دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > عمدة الأحكام > كتاب الجنائز

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 17 ذو الحجة 1429هـ/15-12-2008م, 01:39 AM
حفيدة بني عامر حفيدة بني عامر غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: بلاد الحرمين .
المشاركات: 2,423
افتراضي شرح عمدة الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (مفرغ)

باب في صفة تغسيل الميت وتشييع الجنازة

عن أم عطية الأنصارية قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته زينب فقال: ((اغسلنها بثلاث أو خمس أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور , فإذا فرغتن فآذنني)) فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال: ((أشعرنها إياه)) تعني إزاره . وفي رواية: ((أو سبعة)) وقال: ((ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها)) , وأن أم عطية قالت: وجعلنا رأسها ثلاثة قرون .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رجل واقف بعرفة إذا وقع عن راحلته فوقصته أو قال: فأوقصته, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اغسلوه بماء وسدر , وكفنوه في ثوبيه , ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه ؛ فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا)) وفي رواية: ((ولا تخمروا وجهه ولا رأسه)) , وقال المصنف رحمه الله: الوقص: كسر العنق .
الشيخ: هذه الأحاديث فيها صفة تغسيل الميت وتكفينه . قد ذكر العلماء أن تغسيله وتكفينه من فروض الكفايات, فروض الكفايات هي التي إذا قام بها البعض سقط الإثم عن الباقين , وإذا تركوها كلهم وهم قادرون أثموا كلهم, فيدل على أنهم مكلفون , فإذا مات ميت بين أهل بلد ففرض عليهم أن يقوموا بتغسيله ثم بتكفينه ثم بحمله والصلاة عليه , ثم بدفنه , فريضة عليهم . فإذا قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين , فإذا تركوه كلهم وهم قادرون أثموا كلهم , يعني لحقهم الإثم .
وذلك كما تقدم أن من كرامة ابن آدم أنه بعد موته لا تبقى جثته على الأرض تأكلها السباع والطيور ونحوها ؛ لحرمة ابن آدم , بل شرعت مواراته , شرع دفنه ومواراة جثته , يقول الله تعالى: {ثم أماته فأقبره} أي: شرع أن يقبر , ويقول: {منها خلقناكم وفيها نعيدكم} فهذا دليل على أن دفن المسلم بعد موته من فروض الكفايات . وأما الكفار فلا يعترفون بذلك , بل يحرقون أمواتهم مثلا أو يشرحونهم كما يقولون أو ما أشبه ذلك .
أولاً: تغسيله , رجلا كان أو امرأة , ففي حديث ابن عباس الذي سمعنا تغسيل الرجل , وفي حديث أم عطية تغسيل المرأة , فدل على أن الرجل والمرأة بعد الموت كل منهما يغسل . المرأة يغسلها النساء , والرجل يغسله الرجال .
في حديث أم عطية أن زينب إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم وهي أكبر بناته ماتت سنة تسع , أي قبله صلى الله عليه وسلم بسنة , ولما ماتت تولى النساء تجهيزها , ومنهن أم عطية , واسمها نسيبة الأنصارية , من الصحابيات اللاتي حملن الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم .
ذكرت أنه لما أمرهن بالتغسيل أمرهن أن يغسلنها عددا يحصل به النظافة . القصد من التغسيل تنظيف جسد الميت إذا كان فيه وسخ أو نحوه أو تطهيره , فإن كان نظيفا فتغسيله تعبد , كأن ذلك تطهير له , ويعتبر بعضهم أن الموت كالحدث يسبب وجوب الغسل لا للنظافة ولكن للطهارة , فإن الإنسان إذا أحدث حدثا أكبر: وطئ مثلا أو احتلم , ولو كان حديث العهد بالاغتسال والنظافة , فإن عليه أن يغتسل مرة ثانية , ليس للنظافة ولكن لرفع الحدث . فيقولون: أن الموت حدث , فيغسل الميت لتطهيره من ذلك الحدث الذي هو الموت حتى إذا صلي عليه وإذا هو قد نظف وقد طهر فتكون الصلاة من طاهر على طاهر . أما إذا كان متسخ البدن [1][بعد العهد بالنظافة فإنه يغسل بما يرفع عنه ذلك الوسخ] .
ففي هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهؤلاء النساء: ((اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعاً أو أكثر من ذلك , إن رأيتن ذلك بماء وسدر , واجعلن في الغسلة الأخيرة كافورا)) أمرهن بأن يكون غسلهن وتر , الثلاث وتر , فإذا لم ينق إلا برابعة غسل خامسة ، فإذا احتاج إلى سادسة ، ما نظف إلا بست غسلات , زيد سابعة حتى يقطع على وتر ؛ لأن الله وتر يحب الوتر , فهذا معنى قوله: ((اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا)) .
ومن العلماء من يقول: إذا زاد على سبع فلا يحتاج إلى الوتر ؛ لأنه قال: ((أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك)) الغسلة هي أن يبدأ من رأسه إلى قدميه , يدلك بماء وسدر , يمر يده عليه ويغسله بالماء والسدر إلى أن يصل إلى قدميه , ثم يعود مرة ثانية ويغسل رأسه إلى قدميه , ثم ثالثة من رأسه إلى قدميه يدلكه , يبدأ مثلا بجنبه الأيمن ثم الأيسر , وبفخذيه الأيمن ثم الأيسر , وبساقيه الأيمن ثم الأيسر وهكذا . فإذا نقى بالثلاث لم يحتج إلى زيادة .
ثم السدر ورق السدر المعروف , إذا قطع ورق السدر ويبس وسحق فإنه يكون غسيلا ينظف به , يستعملونه كما نستعمل الصابون في تنظيف الأواني وفي تنظيف الثياب, يكون له رغوة إذا خلط بالماء , رغوة تكون فوقه , يأخذ تلك الرغوة ويغسل بها شعر رأسه , ويغسل بها شعر لحيته ؛ حتى لا يدخل شيء من حبات السدر بين الشعر , يغسل الرأس والشعر بالرغوة , وأما حثالة السدر فيغسل بها بقية جسده ؛ لأنها تزول إذا صب عليها الماء .
وحيث أن القصد من الغسل بالسدر التنظيف ذهب بعضهم أن السدر تعبدي , وأنه يستعمل في الغسيل , لا بد منه . وذهب آخرون إلى أنه للتنظيف , فيقوم مقامه الصابون أو الأشنان . والأشنان: معروف , ثمر شجر يشبه الرمث المعروف , ينبت في كثير من البلاد , يؤخذ الزهر وهو على ..ويسحق بعدما ييبس ويقوم مقام الصابون في الأواني وتنظيف الثياب ونحوها , فيجوز أن يجعل بدل السدر أشنان أو صابون أو غير ذلك من المنظفات ؛ لأن القصد إزالة الوسخ وتنظيف البدن وإزلة ما علق به من درن أو نحوه , وذلك حاصل بالصابون ونحوه .
الحاصل أنه أمر بغسلها ثلاثا أو خمسا أو سبعا بماء وسدر . يقول بعضهم: إن السدر يجعل في إناء , والماء يجعل في إناء , فيؤخذ غرفة من السدر ويدلك بها الجسد , ثم يصب عليها ماء حتى تزول , يزول أثرها الذي هو حبات السدر وتنظف . وكذلك إذا جعل الصابون مثلا السائب في قدح ثم أخذ منه غرفة وغسل بها ثم بعد ذلك أتبعها بالماء حتى يزيل أثرها ولزوجتها بماء وسدر.
ثم في هذا الحديث أنه أمر بأن يبدأ بالميامن وبمواضع الوضوء , والمعنى أنه يبدأ بأعضاء الوضوء ؛ لأن ذلك يعتبر حدثا , والمحدث الذي هو عليه حدث أكبر إذا اغتسل من الجنابة بدأ بأعضاء الوضوء , توضأ كما نقل ذلك مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم , فكذلك الميت يغسل يبدأ بمواضع الوضوء , مواضع الوضوء: الوجه واليدان والرجلان يعني أعضاء الوضوء , فيبدأ مثلا بالمضمضة ولكن لا يدخل الماء في فمه ؛ لئلا يحرك النجاسة في باطنه , بل ينظف فمه بأصبعه أو نحو ذلك دون أن يدخل الماء في فمه , وكذلك ينظف منخريه ولا يدخلهما الماء لهذا السبب ؛ لأنه قد يحرك النجاسة , يقتصر على المسح , وجهه يغسله كما يغسل بقية بدنه , ذراعية يغسلهما كذلك , يغسل بعد ذلك قدميه .
إذا انتهى من أعضاء الوضوء بدأ في التغسيل , فيغسل رأسه , يبدأ بجانبه الأيمن قبل الأيسر , ذكرنا أنه يغسل برغوة السدر أو بالصابون بعدما يذوب , ثم بعد ذلك يغسل عضده ومنكبه الأيمن ثم الأيسر , كذلك جنبه الأيمن إلى نصف الصدر ونصف الظهر , ثم يقلبه ويغسل جنبه الأيمن , جنبه الأيمن قبل الأيسر . كذلك بعدما يغسل جنبيه إلى حقويه يبدأ فيغسل رجليه , الرجل اليمنى من الفخذ إلى العقب , ثم الرجل اليسرى من الفخذ إلى العقب أو إلى الإبهام , يعني الرجل كلها , وهكذا , فهذه تعتبر غسلة .
بعد ذلك يعود مرة ثانية وثالثة إلى أن ينظف , فإن لم ينقى بالسبع زيد حتى ينقى , أما الغسلة الأخيرة فيجعل فيها كافور كما سمعنا , معروف أن الكافور الذي يباع في أماكن العطورات ونحوها , هذه القطع البيضاء ونحوها تسحق ثم تخلط بالماء , ثم تجعل في الغسلة الأخيرة , الحكمة فيه أنه يصلب الأعضاء , قد يكون الماء الذي غسل به حارا تسترخي مفاصله وأعضاؤه , فهذا الكافور يسوي صلابة في مفاصله وفي أعصابه , فهذه هي الحكمة في غسله في الأخيرة بالكافور أو بما يقوم مقامه .
وبعدما يغسل وينظف ينشف بثوب أو نحوه , ثم بعد ذلك يكفن . وقد تقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب , وذكرنا أنه وضع فوقها بعدما بسط بعضها فوق بعض , ثم يرد طرف الأعلى , الطرفان بعضهما إلى بعض , ثم الأوسط طرفاه بعضهما إلى بعض , ثم الأسفل بعضه على بعض , ثم بعد ذلك يعقد بالعقد التي تمسكه .
الحديث الثاني: حديث ابن عباس , وفيه أن رجلا كان محرما مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في عرفة , وفي أثناء وقوفهم في آخر النهار سقط عن دابته وهو محرم , ولما سقط سقط على رأسه فاندقت رقبته فمات وهو محرم. أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يجهزوه , فأمرهم بالتغسيل مما يدل على أنه يجب أن يغسل كل ميت حتى ولو كان نظيفا ؛ لأن العادة أن المحرم يكون نظيفا , فأمر بأن يغسل , وأمر بأن يغسل بماء وسدر ((اغسلوه بماء وسدر)) وهذا دليل أن السدركان مستعملا عندهم لكل ميت ؛ لأنه يحصل به التنظيف بماء وسدر .
في هذه الرواية وفي روايات أخرى أنه نهى أن يحنط . التحنيط: هو تطييب الميت بعد أن يغسل . الحنوط: طيب يجعل أو يجمع من أنواع من العطورات , من الريحان مثلا والورد والمسك وما أشبهه , تجمع وتسحق , ثم بعدما ينتهون من تغسيله يجعلون من ذلك الطيب على مواضع منه ...
الوجـه الثانـي

...فيجعلون منه بين إليتيه وفي إبطيه وفي بطون ركبتيه , وكذلك في سرته وتحت حلقه وفي أذنيه وفي المواضع الرقيقة منه . وقد يجوز أن يطيب كله ، هذا يسمى الحنوط .كل ميت يحنط إلا المحرم ؛ وذلك لأن المحرم باق على إحرامه بعد موته , فلا يحنط , يعني لا يطيب, كما أن المحرم في حياته لا يقرب الطيب ؛ لأن الطيب من المرفهات , فكذلك بعد موته , أما غير المحرم فيحنط , يجعل فيه من أنواع هذه الأطياب , والسبب في ذلك أن لا تتغير رائحته بسرعة , وأن يبقى معه رائحة طيبة بعد دفنه .
وبكل حال فقد وردت أدلة تدل على أنه يحنط الميت ويطيب بعدما يغسل , أما المحرم فيكفن في ثوبيه . معلوم أن المحرم يكون عليه ثوبان: إزار ورداء . الإزار: الذي يجعله على عورته , والرداء: على ظهره , فيكفن فيهما , ولكن لا يغطى وجهه ولا رأسه , بل يكشف ؛ لأن المحرم مأمور بكشف رأسه في حاله الإحرام إذا كان رجلا , فيبقى مكشوف الرأس ؛ لأنه يبعث يوم القيامة محرما يلبي , هذا من خصائصه , فيدفن مكشوف الرأس ويجعل الكفن ساترا للرقبة وللمنكبين ولبقية البدن , حتى القدمين يسترهما . الإزار والرداء اللذان هما لباس المحرم يلف فيهما ويعقد ويدفن فيهما فقط , هكذا وردت السنة بدفنه فيهما وعدم تحنيطه وعدم تغطية رأسه , هذا من صفة تكفينه وصفة , تغسيله أنه يغسل بماء وسدر حتى ينقى .
أما تكفين المرأة فذكر في حديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم ناولهم حقوه وقال: ((أشعرنها إياه)) . والحقو: هو الإزار , يعني كان عليه إزار , إزار يلبسه , قد يكون الغالب أنه أبيض كإزار المحرم إلا أنه خفيف , فأمرهن أن يشعرنها إياه , والإشعار هو اللباس الذي يلي الجسد . الشعار: هو اللباس الذي يوالي الجلد . والدثار: هو اللباس الظاهر الذي فوق الشعار .
ولهذا في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: ((أنتم شعاري والناس دثاري)) الأنصار شعار والناس دثار , يعني الناس لحاف أعلى وهم لباس داخلي , يعني أنهم مقربون لديه . فقوله: ((أشعرنها إياه)) يعني اجعلنه شعارا لها أي لباسا يلي جسدها .
ذكرت أم حبيبة في رواية أخرى أنه ألقى إليهن خمسة أثواب , مما يدل على أن المرأة تكفن في خمسة: أولا: ذلك الشعار الذي هو إزار , تشد به العورة كالإزار , ثم قطعة أخرى تلف بها الرأس تسمى خمار , يلف بها الوجه والعنق , الرقبة, هذه خمار , ثم بعد ذلك قميص ثوب طويل ليس بمخيط يشق في وسطه خرق للرأس ويجعل نصفه لحافا ونصفه فراشا , فيعتبر كالثوب إلا أنه ليس بمخيط الطرفين , هذا لباس ثالث , بعد ذلك يلف فوقه لفافتين كلفافتي الرجل , تلف إحداهما فوق الأخرى .
هذا تكفين المرأة في خمسة أثواب: أولا: الإزار الذي على العورة ثم الخمار الذي على الرأس , ثم القميص الذي له شبه الجيب ، فتحة في وسطه ثم بعد ذلك اللفافتان , أما الرجل فإنه يجعل في ثلاثة لفائف كما تقدم لما في الحديث الذي فيه أنه عليه السلام كفن في ثلاثة أثواب بيض سحورية من كرسف , يعني من قطن , ليس فيها قميص ولا عمامة . فهذا صفة التكفين وصفة الغسل . وبعده صفة الصلاة تأتينا إن شاء الله .
القارئ: ...وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومما قاله المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه في:
باب صفة تغسيل الميت وتشييع الجنازة

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أسرعوا بالجنازة ؛ فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه , وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم)) . رواه البخاري .

[1]ما بين المعقوفين غير مسموع في الشريط .

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
صفة, غسل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:40 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir