القاعدةُ الثانيةُ: إذا اجتَمَعَ الحلالُ والحرامُ غُلِّبَ الحرامُ
والْحِلُّ والحرامُ حيث اجْتَمَعَا = فغَلِّبِ الحرامَ مَهْمَا وَقَعَا
وخَرَجَتْ عنها على بَيَانِ = أشيا كالاجتهادِ في الأَوَانِي
وفي الثيابِ بل وفي المنسوجِ مِنْ = خَزٍّ وغيرِه على ما قَدْ زُكِنْ
ولو رَمَى لطائرٍ فَوَقَعَا = بالأرضِ مَجروحًا فماتَ مُسْرِعَا
فإنه حِلٌّ ولو عامِلَ مَن = أَكثرُ مالِه حَرامٌ لوَهَنْ
ولم يكنْ يُعرفُ عَيْنُهُ فلا = يَحْرُمُ لكن كُرْهُهُ تَأَصَّلَا
وقد رأى تحريمَه الغَزَالِي = وهو مِن الأحوَطِ فِي الْمَقالِ
كذلك الأَخْذُ مِن السلطانِ إِنْ = في أَيْدِهِ الحرامُ يَغْلِبْ فاسْتَبِنْ
والشاةُ مهما بحرامٍ تَعْتَلِفْ = فلَحْمُها ودَرُّها بالْحِلِّ صِفْ
كذا إذا ما اسْتُهْلِكَ الحرامُ أَوْ = قارَبَ الاستهلاكَ فيما قد رَأَوْا
وهذه الصورةُ تَحْتَها صُوَرْ = كخَلْطِ تحريمٍ بغيرِ ما انْحَصَرْ
فائدةٌ: والضبْطُ للمحصورِ مِن = مُهِمِّ الأشياءِ لكُثْرِ ما يَعِنْ
فما كأَلْفٍ غيرِ مَحصورٍ يُعَدْ = وما كعِشرينَ فمَحصورٌ وَرَدْ
وما يكونُ بينَ ذَيْنِ أَلْحِقِ = بالظَّنِّ ثم استَفْتِ للقلبِ النَّقِي
مُهِمَّةٌ تَدخُلُ في ذي القاعِدَهْ = تَفريقُنَا الصِّفَةَ وَهْيَ واحِدَهْ
وهو بأن يَجْمَعَ عِقْدَ مُنْفَرِدْ = حِلًّا وحُرْمًا وبأبوابٍ يَرِدْ
وحيثما جَرَى فعن قَوْلَيْنِ = لم يَخْلُ في الغالِبِ أو وَجهينِ
فالأَرْجَحُ الصحَّةُ في ذي الْحِلِّ = والآخَرُ البُطلانُ أي في الْكُلِّ
وجَريانُ الْخُلْفِ فيه يُشْتَرَطْ = له شُروطٌ ولها الأَصْلُ ضَبَطْ
فإن تُرِدْ تَحقيقَها بلا خَلَلْ = فراجِعِ الأصلَ وجانِبِ الْمَلَلْ
وها هنا قاعدةٌ تَدْخُلُ فِي = هذي فهَاكَهَا بلا تَوَقُّفِ
فحيثما اجْتَمَعَ جانبُ السَّفَرْ = وضِدُّهُ غُلِّبَ جانِبُ الْحَضَرْ
وهذه تَدْخُلُ فيها قَاعِدَهْ = أيضًا فخُذْهَا لا حُرِمْتَ الفائدهْ
فالْمُقْتَضِي معْ مانِعٍ إذا اجْتَمَعْ = يُغَلَّبُ المانِعُ حيثما وَقَعْ
واستُثْنِيَتْ مسائلٌ منها ذَكَرْ = مسألةَ اختلاطِ مَوْتَى مَن كَفَرْ
بمسلمينَ واختلاطِ الشُّهَدَا = بغَيْرِهم فغُسْلُ كلِّهم غَدَا
مِثلَ الصلاةِ واجبًا كما ذُكِرْ = كذا على الأُنْثَى بالإحرامِ حُظِرْ
إن سَتَرَتْ جزءًا مِن الوجهِ وَفِي = صَلَاتِها يَجِبْ ذاك فاعْرِفِ
ومِن بلادِ الكُفْرِ حَتْمًا هاجَرَتْ = ولو تكونُ وَحْدَها قد سافَرَتْ
خاتِمَةٌ: وللصِّحابِ قاعِدَهْ = مَشهورةٌ بعَكْسِ هذي وَارِدَهْ
ولفظُها عندَهم الحرامُ لَا = يُحَرِّمُ الحلالَ فيما نُقِلَا