213 - عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَبَّرَ جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ، وَإِذَا رَكَعَ أَمْكَنَ يَدَيْهِ منْ رُكْبَتَيْهِ، ثُمَّ هَصَرَ ظَهْرَهُ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ اسْتَوَى حَتَّى يَعُودَ كُلُّ فَقَارٍ مَكَانَهُ، فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَ يَدَيْهِ غَيْرَ مُفْتَرِشٍ وَلا قَابِضِهِمَا، وَاسْتَقْبَلَ بِأَطْرَافِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ الْقِبْلَةَ، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ اليُسْرَى، وَنَصَبَ اليُمْنَى، وَإِذَا جَلَسَ فِي الركعةِ الأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَنَصَبَ الأُخْرَى، وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
· مُفْرَدَاتُ الْحَدِيثِ:
- أَمْكَنَ يَدَيْهِ: يُقَالُ: مَكَّنَهُ مِنَ الشيءِ، وَأَمْكَنَهُ مِنْهُ: أَقْدَرَهُ عَلَيْهِ، وَأَمْكَنَ يَدَيْهِ منْ رُكْبَتَيْهِ؛ أي: مَكَّنَ اليدَ من الركبةِ فِي القبضِ عَلَيْهَا.
- جَعَلَ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ: (حَذْوَ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ الذالِ، يُقَالُ: حَاذَى الشيءُ الشيءَ مُحَاذَاةً: صَارَ بِحِذَائِهِ وَإِزَائِهِ؛ يَعْنِي: أَنَّ المُصَلِّيَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ.
- عِنْدَ تَكْبِيرَةِ الإحرامِ، حَتَّى تُحَاذِيَ مَنْكِبَيْهِ.
- مَنْكِبَيْهِ: المَنْكِبُ - بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْكَافِ -: هُوَ مجتمعُ رأسِ العَضُدِ وَالكَتِفِ، مُذَكَّراً.
- هَصَرَ ظَهْرَهُ: بِفَتْحِ الْهَاءِ، فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ، فَرَاءٍ، أَصْلُ الهَصْرِ: أَنْ يَأْخُذَ بِرَأْسِ الْعُودِ، فَيَثْنِيَهُ إِلَيْهِ، وَيَعْطِفَهُ.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: (ثَنَى ظَهْرَهُ فِي اسْتِوَاءٍ منْ غَيْرِ تَقْوِيسٍ)، وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَلَى الراجحِ: (حَنَى ظَهْرَهُ) بالحاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
- فَقَارٍ: بِتَقْدِيمِ الفاءِ عَلَى الْقَافِ، وبفتحِ الْمُخَفَّفَةِ، جَمْعُ ( فَقِيرَةٍ )، وَهِيَ عظامُ فِقْرَاتِ الظهرِ المُسْتَقِيمَةُ منْ عظامِ الصُّلْبِ، مِنْ لدنِ الكاهلِ إِلَى العَجْبِ، والجَمْعُ: فِقَرٌ وَفَقَارٌ، قَالَ ثَعْلَبٌ: فَقَارُ الإِنْسَانِ سَبْعَ عَشْرَةَ.
- رُكْبَتَيْهِ: تَثْنِيَةُ (رُكْبَةٍ)، جَمْعُهُ ( رُكَبٌ)، مِثْلُ: غُرْفَةٍ وَغُرَفٍ، وَالرُّكْبَةُ: مَوْصِلُ مَا بَيْنَ أسفلِ أطرافِ الفَخِذِ وأَعَالِي السَّاقِ.
- مُفْتَرِش ذِرَاعَيْهِ: افْتِرَاشُ الذِّرَاعَيْنِ: هُوَ إِلْقَاؤُهُمَا عَلَى الأَرْضِ.
- حَنَى: بالحاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ، هُوَ بِمَعْنَى الروايةِ الأُخْرَى: ( غَيْرَ مُقْنِعٍ رَأْسَهُ، وَلا مُصَوِّبِهِ). قَالَ شَيْخُ الإسلامِ: الركوعُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لا يَكُونُ إِلاَّ إِذَا سَكَنَ حِينَ انْحِنَائِهِ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الخَفْضِ فَلا يُسَمَّى رُكُوعاً.
- مَقْعَدَتِهِ: المَعْقَدَةُ: هِيَ السافلةُ من الشخصِ.
· مَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحَدِيثِ:
1- وُجُوبُ تكبيرةِ الإحرامِ بقولِ: ( اللَّهُ أَكْبَرُ)، وَلا تَنْعَقِدُ الصَّلاةُ بِدُونِهَا.
2- اسْتِحْبَابُ رَفْعِ الْيَدَيْنِ حَذْوَ المَنْكِبَيْنِ مَعَ تكبيرةِ الإحرامِ.
قَالَ فِي (شرحِ الإقناعِ): وَيَكُونُ ابتداءُ الرفعِ مَعَ ابتداءِ التكبيرِ، ويَسْقُطُ ندبُ رَفْعِ اليدَيْنِ مَعَ فراغِ التكبيرِ كُلِّهِ؛ لأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا.
قَالَ الحافظُ: رَوَى رَفْعَ اليدَيْنِ فِي أَوَّلِ الصَّلاةِ خَمْسُونَ صَحَابِيًّا، مِنْهُم العشرةُ المُبَشَّرُونَ بالجَنَّةِ، وَهُوَ سُنَّةٌ عِنْدَ الأَئِمَّةِ الأربعةِ.
3- اسْتِحْبَابُ تَمْكِينِ يَدَيْهِ منْ رُكْبَتَيْهِ أثناءَ الركوعِ، وَتَفْرِيجِ أَصَابِعِهِ، وَأَحَادِيثُ وَضْعِ اليَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ فِي الركوعِ بَلَغَتْ حَدَّ التَّوَاتُرِ.
4- اسْتِحْبَابُ هَصْرِ المُصَلِّي ظَهْرَهُ أَثْنَاءَ الرُّكُوعِ؛ لِيَسْتَوِيَ مَعَ رَأْسِهِ، فَيَكُونَ الرأسُ بِإِزَاءِ الظَّهْرِ، فَلا يَرْفَعُهُ وَلا يَخْفِضُهُ.
5- ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَيَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ، وَيَقُولُ الإمامُ والمُنْفَرِدُ: (سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ). وَيَقُولُ المأمومُ: (رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ). وَيَبْقَى مُسْتَوِياً مُطْمَئِنًّا، رَاجِعاً كُلَّ فَقَارٍ منْ فِقْرَاتِ الظَّهْرِ إِلَى مَكَانِهِ.
6- ثُمَّ يَسْجُدُ وَيَضَعُ كَفَّيْهِ عَلَى الأَرْضِ، غَيْرَ مُفْتَرِشٍ لِذِرَاعَيْهِ، مُوَجِّهاً أَصَابِعَ يَدَيْهِ إِلَى الْقِبْلَةِ، غَيْرَ قَابِضٍ لَهُمَا.
7- يَضَعُ قَدَمَيْهِ عَلَى الأَرْضِ، مُسْتَقْبِلاً بِأَطْرَافِ أصابعِهِ الْقِبْلَةَ.
8- إِذَا جَلَسَ فِي التشهُّدِ الأَوَّلِ فَرَشَ رِجْلَهُ اليُسْرَى، وَجَلَسَ عَلَيْهَا، وَنَصَبَ اليُمْنَى مُسْتَقْبِلاً بِأَصَابِعِهَا الْقبْلَةَ.
9- إِذَا جَلَسَ فِي التشهُّدِ الأخيرِ - للصلاةِ الَّتِي فِيهَا تَشَهُّدَانِ - جَلَسَ مُتَوَرِّكاً، بِأَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ اليُسْرَى وَيُخْرِجَهَا منْ تَحْتِهِ، وَيَنْصِبَ اليُمْنَى، وَيَضَعَ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الأَرْضِ.
10- قَالَ الفقهاءُ: الْمَرْأَةُ تَفْعَلُ مِثْلَ مَا يَفْعَلُ الرَّجُلُ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، حَتَّى رَفْعِ اليَدَيْنِ، لَكِنْ تَضُمُّ نَفْسَهَا فِي ركوعٍ وسجودٍ وَغَيْرِهِمَا، فَلا تَتَجَافَى، وَتَسْدِلُ رِجْلَيْهَا فِي جَانِبِ يَمِينِهَا فِي جُلُوسِهَا، والتربُّعُ والسَّدْلُ أَفْضَلُ؛ لأَنَّهُ أَسْتَرُ لَهَا، قَالَ فِي (الإنصافِ): بِلا نِزَاعٍ.