وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ التَّشَابُهَ يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُتَوَاطِئَةِ، كَمَا يَكُونُ فِي الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرِكَةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمُتَوَاطِئَةٍ، وَإِنْ زَالَ الِاشْتِبَاهُ بِمَا يُمَيِّزُ أَحَدَ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ إِضَافَةٍ أَوْ تَعْرِيفٍ، كَمَا إِذَا قِيلَ: ( فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ) فَهُنَا قَدْ خُصَّ هَذَا الْمَاءُ بِالْجَنَّةِ، فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَاءِ الدُّنْيَا، لَكِنَّ حَقِيقَةَ مَا امْتَازَ بِهِ ذَلِكَ الْمَاءُ غَيْرُ مَعْلُومٍ لَنَا، وَهُوَ - مَعَ مَا أَعَدَّ اللَّهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ مِمَّا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ، وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ - مِنَ التَّأْوِيلِ الَّذِي لاَ يَعْلَمُهُ إِلاَّ اللَّهُ.
وَكَذَلِكَ مَدْلُولُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ الَّتِي يَخْتَصُّ بِهَا، الَّتِي هِيَ حَقِيقَتُهُ، لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ.