6-{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الْإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ} كان العرَبُ إذا نَزَلَ الرجُلُ بِوَادٍ قالَ: أَعوذُ بسَيِّدِ هذا الوادِي مِن شَرِّ سُفهاءِ قَوْمِه. فيَبِيتُ في جِوَارِه حتى يُصْبِحَ.
{فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} أيْ: زادَ رِجالُ الجنِّ مَن تَعَوَّذَ بهم مِن رِجالِ الإنْسِ {رَهَقاً}، أيْ: سَفَهاً وطُغياناً، أيْ: مِن الجنِّ أنفُسِهم على الإنْسِ الْمُستجيرينَ بهم. أو زَادُوهم بَلاءً وضَعْفًا وخَوْفاً.
7-{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا} المعنى: وأنَّ الإنْسَ ظَنُّوا كما ظَنَنتُمْ أيها الْجِنُّ أنه لا بَعْثَ ولا جَزاءَ.
8-{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ} أيْ: طَلَبْنا خَبَرَها كما جَرَتْ به عادَتُنا {فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا} مِن الملائكةِ يَحْرُسُونَها على استراقِ السمْعِ, {شَدِيداً} قَوِيًّا {وَشُهُباً} هي نارُ الكواكبِ، كما تَقَدَّمَ بَيانُه في تفسيرِ قولِه:{وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ} مِن سُورةِ "تَبارَكَ".
9-{وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ} ليَسمعوا مِن الملائكةِ أخبارَ السماءِ, فيُلْقُونَها إلى الكَهَنَةِ، فحَرَسَها اللهُ سُبحانَه عندَ بَعْثِه رَسولَه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ بالشهُبِ الْمُحْرِقَةِ.
{فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا} أيْ: أُرْصِدَ له ليُرْمَى به، لِمَنْعِه مِن السماعِ.
10-{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي الْأَرْضِ} بسببِ هذه الحراسةِ للسماءِ.
{أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} أيْ: خيراً. قالَ ابنُ زيدٍ: قالَ إِبليسُ: لا نَدرِي أَرادَاللهُ بهذا الْمَنْعِ أنْ يُنْزِلَ على أهلِ الأرضِ عَذاباً أو يُرْسِلَ إليهم رَسُولاً.