باب جماع أبواب إثبات صفات الله عز وجل
وفي إثبات أسمائه إثبات صفاته، لأنه إذا ثبت كونه موجودا، فوصف بأنه حي، فقد وصف بزيادة صفة على الذات هي الحياة، فإذا وصف بأنه قادر فقد وصف بزيادة صفة هي القدرة، وإذا وصف بأنه عالم فقد وصف بزيادة صفة هي العلم، كما إذا وصف بأنه خالق فقد وصف بزيادة صفة هي الخلق، وإذا وصف بأنه رازق فقد وصف بزيادة صفة هي الرزق، وإذا وصف بأنه محيي فقد وصف بزيادة صفة هي الإحياء، إذ لولا هذه المعاني لاقتصر في أسمائه على ما ينبئ عن وجود الذات فقط ثم صفات الله عز اسمه قسمان: أحدهما: صفات ذاته وهي ما استحقه فيما لم يزل ولا يزال والآخر: صفات فعله وهي ما استحقه فيما لا يزال دون الأزل، فلا يجوز وصفه إلا بما دل عليه كتاب الله تعالى أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمع عليه سلف هذه الأمة ثم منه ما اقترنت به دلالة العقل كالحياة والقدرة والعلم والإرادة والسمع والبصر والكلام ونحو ذلك من صفات ذاته وكالخلق والرزق والإحياء والإماتة والعفو والعقوبة، ونحو ذلك من صفات فعله ومنه ما طريق إثباته ورود خبر الصادق به فقط كالوجه واليدين والعين في صفات ذاته، وكالاستواء على العرش والإتيان والمجيء والنزول ونحو ذلك من صفات فعله، فثبتت هذه الصفات لورود الخبر بها على وجه لا يوجب التشبيه، ونعتقد في صفاته ذاته أنها لم تزل موجودة بذاته ولا
[الأسماء والصفات: 1/276]
تزال موجودة به، ولا نقول فيها إنها هو ولا غيره، ولا هو هي ولا غيرها ولله تعالى أسماء وصفات يستحقها بذاته لا أنها زيادة صفة على الذات كوصفنا إياه بأنه إله عزيز مجيد جليل عظيم ملك جبار متكبر شيء قديم، والاسم والمسمى فيها واحد ونعتقد في صفات فعله أنها بائنة عنه سبحانه ولا يحتاج في فعله إلى مباشرة: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} ونحن نشير في إثبات صفات الله تعالى ذكره إلى موضعه من كتاب الله عز وجل، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإجماع سلف هذه الأمة، على طريق الاختصار ليكون عونا لمن يتكلم في علم الأصول من أهل السنة والجماعة، ولم يتبحر في معرفة السنن وما يقبل منها وما يرد من جهة الإسناد والله يوفقنا لما قصدناه، ويعيننا على طلب سبيل النجاة بفضله ورحمته
[الأسماء والصفات: 1/277]