سورة الملك
فإن قيل: ما فائدة تقديم الموت على الحياة في قوله تعالى: (الّذي خلق الموت والحياة)؟
قلنا: إنما قدم سبحانه الموت لأنه هو المخلوق أولا، قال ابن عباس رضي الله عنهما: أراد به خلق الموت في الدنيا والحياة في الآخرة، ولو سلم أن المراد به الحياة في الدنيا فالموت سابق عليها لقوله
تعالى: (وكنتم أمواتًا فأحياكم ثمّ يميتكم ثمّ يحييكم).
فإن قيل: كيف قال تعالى: (ما ترى في خلق الرّحمن من تفاوتٍ) مع أن في خلقه سبحانه تفاوتًا عظيمًا، فإن الأضداد كلها من خلقه عز وجل وهي متفاوتة، والسموات أيضًا متفاوتة في الصغر والكبر والارتفاع والانخفاض وغير ذلك؟
قلنا: المراد بالتفاوت هنا الخلل والعيب والنقصان في مخلوقه تعالى الذي هو السموات، ويؤيده قوله تعالى: (فارجع البصر هل ترى من فطورٍ)
أي من شقوق وصدوع في السماء.
فإن قيل: كيف قال تعالى: (أأمنتم من في السّماء) والله سبحانه وتعالى ليس في السماء ولا في غير السماء، بل هو سبحانه منزه عن كل مكان؟
قلنا: معناه من ملكوته في السماء، لأنها مسكن ملائكته ومحل عرشه وكرسيه واللوح المحفوظ، ومنها تنزل أقضيته وكتبه وأوامره
[أنموذج جليل: 532]
ونواهيه، الثاني: أنهم كانوا يعتقدون التشبيه، وأنه سبحانه وتعالى في السماء فخوطبوا على حسب اعتقادهم.
[أنموذج جليل: 533]