(وهي)- أي: الإقامَةُ- (إِحْدَى عَشْرَةَ) جُمْلَةً بِلا تَثْنِيَةٍ، وتُبَاحُ تَثْنِيَتُهَا, (يَحْدُرُهَا)؛ أي: يُسْرِعُ فيها، ويَقِفُ على كُلِّ جُمْلَةٍ؛ كالأذانِ، (ويُقِيمُ مَن أَذَّنَ) استِحْبَاباً، فلو سُبِقَ المُؤَذِّنُ بالأذانِ, فأرَادَ المُؤَذِّنُ أن يُقِيمَ؛ فقالَ أَحْمَدُ: لَو أعادَ الأذَانَ كمَا صَنَعَ أَبُو مَحْذُورَةَ؟!
فإِنْ أَقَامَ مِن غَيْرِ إعادَةٍ؛ فلا بَأْسَ. قالَهُ في(المُبْدِعِ).
(فِي مَكَانِهِ)؛ أي: يُسَنُّ أن يُقِيمَ فِي مَكَانِ أَذَانِه (إِن سَهُلَ)؛ لأنَّه أَبْلَغُ في الإعلامِ، فإنْ شَقَّ؛ كأنْ أَذَّنَ في مَنَارَةٍ أو مَكَانٍ بَعِيدٍ عَن المَسْجِدِ, أَقَامَ في المَسْجِدِ؛ لئَلاَّ يَفُوتَهُ بَعْضُ الصَّلاةِ، لكنْ لا يُقِيمُ إلا بإِذْنِ الإمامِ.
(ولا يَصِحُّ) الأذانُ (إلا مُرَتَّباً)؛ كأَرْكَانِ الصَّلاةِ, (مُتَوَالِياً) عُرْفاً؛ لأنَّه لا يَحْصُلُ المَقْصُودُ مِنْهُ إلاَّ بذلكَ، فإنْ نَكَّسَهُ, لم يُعْتَدَّ بهِ، ولا تُعْتَبَرُ المُوَالاةُ بَيْنَ الإقَامَةِ والصَّلاةِ إذا أقَامَ عِنْدَ إِرَادَةِ الدُّخُولِ فيها.
ويَجُوزُ الكَلامُ بينَ الأذانِ وبَعْدَ الإقامَةِ قبلَ الصَّلاةِ، ولا يَصِحُّ الأذانُ إِلاَّ (مِن) وَاحِدٍ, ذَكَرٍ, (عَدْلٍ), ولو ظَاهِراً، فلو أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْضَهُ, وكَمَّلَهُ آخَرُ، أو أَذَّنَتِ امْرَأَةٌ خُنْثَى أو ظَاهِرُ الفِسْقِ, لم يُعْتَدَّ به، ويَصِحُّ الأذانُ (ولو) كانَ (مُلْحِناً)؛ أي: مُطْرِباً بهِ, (أو) كانَ (مَلْحُوناً) لَحْناً لا يُحِيلُ المَعْنَى، ويُكْرَهَانِ مِن ذِي لُثْغَةٍ فَاحِشَةٍ، وبَطَلَ إن أُحِيلَ المَعْنَى، (ويَجْزِي) أَذَانٌ (مِن مُمَيِّزٍ)؛ لصِحَّةِ صَلاتِه, كالبَالغِ.