن عمرٍو الورّاق، قال: نا أبو بكر بن أبي العوّام، قال: حدّثني أبي، قال: " مررت في بعض الأزقّة بمجنونٍ وقد وقع فقيل لي: تقدّم فاقرأ عليه، فتقدّمت لأقرأ عليه، فقال لي شيطانه من جوفه: دعه، فإنّه يقول: القرآن مخلوقٌ، قلت له: شأنك وإيّاه "
[الإبانة الكبرى: 6/117]
381 - حدّثني أبو يوسف يعقوب بن يوسف قال: نا أبو عبد اللّه السّيرافيّ، قال: نا حفص بن أحمد بن حفصٍ الأنصاريّ الأزرق، قال: نا هارون بن عبد اللّه السّمسار، قال: " مرّ بي أحمد بن نصر بن حمزة الخزاعيّ المقتول في القرآن، وإنّه في دكّاني بباب الطّاق نصف النّهار، فجلس يستريح، إذ صرع رجلٌ فقام أحمد، فغطّى رأسه ليقرأ عليه، فإذا الجنّيّة تقول من جوفه: يا أبا عبد اللّه دعني، فإنّه يقول: القرآن مخلوقٌ، فقال:
[الإبانة الكبرى: 6/117]
اخنقيه يا سنّيّة، اخنقيه يا سنّيّة "
[الإبانة الكبرى: 6/118]
382 - حدّثنا أبو عليّ محمّد بن أحمد الصّوّاف، قال: نا أحمد بن عمرٍو الورّاق، قال: نا أبو بكر بن أبي العوّام، قال: نا أبي قال: " كان لي جارٌ فافتقر فباع منزله فنزل في سرداب الدّار يفتّش ويسلّم على العمّار، فقالوا له: ونحن هو ذا نتحوّل، فقلت لهم: أنا افتقرت، أنتم ما لكم؟ قالوا: اشترى دارك من يقول: القرآن مخلوقٌ، ونحن لا نساكن من يقول: القرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/118]
383 - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد بن ثابتٍ، قال: نا أبو العبّاس أحمد بن عبد اللّه بن شهابٍ، قال: نا أحمد بن ملاعبٍ، قال: حدّثني أبو عبد اللّه الخراسانيّ، قال: حدّثني أبو خدرة الأنصاريّ، عن محمّد بن عبيدٍ، مولى زينب بنت سليمان، وكان من خيار عباد اللّه،
[الإبانة الكبرى: 6/118]
قال: " ولد لي بنتٌ فاغتممت، قال: فخرجت إلى ناحية المصلّى أتفرّج، أتسلّى، قال: فصلّيت فنمت وأنا ساجدٌ، فإذا بهاتفٍ يهتف بي: يا محمّد بن عبيدٍ تغتمّ أن ولد لك بنتٌ؟ فيسّرك أنّه غلامٌ وأنّه يقول: القرآن مخلوقٌ؟ "
[الإبانة الكبرى: 6/119]
384 - حدّثنا أبو عبد اللّه بن مخلدٍ العطّار، قال: نا العبّاس بن محمّدٍ الدّوريّ، والحسن بن ناصحٍ الخلّال، قالا: نا قاسمٌ العمريّ، قال: نا عبد الرّحمن بن حبيب بن أبي حبيبٍ، صاحب عمرو بن هرمٍ قال: حدّثني أبي، عن جدّي
[الإبانة الكبرى: 6/119]
385 - وحدّثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن سلمٍ المخزوميّ قال: نا الحسن بن الصّبّاح الزّعفرانيّ، قال: حدّثني قاسمٌ العمريّ، قال: نا عبد الرّحمن بن محمّد بن حبيبٍ، قال: حدّثني أبي، عن جدّي حبيبٍ
386 - وحدّثني أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ الرّازيّ، قال: نا أبو بكر بن أبي عتّابٍ الأعين، قال: نا القاسم بن محمّد بن حميدٍ العمريّ، قال: نا عبد الرّحمن بن حبيب بن أبي حبيبٍ، صاحب خالد بن يزيد، عن أبيه، عن جدّه، قال: شهدت خالد بن عبد اللّه القسريّ خطب النّاس يوم النّحر، فقال: «أيّها النّاس ضحّوا تقبّل اللّه منكم، فإنّي مضحٍّ بالجعد بن درهمٍ، فإنّه زعم أنّ اللّه لم يكلّم موسى تكليمًا، ولم يتّخذ إبراهيم خليلًا، سبحانه وتعالى عمّا يقول الجعد بن درهمٍ علوًّا كبيرًا، ثمّ نزل إليه فذبحه»
[الإبانة الكبرى: 6/120]
387 - قال الحسن بن ناصحٍ في رواية ابن مخلدٍ عنه: فحدّثت بهذا الحديث يوسف القطّان، فقال لي: تعرف الجعد بن درهمٍ؟ قلت: لا. قال: هو جدّ جهمٍ الّذي شكّ في اللّه أربعين صباحًا
[الإبانة الكبرى: 6/121]
388 - حدّثني أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا عبد العزيز بن أبي سهلٍ المروزيّ، قال: نا عصام بن الحسين، قال: أنا عبد الصّمد بن حسّان، قال: قال خارجة بن مصعبٍ: «إذا صلّيت خلف الإمام وبجنبك جهميٌّ، فأعد الصّلاة» قال الشّيخ: معنى قول خارجة رحمه اللّه في الجهميّ يصلّي بجنب الرّجل يعيد يريد بذلك أنّ من صلّى خلف إمامٍ وحده وإلى جانبه جهميٌّ، أو صلّى خلف الصّفوف وحده وإلى جانبه جهميٌّ، أنّه يعيد، وذلك أنّ مذهب جماعةٍ من الفقهاء أنّ من صلّى خلف الصّفّ وحده، أو قام خلف إمامٍ وحده، أعاد الصّلاة، فكأنّ خارجة أراد أنّه من صلّى خلف الصّفّ هو جهميٌّ، فكأنّما
[الإبانة الكبرى: 6/121]
صلّى خلف الصّفّ وحده، لأنّ الجهميّ ليس هو مسلمًا ولا في صلاةٍ، فالقائم إلى جنبه كالقائم وحده، فأمّا الجهميّ إذا قام في صفٍّ فيه جماعةٌ هو كأحدهم، فصلاة الجماعة جائزةٌ
[الإبانة الكبرى: 6/122]
389 - وكذلك روى المرّوذيّ، عن أبي عبد اللّه، قال: قلت لأبي عبد اللّه: رجلٌ صلّى خلف الصّفّ هو ورجلٌ، فلمّا سلّم نظر إلى الّذي صلّى على جانبه فإذا هو جهميٌّ، قال: يعيد الصّلاة فإنّه إنّما صلّى خلف الصّفّ وحده، أو كلامٌ هذا معناه إن شاء اللّه "
[الإبانة الكبرى: 6/122]
390 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا محمّد بن عبد اللّه بن إسماعيل، قال: حدّثني ابن الطّبّاع، قال: سمعت سنيد بن داود، يقول: " رأيت بعض من كان يقول: القرآن مخلوقٌ في النّوم،
[الإبانة الكبرى: 6/122]
فقلت: إلى ما صرت؟ قال: عذّبني عذابًا لم يعذّبه أحدًا من العالمين. قلت: بماذا؟ قال: بكلامي في القرآن. قال: قلت: بعدًا لك وسحقًا "
[الإبانة الكبرى: 6/123]
391 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا محمّد بن عبد اللّه بن إسماعيل، قال: حدّثني إبراهيم بن عبد العزيز الأنماطيّ، قال: قال لي إنسانٌ من أصحاب الخلنجيّ: أتيت في النّوم فقيل لي: اقرأ، فقلت: وما أقرأ؟ أنا أحسن أقرأ، فقيل لي: اقرأ {ويوم القيامة ترى الّذين كذبوا على اللّه وجوههم مسودّةٌ} [الزمر: 60] من قال: القرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/123]
392 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا عبد اللّه بن محمّد بن الفضل الصّيداويّ، قال: حدّثني أبو حفصٍ زياد بن أيّوب، أو قال: حدّثني محمّد بن يعقوب، ختنه عنه قال: " مات عمّي وكان جهميًّا، ثمّ ماتت ابنته، فرأيتها في النّوم. فقلت لها: ما فعل اللّه بأبيك؟ قالت: ما عرض على اللّه إلّا لعنه "
[الإبانة الكبرى: 6/123]
393 - وحدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر، قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا أحمد بن محمّد بن الصّبّاح، قال: سمعت أمّي، تقول: " رأيت في المنام ابن الفتح بن سهلٍ وكان جهميًّا صاحب مظالمٍ وكان يقول: القرآن مخلوقٌ، ويدعو إليه كأنّ قائلًا يقول: قد مات ابن الفتح بن سهلٍ، قالت: فدخلت إلى الدّار الّتي هو فيها فإذا ملأٌ نصارى عليهم العسليّ، والزّنانير يشمعلون، وإذا قائلٌ يقول من فوق السّطح: من كان منكم مسلمًا فليخرج، قالت: فخرجت "
[الإبانة الكبرى: 6/124]
394 - وقال إسماعيل بن أبي الحارث: سمعت أبا صالحٍ، يقول: " رأيت
[الإبانة الكبرى: 6/124]
رجلًا كان يقول بخلق القرآن في النّوم، فقلت: ما فعل بكم ربّكم؟ قال: سوّد وجوهنا، وأكبّنا عليها في نار جهنّم، قلت: بماذا؟ قال: بقولنا: القرآن مخلوقٌ "
[الإبانة الكبرى: 6/125]
395 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: نا عيسى بن سعيدٍ المراديّ، قال: قال بشر بن يزيد النّيسابوريّ: سألني أحمد بن حنبل ويحيى بن معينٍ أن أحكي لهما رؤيا رأيتها، فقلت: " رأيت وأنا بجرجان عبد الكريم الجرجانيّ كأنّ جنازةً عليها رجلٌ مسجًّى بثوبٍ أسود، وفي الجنازة رجالٌ عليهم ثيابٌ سودٌ، فسألتهم: من هذا؟ قالوا: جنازة فلانٍ. قال أبو حاتمٍ: رجل يقول: القرآن مخلوقٌ، فقلت: من أنتم؟ قالوا: يهود، حتّى جاءوا إلى مقبرة اليهود فدفنوه فيها. قال: فذكرت ذلك لعبد الكريم الجرجانيّ، فجعل يسمع حتّى انتهيت إلى آخره، قال: فماذا صنع به؟ قلت: دفنوه في مقابر اليهود، فاسترجع "
[الإبانة الكبرى: 6/125]
396 - قال أبو حاتمٍ: وقال ابن أبي بكر بن سالمٍ العمريّ: " رأيت شيخًا من قريش بالمدينة، كان عالمًا بالنّجوم والعروض، وكان يقول: القرآن مخلوقٌ، وكنت كثيرًا ممّا أخاصمه، فرأيته في النّوم كأنّي مددت يدي إلى
[الإبانة الكبرى: 6/125]
صدره فانفرج الثّوب عن صدره، وإذا صدره أشعر. قلت: ما حالكم يا عبد اللّه؟ قال: من أهل النّار. قلت: من أهل النّار؟ قال: إي واللّه من أهل جهنّم، قلت: ما فعل كلامٌ كنت أعرفك تقوله؟ قال: أيّ شيءٍ؟ قلت: القرآن مخلوقٌ، أراك كنت تقوله؟ فنكّس رأسه، قلت: إن كان شيءٌ جعلك من أهل النّار فذا، فأطرق يبكي "
[الإبانة الكبرى: 6/126]
397 - قال أبو حاتمٍ: وحدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عبيدٍ القرشيّ، قال: نا زكريّا بن يحيى بن عمر الطّائيّ
398 - قال أبو حاتمٍ: ونا عبد اللّه بن محمّد بن الفضل الصّيداويّ، قال: حدّثني أبو سكّينٍ الطّائيّ
399 - قال أبو حاتمٍ: وحدّثنا محمّد بن منصورٍ الطّوسيّ، قال: نا عليّ بن مضاءٍ، واللّفظ للصّيداويّ، قال: حدّثني حمدان بن جابرٍ الضّبّيّ، وقال محمّد بن أحمد في حديثه، عن حمدان بن جابرٍ، وكان من العبادة راهبًا، قال: " مات في جيراننا يهوديٌّ صبّاغٌ، فرأيته في النّوم فقلت: من معكم في النّار من أهل القبلة؟ فقال: هؤلاء الّذين يقولون: القرآن مخلوقٌ، ولم
[الإبانة الكبرى: 6/126]
يذكر القرشيّ ولا الهرويّ في حديثهما: صبّاغًا "
[الإبانة الكبرى: 6/127]
400 - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد بن ثابتٍ، قال: نا إسحاق بن إبراهيم بن كثيرٍ، قال أحمد بن عمر، قال: حدّثني أبو الحسن التّميميّ، قال: " قرأت على باب قصرٍ في بعض طرقات الشّام:
[البحر البسيط]
من قال إنّ كلام اللّه مخلوقٌ ... فإنّه مبطلٌ في القول زنديق
إنّ القرآن كلام اللّه فيه به ... شواهد كلّها للّفظ تصديق
إنّي أقول كما قال الّذين مضوا ... فكلّهم سابقٌ والخلق مسبوق
فالقول قولي وقول الحقّ متّبعٌ ... وما لقولك يا زنديق تصديق
[الإبانة الكبرى: 6/127]
401 - حدّثنا أبو القاسم حفص بن عمر قال: نا أبو حاتمٍ، قال: حدّثني الثّقة من أصحابنا عمّن حجّ قديمًا ومرّ بهمذان، " فإذا رجلٌ قد اجتمع عليه النّاس ينظرون إليه أعمى فقال: ما قصّته؟ قالوا: هذا رجلٌ كان يقول: القرآن مخلوقٌ، فناظره بعض النّاس في القرآن فلجّ فيه فقال: إن لم يكن
[الإبانة الكبرى: 6/127]
القرآن مخلوقًا فأعمى اللّه بصره، فأصبح وهو لا يبصر شيئًا، فكان النّاس إليه عنقًا واحدًا ينظرون إليه ويعتبرون به "
[الإبانة الكبرى: 6/128]
402 - قال أبو حاتمٍ: وقال عبد اللّه بن محمّد بن أسماء بن عبيدٍ الضّبعيّ: قال عبد اللّه بن داود الخريبيّ: " بينا أنا أمشي، بعبّادان، وأنا أحدّث نفسي بشيءٍ من القرآن مرّةً أقول: القرآن مخلوقٌ، ومرّةً أقول: ليس بمخلوقٍ، فأخذني إنسانٌ من ورائي فهزّني وقال: ابن داود اثبت، فإنّ القرآن كلام اللّه غير مخلوقٍ، فالتفتّ فلم أر أحدًا "
[الإبانة الكبرى: 6/128]
403 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ، قال: نا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: نا أبو بكرٍ يعني المرّوذيّ، قال: قلت لأبي عبد اللّه ونحن بالعسكر: جاءني كتابٌ من بغداد أنّ رجلًا قد تابع الحسين الكرابيسيّ على القول، فقال لي: هذا قد تجهّم وأظهر الجهميّة، ينبغي أن نحذر
[الإبانة الكبرى: 6/128]
عنه، وعن كلّ من اتّبعه، قال: " مات بشرٌ المرّيسيّ وخلّف حسينًا الكرابيسيّ وذكر حسينٌ الكرابيسيّ، فقال: ما أعرفه بشيءٍ من الحديث. وقال: صاحب كلامٍ، لا يفلح من تعاطى الكلام، لم يخل من أن يتجهّم. وقال: ما كان اللّه ليدعه حتّى يبيّن أمره، وهو يقصد إلى سليمان التّيميّ يتكلّم فيه، وقال: ليس قومٌ عندي خيرًا من أهل الحديث، لا يعرفون الكلام. وقال: صاحب كلامٍ لا يفلح "
[الإبانة الكبرى: 6/129]
404 - حدّثنا أبو حفصٍ، قال: نا أبو نصر بن أبي عصمة، قال: نا الفضل بن زيادٍ، قال: قلت لأبي عبد اللّه: " إنّ الشّرّاك بلغني عنه أنّه قد تاب ورجع. قال: كذب، لا يتوب هؤلاء، كما قال أيّوب: إذا مرق أحدهم لم يعد
[الإبانة الكبرى: 6/129]
فيه، أو نحو هذا "
[الإبانة الكبرى: 6/130]
405 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن محمّد بن رجاءٍ قال: نا أبو العبّاسيّ أحمد بن عبد اللّه بن شهابٍ،
406 - وحدّثنا أبو حفصٍ عمر بن أحمد بن شهابٍ، قال: نا أبي قال: نا أبو بكرٍ أحمد بن محمّد بن هانئٍ الطّائيّ الأثرم، قال: نا موسى بن هارون الهمدانيّ، عن أبي نعيمٍ، عن سليمان القاريّ، عن سفيان
[الإبانة الكبرى: 6/130]
الثّوريّ، قال: قال حمّاد بن أبي سليمان: «أبلغ أبا حنيفة المشرك أنّي منه بريءٌ» قال سليمان: قال سفيان: لأنّه كان يقول: القرآن مخلوقٌ
[الإبانة الكبرى: 6/131]
407 - حدّثنا أبو حفصٍ عمر بن أحمد، قال: نا أبي، قال: نا أبو بكرٍ الأثرم، قال: " وذكرت لأبي عبد اللّه إبراهيم بن إسماعيل ابن عليّة، فقال: ضالٌّ مضلٌّ. ثمّ قال: رحم اللّه سليمان بن حربٍ، ذكر عنده رجلٌ فسئل عنه، فقال سليمان: يجيء إليّ من ينبغي أن يقدّم فتضرب عنقه فتذكره " قال أبو عبد اللّه للّذي ذكر إبراهيم بن إسماعيل: ولكنّك أنت تذكر، ثمّ سكت
[الإبانة الكبرى: 6/131]
408 - حدّثني أبو صالحٍ محمّد بن أحمد قال: نا أبو جعفرٍ محمّد بن داود، قال: حدّثني أبو الحارث الصّائغ،: قلت لأبي عبد اللّه: " إنّ أصحاب ابن الثّلّاج نلنا منهم ومن أعراضهم، فنستحلّهم من ذلك؟ فقال: لا، هؤلاء
[الإبانة الكبرى: 6/131]
جهميّةٌ، من أيّ شيءٍ يستحلّون؟ "
[الإبانة الكبرى: 6/132]
409 - حدّثني أبي محمّد بن محمّدٍ، رحمه اللّه قال: نا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن محمّد بن عبد اللّه بن عامر بن بحر بن الأحنف بن قيسٍ، قال: نا محمّد بن بشّارٍ بندارٌ العبديّ قال: " سألت عبد الرّحمن بن مهديٍّ أن يصف لي صورة سفيان الثّوريّ، فوصفه لي، فلمّا مات عبد الرّحمن، سألت ربّي أن أرى سفيان في المنام، فرأيته في المنام على الصّفة الّتي وصفها لي عبد الرّحمن بن مهديٍّ، فقلت: يا أبا عبد اللّه ما فعل اللّه بك؟ قال: صرت إلى ربٍّ أعطاني ما لم أؤمّله. قلت: ما في كمّك؟ قال: درٌّ وياقوتٌ وجوهرٌ، فقلت له: ومن أين لك هذا؟ فقال لي: قدم روح أحمد بن حنبلٍ فأمر اللّه تعالى جبريل أن ينثر عليه الدّرّ والياقوت والجوهر، فهذا نصيبي منه "
[الإبانة الكبرى: 6/132]
410 - وحدّثني أبي رحمه اللّه، قال: نا أبو الحسن عليّ بن الحسين، قال: سمعت الحسين بن الحسن السّيروانيّ، وهو رجلٌ قوته في كلّ شهرٍ خمسة دوانيق فضّةٍ، قال: " رأيت أحمد بن حنبلٍ في المنام، فقلت له: يا أبا عبد اللّه ما فعل اللّه بك؟ قال: قال لي ربّي: يا أحمد هذا وجهي، فانظر إليه " قال الشّيخ: فقد ذكرت من أخبار جهمٍ وشيعته من رؤساء الكفر وأتباعه من أئمّة الضّلال الّذين انتحلوا الاعتزال، إخوان الشّياطين وأشباه أسلافهم من
[الإبانة الكبرى: 6/132]
عبدة الأوثان من المشركين، ما فيه معتبرٌ للعاقلين ومزدجرٌ للمفترين، وذلك على اختصارٍ من الإكثار واقتصارٍ على مبلّغٍ وسع السّامعين، فإنّ الّذي انتهى إلينا من قبح أخبارهم وسوء مذاهبهم يكثر على الإحصاء، ويطول شرحه للاستقصاء، وطويت من أقوالهم ما تقشعرّ منه الجلود، ولا تثبت لسماعه القلوب، وقد قدّمت القول فيما روي عن عبد اللّه بن المبارك رحمه اللّه قال: إنّا لنحكي كلام اليهود والنّصارى، وما نستطيع أن نحكي كلام الجهميّة، وصدق عبد اللّه فإنّ الّذي تجادل عليه هذه الطّائفة الضّلّال، وتتفوّه به من قبيح المقال في اللّه عزّ وجلّ تتحوّب اليهود والنّصارى والمجوس عن التّفوّه به
[الإبانة الكبرى: 6/133]
411 - حدّثتنا أمّ الضّحّاك بنت أحمد بن عمرو بن أبي عاصمٍ النّبيل، بالبصرة في دار أبي عاصمٍ النّبيل رحمه اللّه، قالت: حدّثنا أبي أحمد بن عمرٍو، قال: قال بعض أصحابنا من أهل العلم: «كفرت الجهميّة ومن ضاهى قولها بثلاثمائة آيةٍ من كتاب اللّه عزّ وجلّ وبألف حديثٍ أو نحو ذلك من
[الإبانة الكبرى: 6/133]
صحاح الأحاديث الّتي رواها الثّقات المأمونون، لا يختلف أهل العلم والحديث في صحّتها» فاحذروا يا إخواني رحمكم اللّه مذاهب الجهميّة أعداء اللّه فإنّهم أهل شركٍ وكفرٍ صراحٍ، واعلموا أنّ مذاهبهم قد اشتملت على صنوفٍ من الكفر، وأحاطت بأنواعٍ من الزّندقة مفرطةٍ قبيحةٍ، وذلك أنّه مالت بهم الأهواء، وعدلت بهم الآراء عن محكم القرآن، وما بيّنه اللّه في كتابه، وما شرحه وأوضحه رسول ربّ العالمين في سنّته، والمأثور عن صحابته المنتجبين رحمة اللّه عليهم أجمعين، وما كان عليه الإجماع من فقهاء المسلمين رحمة اللّه عليهم أجمعين، فقالوا آياتٍ من القرآن على آرائهم، ودفعوا السّنن وأبطلوها، وجحدوا آياتٍ من القرآن وأنكروها، فقالوا: إنّ القرآن مخلوقٌ، مضاهاةً لمن قال بذلك، وسبق إليه من إخوانهم وأسلافهم عبدة الأوثان من المشركين حين قالوا {إن هذا إلّا قول البشر} [المدثر: 25]، {إن هذا إلّا إفكٌ افتراه وأعانه عليه قومٌ آخرون} [الفرقان: 4] . وأنكروا رؤية اللّه تعالى بالأبصار في الآخرة، وأنكروا أن يكون للّه تعالى وجهٌ مع قوله {ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام} [الرحمن: 27]، وأن يكون له يدان مع قوله {لما خلقت بيديّ} [ص: 75]
[الإبانة الكبرى: 6/134]
وأنكروا شفاعة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لأهل الكبائر، وجحدوا علم اللّه تعالى وقدرته مع قوله {أنزله بعلمه} [النساء: 166]، وقوله: {فاعلموا أنّما أنزل بعلم اللّه} [هود: 14] وقوله {وما تحمل من أنثى ولا تضع إلّا بعلمه} [فاطر: 11]، وقوله {أولم يروا أنّ اللّه الّذي خلقهم هو أشدّ منهم قوّةً} [فصلت: 15] . ونفوا عن اللّه الصّفات الّتي نطق بها القرآن ونزل بها الفرقان، من السّمع، والبصر، والحلم، والرّضا، والغضب، والعفو، والمغفرة، والصّفح، والمحاسبة، والمناقشة، وأثبتوا لأنفسهم من القدرة والاستطاعة والتّمكّن ما لم يثبتوه لخالقهم، وزعموا أنّهم يقدرون على ما لا يوصف اللّه بالقدرة عليه، ويخلقون ما لا يخلقه اللّه اتّباعًا منهم لمن أنكر عليه بقوله {أم جعلوا للّه شركاء
[الإبانة الكبرى: 6/135]
خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم} [الرعد: 16] وزعموا أنّهم يفعلون ويقدرون على ما لا يفعله ولا يقدره، ويريدون ويشاءون ما يستحيل أن يكون من تدبير اللّه ومشيئته. ويزعمون أنّهم يريدون لأنفسهم ما لا يريده اللّه ولم يشأه لهم خالقهم، فيكون ما يريدون ولا يكون ما يريده ربّهم، وأنّ اللّه تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا يريد كون أشياء من تقديرهم وأفعالهم، فيكون ما يكرهه وما لا يشاؤه فيأتون ما يشاءون ويريدون مراغمةً له فيما لا يشاؤه ويكرهه وإبطالًا لمشيئته لما أجمع عليه المسلمون من أنّ ما شاء اللّه كان، وما لم يشأ لا يكون، فردّوا قول اللّه {ولو شاء ربّك لآمن من في الأرض كلّهم جميعًا} [يونس: 99]، وقوله {ولو شئنا لآتينا كلّ نفسٍ هداها} [السجدة: 13]، وقوله {ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد} [البقرة: 253]، وقوله {وما تشاءون إلّا أن يشاء اللّه}، ومثل ذلك ممّا قد بيّنّاه فيما قد مضى في كتابنا هذا. وكانت الجهميّة والمعتزلة الملحدة الضّالّة بإنكارهم مشيئة اللّه، وجحدهم قدرة اللّه، وتكذيبهم بصفاته، وإبطالهم لأسمائه كمن سلف من
[الإبانة الكبرى: 6/136]
إخوانهم من صنوف الملحدة والمشركين، ومن الثّنويّة الّذين قالوا: إلهين وخالقين، أحدهما يخلق الخير، والآخر يخلق الشّرّ، حين أكذبهم اللّه بقوله {ما اتّخذ اللّه من ولدٍ وما كان معه من إلهٍ إذًا لذهب كلّ إلهٍ بما خلق ولعلا بعضهم على بعضٍ} [المؤمنون: 91]، فأثبتت الجهميّة المعتزلة الملعونة آلهةً كثيرةً لا يحصون عددًا، ولا يفنون إلى يوم القيامة أبدًا، حين زعموا أنّ كلّ أحدٍ يستطيع أن يفعل باستطاعته ما يشاء باستطاعةٍ فيه باقيةٍ، وقدرةٍ دائمةٍ، فأوجبوا الاستغناء عن اللّه وترك الافتقار إليه فيما أمرهم به ونهاهم عنه، وزعموا أنّهم يقدرون على فعل ما علم اللّه أنّهم لا يفعلونه وعلى ترك فعل ما علم اللّه أنّهم يفعلونه وزعموا أنّ الجنّة تفنى وتبيد ويزول نعيمها، وأنّ النّار تزول وينقطع عذابها ردًّا لما نصّ اللّه عليه في كتابه من الآيات الّتي تكثر على الإحصاء من دوام الدّارين وبقاء أهلها فيهما، مثل قوله {أكلها دائمٌ وظلّها} [الرعد: 35]، وكلّ ذلك يأتي ذكره في مواضعه وأبوابه إن شاء اللّه، وإنّما ذكرت هذه الأقوال من مذاهبهم ليعلم إخواننا ما قد اشتملت عليه مذاهب الجهميّة المقبوحة المنبوحة من ألوان الضّلال وصنوف الشّرك وقبائح الأقوال ليجتنب الحدث
[الإبانة الكبرى: 6/137]
ممّن لا علم له مجالستهم وصحبتهم وألفتهم، ولا يصغي إلى شيءٍ من أقوالهم وكلامهم، واللّه الموفّق
[الإبانة الكبرى: 6/138]
412 - حدّثنا أبو بكرٍ أحمد بن سلمان النّجاد قال: نا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، قال: سمعت أبي يقول: " من قال: القرآن مخلوقٌ، فهو عندنا كافرٌ لأنّ القرآن من علم اللّه وفيه أسماء اللّه، فإذا قال الرّجل: العلم مخلوقٌ فهو كافرٌ لأنّه يزعم أنّه لم يكن له علمٌ حتّى خلقه، وقد قال اللّه عزّ وجلّ: {فمن حاجّك فيه من بعد ما جاءك من العلم} [آل عمران: 61] وقال اللّه تعالى {ولن ترضى عنك اليهود ولا النّصارى حتّى تتّبع ملّتهم قل إنّ هدى اللّه هو الهدى ولئن اتّبعت أهواءهم بعد الّذي جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا نصيرٍ} [البقرة: 120] وقال تعالى {ولئن أتيت الّذين أوتوا الكتاب بكلّ آيةٍ ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابعٍ قبلتهم وما بعضهم بتابعٍ قبلة بعضٍ ولئن اتّبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنّك إذًا لمن الظّالمين} [البقرة: 145]، وقال تعالى: {ألا له الخلق والأمر تبارك اللّه ربّ العالمين} [الأعراف: 54] " قال أبي: " الخلق غير الأمر وقال: {ومن يكفر به من الأحزاب} [هود: 17] "
[الإبانة الكبرى: 6/138]
قال أبي: وقال سعيد بن جبيرٍ: " الأحزاب: الملل كلّها {، فالنّار موعده} [هود: 17]، وقال {ومن الأحزاب من ينكر بعضه قل إنّما أمرت أن أعبد اللّه ولا أشرك به إليه أدعو وإليه مآب} [الرعد: 36]، {وكذلك أنزلناه حكمًا عربيًّا ولئن اتّبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم ما لك من اللّه من وليٍّ ولا واقٍ} [الرعد: 37] "
413 - قال أبي: «فمن قال بهذا القول لا يصلّى خلفه، لا الجمعة ولا غيرها، إلّا أنّك لا تدع إتيانها، فإن صلّى رجلٌ خلفهم، أعاد الصّلاة»
414 - قال: وسألت أبي عن الصّلاة خلف أهل البدع، فقال: " لا تصلّ خلفهم مثل الجهميّة والمعتزلة، وقال: إذا كان القاضي جهميًّا، فلا تشهد
[الإبانة الكبرى: 6/139]
عنده "
415 - قال: وسمعت أبي يقول: " إذا كان الرّجل من أصحاب الحديث وأصحاب الكلام فأمسك عن أن يقول: القرآن ليس بمخلوقٍ، فهو جهميٌّ "
[الإبانة الكبرى: 6/140]