825- وعن جابِرٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ ـ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ قالَ: ((إِذَا اسْتَهَلَّ الْمَوْلُودُ وَرِثَ)). رَواهُ أبو دَاوُدَ، وصَحَّحَه ابنُ حِبَّانَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرَجَةُ الحديثِ:
حديثُ البابِ صحيحٌ.
صَحَّحَه الحاكِمُ، ووافَقَه الذَّهَبِيُّ، وله شَاهِدٌ عن أبي هُرَيْرَةَ.
قالَ ابنُ عبدِ الهادي في المُحَرَّرِ: إسنادُه جَيِّدٌ.
وقدْ أخْرَجَه أبو دَاوُدَ، وعنه البَيْهَقِيُّ، وصَحَّحَه ابنُ حِبَّانَ، ورجالُ إسنادِه ثِقَاتٌ، إلاَّ أنَّ فيه ابنَ إسحاقَ, مُدَلِّسٌ، وقدْ عَنْعَنَه، وله طُرُقٌ أُخَرُ عن أبي هُرَيْرَةَ، وشَواهِدُ أُخَرُ يَزْدَادُ بها قُوَّةً.
الشاهِدُ الأولُ: عَنِ ابنِِ عَبَّاسٍ، وسَنَدُه ضَعِيفٌ.
الشاهِدُ الثاني: عن مَكْحُولٍ، قالَ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَليهِ وسلَّمَ.... فذَكَرَه مُرْسَلاً، وإسنادُه مُرْسَلٌ صَحِيحٌ.
* مُفْرداتُ الحَديثِ:
- اسْتَهَلَّ المولودُ: اسْتَهَلَّ الصَّبِيُّ: رَفَعَ صَوْتَه بالبُكاءِ، وصَاحَ عندَ الوِلادَةِ، فالاسْتِهْلالُ: هو رَفْعُ الصَّوْتِ.
- وَرِثَ: بفَتْحِ الواوِ وكَسْرِ الرَّاءِ، الإرْثُ لُغَةً: البَقَاءُ، فالوَارِثُ هو الباقي.
وشَرْعاً: حَقٌّ يَثْبُتُ لمُسْتَحِقٍّ بعدَ مَوْتِ مَن كانَ له ذلك؛ لقَرَابَةٍ بينَهما، أو نَحْوِها.
* ما يُؤْخَذُ من الحديثِ:
1- الحَمْلُ إِذَا وُلِدَ لا يَرِثُ إلاَّ بشَرْطَيْنِ:
الأولُ: تَحَقُّقُ وُجودِه في الرَّحِمِ حينَ مَوْتِ مُوَرِّثِه، ولو نُطْفَةً.
الثاني: انْفِصالُه حَيًّا حياةً مُسْتَقِرَّةً.
والحياةُ المُستقِرَّةُ هي المُشارُ إليها بهذا الحديثِ، مِن وُجودِ أمارةٍ مِن أماراتِ الحياةِ، التي منها رَفْعُ صوتٍ، أو رَضَاعٌ، أو طُولُ تَنَفُّسٍ، أو طُولُ حَرَكَةٍ، أو عُطَاسٌ، مِمَّا يَدُلُّ على وُجودِ الحياةِ المُستقِرَّةِ، وهذا مَذْهَبُ الأئمَّةِ الثلاثةِ: أبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأحمدَ.
فالاستهلالُ المَذْكُورُ في الحديثِ هو رَفْعُ صوتِه بالبُكاءِ عندَ الوِلادَةِ، ونحوُه ممَّا يَدُلُّ على الحياةِ المُسْتَقِرَّةِ.
2- إذا فُقِدَ هذانِ الشرطانِ، بأنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ وُجودُه حينَ مَوْتِ مُوَرِّثِه، أو تَحَقَّقَ وُجودُه، ولكنه مَاتَ قبلَ الوِلادةِ، أو وُلِدَ بحياةٍ غَيْرِ مُسْتَقِرَّةٍ، وإنما بنَفَسٍ ضَعيفٍ، أو اختلاجٍ ونحوِه، فهذا لا يَرِثُ؛ لأنه في عِدادِ الأمواتِ.
3- قالَ الفُقهاءُ: إذا ماتَ المَيِّتُ وخَلَّفَ وَرَثَةً فيهم حَمْلٌ، فإنْ رَضِيَ الوَرَثَةُ ببقاءِ التَّرِكَةِ لم تُقَسَّمْ حتى وَضْعِ الحَمْلِ فهو أَوْلَى؛ لتَكُونَ القِسْمَةُ مَرَّةً واحِدَةً، وإنْ طَلَبوا القِسْمَةَ واخْتَلفَ إِرْثُ الحَملِ بالذُّكورةِ والأُنوثَةِ، وُقِفَ له الأكْثَرُ مِن إِرْثِ ذَكَرَيْنِ، أو الأكثرُ مِن إِرْثِ أُنْثَيَيْنِ؛ لأنَّ وِلادَةَ الاثْنَيْنِ كَثِيرَةٌ مُعْتَادَةٌ، وما زَادَ عليها نادِرٌ فلمْ يُوقَفْ له شَيْءٌ.
4- إذا وُلِدَ ووَرِثَ كما تَقَدَّمَ بيانُه فيَأْخُذُ حَقَّه المَوْقُوفَ، والباقي لمُسْتَحِقِّه.