(ولا تَصِحُّ الصَّلاةُ) بلا عُذْرٍ, فَرْضاً كانت أو نَفْلاً, غَيْرَ صَلاةِ جَنَازَةٍ (في مَقْبَرَةٍ) بتَثْلِيثِ البَاءِ، ولا يَضُرُّ قَبْرَانِ، ولا ما دُفِنَ بدَارِه، (و) لا في (حُشٍّ)؛ بضَمِّ الحاءِ وفَتْحِهَا: وهو المِرْحَاضُ، (و) لا في (حَمَّامٍ) دَاخِلِه وخَارِجِه وجَمِيعِ ما يَتْبَعُه في البَيْعِ، (وأَعْطَانِ إِبِلٍ), وَاحِدُهَا عَطَنٌ، بفَتْحِ الطَّاءِ، وهي المَعَاطِنُ جَمْعُ مَعْطِنٍ بكَسْرِ الطَّاءِ، وهي ما تُقِيمُ فيها وتَأْوِي إِلَيْهَا.
(و) لا في (مَغْصُوبٍ) ومَجْزَرَةٍ ومَزْبَلَةٍ وقَارِعَةِ طَرِيقٍ، (و) لا في (أَسْطِحَتِهَا)؛ أي: أَسْطِحَةِ تلك المَوَاضِعِ وسَطْحِ نَهَرٍ، والمَنْعُ فيما ذُكِرَ تَعَبُّدِيٌّ؛ لِمَا رَوَى ابنُ مَاجَهْ والتِّرْمِذِيُّ, عَن ابنِ عُمَرَ, أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ((نَهَى أنْ يُصَلَّى فِي سَبْعِ مَوَاطِنَ: المَزْبَلَةِ والمَجْزَرَةِ والمَقْبَرَةِ وقَارِعَةِ الطَّرِيقِ وفِي الحَمَّامِ وفي مَعَاطِنِ الإِبِلِ وفَوْقَ ظَهْرِ بَيْتِ اللَّهِ)).
(وتَصِحُّ) الصَّلاةُ (إليها)؛ أي: إلى تلكَ الأمَاكِنِ معَ الكَرَاهَةِ إن لم يَكُنْ حَائِلٌ، وتَصِحُّ صَلاةُ الجِنَازَةِ والجُمُعَةِ والعِيدِ ونَحْوِهَا بطَرِيقٍ؛ لضَرُورَةٍ، وتَصِحُّ الصَّلاةُ على رَاحِلَةٍ بطَرِيقٍ وفي سَفِينَةٍ، ويَأْتِي.
(ولا تَصِحُّ الفَرِيضَةُ في الكَعْبَةِ ولا فَوْقَهَا) والحَجَرِ مِنْهَا، وإن وَقَفَ على مُنْتَهَاهَا بحيثُ لم يَبْقَ وَرَاءَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، أو وقفَ خَارِجَهَا وسَجَدَ فيها, صَحَّت؛ لأنَّه غَيْرُ مُسْتَدْبِرٍ لشَيْءٍ مِنْهَا.
(وتَصِحُّ النَّافِلَةُ) والمَنْذُورَةُ فِيهَا وعليها (باستِقْبَالِ شَاخِصٍ مِنْهَا)؛ أي: معَ استِقْبَالِ شَاخِصٍ مِنَ الكَعْبَةِ، فلو صَلَّى إلى جِهَةِ البَابِ أو على ظَهْرِهَا, ولا شَاخِصَ مُتَّصِلٌ بها, لم تَصِحَّ، ذكَرَهُ في (المُغْنِي) و(الشَّرْحِ) عَن الأصحابِ؛ لأنَّه غيرُ مُسْتَقْبِلٍ لشَيْءٍ مِنْها.
وقالَ في (التَّنْقِيحِ): اختَارَهُ الأَكْثَرُ. وقالَ في (المُغْنِي): الأَوْلَى أنَّهُ لا يُشْتَرَطُ؛ لأنَّ الوَاجِبَ استِقْبَالُ مَوْضِعِهَا وهَوَائِهَا دُونَ حِيطَانِهَا؛ ولهذا تَصِحُّ على جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ, وهو أَعْلَى مِنْهَا. وقَدَّمَهُ في (التَّنْقِيحِ) وصَحَّحَهُ في (تَصْحِيحِ الفُرُوعِ).
قالَ في (الإِنْصَافِ): وهو المَذْهَبُ على ما اصطَلَحْنَا.
ويُسْتَحَبُّ نَفْلُه في الكَعْبَةِ بينَ الأُسْطُوَانَتَيْنِ وِجَاهَهُ إذا دخَلَ؛ لفِعْلِه صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ.