دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > إدارة برنامج إعداد المفسر > القراءة المنظمة في التفسير وعلوم القرآن

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 5 ربيع الأول 1443هـ/11-10-2021م, 03:01 PM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,754
افتراضي

(9) تاريخ نشأة لفظ الإعجاز
قال أبو فهر محمود بن محمد شاكر الحسيني (ت: 1418هـ): (9)
هكذا كان ينبغي أن يكون نظر المتكلمين الأوائل في لفظ (العجز) فحصًا عن سلامة الشرط الذي وضعوه، فإن يكونوا قد أغفلوا ذلك سهوًا في نشوة الفرح بشرطهم هذا، فهو عجب، ولكنه سهو غير ممكن ... وبيان ذلك أن هذا الشرط الغامض المبهم، إذا صح أنه قد مر معهم مرورًا سهلاً في جميع آيات الرسل، حتى أغراهم بالاطمئنان إلى إحكامه وسلامته، فإنهم حين جاءوا إلى القرآن العظيم، وجوده (آية) لا تشبه شيئًا من آيات الرسل منذ آدم عليه السلام، حتى جاء آية فريدة في تاريخ البشر، أوتيها نبينا صلى الله عليه وسلم دون سائر الرسل، فوجدوا شرطهم مع هذه الآية، لا يطاوعهم كما طاوعهم من قبل. فحاروا حيرة مضنية، وقلبوا له الوجوه يلتمسون المخرج، ومعهم شرطهم سالمًا كل السلامة، محكمًا كل الإحكام. وهذا التقليب دال على أنهم أدركوا ما فيه من غموض وإبهام وفساد خفي، فآثروا أن يتغاضوا
[مداخل إعجاز القرآن: 47]

عن هذا كله، وذهبوا ينظرون: كيف كان مجيء (العجز) مع هذه الآية الفريدة في تاريخ البشر، وفي تاريخ الأنبياء والرسل؟ وهذا دليل قاطع على أن الأمر غير ممكن أن يكون كان سهوًا.
فإذا كان ذلك كذلك، فليت شعري، من هؤلاء الذين وضعوا هذا الشرط، ثم أدركوا فساده، ثم تكاتموا ذلك بينهم، وذهبوا كل مذهب ينظرون كيف كان مجيء هذا (العجز) في هذه الآية الفريدة، وهي القرآن العظيم؟
أما الصحابة والتابعون، فيقين حاسم، لم يتكلموا ولم ينظروا في شيء من ذلك ولا في شيء من مثله حتى إذا ما انقضت المئة الأولى من الهجرة وانتصفت المئة الثانية أو كادت جاء واصل بن عطاء الغزال البليغ الألثغ، فاعتزل وشق (الكلام) للمتكلمين من بعده، وصار هو رأس (المعتزلة)، ومبدأ طريقهم. وقد ولد واصل سنة 80 من الهجرة، ثم ذهب في سنة 131هـ، وكان حياته مشغولاً بالكلام في القدر والصفات، وأفعال العباد والمنزلة بين المنزلتين، وهي أصل عمل المتكلمين، ولا يعرف له قول في آيات الرسل، ولا في القرآن العظيم. ومضى أمر واصل وأصحابه على ذلك حتى نبغ أبو الهذيل العلاف البصري، المولود بعد وفاة واصل في نحو سنة 135 من الهجرة، حتى توفى سنة 235هـ، عن
[مداخل إعجاز القرآن: 48]
مئة سنة، وامرأته أخت امرأة واصل، وهما ابنتا عمرو بن عبيد. وكان أبو الهذيل قد أخذ الاعتزال عن بعض أصحاب سلفه واصل، حتى استوى له الطريق، فجعل يقرر للمعتزلة طريق الاعتزال، فمهد الطريق، وناظر عليها، حتى غدا الرئيس المقدم على طائفته بالبصرة، وكان في زمانه رجلان من المعتزلة، ولدا بالبصرة في صدر حياته، أولهما: ابن أخته أبو إسحق إبراهيم بن سيار النظام، ولد سنة 160 تقريبًا وتوفي سنة 231 = والآخر: أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ولد سنة 150، وتوفي سنة 255.
أما أقدم هؤلاء الثلاثة ميلادًا، وهو أبو الهذيل العلاف، فشغل بواصل وأقوال سلفه واصل، يقرر مذهبه ويناظر عليه، ويوافق واصلاً ويخالفه، حتى صار شيخ المعتزلة ورئيسها، وشق لمن بعده من المتكلمين طريقًا واسع الأرجاء. بيد أنا لا نكاد نجد له قولاً يذكر في آيات الرسل ولا في القرآن، إلا مسألةً في (باب الإلهيات) ، وهي مسألة (كلام الله)، فإنه كان يقول إن بعضه في محل، وهو (كن) وبعضه في لا محل، كالأمر والنهي والخبر والاستخبار، إلى آخر ما يكون من ذلك.
ثم دخل على أبي الهذيل ابن أخته، وتلميذه، وصاحبه أبو إسحق النظام، فأخذ عنه أخذًا كثيرًا، حتى إذا ما استوى واشتد
[مداخل إعجاز القرآن: 49]
ساعده وجمع علم أبي الهذيل في صدره، انفتل عنه وانفرد بعلمه انفرادًا كاد يخمل ذكر خاله أبي الهذيل العلاف، وهو حي معه بالبصرة بعد واجه خاله كفاحًا، وأخذ يناظر شيخه وخاله في مسائل (الكلام)، حتى يجعل صدر شيخه ضيقًا حرجًا، فيقوم من مجلسه منصرفًا عن تلميذه وصاحبه. يقول أبو عثمان الجاحظ في كتاب الحيوان (3: 60): (وقيل لأبي الهذيل: إنك إذا راوغت وتعاللت - وأنت تكلم النظام - وقمت، فأحسن حالاتك أن يشك الناس فيك وفيه! فقال أبو الهذيل: خمسون شكًا خير من يقين واحد) أراد بالشك: الشك في جنونهما واختلاط عقلهما). هذا تاريخ لا بد منه.
وإذا كنا لم نجد لواصل الغزال، ولا لسلفه أبي الهذيل العلاف = وهما كبشا الاعتزال اللذان أسسا مذهب الكلام وناطحا عنه = قولا يذكر في آيات الرسل ولا في آية القرآن، فالأمر إذن بين. ويزيده بيانًا أن أبا إسحق النظام، الذي كان يلقى شيخه وخاله كفاحًا، يناظره حتى يكثر عليه ويحرجه، فلا يملك إلا المراوغة والتعلل بأسباب ملفقة حتى يفارق المجلس = وأنا أبا عثمان الجاحظ، خدن النظام ورفيقه في صحبة الشيخ، وهو الذي ينوه بذكر أبي الهذيل، وإن كان أحيانًا يتعقبه بالرد على بعض
[مداخل إعجاز القرآن: 50]
آرائه في كتبه، ويتلعب به أحيانًا أخرى متندرًا ببخله = كلا الرجلين لم يذكر له في هذا الباب شيئًا. إذن، فالذي وضع هذا الشرط في الآية ناس غير واصل وأبي الهذيل وغير أصحابهما الأول.
فإذا كان ثالث الثلاثة أبو عثمان الجاحظ هو أول من ذكر الشرط صريحًا في كتبه، ولا سيما كتاب (حجج النبوة)، وكان هو وأبو إسحق النظام جميعًا، هما اللذين التمسا المخرج من إبهامه وغموضه، وذهبا معًا ينظران كيف كان مجيء (العجز) مع هذه الآية الفريدة في تاريخ الأنبياء والرسل = فالأمر البين الذي لا يستره إبهام ولا غموض، هو أنهما هما اللذان كانا أول من وضع هذا الشرط: (مدار الآية على عجز الخليقة)، ثم تداولاه معًا، حتى صاغاه هذه الصياغة، ثم مرا به معًا على آيات الرسل، فلما جاءا إلى القرآن العظيم، آية نبينا صلى الله عليه وسلم، وقفا معا على غموضه وإبهامه وفساده الخفي، فضنا بوليدهما الغض الإهاب، فتكاتما هذا المغمز الخفي في تكوينه، وانطلقا يلتمسان المخارج بكل حيلة، ومعهما شرطهما الحديث الميلاد، يحوطانه حتى يسلم وينمو ويستفحل. وقد كان! ومشيئة الله غالبة على كل ما كان وما يكون).
[مداخل إعجاز القرآن: 47-51]


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مداخل, كتاب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:37 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir