دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > برنامج الإعداد العلمي العام > منتدى الإعداد العلمي

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #20  
قديم 29 ذو القعدة 1432هـ/26-10-2011م, 11:26 PM
ليلى باقيس ليلى باقيس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السابع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
المشاركات: 2,071
افتراضي

شرح كتاب (لمعة الاعتقاد) لابن قدامة, للشيخ عبد الرزاق البدر الدرس (5)


"وقال النبي صلى الله عليه وسلم لحصين _أي قبل إسلامه_: كم إلـها تعبد؟ قال: سبعة؛ ستة في الأرض وواحدا في السماء" أي أنه حال الشرك الذي كان عليه, كان يعبد سبعة آلـهة, ستة في الأرض أصنام وأحجار كان يعبدها, وواحدا في السماء أي الله سبحانه وتعالى, وهذا هو الشرك: عبادة الله واتخاذ الأنداد معه والشركاء, يحبّونهم كحب الله, ويدعونهم كما يدعون الله, ويذبحون لهم كما يذبحون لله, ويتقرّبون إليهم كما يتقرّبون إلى الله عزوجل.
والشرك هو تسوية غير الله بالله سبحانه وتعالى في حقوقه, فهو كان يعبد سبعة آلـهة, يعبد الله الذي في السماء ويعبد ستة آلـهة في الأرض.
"قال: من لرغبتك ورهبتك؟" يعني من هؤلاء السبعة, من لرغبتك ورهبتك, إذا كنت في شدّة أو في رغبة عظيمة لأمر أو ضائقة, من الذي تلجأ إليه في الشدّة وفي الرغبة العظيمة, من مِن هؤلاء الذي تلجأ إليه؟.
الله سبحانه قال عن المشركين "فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين" ففي الشدّة لا يلجئون إلا إلى الله, ولهذا لمّا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: من لرغبتك ورهبتك, أي في حال الشدائد والكربات والضائقات والضنك إلى من تلجأ,
"قال: الذي في السماء" في الشدّة لا ألجأ إلا إلى الذي في السماء, فقال عليه الصلاة والسلام:
"قال: فاترك الستة واعبد الذي في السماء" إذا كنت لا تلجأ في شدّتك إلا إليه فاترك هذه الستّة التي لا تنفعك, ولا تفيدك لا في شدّة ولا في رخاء, واعبد الذي في السماء, "أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أءلـه مع الله قليلا ما تذكرون".
"وأنا أعلمك دعوتين. فأسلم وعلّمه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول: (اللهم ألهمني رشدي, وقني شرّ نفسي)" وهذه دعوة عظيمة جمعت الخير كلّه, فمن ألهمه الله تعالى رشده وهداه لذلك ووفّقه وأعانه ووقاه شرّ نفسه, فاز بالخير كلّه.
لأنّ انحراف من ينحرف راجع إلى إمّا:1- أنه لم يلهم الرشد فلم يعرفه, 2- أو أنه عرف الحق وغلبته نفسه على ترك الحق وعدم قبوله أو الإقبال عليه.
فإذا أكرم الله عبده ألهمه رشد نفسه ووقاه من شرّ نفسه, ففاز بالخير وسلم بإذن الله تبارك وتعالى من الشرّ والانحراف, مثله في الدعاء الآخر"اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرّشد",فإذا ألهم الله سبحانه وتعالى عبده إلى الرشد وأعانه على القيام به ووقاه شرّ نفسه فإنّه يفوز بالفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة.
"وفيما نقل من علامات النبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه في الكتب المتقدّمة أنهم يسجدون بالأرض ويزعمون أن إلـههم في السماء" وهذا ذكره المصنّف ابن قدامة رحمه الله مسندا في كتابه العلو بإسناد ضعيف, لكن المعنى من حيث هو حق, لأن النبي صلى الله عليه وسلّم والصحابة يسجدون على الأرض ويعتقدون أن إلـههم في السماء, وهذه العقيدة وهذا السجود ليس مختصّا بالنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه, بل جميع الأنبياء هذا شأنهم, وجميع أتباع الأنبياء هذا شأنهم, يسجدون للّه بوضع جباههم على الأرض ويعتقدون ويقرّون بأن الله في السماء.
ولمّا قرّر موسى عليه السلام هذه العقيدة وذكر أنّ ربّه سبحانه الذي يدعو الناس إلى عبادته في السماء "قال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فاطّلع إلى إلـه موسى" لأن موسى كان يقول الله في السماء, فأراد فرعون أن يبني صرحا ويشيّد بناء عاليا بزعمه ليصعد عليه, وينظر هل هذا الذي يقوله موسى حق أو ليس بحق, ولهذا قال بعض أهل العلم, وأظن ابن قدامة نقل ذلك في العلو, أو الذهبي, قالوا: من أنكر العلو فهو فرعوني _أي على عقيدة فرعون_, ومن أثبت العلو فهو على عقيدة موسى, وعلى عقيدة جميع الأنبياء.
لأن الأنبياء كلّهم يثبتون علو الله سبحانه وتعالى على خلقه, والعقيدة عند الأنبياء قاطبة من أوّلهم إلى آخرهم واحدة, والعقيدة لا يدخلها نسخ, النسخ إنّما يدخل على الأحكام, أمّا العقيدة عند الأنبياء واحدة,الأنبياء كلّهم يثبتون هذه الصفات لله سبحانه وتعالى على الوجه اللائق بجلاله وكماله, وهذا هو معنى قول نبيّنا صلى الله عليه وسلّم في الحديث الصحيح "نحن الأنبياء أبناء علات, ديننا واحد وأمّهاتنا شتّى" ديننا واحد أي عقيدتنا واحدة, فالعقيدة واحدة لدى جميع الأنبياء من أوّلهم إلى آخرهم, والاختلاف إنّما يكون في الشرائع كما قال سبحانه "لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا".
"وروى أبوداود في سننه أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال:( إن ما بين سماء إلى سماء مسيرة كذا كذا ..) وذكر الخبر إلى قوله:( وفوق ذلك العرش, والله سبحانه فوق ذلك) " وهذا الحديث أهل العلم من تكلّم في إسناده, وعلى كلّ ما ثبت في الحديث من قوله: وفوق ذلك العرش والله سبحانه فوق العرش, هذا ثابت في القرآن وثابت في أحاديث كثيرة عن الرّسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم, ولمّا أنهى رحمه الله ذكر هذه الأدلّة التي فيها إثبات العلو, قال:
"فهذا وما أشبهه ممّا أجمع السلف رحمهم الله على نقله وقبوله, ولم يتعرضوا لردّه ولا تأويله, ولا تشبيهه ولا تمثيله" محذّرا رحمه الله كما سبق من هذه الأمور التي وقع فيها من وقع من أهل الباطل.
ثم ختم رحمه الله بنقل هذا الأثر عن الإمام مالك بن أنس أنه قيل له:
"سئل مالك بن أنس رحمه الله فقيل: يا أبا عبدالله (الرحمن على العرش استوى) كيف استوى" فانتبه هنا, السائل يدرك أن هذا ثابت في القرآن وتلا الآية "الرحمن على العرش استوى" وسؤاله محدد, وهو كيفية الاستواء, فأجابه مالك رحمه الله بقوله,
"فقال: الاستواء غير مجهول" وفي بعض الروايات الاستواء معلوم, فمعنى قوله معلوم, وفي هذه الرواية غير مجهول, المراد أي معلوم المعنى, معناه معلوم واضح في لغة العرب, استوى أي علا وارتفع, فالمعنى واضح, هذا مراد مالك رحمه الله من قوله الاستواء معلوم أي معناه معلوم لا يخفى, وليس مراد مالك رحمه الله ما يدّعيه بعض المعطّلة أن مراده بالاستواء معلوم, أي معلوم الورود في القرآن, هذا كلام ليس له فائدة, لأن الرجل تلا الآية قال "الرحمن على العرش استوى" ويعرف أن الآية موجودة في القرآن وتلاها, لكنه يسأل عن الكيفية, فلا يليق بمالك أن يتلو عليه الرجل الآية ويقول الاستواء معلوم, أي معلوم أن الاستواء في القرآن قد ذكر, هذا لا يليق بمالك رحمه الله أن يكون مراده بكلامه.
فقوله "الاستواء معلوم" أي معلوم المعنى, وقوله في الرواية التي ذكرها المصنّف "الاستواء غير مجهول" أي غير مجهول المعنى.
وهذا الأثر رواه عن مالك عشرة أو أكثر من تلاميذه, وجل الروايات عنه رحمه الله بهذا اللفظ الذي ساقه المصنف "الاستواء غير مجهول" ورواية "الاستواء معلوم" جاءت من طريق واحد وكلها بمعنى واحد سواء قيل الاستواء غير مجهول أو قيل الاستواء معلوم, كلاهما بمعنى واحد, ولكن الأكثر رواية لهذا الأثر عن مالك رحمه الله بهذا اللفظ الذي ساقه المصنف رحمه الله.
"فقال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" وفي اللفظ الآخر قال: الاستواء معلوم والكيف مجهول، وقوله:الكيف مجهول،هو بمعنى ما جاء في هذه الرواية"والكيف غير معقول" أي لا نعقل الكيفية، الكيفية لا نعقلها، لماذا؟
لأنّا أخبرنا بالاستواء في القرآن والسنة ولم نُخبر بكيفية الاستواء، فلا نعقل الكيفية.
وكيفية الشيء تعرف:1-إما برؤيته، وفي الحديث"اعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا"
2- أو برؤية مثيله، والله سبحانه لا مثيل له "ليس كمثله شيء"
3- أو بالخبر الصادق، والنصوص أُخبرنا فيها بالصفات و لم نخبر فيها بكيفية الصفات، ولهذا فإثباتنا للصفات إثبات وجودٍ لا إثبات تكييف، لا نعلم كيفية صفات الله سبحانه بل نجهل ذلك، ولهذا قال الكيف مجهول،أي نجهل ذلك، ولم يقل الكيف معدوم ، لأن صفات الله لها كيفية الله أعلم بها، لكننا نجهلها، ولهذا فإن قول السلف"بلا تكييف" "بلا كيف" "أمروها كما جاءت بلا كيف" المراد به بلا تكييف.
"والإيمان به واجب" أي الإيمان بالاستواء واجب لأنها صفة ثابتة في القرآن والسنة فيجب أن نؤمن بهذه الصفة.
"والسؤال عنه بدعة" السؤال عن كيفية الاستواء هذا من الأمور المحدثة ولم ينقل عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم عندما أخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالصفات مثل النزول وغيره، لم ينقل إطلاقا أن واحدا من الصحابة قال للنبي صلى الله عليه وسلم :كيف؟
مثل حديث النزول سمعه من النبي صلى الله عليه و سلم ما يقارب الثلاثين صحابياً لم يقل واحدا منهم ، كيف نزل!
والضحك لمّا سمع أبو رزين النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عن الضحك، ما قال كيف يضحك، قال : أو يضحك ربنا. قال: نعم. قال: ما عدمنا الخير من رب يضحك.
فلا يعرف إطلاقا عن أحد من الصحابة ومن اتبعهم بإحسان السؤال عن الكيف, ولهذا يعتبر هذا الأمر منكر أشد النكارة أن يسأل سائل عن كيفية صفات الله.
ولهذا جاء أن مالك رحمه الله لما قرأ الرجل الآية وقال: كيف استوى، غضب رحمه الله حتى علاه الروحضاء- يعني أخذ يتصبب من العرق- لأن هذا منكر، غاية النكارة، فغضب رحمه الله واشتد غضبه وعلاه الروحضاء- أي تصبب عرقاً- ولما قال له هذا الجواب أمر به أن يخرج .
"ثم أمر بالرجل فأخرج" قال: أخرجوه عني، لأن هذا كلامُ أهل البدع والأهواء، "ماأراك إلا صاحب سوء أو صاحب بدعة"، ثم أمر به أن يخرج من المكان.
وهنا ندرك الفرق بين أئمة السلف في غيرتهم على الدين ونصحهم وبين من سواهم، كثير من الناس إذا أخطئ في حقه غضب حتى علاه الروحضاء، وإذا أخطئ بين يديه في صفة من صفات الله كأن الأمر لا يعنيه, فرق بين أئمة الدين وعلماء السلف وبين غيرهم, فأخذ يتصبب عرقا رحمه الله وغضب غضبا شديدا وأمر بالرجل أن يخرج من مجلسه, وذكر هذه الكلمة التي مضت قاعدة عظيمة متينة في هذا الباب, استحسنها الأئمّة واستجودوها وتلقّوها بالقبول, وأصبحت قاعدة تطبّق في جميع الصفات, فأي صفة من الصفات يبحث إنسان عن كيفيّتها, يجاب بجواب مالك, ولهذا يمكن أن نخرج بقاعدة وتأصيل جامع في الصفات مستفاد من كلمة مالك هذه بأن نقول: الصفات معلومة -أي معلومة المعاني- وكيفيّاتها مجهولة والإيمان بها واجب والسؤال عن كيفيتها بدعة,هذه قاعدة تطبّق في جميع الصفات مستفادة من هذه الكلمة العظيمة المنقولة عن الإمام مالك رحمه الله تعالى وغفر له ولجميع علماء المسلمين, وألحقنا وإيّاكم بالصّالحين من عباده ووفقنا جميعا لكل خير, وألهمنا جميعا رشد أنفسنا ووقانا شر أنفسنا وأصلح لنا شأننا كلّه إنه تبارك وتعالى سميع الدعاء وهو أهل الرجاء, وهو حسبنا ونعم الوكيل والله تعالى أعلم, والصلاة والسلام على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.

 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مذاكرة, مجلس


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:32 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir