دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم اللغة > متون علوم اللغة العربية > البلاغة > الجوهر المكنون

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27 ذو القعدة 1429هـ/25-11-2008م, 04:54 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,456
افتراضي فصل في الإسناد العقلي

(فَصْلٌ فِي الإِسْنَادِ الْعَقْلِيِّ)


وَلِحَقِيقَةٍ مَجَازٍ وَرَدَا = لِلْعَقْلِ مَنْسُوبَيْنِ أَمَّا المُبْتَدَا
إِسْنَادُ فِعْلٍ أَوْ مُضَاهِيهِ إِلَى = صَاحِبِهِ كَفَازَ مَنْ تَبَتَّلا
أَقْسَامُهُ مِنْ حَيْثُ الاعْتِقَادْ = وَوَاقِعٍ أَرْبَعَةٌ تُفَادْ
وَالثَّانِ أَنْ يُسْنَدَ لِلْمُلابِسِ = لَيْسَ لَهُ يُبْنَى كَثَوْبٍ لابِسِ
أَقْسَامُهُ بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فِي = جُزْأَيْهِ أَرْبَعٌ بِلا تَكَلُّفِ
وَوَجَبَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةُ = أَوْ مَعْنَوِيَّةٌ وَإِنْ عَادِيَّةُ


  #2  
قديم 24 ذو الحجة 1429هـ/22-12-2008م, 07:52 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حلية اللب المصون للشيخ: أحمد بن عبد المنعم الدمنهوري


قال:
(فصل: في الإسناد العقلي)

ولحقيقةٍ مجازٍ وردا = للعقلِ منسوبين أمّا المُبتدا
إسنادُ فِعْلٍ أو مُضاهيهِ إلى = صاحِبِهِ كَـ "فاز من تَبَتَّلا"
أقسامُه مِنْ حيثُ الاعتقادُ = وواقعٌ أربعةٌ تفادُ
أقول:( الفصل) معناه لغة: القطع، واصطلاحاً: جملة من الكلام، ويعبر عنها تارة بالكتاب وتارة بالباب فإن جمع بين الثلاثة ،كان الأول والثالث مندرجين تحت الثاني والأول، مندرجًا تحت الثالث، وهذا الفصل معقود لبيان أن الإسناد مطلقاً ينقسم إلى الحقيقة العقلية، والمجاز العقلي، وأقسام كل فالحقيقة العقلية: إسناد الفعل أو ما في معناه، كالمصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والظرف إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر كالفاعل فيما بني له نحو: ضرب زيد عمراً، والمفعول فيما بني له نحو: ضُرب عمرو، فإن الضاربية لزيد والمضروبية لعمرو، بخلاف نحو: نهاره صائم.
فـ"عند المتكلم" مُدخلٌ لما يطابق الاعتقاد دون الواقع، و"في الظاهر" مدخلٌ لما لا يطابق الاعتقاد، وكل منهما متعلق بله، ومعنى كونه له أن معناه قائم به وحقه أن يسند إليه، سواء كان صادراً عنه باختياره أو بغير اختياره نحو: ضرب زيد، ومات عمرو على ما فيه، ومنه مثال الكتاب، وبمقتضى هذا التعريف تكون أقسام الحقيقة العقلية من جهة الواقع والاعتقاد أربعة:
الأول: ما طابق الواقع والاعتقاد، كقولنا معاشر المؤمنين: أنبت الله البقل.
الثاني: ما طابق الاعتقاد فقط كقول الجاهل أي الكافر: أنبت الربيع البقل.
الثالث: ما طابق الواقع فقط كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها عنه: خلق الله الأفعال كلها.
الرابع: ما لا يطابق واحداً منهما كقولك: جاء زيد، وأنت تعلم أنه لم يجيء دون المخاطب.
فقوله:( ولحقيقة) الظاهر أنه متعلق بـ"اثبتن" محذوفا (ومجاز) معطوف بعاطف محذوف ومنسوبين حال من ضمير ورد البارز وللعقل متعلق به أي فيقال حقيقة عقلية ومجاز عقلي، ويصح تعليقه بوردا العائد ضميره للإسناد وألفه للإطلاق، ومنسوبين صفة لهما، وللعقل متعلق به: أي ورد (الإسناد) إلى حقيقة وإلى مجاز منسوبين للعقل.
وقوله: (أما) المبتدأ أي الحقيقة العقلية.
وقوله: (أو) مضاهيه: أي مشابهه في الدلالة على الحدث.
(وفاز من تبتلا): أي أفلح من انقطع إلى مولاه، (والتبتل) قسمان: تبتل البداية، وهو الانقطاع عن الخلق بالعزلة، وهو وصف المريدين، وتبتل النهاية وهو خلو القلب وانقطاعه عن السوى، وهو وصف الواصلين.
وقوله: (أقسامه) الضمير للمبتدأ، ولو نظر للمراد به وهو الحقيقة لأنث الضمير كما هو ببعض النسخ ولم يأت المصنف بأداة حصر ليفيد أن بعض الإسناد ليس بحقيقة ولا مجاز، نحو الإنسان حيوان، لعدم كون المسند فعلاً أو ما في معناه.
واعلم أن الحقيقة والمجاز يتصف بهما الإسناد أولا وبالذات واللفظ ثانياً وبالعرض، وبذلك ناسب ذكرهما في فن المعاني الباحث عن أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، وقد تبع الأصل في إيرادهما هنا، وفيه نظر يعلم من المطول، وأن الحقيقة تنقسم أربعة أقسام باعتبار الطرفين: لأنهما إما مستعملان في حقيقتهما اللغوية، أو مجازهما، أو المسند إليه في حقيقته والمسند في مجازه أو عكسه.
فالأول نحو: خلق الله زيداً، والثاني نحو: أحيا البحر زيداً، تريد أعطى الكريم زيداً، والثالث نحو: أحيا الإله البقل، والرابع نحو: جاء زيد، وأنت تريد غلامه.
قال:

والثانِ أَنْ يُسْنَد للملابَسِ = ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ"ثوبٍ لابِسِ"
أقسامُه بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فيْ = جُزْأيهِ أَرْبَعٌ بلا تَكَلُّفِ
أقول: مراده: (بالثاني) المجاز العقلي، وهو إسناد الفعل أو شبهه إلى ملابس بالفتح له غير ما هو له بتأويل: أي غير (الملابس) الذي ذلك الفعل أو ما في معناه مبني له، أي غير الفاعل في المبني للفاعل، وغير المفعول به في المبني للمفعول به، ومعنى التأويل نصب قرينة صارفة عن كون الإسناد إلى ما هو له، فخرج قول الكافر: أنبت الربيع البقل؛ لأنه معتقده، وكذا الأقوال الكاذبة وهذا معنى قوله: (والثان أن يسند): أي الفعل.. الخ.
وللفعل ملابسات شتى واقتصر الأصل عليه، وإن كان ما في معناه كاسم الفاعل كذلك لأنه الأصل، يلابس الفاعل لوقوعه منه، والمفعول به لوقوعه عليه، والمصدر لأنه جزء معناه، والزمان والمكان لوقوعه فيهما، والسبب لأنه يحصل به، فإسناده إلى الفاعل أو المفعول إذا كان مبنيا له حقيقة كما مر وإلى غيرهما: أي غير الفاعل في المبني للفاعل وغير المفعول به في المبني للمفعول الجامع بينهما، وهو ملابسة كل منهما للفعل مجازاً كقولهم: عيشة راضية، فيما بني للفاعل وأسند للمفعول به إذ العيشة مرضية، وحقيقة الكلام رضي المرء عيشته ثم أسند الفعل إلى المفعول من غير أن يبنى له، فبقي رضيت العيشة، وهو معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل المبني للفاعل اسم فاعل وأسند إلى ضمير العيشة، فآل الأمر إلى أن صار المفعول فاعلاً، ومنه مثال الكتاب، وهو ثوب لابس، والأصل لبس زيد ثوباً ثم اسند الفعل إلى المفعول في التقدير من غير أن يبنى له فصار لبس ثوب ثم سبك من الفعل اسم فاعل، وقيل ثوب لابس، وسيل مفعم فيما بني للمفعول وأسند إلى الفاعل، وحقيقة الكلام أفعم السيل الوادي: أي ملأه، فأسند الفعل إلى المفعول في التقدير من غير أن يبنى له، فصار الكلام هكذا: أفعم الوادي السيل، ثم حذف الفاعل وأقيم المفعول مقامه وبني الفعل له فصار: أفعم السيل، وهو معنى كونه مجازاً نظراً إلى التركيب الأول، ثم سبك منه اسم مفعول، وقيل: سيل مفعم بفتح العين، فأسند اسم المفعول إلى ضمير المفعول الذي كان في الأصل فاعلا، وجد جده في المصدر حقيقته جد الرجل في جده، فحذف الفاعل وأسند الفعل المبني له إلى المصدر مبالغة فصار جد جده مجازاً، لأن الجاد هو صاحب الجد: أي من قام به الجد لا نفس الجد، ونهاره صائم في الزمان حقيقته صام المرء نهاره، أي في نهاره، ثم حذف الفاعل وأسند الفعل المبني له إلى الزمان فصار: صام نهاره، وهذا معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل اسم فاعل وأخبر به عن النهار فقيل: نهاره صائم فإسناد الصوم إلى ضمير النهار مجاز، لأن الصائم هو الشخص، ونهر جار في المكان وحقيقته جرى ماء النهر، أي في النهر فحذف الفاعل وأسند فعله إلى المكان وقيل: جرى النهر، وهذا معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل اسم فاعل، وأسند إلى ضمير النهر إسناداً مجازياً، لان الجاري الماء في النهر لا النهر، وبنى الأمير المدينة في السبب، وحقيقته: بنت الفعلة المدينة بسبب أمر الأمير، فحذف الفاعل وأسند فعله إلى الأمير فقيل: بنى الأمير المدينة، وهذا معنى كونه مجازاً، والمجاز العقلي يجري أيضاً في النسبة الإضافية نحو: أعجبني إنبات الربيع البقل، وفي الإيقاعية نحو ولا تطيعوا أمر المسرفين، فيكون معنى قوله أن يسند الخ مطلق النسبة إسنادية كانت أو إضافية أو إيقاعية، ولا يضرنا اقتصاره على التمثيل بالنسبة الإسنادية لإتيانه بالكاف التي لا تفيد الحصر.
وقوله: (أقسامه.. الخ): يعني أن المجاز ينقسم إلى أربعة أقسام: باعتبار طرفيه لأنهما إما حقيقتان لغويتان، أو مجازان، أو المسند إليه حقيقة والمسند مجاز، أو عكسه، مثال الأول: أنبت الربيع البقل، ومثال الثاني: أحيا الأرض شباب الزمان، لأن المراد بإحيائها نضارتها بأنواع الرياحين والنبات والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة، وهو صفة تقتضي الحس والحركة، وكذلك المراد بشباب الزمان زمان ازدياد قواها النامية، وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان كون حرارته الغريزية مشبوبة: أي قوية مشتعلة، ومثال الثالث: أحيا الأرض الربيع، ومثال الرابع: أنبت البقل شباب الزمان، ومراد المصنف بالنوعين الحقيقة والمجاز، وبالجزأين المسند إليه والمسند، واختلف في المجاز العقلي، وفي المفرد هل وقعا في القرآن أم لا؟ فذهب قوم إلى الأول، وآخرون إلى الثاني، والصحيح الأول، وهو مختار الأصل: قال تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم، يذبح أبناءهم، يوما يجعل الولدان شيباً، ويكون في الإنشاء كقوله تعالى{ يا هامان ابن لي صرحاً} ولينبت الربيع ما شاء، وليصم نهارك ونحو ذلك.
قال:
وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ = أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ
أقول: المجاز العقلي لابد له من (قرينة) وهي ما دل على المراد لا بالوضع.
وهي إما لفظية كقولك: شيب رأسي توالي الهموم والأحزان ولكن الله يفعل ما يشاء
وإما معنوية، وهي أنواع:
كاستحالة قيام المسند بالمسند إليه عقلاً نحو: محبتك جاءت بي إليك، لظهور استحالة قيام المجيء بالمحبة، لان العرض لا يقوم بالعرض.
أو عادة نحو: هزم الأمير الجند؛ لاستحالة قيام هزم الجند بالأمير وحده عادة وإن كان ممكنا عقلا.
أو صدوره من الموحد في مثل أنبت الربيع البقل.
ثم الفعل في المجاز العقلي يجب أن يكون له فاعل، أو مفعول به إذا أسند إليه يكون حقيقة فمعرفة ذلك قد تكون ظاهرة كقوله تعالى{ فما ربحت تجارتهم} أي فما ربحوا في تجارتهم، وقد تكون خفية لا تظهر إلا بعد نظر وتأمل نحو: سرتني رؤيتك، أي سرني الله وقت رؤيتك وهذا مذهب الأصل، وقال الشيخ عبد القاهر: لا يجب في المجاز العقلي أن يكون الفعل له فاعل إذا أسند إليه يكون الإسناد حقيقة فإنه ليس لسرتني ونحوه فاعل يكون الإسناد إليه حقيقة وبيان مراده مذكور في المطولات.
وأنكر السكاكي المجاز العقلي، وقال الذي عند نظمه في سلك الاستعارة بالكناية يجعل الربيع مثلا في المثال استعارة عن الفاعل الحقيقي بواسطة المبالغة في التشبيه وجعل نسبة الإنبات إليه الذي هو من لوازم الفاعل الحقيقي قرينة الاستعارة، ورده الأصل بوجوه لم تسلم له، ليس هذا الاختصار محل بسطها، فليرجع إلى الأصل وشرحه للسعد من أراد الوقوف على ذلك.


  #3  
قديم 9 محرم 1430هـ/5-01-2009م, 11:51 AM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي حاشية المنياوي على حلية اللب المصون للشيخ: مخلوف بن محمد البدوي المنياوي


قال:
(فصل: في الإسناد العقلي)


ولحقيقةٍ مجازٍ وردا = للعقلِ منسوبين أمّا المُبتدا
إسنادُ فِعْلٍ أو مُضاهيهِ إلى = صاحِبِهِ كَـ "فاز من تَبَتَّلا"
أقسامُه مِنْ حيثُ الاعتقادُ = وواقعٌ أربعةٌ تفادُ
أقول:( الفصل) معناه لغة: القطع، واصطلاحاً: جملة من الكلام، ويعبر عنها تارة بالكتاب وتارة بالباب فإن جمع بين الثلاثة ،كان الأول والثالث مندرجين تحت الثاني والأول، مندرجًا تحت الثالث، وهذا الفصل معقود لبيان أن الإسناد مطلقاً ينقسم إلى الحقيقة العقلية، والمجاز العقلي، وأقسام كل فالحقيقة العقلية: إسناد الفعل أو ما في معناه، كالمصدر واسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة واسم التفضيل والظرف إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر كالفاعل فيما بني له نحو: ضرب زيد عمراً، والمفعول فيما بني له نحو: ضُرب عمرو، فإن الضاربية لزيد والمضروبية لعمرو، بخلاف نحو: نهاره صائم.
فـ"عند المتكلم" مُدخلٌ لما يطابق الاعتقاد دون الواقع، و"في الظاهر" مدخلٌ لما لا يطابق الاعتقاد، وكل منهما متعلق بله، ومعنى كونه له أن معناه قائم به وحقه أن يسند إليه، سواء كان صادراً عنه باختياره أو بغير اختياره نحو: ضرب زيد، ومات عمرو على ما فيه، ومنه مثال الكتاب، وبمقتضى هذا التعريف تكون أقسام الحقيقة العقلية من جهة الواقع والاعتقاد أربعة:
الأول: ما طابق الواقع والاعتقاد، كقولنا معاشر المؤمنين: أنبت الله البقل.
الثاني: ما طابق الاعتقاد فقط كقول الجاهل أي الكافر: أنبت الربيع البقل.
الثالث: ما طابق الواقع فقط كقول المعتزلي لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها عنه: خلق الله الأفعال كلها.
الرابع: ما لا يطابق واحداً منهما كقولك: جاء زيد، وأنت تعلم أنه لم يجيء دون المخاطب.
فقوله:( ولحقيقة) الظاهر أنه متعلق بـ"اثبتن" محذوفا (ومجاز) معطوف بعاطف محذوف ومنسوبين حال من ضمير ورد البارز وللعقل متعلق به أي فيقال حقيقة عقلية ومجاز عقلي، ويصح تعليقه بوردا العائد ضميره للإسناد وألفه للإطلاق، ومنسوبين صفة لهما، وللعقل متعلق به: أي ورد (الإسناد) إلى حقيقة وإلى مجاز منسوبين للعقل.
وقوله: (أما) المبتدأ أي الحقيقة العقلية.
وقوله: (أو) مضاهيه: أي مشابهه في الدلالة على الحدث.
(وفاز من تبتلا): أي أفلح من انقطع إلى مولاه، (والتبتل) قسمان: تبتل البداية، وهو الانقطاع عن الخلق بالعزلة، وهو وصف المريدين، وتبتل النهاية وهو خلو القلب وانقطاعه عن السوى، وهو وصف الواصلين.
وقوله: (أقسامه) الضمير للمبتدأ، ولو نظر للمراد به وهو الحقيقة لأنث الضمير كما هو ببعض النسخ ولم يأت المصنف بأداة حصر ليفيد أن بعض الإسناد ليس بحقيقة ولا مجاز، نحو الإنسان حيوان، لعدم كون المسند فعلاً أو ما في معناه.
واعلم أن الحقيقة والمجاز يتصف بهما الإسناد أولا وبالذات واللفظ ثانياً وبالعرض، وبذلك ناسب ذكرهما في فن المعاني الباحث عن أحوال اللفظ التي بها يطابق مقتضى الحال، وقد تبع الأصل في إيرادهما هنا، وفيه نظر يعلم من المطول، وأن الحقيقة تنقسم أربعة أقسام باعتبار الطرفين: لأنهما إما مستعملان في حقيقتهما اللغوية، أو مجازهما، أو المسند إليه في حقيقته والمسند في مجازه أو عكسه.
فالأول نحو: خلق الله زيداً، والثاني نحو: أحيا البحر زيداً، تريد أعطى الكريم زيداً، والثالث نحو: أحيا الإله البقل، والرابع نحو: جاء زيد، وأنت تريد غلامه.
قال:

والثانِ أَنْ يُسْنَد للملابَسِ = ليسَ لَهُ يُبْنى كَـ"ثوبٍ لابِسِ"
أقسامُه بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فيْ = جُزْأيهِ أَرْبَعٌ بلا تَكَلُّفِ
أقول: مراده: (بالثاني) المجاز العقلي، وهو إسناد الفعل أو شبهه إلى ملابس بالفتح له غير ما هو له بتأويل: أي غير (الملابس) الذي ذلك الفعل أو ما في معناه مبني له، أي غير الفاعل في المبني للفاعل، وغير المفعول به في المبني للمفعول به، ومعنى التأويل نصب قرينة صارفة عن كون الإسناد إلى ما هو له، فخرج قول الكافر: أنبت الربيع البقل؛ لأنه معتقده، وكذا الأقوال الكاذبة وهذا معنى قوله: (والثان أن يسند): أي الفعل.. الخ.
وللفعل ملابسات شتى واقتصر الأصل عليه، وإن كان ما في معناه كاسم الفاعل كذلك لأنه الأصل، يلابس الفاعل لوقوعه منه، والمفعول به لوقوعه عليه، والمصدر لأنه جزء معناه، والزمان والمكان لوقوعه فيهما، والسبب لأنه يحصل به، فإسناده إلى الفاعل أو المفعول إذا كان مبنيا له حقيقة كما مر وإلى غيرهما: أي غير الفاعل في المبني للفاعل وغير المفعول به في المبني للمفعول الجامع بينهما، وهو ملابسة كل منهما للفعل مجازاً كقولهم: عيشة راضية، فيما بني للفاعل وأسند للمفعول به إذ العيشة مرضية، وحقيقة الكلام رضي المرء عيشته ثم أسند الفعل إلى المفعول من غير أن يبنى له، فبقي رضيت العيشة، وهو معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل المبني للفاعل اسم فاعل وأسند إلى ضمير العيشة، فآل الأمر إلى أن صار المفعول فاعلاً، ومنه مثال الكتاب، وهو ثوب لابس، والأصل لبس زيد ثوباً ثم اسند الفعل إلى المفعول في التقدير من غير أن يبنى له فصار لبس ثوب ثم سبك من الفعل اسم فاعل، وقيل ثوب لابس، وسيل مفعم فيما بني للمفعول وأسند إلى الفاعل، وحقيقة الكلام أفعم السيل الوادي: أي ملأه، فأسند الفعل إلى المفعول في التقدير من غير أن يبنى له، فصار الكلام هكذا: أفعم الوادي السيل، ثم حذف الفاعل وأقيم المفعول مقامه وبني الفعل له فصار: أفعم السيل، وهو معنى كونه مجازاً نظراً إلى التركيب الأول، ثم سبك منه اسم مفعول، وقيل: سيل مفعم بفتح العين، فأسند اسم المفعول إلى ضمير المفعول الذي كان في الأصل فاعلا، وجد جده في المصدر حقيقته جد الرجل في جده، فحذف الفاعل وأسند الفعل المبني له إلى المصدر مبالغة فصار جد جده مجازاً، لأن الجاد هو صاحب الجد: أي من قام به الجد لا نفس الجد، ونهاره صائم في الزمان حقيقته صام المرء نهاره، أي في نهاره، ثم حذف الفاعل وأسند الفعل المبني له إلى الزمان فصار: صام نهاره، وهذا معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل اسم فاعل وأخبر به عن النهار فقيل: نهاره صائم فإسناد الصوم إلى ضمير النهار مجاز، لأن الصائم هو الشخص، ونهر جار في المكان وحقيقته جرى ماء النهر، أي في النهر فحذف الفاعل وأسند فعله إلى المكان وقيل: جرى النهر، وهذا معنى كونه مجازاً، ثم سبك من الفعل اسم فاعل، وأسند إلى ضمير النهر إسناداً مجازياً، لان الجاري الماء في النهر لا النهر، وبنى الأمير المدينة في السبب، وحقيقته: بنت الفعلة المدينة بسبب أمر الأمير، فحذف الفاعل وأسند فعله إلى الأمير فقيل: بنى الأمير المدينة، وهذا معنى كونه مجازاً، والمجاز العقلي يجري أيضاً في النسبة الإضافية نحو: أعجبني إنبات الربيع البقل، وفي الإيقاعية نحو ولا تطيعوا أمر المسرفين، فيكون معنى قوله أن يسند الخ مطلق النسبة إسنادية كانت أو إضافية أو إيقاعية، ولا يضرنا اقتصاره على التمثيل بالنسبة الإسنادية لإتيانه بالكاف التي لا تفيد الحصر.
وقوله: (أقسامه.. الخ): يعني أن المجاز ينقسم إلى أربعة أقسام: باعتبار طرفيه لأنهما إما حقيقتان لغويتان، أو مجازان، أو المسند إليه حقيقة والمسند مجاز، أو عكسه، مثال الأول: أنبت الربيع البقل، ومثال الثاني: أحيا الأرض شباب الزمان، لأن المراد بإحيائها نضارتها بأنواع الرياحين والنبات والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة، وهو صفة تقتضي الحس والحركة، وكذلك المراد بشباب الزمان زمان ازدياد قواها النامية، وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان كون حرارته الغريزية مشبوبة: أي قوية مشتعلة، ومثال الثالث: أحيا الأرض الربيع، ومثال الرابع: أنبت البقل شباب الزمان، ومراد المصنف بالنوعين الحقيقة والمجاز، وبالجزأين المسند إليه والمسند، واختلف في المجاز العقلي، وفي المفرد هل وقعا في القرآن أم لا؟ فذهب قوم إلى الأول، وآخرون إلى الثاني، والصحيح الأول، وهو مختار الأصل: قال تعالى وإذا تليت عليهم آياته زادتهم، يذبح أبناءهم، يوما يجعل الولدان شيباً، ويكون في الإنشاء كقوله تعالى{ يا هامان ابن لي صرحاً} ولينبت الربيع ما شاء، وليصم نهارك ونحو ذلك.
قال:
وَوَجَبَتْ قرينةٌ لفظيَّةْ = أَوْ معنَوِيَّةٌ وَإِنْ عادِيَّةْ
أقول: المجاز العقلي لابد له من (قرينة) وهي ما دل على المراد لا بالوضع.
وهي إما لفظية كقولك: شيب رأسي توالي الهموم والأحزان ولكن الله يفعل ما يشاء
وإما معنوية، وهي أنواع:
كاستحالة قيام المسند بالمسند إليه عقلاً نحو: محبتك جاءت بي إليك، لظهور استحالة قيام المجيء بالمحبة، لان العرض لا يقوم بالعرض.
أو عادة نحو: هزم الأمير الجند؛ لاستحالة قيام هزم الجند بالأمير وحده عادة وإن كان ممكنا عقلا.
أو صدوره من الموحد في مثل أنبت الربيع البقل.
ثم الفعل في المجاز العقلي يجب أن يكون له فاعل، أو مفعول به إذا أسند إليه يكون حقيقة فمعرفة ذلك قد تكون ظاهرة كقوله تعالى{ فما ربحت تجارتهم} أي فما ربحوا في تجارتهم، وقد تكون خفية لا تظهر إلا بعد نظر وتأمل نحو: سرتني رؤيتك، أي سرني الله وقت رؤيتك وهذا مذهب الأصل، وقال الشيخ عبد القاهر: لا يجب في المجاز العقلي أن يكون الفعل له فاعل إذا أسند إليه يكون الإسناد حقيقة فإنه ليس لسرتني ونحوه فاعل يكون الإسناد إليه حقيقة وبيان مراده مذكور في المطولات.
وأنكر السكاكي المجاز العقلي، وقال الذي عند نظمه في سلك الاستعارة بالكناية يجعل الربيع مثلا في المثال استعارة عن الفاعل الحقيقي بواسطة المبالغة في التشبيه وجعل نسبة الإنبات إليه الذي هو من لوازم الفاعل الحقيقي قرينة الاستعارة، ورده الأصل بوجوه لم تسلم له، ليس هذا الاختصار محل بسطها، فليرجع إلى الأصل وشرحه للسعد من أراد الوقوف على ذلك.


[فصل في الإسناد العقلي]

المراد مطلق الإسناد سواء كان خبريا أو إنشائيا ولذا ذكره الأصل بالاسم الظاهر دون الضمير حيث قال ثم الإسناد منه حقيقة.. إلخ، لئلا يعود إلى الإسناد الخبري أفاده في المطول.
قوله: (أما المبتدأ) أي أماتعريف المبتدأ وهو الحقيقة العقلية ع ق.
قوله: (إسناد فعل.. إلخ) أي فهو إسناد وترك المصنف قيدين هما عند المتكلم في الظاهر فيخرج من كلامه الصور الآتية الداخلة بهما، ولو قال:
إسناد فعل للذي له غدا = والشبه عند ناطق فيما بدا

لوفى بالقيدين على أحسن وجه وغدا صار والشبه بالجر عطف على فعل وعند ناطق، وفيما بدا متعلقان بله نظير التعريف المذكور في الشارح.
قوله: (من حيث الاعتقاد وواقع) أي من حيث مطابقة نسبة جملته للاعتقاد ومطابقتها للواقع، وهو ما في نفس الأمر وعدم مطابقتها لهما معا وعدم مطابقة أحدهما دون الآخر اهـ ع ق، ففي كلام المصنف حذف الواو مع ما عطفت ولك أن تقول إن في كلامه حذف مضاف أي من حيث متعلق الاعتقاد والواقع، وهو المطابقة وعدمها فتأمل.
قوله: (من الكلام) أي الدال على المسائل.
قوله: (مندرجين تحت الثاني) أي بحيث يكون ما يذكر فيهما من مسماه، وكذا يقال فيما بعد فيقال مثلا كتاب الطهارة، ثم يقال باب الوضوء، ثم يقال فصل ينتقض الوضوء بكذا.
قوله: (مطلقا) أي لا بقيد كونه إسناد شيء إلى ما هو له أو لغيره لئلا يلزم انقسام الشيء إلى نفسه وغيره.
قوله: (وأقسام كل) بالجر عطف على قوله إن الإسناد.. إلخ، لتأوله بمصدر من خبر إن أي لبيان انقسام الإسناد.. إلخ، وأقسام كل.
قوله: (إسناد الفعل) أي نسبته مطلقا ناقصة كانت، أو تامة خبرية أو إنشائية محققة، أو مقدرة، فيدخل فيه نسبة المصدر والمشتقات إلى فواعلها اهـ عبد الحكيم، ولعل النسبة الناقصة نسبة الفعل في جملة الصلة أو الصفة اهـ صبان، وقوله مطلقا تعميم في النسبة في ذاتها من غير نظر للمضاف إليه هذا هو الظاهر، وربما تشعر به عبارة الدسوقي.
وقوله: (فيدخل فيه) أي بقوله مقدرة إذ النسبة فيهما تقديرية لأن كلا منهما مع مرفوعة في حكم المفرد تدبر، والمراد بالفعل الاصطلاحي النحوي.
قوله: (أو ما في معناه) الظرفية من ظرفية الدال في المدلول فما واقعة على لفظ كما سيفيده قوله كالمصدر.. إلخ، والمراد لفظ دال على جزء معنى الفعل أعني الحدث.
قوله:( كالمصدر) إن أدخلنا أمثلة المبالغة في اسم الفاعل والجار والمجرور في الظرف وهو الأظهر كانت الكاف، لإدخال اسم الفعل والمنسوب في نحو أتميمي أبوك على ما في الأول وإلا كانت لإدخال الأربعة اهـ صبان وقوله على ما في الأول أي من كونه إنما يصح إدخاله إن قلنا إنه دال على معنى الفعل كما هو أحد القولين لا إن قلنا إنه دال على لفظه، كما هو القول الآخر.
قوله: (إلى ما) أي إلى شيء هو اي المذكور من الفعل أو معناه له أي لذلك الشيء، وقوله في الظاهر أي ظاهر حال المتكلم كما سيشير إليه.
قوله: (فيما بني له) أي مع مسند صيغ وأسند ذلك المسند له، وكذا يقال فيما بعد اهـ صبان، وأفاد أن في بمعنى مع وأن ما واقعة على مسند وأن اللام في له بمعنى إلى متعلقة بمحذوف هو أسند.
قوله: (فإن الضاربية) أي التي هي معنى ضرب المبنى للفاعل وكذا يقال في المضروبية.
قوله: (بخلاف نحو.. إلخ) أي مما أسند فيه المبني للفاعل لغير الفاعل.
قوله: (مدخل لما يطابق.. إلخ) توضيح المقام أن قوله ما هو له يتبادر منه أن المراد ما هو له بحسب الواقع، فيتناول ما يطابق الواقع، والاعتقاد معا وما يطابق الواقع فقط، ولا يتناول ما يطابق الاعتقاد دون الواقع وما لم يطابق شيئا منهما، فإذا زيد قوله عند المتكلم دخل ما يطابق الاعتقاد فقط وخرج ما يطابق الواقع فقط، فإذا زيد في الظاهر دخل ما لم يطابق الاعتقاد، وما لم يطابق شيئا منهما اهـ يس اهـ صبان.
قوله: (لما لا يطابق الاعتقاد) أي سواء طابق الواقع أم لا اهـ صبان.
قوله: (وكل منهما) أي من قوله عند المتكلم وقوله في الظاهر.
قوله: (متعلق بله) لنيابته عن العامل اهـ عبد الحكيم، أي لأنه ظرف مستقر ينوب عن العامل الذي هو متعلقه، فهو أي الظرف عامل فيما بعده، فلا حاجة لتقدير مضاف أي بمتعلق قوله له صبان.
قوله: (أن معناه قائم به) فيلزم أنه وصف له.
وقوله: (وحقه أن يسند إليه) أي ينسب إليه سواء صلح حمله عليه أم لا كما صرح به ففائدته دفع توهم حمل الوصف على المحمول اهـ عبد الحكيم.
وقوله:( كما صرح به) أي السعد في المطول حيث قال ولا يشترط صحة حمله عليه، وإلا لخرج ما يكون المسند فيه مصدرا اهـ.
وقوله: (حمل الوصف) أي المذكور هناك قبل قوله وحقه، وهو هنا مفهوم بطريق اللزوم ،كما أشرنا إليه، فيكون المدفوع توهمه هنا، بقوله وحقه إلخ حمل الوصف اللازم لما قبله هذا وقد تبع الشارح في هذا البيان العلامة السعد قال الصبان قال في الأطول، ومعنى كونه له أن حقه أن يسند إليه في مقام الإسناد سواء كانت النسبة للنفي أو للإثبات، لا أن يكون قائما به حتى لا يشكل بقولنا ما قام زيد، لأن القيام حقه أن يسند إلى زيد في مقام نفيه عنه بخلاف ما صام نهاري، فإن الصوم حقه أن ينسب إلى المتكلم في مقام نفيه عنه لا إلى نهاره نعم حقه أن يسند إلى النهار في مقام نفيه عنه؛ وحينئذ ذلك الإسناد حقيقة، فاحفظه فإنه من الدقائق اهـ، وقوله حتى لا يشكل راجع لما قبل النفي، وقوله فإن الصوم.. إلخ، أي فالإسناد مجازي خارج عن التعريف.
وقوله: (وحينئذ) أي حين إذ كان الإسناد في مقام نفي الصوم عن النهار.
قوله: (أو بغير اختياره) عبارة السعد بدله أولا، وقد فهم الحفيد أن النفي منصب على القيد السابق فقط، أي أو صدر عنه لا باختياره، فاعترض بأن الموت ليس صادرا عنه أصلا، فيلزم خروج نحو مات زيد وقد فهم الشارح فهمه فقال أو بغير اختياره مشيرا فيما بعد إلى ما قاله الحفيد والذي فهمه سم أن النفي منصب على المقيد بقيده؛ أي أولا يكون صادرا عنه باختياره بأن لا يكون صادرا عنه كمات أو يكون صادرا لا باختياره، كحركة المرتعش، فالنفي يتوجه حينئذ تارة إلى المقيد وقيده وتارة للقيد وهكذا كل نفي ماثله والغالب الثاني وبهذا الفهم يندفع اعتراض الحفيد.
قوله: (نحو ضرب.. إلخ) نشر على ترتيب اللف.
قوله: (على ما فيه) أي من كون المسند ليس صادرا عنه وقد علمت سقوطه.
قوله: (ومنه) أي من الشق الثاني على ما فيه أيضا مما مر.
قوله: (وبمقتضى هذا التعريف) أي بسبب ما يقتضيه من دخول ما مر.
قوله: (من جهة الواقع.. إلخ) يجري هنا ما جرى في المصنف من الوجهين السابقين فلا تغفل.
قوله:( كقولنا معاشر.. إلخ) ينبغي أن يعتبر في هذا المثال وما بعده عدم إخفاء المتكلم حاله من المخاطب، كيلا يحمل على المجاز فتأمله اهـ فنرى.
قوله: (أي الكافر) وتسميته جاهلا لجهله بالمؤثر القادر فينسب الأفعال لغيره أفاده الصبان.
قوله: (الربيع) يحتمل أن يراد به المطر وأن يراد به زمن الربيع وهو المتبادر اهـ صبان ووجه التبادر أن الكفار ينسبون الأفعال إلى الزمان، فيكون الإثبات منسوبا إلى زمن الربيع بزعمهم قرره شيخنا.
قوله: (لمن لا يعرف حاله وهو يخفيها عنه) لا يخفى أن القيد الثاني يكفي في كون الكلام المذكور حقيقة، لأن المعتزلي إذا أخفى حاله من المخاطب، وقال خلق الله الأفعال كلها لا ينصب قرينة على عدم إرادة الظاهر، فيكون حقيقة سواء عرف المخاطب في نفس الأمر حال المتكلم، أم لا وكان مراده لمن لا يعرف حاله في اعتقاده، لا لمن يعرف حاله في نفس الأمر اهـ، فنري وقوله وكان مراده.. إلخ، أي فيكون القيد الأول معتبرا أيضا احترازا عما إذا اعتقد أن المخاطب يعرف حاله، فإن الإسناد لا يتعين حينئذ كونه حقيقة لجواز أن يكون المتكلم قد جعل علم السامع قرينة، فيكون مجازا ومعلوم أن الثاني محترز به عما إذا كان لا يعرفها وأظهرها له، فالإسناد حينئذ مجاز ولعبد الحكيم هنا رد على الفنري، فانظره قال الفنري بقي ههنا تأمل وهو أن المعتزلي إذا ألقى قوله خلق الله الأفعال كلها إلى عالم بحاله وجاهل يلزم أن يكون الكلام الواحد حقيقة ومجازا في حالة واحدة. اللهم إلا أن يمنع استحالته بالنظر إلى شخصين اهـ.
قوله:( كقولك جاء زيد.. إلخ) فهو من الحقيقة ولو لم يطابق واحدا منهما، لأنه لما هو له فيما يظهر من حال المتكلم، ولا ينافي كونه كذا، لأن الكذب لا ينافي الحقيقة ع ق اهـ صبان.
قوله: (دون المخاطب) إذ لو علمه المخاطب أيضا لما تعين كونه حقيقة لجواز أن يكون المتكلم قد جعل علم السامع، بأنه لم يجئ قرينة على أنه لم يرد ظاهره، فلا يكون الإسناد إلى ما هو له عند المتكلم في الظاهر قاله السعد.
وقوله: (إذ لو علمه.. إلخ) أي وعلم المتكلم أن المخاطب يعلم ذلك، وإلا لم يجز أن يكون مجازا لعدم تأتي جعل المتكلم علم السامع قرينة قاله الصبان.
قوله: (فقوله) الفاء للفصيحة.
قوله: (بأنبتن محذوفا) ومفعوله محذوف هو الإسناد.
قوله: (من ضمير.. إلخ) هو الألف فهي ضمير تثنية على هذا الوجه.
قوله: (أي فيقال.. إلخ) بيان للنسبة إلى العقل المأخوذة من قوله للعقل.. إلخ.
قوله: (يصح تعلقه) أي قوله لحقيقة فهو مقابل للتعلق بالفعل المحذوف.
قوله: (إلى حقيقة.. إلخ) وقع مثل ما للشارح لبعض الشراح ولا وجه للعدول عن اللام لإلى، إذ المعنى ورد الإسناد للحقيقة والمجاز على وجه كونه مقسما، وهذا المعنى لا يستدعي الإتيان بإلى فتأمل.
قوله: (ليفيد أن بعض.. إلخ) أي ولو أتى بأداة حصر لأفاد حصره في القسمين وليس كذلك، ثم إن إفادة المصنف أن بعض الإسناد.. إلخ، ظاهرة على الوجه الأول من الوجهين السابقين دون الثاني، إذ فيه تقديم المعمول وهو يفيد الحصر، فكأنه قيل ورد الإسناد لحقيقة ومجاز لا لغيرهما فتنبه، ثم إن إفادة ما ذكر جرى على مذهب الخطيب التابع له المصنف قال الصبان، بل إسناد الخبر إلى المبتدأ عنده ليس بحقيقة ولا مجاز سواء كان جامدا أو مشتقا كما في ع ق، ويدل له ما سيأتي في كلام المصنف أن إسناد الفعل أو ما في معناه إلى الفاعل أو نائبه حقيقة دون غيرهما، فإسناد قائم إلى زيد ليس حقيقة ولا مجازا وأما إسناده إلى ضميره فحقيقة تأمل اهـ.
قوله: (يتصف بهما.. إلخ) لأنه الثابت في محله بحسب الذات عند كونه لما هو له والمتجاوز عن محله بحسب الذات عند كونه لغير ما هو له.
قوله: (ثانيا) أي اتصافا ثانيا.
وقوله: (وبالعرض) أي ومتلبسا بالعرض، أي العروض بواسطة الإسناد، ثم إنه كثيرا ما يقع لفظ العرض منهم في أمثال هذه العبارة، فلينظر ما هو بالنسبة إلى عرض بمعنى طرأ.
قوله: (وبذلك) أي بوصف اللفظ بهما والباء للسببية.
قوله: (يعلم من المطول) عبارته فإن قيل لم لم يذكر بحث الحقيقة والمجاز العقليين في علم البيان، كما فعله السكاكي ومن تبعه قلنا زعم أنه داخل في تعريف علم المعاني دون البيان، فكأنه مبني على أنه من الأحوال المذكورة في التعريف كالتأكيد والتجريد عن المؤكدات، وفيه نظر لأن علم المعاني، إنما يبحث عن الأحوال المذكورة من حيث إنه يطابق بها اللفظ مقتضى الحال وظاهر أن البحث في الحقيقة والمجاز العقليين ليس من هذه الحيثية، فلا يكون داخلا في علم المعاني، وإلا فالحقيقة والمجاز اللغويان أيضا من أحوال المسند إليه أو المسند اهـ.
وقوله: (لأن علم المعاني.. إلخ) يعني أن مجرد كونهما من الأحوال المذكورة لا يكفي في إدخالهما في المعاني، بل لابد أن يكون البحث لحيثية المطابقة ،كما مر والبحث عنهما ليس من هذه الحيثية، إذ لا يبحث عن الدواعي المقتضية لإيراد الحقيقة والمجاز.
وقوله: (وإلا) أي وإن لم يعتبر الحيثية لزم دخول اللغويين أيضا في المعاني اهـ عبد الحكيم.
وقوله: (فالحقيقة والمجاز.. إلخ) أي باعتبار إطلاقهما على الاستعمال لا الكلمة هذا هو الظاهر.
قوله: (وأن الحقيقة) عطف على مدخول اعلم.
قوله: (باعتبار الطرفين) متعلق بتقسيم أي باعتبار حقيقة الطرفين ومجازيتهما لا باعتبار استعمالهما مطلقا، فالحصر إضافي، فلا يرد أنه يجوز كون الطرفين أو أحدهما كناية، فلا يصح الحصر على مذهب من يجعلها قسيما للحقيقة والمجاز أفاده الصبان.
قوله: (تريد أعطى الكريم) فالإحياء حقيقة إيجاد الحياة وهي صفة تقتضي الحس والحركة، ثم استعير لإعطاء الشيء المنعم به بجامع صلاحية الجسم بكل واشتق منه أحيا، بمعنى أعطى واستعارة البحر للكريم معروفة.
قوله: (أحيا الإله) استعير الإحياء للإنبات بجامع إطلاق الإيجاد واشتق.. إلخ.
قوله: (وأنت تريد غلامه) ففيه مجاز بالحذف أو هو من باب التجوز في العلم على ما بحثه بعضهم وسيأتي.
قوله: (والثاني) أي في قوله والحقيقة.. إلخ.
قوله: (أن يسند) أي فعل أو مضاهيه من مصدر واسم فاعل واسم مفعول وصفة مشبهة واسم تفضيل وظرف ع ق.
قوله: (للملابس) أي للفعل أو مضاهيه مما ذكر.
قوله: (ليس له يبنى) أي يسند حقيقة وجملة ليس.. إلخ، حال من نائب فاعل يسند.
قوله: (بحسب النوعين) يعني نوع المجاز ونوع الحقيقة، وإنما قال نوعين إشارة إلى أن المعتبر من التجوز، والحقيقة اللذين باعتبارهما حصل التقسيم النوعية لا الشخصية، لأنهما لغويان في الطرفين لا عقليان اهـ ع ق.
وقوله: (لأنهما لغويان.. إلخ) أي فباعتبار النوعية صح إرادة اللغويين، لأنهما من مشمول النوعين.
وقوله: (لا عقليان) أي فلا يصح اعتبار شخص العقليين لمباينتهما لما اعتبر التقسيم بحسبه في الواقع، فتحصل أنه إنما قال النوعين للإشارة إلى أن المعتبر في التقسيم، إنما هو النوعان باعتبار بعض مشمولها لا الشخصان المذكوران في هذا البحث لمباينتهما لما اعتبر التقسيم بحسبه في الواقع تدبر.
قوله: (جزأيه) وهما المسند الذي هو فعل أو معناه والمسند إليه.
قوله: (بلا تكلف) أي في استخراجها وذلك أن المجاز العقلي مخصوص بالفعل أو معناه، فإذا أسند الفعل أو معناه لغير ما هو له فهو مجاز، فحينئذ ذلك الفعل أو معناه لا يخلو من أن يراد معناه الأصلي، فيكون حقيقة لغوية أو يراد به غير معناه لعلاقة، فيكون مجازا لغويا والمسند إليه كذلك، فلم يخرج الإسناد المجازي عن أن يكون طرفاه حقيقيين معا أو مجازيين معا أو الأول حقيقيا والثاني مجازيا أو العكس فهذه أربعة اهـ ع ق.
قوله: (المجاز العقلي) إنما سمي عقليا لأن التجوز في أمر معقول يدرك بالعقل، وهو الإسناد بخلاف المجاز اللغوي، فإنه في أمر نقلي وهو أن هذا اللفظ لم يوضع لهذا المعنى صبان عن يس.
وقوله: (وهو.. إلخ) لعله فيه نوع تساهل والواضح وهو اللفظ المنقول عن الواضع الذي جعل دالا على معنى.
قوله: (بالفتح) هو المناسب لقوله فيما يأتي يلابس الفاعل والمفعول.. إلخ، فقد جعل فيما يأتي المسند إليه الذي هو الفاعل وما بعده ملابسا بالفتح ويجوز الكسر أيضا، لأن الملابسة من الجانبين صبان بإيضاح.
قوله: (غير ما) بالجر نعت لملابس.
قوله: (أي غير الملابس.. إلخ) فسر الموصول بالملابس رعاية لما سيأتي من قوله، وللفعل ملابسات شتى وإشارة إلى علاقة المجاز، وهي اشتراكهما في الملابسة لا للاحتراز عما لا يكون ملابسا، فإنه قد حصل الاحتراز عنه، بقوله إلى ملابس اهـ من عبد الحكيم.
وقوله: (فسر الموصول.. إلخ) أي كما عبر عن الموصوف بالملابس.
وقوله: (رعاية لما.. إلخ) أي الشامل للملابسين.
وقوله: (اشتراكهما) أي الحقيقة والمجاز العقليين.
وقوله: (لا للاحتراز.. إلخ) الظاهر أن توهمه، إنما ينبني على انصباب الغيرية على الصلة ،كما هو الغالب وإلا فلينظر وجه توهمه.
قوله: (مبني له) أي مسند إليه حقيقة اهـ صبان.
قوله: (أي غير الفاعل.. إلخ) إنما احتاج لذلك لأن الضمير المجرور في كل من قوله إلى ملابس له.
وقوله: (ما هو له) راجع للفعل أو معناه، أي لأحد الأمرين، كما هو قضية أو، فالمعنى إسناد أحد الأمرين إلى ملابس لأحدهما، ذلك الملابس غير الملابس الذي أحد الأمرين له، فيصدق على الإسناد في ضرب زيد بالبناء للفاعل أنه إسناد لأحد الأمرين، وهو الفعل إلى ملابس لأحد الأمرين، وهو زيد غير الملابس الذي له أحد الأمرين، وهو معنى الفعل في قولنا مضروب عمرو، فيلزم أن يكون مجازا وليس كذلك اهـ صبان عن يس، وفي دعواه عود للضمير المجرور في قوله ما هو له لأحد الأمرين نظر واضح من صنيع السعد، والشارح ومن باقي هذه العبارة، إذ مفادهما أن العائد الثاني للأحد هو المرفوع تأمل.
قوله: (ومعنى التأويل نصب.. إلخ) كان ينبغي للمصنف أن يقدم قوله ووجبت قرينة.. إلخ، على ذكر الأقسام، ليكون إشارة إلى هذا القيد، فقد أوجب تأخيره كون التعريف غير مانع تأمل.
قوله: (لأنه معتقده) أي فلم يوجد نصب.
قوله: (وكذا الأقوال.. إلخ) أي لأن المتكلم يروج حقيقة إسنادها فلا نصب.
قوله: (هذا معنى.. إلخ) لعل المراد أكثر هذا وإلا فقوله بتأول لا يستفاد من البيت بل مما يأتي بعده كما مر فتأمل.
قوله: (وللفعل.. إلخ) إشارة إلى تفصيل وتحقيق للتعريفين.
قوله: (شتى) جمع شتيت كمريض ومرضى.
قوله: (واقتصر الأصل.. إلخ) إن قلت ما المانع من أن يراد الفعل اللغوي، أي الحدث فيشمل الجميع. قلت مخالفته لما سبق من قوله إسناد الفعل أو معناه، لأنه صريح في أنه أراد الفعل الاصطلاحي، وإلا لزم استدراك قوله أو معناه صبان.
قوله: (يلابس.. إلخ) استئناف بياني.
وقوله: (الفاعل) أي الحقيقي.
وقوله: (لقيامه.. إلخ) بيان لوجه الملابسة وكذا ما بعده.
قوله: (والمفعول به) المراد بالمفعول به ما يشمل ما يتعدى إليه الفعل بحرف الجر، فإن إسناد الفعل المجهول إليه حقيقة نحو مر بزيد أفاده في المطول.
قوله: (والمصدر) لا يقال هو من جملة ما في معنى الفعل فعده من جملة الملابسات يلزم عليه ملابسة المصدر للمصدر. لأنا نقول اللزوم ممنوع لجواز استثناء المصدر أو لكون الكلام على التوزيع.
فقوله: (أو المصدر) أي في غير المصدر على أنه قد تحقق ملابسة المصدر للمصدر، كما في قولك أعجبني قتل ضربك صبان.
قوله: (والسبب) سواء كان مفعولا له أو لا، كما في بنى الأمير المدينة اهـ عبد الحكيم.
وقوله:( كما في بنى.. إلخ) أي فإنه ليس في الأصل مفعولا له، كما سيبينه الشارح هذا، ولم يتعرض الشارح للمفعول معه والحال والتمييز والمستثنى، لأن الفعل لا يسند إليها مطلقا معلوما أو مجهولا خلافا للكسائي في تجويزه إسناد المجهول إلى التمييز، قال في طاب زيد نفسا طيب نفسه كذا في الرضى أفاده المطول وعبد الحكيم.
قوله: (فإسناده إلى الفاعل.. إلخ) المراد بالفاعل هنا الفاعل الحقيقي، أي ما حق الإسناد أن يكون إليه لا النحوي، وإلا كان مثل أنبت الربيع البقل وبنى الأمير المدينة حقيقة عقلية نقله الصبان عن السيرامي، ثم إن ظاهر كلام الشارح كالأصل غير صحيح، لأن ظاهره إلى الفاعل إذا كان مبنيا للفاعل أو المفعول به أو إلى المفعول به إذا كان مبنيا لأحدهما مطلقا، فيقتضي أنه إذا أسند الفعل المبني للفاعل إلى المفعول به أو العكس كان حقيقة مع أنه مجاز وإلى تصحيحه أشار السعد بقوله يعني أن إسناده إلى الفاعل، إذا كان مبنيا له وإلى المفعول به، إذا كان مبنيا له حقيقة اهـ أي، فكلامه على التوزيع ويشير إلى ما ذكره السعد هنا قول الشارح بعد أي غير الفاعل.. إلخ.
قوله: (وإلى غيرهما.. إلخ) قد ذكر الشارح أمثلة المجاز لإسناد الفعل المعلوم، ولم يذكر من أمثلة المجاز لإسناد الفعل المجهول إلا واحدا أعني سيل مفعم، فإنه أسند فيه معنى الفعل المجهول إلى الفاعل، وقد ذكرها عبد الحكيم فانظره.
قوله: (أي غير الفاعل.. إلخ) لما كان ظاهر كلامه يوهم أنه إذا أسند الفعل المبني للفاعل إلى المفعول به أو العكس لا يكون مجازا، بل حقيقة إذ لا يصدق على ذلك أنه أسند إلى غيرهما مع أنه مجاز أشار بهذا التفسير إلى أن كلامه على التوزيع، فتأمل أفاده الصبان فهذا التفسير، لإفادة الدخول والعناية السابقة عن السعد لإفادة الخروج فتنبه.
قوله: (بينهما) أي بين ذلك الغير وأحد الأمرين الفاعل والمفعول.
قوله: (فيما.. إلخ) كأنه حال من قولهم المذكور على حذف والتقدير ،كائنا فيما بنى مسنده للفاعل.. إلخ، على أن الطرفية من ظرفية الخاص في العام صبان ومثله يقال فيما بعده، والقول فيه مقدر بعد العاطف.
قوله: (وأسند إلى المفعول به) أي الحقيقي، وإلا فالمسند إليه فاعل نحوي صبان.
قوله: (وحقيقة الكلام.. إلخ) بين فيه الإسناد الحقيقي في الفعل والمجازي فيه، وأن التجوز في معناه بعد ملاحظة ما ذكر.
فقوله: (ثم سبك.. إلخ) أي ثم بعد ملاحظة ما ذكر سبك.. إلخ، ونظير هذا ما بعده فلا تغفل.
قوله: (في جده) لم أر لهذا الجار وجها مع عدم ظهور المعنى عليه، فالظاهر حذفه ونصب جده على أنه مصدر مبين للنوع.
قوله: (وبنى الأمير.. إلخ) أي في السبب الآمر ومثال الغائي ضرب التأديب ومنه يوم يقوم الحساب، أي أهله لأجله ذكره في المطول.
قوله: (الإضافية) وإذا جرى فيها أو فيما بعدها جرت الحقيقة العقلية أيضا، فلا يختص الحقيقة والمجاز بالنسبة الإسنادية، كما يوهمه كلام المصنف أفاده الصبان عن يس.
قوله: (إنبات الربيع) أي بناء على أن الإضافة، بمعنى اللام ولو جعلت، بمعنى في فلا يكون مجازا بل حقيقة.
والحاصل أنه لا بد من النظر إلى قصد المتكلم ونفس الأمر، فإن كان ما قصده مناسبا بحسب نفس الأمر، فحقيقة وإلا فمجاز اهـ صبان، عن يس وقوله أنه لا بد.. إلخ، فيه أن النظر إنما هو إلى ما يفهمه المخاطب من ظاهر حال المتكلم وإلى كلام المتكلم، فإن تطابقا فحقيقة وإلا فمجاز قرره شيخنا.
قوله: (والإيقاعية) هي نسبة الفعل إلى المفعول، فإن الفعل المتعدي واقع على المفعول أي متعلق به اهـ صبان.
قوله: (فيكون.. إلخ) أي فيكون المراد بالإسناد المنسبك من قوله أن يسند مطلق.. إلخ، وحينئذ يكون مجازا مرسلا من إطلاق المقيد على المطلق، كإطلاق المرسن على الأنف، فإن الإسناد هو النسبة التامة بين المسند والمسند إليه، فاستعمل في مطلق النسبة تامة أو ناقصة بين الطرفين أو بين المسند والمفعول اهـ صبان.
وقوله:( كإطلاق.. إلخ) فإنه في الحقيقة الأنف الملابس للمرسن، ثم أطلق على مطلق الأنف.
قوله: (أربعة) يعلم وجه الانحصار فيها مما مر عن ع ق في أقسام الحقيقة.
قوله: (نضارتها) أي حسنها والظاهر أن المراد هنا تحسينها، لأنه المناسب لاستعارة الإحياء له، فيكون قد أطلق اسم المسبب على السبب، وعبارة السعد تهييج القوى النامية فيها، وإحداث نضارتها، وهي تفيد ما قلنا فتأمل.
قوله: (في الحقيقة) أي في اللغة.
وقوله: (إعطاء) أي إيجاد صبان وتقدم بيان المجاز في أقسام الحقيقة.
قوله: (تقتضي الحس) أي الإدراك بالحواس الخمس الظاهرة صبان عن سم.
قوله: (وكذا المراد.. إلخ) الأولى أن يراد بشباب الزمان كون الزمان يزيد قوى الأرض المنمية اهـ صبان. ولعل وجه الأولوية أنه يلزم على تفسير السعد، والشارح أن يكون معنى شباب الزمان زمان الزمان، فيحتاج إلى تكلف جعل الإضافة من إضافة الجزء للكل تأمل.
قوله: (زمان ازدياد.. إلخ) فالمعنى هيج قوى الأرض وأحدث نضارتها زمن ازدياد قواها اهـ منه.
قوله: (قواها) أي الأرض.
وقوله: (النامية) أي التي شأنها النمو، فلا يتكرر مع قوله ازدياد اهـ منه.
قوله: (عبارة عن كون.. إلخ) لا يخفى ما فيه من الإشارة إلى وجه التسمية، وقد شبه به المعنى المراد هنا، ووجه الشبه كون كل من الأمرين مستحسنا لما يترتب عليه من المحاسن، واستعير اللفظ من المشبه به للمشبه.
قوله: (الغريزية) أي المغروزة في البدن والكائنة فيه على وجه اللزوم.
قوله: (وإذا تليت.. إلخ) فإسناد زادتهم إلى ضمير الآيات مجاز لأن الزيادة فعل الله، وإنما الآيات سبب لها اهـ مطول.
قوله: (يذبح أبناءهم) نسب إلى فرعون التذبيح الذي هو فعل جيشه، لأنه سبب آمر اهـ مطول وفي هذا الاستشهاد نظر لأنه يجوز أن يكون مجازا لغويا، أي يأمر بذبح، فلا يكون مما نحن فيه أفاده الصبان عن يس والمجاز حينئذ مرسل تبعي من إطلاق اسم المسبب على السبب.
قوله: (يوما) نصب على أنه مفعول به لتتقون، أي كيف تتقون يوم القيامة إن بقيتم على الكفر.
وقوله: (يجعل.. إلخ) نسب الفعل إلى الزمان وهو لله حقيقة وهذا كناية عن شدته وكثرة الهموم والأحزان فيه، لأن الشيب مما يتسارع عند تفاقم الشدائد والمحن أو عن طوله، فإن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة قاله السعد قال الصبان .
وقوله:( وهذا) أي جعل الولدان شيبا.
وقوله:( كناية.. إلخ) فيه إشارة إلى أن الكناية لا تنافي المجاز العقلي.
وقوله: (لأن الشيب.. إلخ) ظاهر في تقرير الكناية على قول السكاكي، إن الكناية اللفظ المستعمل في ملزوم معناه، فقوله يجعل الولدان شيبا لفظ موضوع للازم هو تسارع الشيب، وقد استعمل في الملزوم وهو شدته وكثرة الهموم والأحزان، وعلى الوجه الثاني اللازم الشيخوخة المعبر عنها بقوله شيبا والملزوم الطول، وقوله أو عن طوله لا يخفى أن مجرد الطول لا يستلزم التعجب من عدم الاتقاء في الدنيا وتأخيرهم له إلى يوم القيامة، لأن الطول قد يشتمل على السرور، فلا بد من اعتبار كثرة الهموم معه حتى يحسن التعجب.
وقوله: (أو أن الشيخوخة) أي فيشيبون اهـ.
قوله: (نحو يا هامان.. إلخ) فإن البناء فعل العملة وهامان سبب آمر قاله السعد.
وقوله: (صرحا) أي قصرا ويجري في هذا الشاهد ما مر في يذبح أبناءهم قاله الصبان.
قوله: (ووجبت قرينة) أي للمجاز العقلي، وذلك لما تقدم أن الإسناد في الكلام يحمل على أن المتكلم أتى به لظاهره، حيث لا ينصب قرينة على أنه أراد خلاف ذلك الظاهر، فيكون الإسناد حقيقيا، وإن لم يطابق الواقع ولا الاعتقاد، فعلم من ذلك إن الإسناد المجازي لا بد له من قرينة كما ذكر اهـ ع ق.
قوله: (وهي ما) أي شيء أعم من كونه لفظا أو غيره.
قوله: (لا بالوضع) أي بل بطريق الإشارة إليه إن كانت القرينة لفظية أو بواسطة العقل أو العادة إن كانت عقلية أو عادية.
قوله: (شيب رأسي.. إلخ) فقوله ولكن.. إلخ دل على أنه يسند الأفعال لله، وأن إسناد الشيب إلى التوالي متجوز فيه عنده.
قوله:( كاستحالة.. إلخ) تمثيل لها ببعض أنواعها.
قوله: (عقلا) تمييز من نسبة الاستحالة إلى القيام، لكن على أنه فاعل لمتعدي الاستحالة، وهو الإحالة ،كما في قولهم امتلأ الإناء ماء، فماء ليس فاعلا لامتلأ بل لمتعديه وهو ملأ، فإن التمييز لا يلزم أن يكون فاعلا للفعل المذكور، بل يصح أن يكون لملازمه أو لمتعديه. إن قلت إذا كانت الاستحالة عقلا قرينة فلم كان قول الدهري أنبت الربيع البقل حقيقة مع أن العقل الصحيح يحيله. قلت المراد بالاستحالة ما لو خلى العقل ونفسه حكم بها، وإنبات الربيع البقل ليس كذلك، بل يحتاج العقل فيه إلى دليل اهـ من الصبان، ببعض تصرف.
وقوله: (لو خلى.. إلخ) من غير اعتبار أمر آخر معه من نظر أو عادة أو إحساس، أو تجربة إلى غير ذلك نقله هو عن عبد الحكيم.
قوله: (نحو محبتك جاءت بي إليك) الاستحالة هنا ظاهرة على مذهب المبرد في نحو ذهبت بزيد من أن الفاعل صاحب المفعول في الذهاب لا على مذهب س؛ من أن المعنى جعلت زيدا ذاهبا، لأن الظاهر أن المعنى على هذا كنت حاملا وسببا في ذهابه، ولا يعنى بالسبب إلا الحامل ولا شك في صحة إسناد مثل ذلك إلى المحبة، لأنها تثير المجيء وتحمل عليه، فمعنى محبتك جاءت بي إليك على هذا جعلتني جائيا من غير أن يشاركني في المجيء، أي كانت سببا في مجيئي، ولا شك أنها سبب حقيقة، فلا يكون إسناد المجيء إليها مجازا، فلعل المثال مبني على مذهب المبرد اهـ سم بإيضاح اهـ صبان.
قوله: (لظهور استحالة.. إلخ) أي وإنما كان هذا النوع أعني الاستحالة المذكورة موجودا في هذا المثال لظهور.. إلخ، وكذا يقال فيما بعده.
قوله: (قيام المجيء) أي الحقيقي لا بمعنى جعل الغير جائيا كما علمت.
قوله: (أو عادة) عطف على عقلا أي أو استحالة القيام المذكور عادة.
قوله: (أو صدوره) عطف على استحالة، أي وكصدور الكلام قاله السعد، ولم يعد الضمير للمجاز، لم يلزم عليه من التكلف راجع الصبان.
قوله: (من الموحد) لا بد من تقييده بغير المخفي حاله صبان عن الأطول.
قوله: (ثم الفعل) مثله ما في معناه واقتصر عليه لأنه الأصل.
قوله: (يجب أن يكون له فاعل) نحو أنبت الربيع البقل، وقوله أو مفعول نحو ضرب زيد صبان عن سم. وحاصل ما أفاده الشارح أن الفعل المبني للفاعل المسند إسنادا مجازيا، لا بد له من فاعل يكون إسناده إليه حقيقة ،والمبني للمفعول المسند إلى غيره لا بد له من مفعول يكون إسناده إليه حقيقة، ومعرفة كل منهما إما ظاهرة وإما خفية.
قوله: (فمعرفة ذلك) أي ما ذكر من الفاعل والمفعول، ولم يقل وذلك إما ظاهر.. إلخ، للتنصيص على أن المراد الظهور والخفاء بحسب العلم، لا بحسب الوجود أفاده الصبان عن عبد الحكيم.
قوله: (فما ربحت تجارتهم) فإن الفاعل الحقيقي فيه ظاهر، وهو الشخص المتجر، فالأصل فما ربحوا في تجارتهم، وأسند الربح في الآية إلى سببه.
قوله: (خفية) لكثرة الإسناد إلى الفاعل المجازي وترك الإسناد إلى الفاعل الحقيقي اهـ عبد الحكيم.
قوله: (وتأمل) عطف تفسير إن لم يرد النظر الاصطلاحي الذي هو ترتيب.. إلخ، وهو الأقرب ولازم إن أريد صبان.
قوله: (سرتني رؤيتك) ففي معرفة الفاعل الحقيقي نوع خفاء لما علمت قال عبد الحكيم هذا القول مجاز، إذا أريد منه حصول السرور عند الرؤية، أما إذا أريد أن الرؤية موجبة للسرور، فهو حقيقة اهـ معنى التركيب، حينئذ أوجبت رؤيتك السرور وهذا إسناد حقيقي.
قوله: (وقال الشيخ عبد القاهر.. إلخ) رده الإمام فخر الدين الرازي، بأن الفعل لا بد أن يكون له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل، فهو إن كان ما أسند إليه الفعل، فلا مجاز وإلا فيمكن تقديره قاله السعد، قال الصبان المناسب وإلا فلا بد من تقديره ليكون مناسبا للدعوى اهـ. أقول فيه أن إمكان التقدير في المسند إسنادا مجازيا مستلزم لثبوت الفاعل الحقيقي، إذ لا يمكن عند انتفائه، كما هو ظاهر والثبوت المذكور هو المطلوب، بل هذا المناسب يفيد أن كل فعل أسند إسنادا مجازيا يجب تقدير فاعله الحقيقي وليس كذلك. ألا ترى أن الغالب في سرتني رؤيتك عدم التقدير تأمل منصفا.
قوله: (وبيان مراده.. إلخ) مراده نفي وجوب فاعل محقق في الخارج أسند إليه الفعل حقيقة إسنادا يعتد به، بأن يقصد في العرف والاستعمال إسناد الفعل إلى ذلك الفاعل، وأما أن الموجد هو الله فلا نزاع فيه، إنما النزاع في الفاعل بالوجه المذكور، فليس مراده أن الفعل قد يخلو عن الفاعل رأسا فسقط الاعتراض السابق أفاده الصبان، وقد قال السعد بعد ذكر اعتراض الرازي، وظني أن هذا تكلف والحق ما ذكره الشيخ، ووجه التكلف أن تقدير الفاعل الموجد وهو الله تعالى في سرتني رؤيتك، ونحوه تقدير لما لم يقصد في الاستعمال ولا يتعلق به الغرض في التراكيب أفاده الصبان عن اليعقوبي.
قوله: (وأنكر السكاكي.. إلخ) تقليلا للانتشار وتقريبا لمضبط اعتبارات البلغاء اهـ صبان.
قوله: (في سلك الاستعارة بالكناية) وهي عنده أن يذكر المشبه ويريد المشبه به بواسطة قرينة، وهي أن تنسب إليه شيئا من اللوازم المساوية للمشبه به مثل أن تشبه المنية بالسبع في اغتيال النفوس، ثم تفردها بالذكر مرادا بها المشبه به وتضيف إليها شيئا من لوازم السبع، فتقول مخالب المنية نشبت بفلان قاله السعد.
وقوله: (مرادا بها المشبه به) أي الادعائي قال الصبان في الاستعارة بالكناية استعارة بالكناية، بأن تشبه الاستعارة بالكناية بالدر المنظوم في سلك تشبيها مضمرا في النفس والسلك تخييل والنظم ترشيح.
قوله: (بجعل الربيع) أي لفظ الربيع صبان.
قوله: (المبالغة في التشبيه) الظاهر أن مراده بالمبالغة في التشبيه إدخال المشبه في جنس المشبه به وجعله من أفراده ادعاء راجع سم صبان.
قوله: (وجعل نسبة إنبات.. إلخ) فيه أن السكاكي يجعل قرينة الاستعارة بالكناية استعارة تخييلية بالمعنى الذي ذهب إليه فيها، فالموافق لمذهبه أن يقول وجعل استعارة ما هو لخاصة من خواص المشبه به لصورة وهمية تتوهم في المشبه شبيهة بتلك الخاصة مثبتة، للمشبه قرينة الاستعارة، ويمكن أن يتكلف ويحمل كلامه على أن المراد وجعل نسبة ما هو مشبه بالإنبات.. إلخ، كذا يستفاد من الصبان عن الأطول.
قوله: (فليرجع إلى الأصل.. إلخ) لا داعي إلى الرجوع ولا إلى نقلها حيث لم تسلم مع عدم اقتضاء الحال إياها.


  #4  
قديم 18 ذو الحجة 1430هـ/5-12-2009م, 12:10 PM
جميلة عبد العزيز جميلة عبد العزيز غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - مجموعة المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 229
افتراضي الشرح الصوتي للجوهر المكنون للشيخ: عصام البشير المراكشي

(فَصْلٌ فِي الإِسْنَادِ الْعَقْلِيِّ)


وَلِحَقِيقَةٍ مَجَازٍ وَرَدَا = لِلْعَقْلِ مَنْسُوبَيْنِ أَمَّا المُبْتَدَا
إِسْنَادُ فِعْلٍ أَوْ مُضَاهِيهِ إِلَى = صَاحِبِهِ كَفَازَ مَنْ تَبَتَّلا
أَقْسَامُهُ مِنْ حَيْثُ الاعْتِقَادْ = وَوَاقِعٍ أَرْبَعَةٌ تُفَادْ
وَالثَّانِ أَنْ يُسْنَدَ لِلْمُلابِسِ = لَيْسَ لَهُ يُبْنَى كَثَوْبٍ لابِسِ
أَقْسَامُهُ بِحَسَبِ النَّوْعَيْنِ فِي = جُزْأَيْهِ أَرْبَعٌ بِلا تَكَلُّفِ
وَوَجَبَتْ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةُ = أَوْ مَعْنَوِيَّةٌ وَإِنْ عَادِيَّةُ


موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
في, فصل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:48 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir