(ومَن جَحَدَ وُجُوبَهَا, كَفَرَ) إذا كانَ مِمَّن لا يَجْهَلُه, وإنْ فَعَلَهَا؛ لأنَّهُ مُكَذِّبٌ للَّهِ ورَسُولِه وإِجْمَاعِ الأُمَّةِ، وإنِ ادَّعَى الجَهْلَ؛ كحَدِيثِ الإِسْلامِ, عُرِّفَ وُجُوبَهَا, ولم يُحْكَمْ بكُفْرِه؛ لأنَّهُ مَعْذُورٌ، فإن أَصَرَّ, كفَرَ، (وكذا تَارِكُهَا تَهَاوُناً) أو كَسَلاً, لا جُحُوداً, (ودَعَاهُ إِمَامٌ أو نَائِبُه) لفِعْلِهَا, (فأَصَرَّ وضَاقَ وَقْتُ الثَّانِيَةِ عَنْهَا)؛ أي: عن الثَّانِيَةِ؛ لحديثِ: ((أَوَّلُ ما تَفْقِدُونَ مِن دِينِكُمُ الأَمَانَةُ، وآخِرُ مَا تَفْقِدُونَ الصَّلاةُ)).
قالَ أَحْمَدُ: كُلُّ شَيْءٍ ذَهَبَ آخِرُه لم يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ، فإِنْ لمْ يُدْعَ لفِعْلِهَا, لم يُحْكَمْ بكُفْرِه؛ لاحتِمَالِ أنَّهُ تَرَكَهَا لعُذْرٍ يَعْتَقِدُ سُقُوطَهَا لمِثْلِه.
(ولا يُقْتَلُ حتَّى يُسْتَتَابَ ثَلاثاً فِيهِمَا)؛ أي: فيما إذا جَحَدَ وُجُوبَهَا, وفِيمَا إذا تَرَكَهَا تهاوناً, فإنْ تَابَا وإلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُمَا. والجُمُعَةُ كغَيْرِهَا، وكذا رُكْنٌ أو شَرْطٌ، ويَنْبَغِي الإشَاعَةُ عَن تَارِكِهَا بتَرْكِهَا حتَّى يُصَلِّيَ، ولا يَنْبَغِي السَّلامُ علَيْهِ ولا إِجَابَةُ دَعْوَتِه، قالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، ويَصِيرُ مُسْلِماً بالصَّلاةِ, ولا يَكْفُرُ بتَرْكِ غَيْرِهَا مِن زَكَاةٍ وصَوْمٍ وحَجٍّ تَهَاوُناً وبُخْلاً.