مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ
مُوَطَّأُ مَالِكٍ
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "لَا أَعْلَمُ كِتَابًا فِي الْعِلْمِ أَكْثَرَ صَوَابًا مِنْ كِتَابِ مَالِكٍ", إِنَّمَا قَالَهُ قَبْلَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ. وَقَدْ كَانَتْ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مُصَنَّفَةٌ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فِي السُّنَنِ, لِابْنِ جُرَيْحٍ, وَابْنِ إِسْحَاقَ -غَيْرُ السِّيرَةِ- وَلِأَبِي قُرَّةَ مُوسَى بْنِ طَارِقٍ الزَّبِيدِيِّ, وَمُصَنَّفُ عَبْدِ الرَّازِقِ بْنِ هَمَّامٍ, وَغَيْرُ ذَلِكَ .
وَكَانَ كِتَابُ مَالِكٍ, وَهُوَ (الْمُوَطَّأُ) أَجَلَّهَا وَأَعْظَمَهَا نَفْعًا, وَإِنْ كَانَ بَعْضُهَا أَكْبَرَ حَجْمًا مِنْهُ وَأَكْثَرَ أَحَادِيثَ، وَقَدْ طَلَبَ الْمَنْصُورُ مِنَ الْإِمَامِ مَالِكٍ أَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ عَلَى كِتَابِهِ, فَلَمْ يُجِبْهُ إِلَى ذَلِكَ . وَذَلِكَ مِنْ تَمَامِ عِلْمِهِ وَاتِّصَافِهِ بِالْإِنْصَافِ, وَقَالَ : "إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا وَاطَّلَعُوا عَلَى أَشْيَاءَ لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا".
وَقَدِ اعْتَنَى النَّاسُ بِكِتَابِهِ (الْمُوَطَّأِ)، وَعَلَّقُوا عَلَيْهِ كُتُبًا جَمَّةً، وَمِنْ أَجْوَدِ ذَلِكَ كِتَابَا (التَّمْهِيدِ), (والِاسْتِذْكَارِ), لِلشَّيْخِ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ النَّمَرِيِّ الْقُرْطُبِيِّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هَذَا مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُتَّصِلَةِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُرْسَلَةِ وَالْمُنْقَطِعَةِ, وَالْبَلَاغَاتِ اللَّاتِي لَا تَكَادُ تُوجَدُ مُسْنَدَةً إِلَّا عَلَى نُدُورٍ.