10/646 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي، وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ)) رَوَاهُ مُسْلِمٌ
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا تَخُصُّوا لَيْلَةَ الجُمُعَةِ بِقِيَامٍ مِنْ بَيْنِ اللَّيَالِي وَلا تَخُصُّوا يَوْمَ الجُمُعَةِ بِصِيَامٍ مِنْ بَيْنِ الأَيَّامِ إلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي صَوْمٍ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).
الحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ تَخْصِيصِ لَيْلَةِ الجُمُعَةِ بِالعِبَادَةِ بِصَلاةٍ وَتِلاوَةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ إلاَّ مَا وَرَدَ بِهِ النَّصُّ عَلَى ذَلِكَ كَقِرَاءَةِ سُورَةِ الكَهْفِ, فَإِنَّهُ وَرَدَ تَخْصِيصُ لَيْلَةِ الجُمُعَةِ بِقِرَاءَتِهَا وَسُوَرٍ أُخَرَ وَرَدَتْ بِهَا أَحَادِيثُ فِيهَا مَقَالٌ.
وَقَدْ دَلَّ هَذَا بِعُمُومِهِ عَلَى عَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ صَلاةِ الرَّغَائِبِ فِي أَوَّلِ لَيْلَةِ جُمُعَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَوْ ثَبَتَ حَدِيثُهَا لَكَانَ مُخَصِّصاً لَهَا مِنْ عُمُومِ النَّهْيِ لَكِنَّ حَدِيثَهَا تَكَلَّمَ العُلَمَاءُ فيهِ وَحَكَمُوا بِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ. وَدَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ النَّفْلِ بِصَوْمِ يَوْمِهَا مُنْفَرِداً.
قَالَ ابْنُ المُنْذِرِ: ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْ صَوْمِ يومِ الجُمُعَةِ كَمَا ثَبَتَ عَنْ صَوْمِ العِيدِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ: يُفَرَّقُ بَيْنَ العِيدِ وَالجُمُعَةِ بِأَنَّ الإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ صَوْمِ يومِ العِيدِ وَلَوْ صَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ.
وَذَهَبَ الجُمْهُورُ إلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ إفْرَادِ الجُمُعَةِ بِالصَّوْمِ لِلتَّنْزِيهِ مُسْتَدِلِّينَ بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وَقَلَّمَا كَانَ يُفْطِرُ يَوْمَ الجُمُعَةِ. أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
فَكَانَ فِعْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرِينَةً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لَيْسَ لِلتَّحْرِيمِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ يَوْماً قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَعَ الِاحْتِمَالِ لا يَتِمُّ الِاسْتِدْلالُ.
وَاخْتُلِفَ فِي وَجْهِ حِكْمَةِ تَحْرِيمِ صَوْمِهِ عَلَى أَقْوَالٍ أَظْهَرُهَا أَنَّهُ يَوْمُ عِيدٍ, كَمَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعاً: ((يَوْمُ الجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدِكُمْ)).
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلامُ قَالَ: مَنْ كَانَ مِنْكُمْ مُتَطَوِّعاً مِن الشَّهْرِ فَلْيَصُمْ يَوْمَ الخَمِيسِ وَلا يَصُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ فَإِنَّهُ يَوْمُ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَذِكْرٍ. وَهَذَا أَيْضاً مِنْ أَدِلَّةِ تَحْرِيمِ صَوْمِهِ, وَلا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ كَالعِيدِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَإِنَّهُ تَزُولُ حُرْمَةُ صَوْمِهِ بِصِيَامِ يَوْمٍ قَبْلَهُ أو يَوْمٍ بَعْدَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ:
11/647 - وَعَنْهُ أَيْضاً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إلاَّ أَنْ يَصُومَ يَوْماً قَبْلَهُ، أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لا يَصُومَنَّ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ إلاَّ أَنْ يَصُومَ يَوْماً قَبْلَهُ أَوْ يَوْماً بَعْدَهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).
فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى زَوَالِ تَحْرِيمِ صَوْمِهِ لِحِكْمَةٍ لا نَعْلَمُهَا فَلَوْ أَفْرَدَهُ بِالصَّوْمِ وَجَبَ فِطْرُهُ كَمَا يُفِيدُهُ مَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالبُخَارِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ جُوَيْرِيَةَ, أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ وَهِيَ صَائِمَةٌ فَقَالَ لَهَا: ((أَصُمْتِ أَمْسِ؟)) قَالَتْ: لا. قَالَ: ((تَصُومِينَ غَداً؟)) قَالَتْ: لا. قَالَ: ((فَأَفْطِرِي)) وَالأَصْلُ فِي الأَمْرِ الوُجُوبُ.