دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع (المجموعة الثانية)

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #15  
قديم 24 رمضان 1441هـ/16-05-2020م, 10:29 PM
شادن كردي شادن كردي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2016
المشاركات: 384
Post

بسم الله الرحمن الرحيم

- اختر مسألة واحدة من المسائل التالية واجمع أقوال السلف فيها ورتّبها على نحو ما ذكر في المثال:
2. المراد بلهو الحديث.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6]
__________
صحيح البخاري
بَابٌ: كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٌ إِذَا شَغَلَهُ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ: تَعَالَ أُقَامِرْكَ
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6]
وفي سنن الترمذي:
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ، وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ، وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ، وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ وَفِي البَابِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: [ص:572] حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِثْلَ هَذَا مِنْ هَذَا الوَجْهِ، وَقَدْ تَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ فِي عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ وَضَعَّفَهُ وَهُوَ شَامِيٌّ
[حكم الألباني] : حسن
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ القَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَا تَبِيعُوا القَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ، وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ» ، وَفِي مِثْلِ ذَلِكَ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةَ [ص:346] {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] إِلَى آخِرِ الآيَةِ. هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ القَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَالقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الحَدِيثِ، سَمِعْتُ مُحَمَّدًا يَقُولُ: الْقَاسِمُ ثِقَةٌ، وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّف
[حكم الألباني] : حسن

بحثت في المستدرك للحاكم:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ الْقَاضِي، ثنا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى الْقَاضِي، ثنا حُمَيْدٌ الْخَرَّاطُ، عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهُوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] قَالَ: «هُوَ وَاللَّهِ الْغِنَاءُ» هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ "
[التعليق - من تلخيص الذهبي] 3542 – صحيح
ومن الجامع لابن وهب :
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي صَخْرٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَهُوَ يُسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: {وَمِنَ النَّاسِ من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله} ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: الْغِنَاءُ، وَالَّذِي لا إِلَهَ إِلا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلاثَ مراتٍ.
قال: وحدثنا سفيان بن عيينة ومسلم بن خالد، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في هذه الآية: {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علمٍ} ، قال: هو الغناء.
وعند الترمذي:
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: الغناء.
وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يشتري لهو الحديث} قَالَ: الْغِنَاءُ وَالْبَاطِلُ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

ثم المرتبة الثانية بحثت في جامع الأصول
وإتحاف المهرة
315 - (ت) أبو أمامة - رضي الله عنه -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تَبِيعُوا القَيْنَات الْمُغَنِّيَاتِ، ولا تَشْتَرُوهُنَّ، ولا تُعَلِّمُوهُنَّ (1) ، ولا خَيرَ في تِجَارةٍ فيهن، وثَمنُهُنَّ حَرَامٌ، وفي مثلِ هذا أُنْزِلَتْ: {ومن الناس من يشتَري لَهْوَ الحَدِيث ... } [لقمان: الآية 6] الآية» . أخرجه الترمذي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]
القَيْنَاتُ: جمع قَيْنَة: وهي الأَمَةُ المُغَنْيَةُ.
__________
(1) في المطبوع " تعلمونهن " وهو خطأ.
(2) رقم (1282) في البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع المغنيات، ورقم (3193) في تفسير القرآن، من سورة لقمان، وأخرجه ابن ماجة رقم (2168) في التجارات، باب ما لا يحل بيعه، وقال الترمذي: حديث أبي أمامة إنما نعرفه مثل هذا الوجه، وقد تكلم بعض أهل العلم في علي بن يزيد وضعفه وهو شامي. وقال أيضاً عند الرواية الثانية في التفسير: هذا حديث غريب إنما يروى من حديث القاسم عن أبي أمامة، والقاسم ثقة، وعلي بن يزيد يضعف في الحديث، قاله محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]
إسناده ضعيف: أخرجه أحمد (5/252) قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا خالد الصفار، وفي (5/264) قال: حدثنا أبو سلمة، قال: أخبرنا بكر بن مُضر. والترمذي (1282، 3195) قال: حدثنا قتيبة، قال: أخبرنا بكر بن مضر.
كلاهما - خالد الصفار، وبكر بن مُضر- عن عُبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، فذكره.
* أخرجه الحميدي (910) قال: حدثنا سفيان، قال: حدثنا مُطَّرح، أبو المهلب، عن عُبيد الله بن زحر، عن القاسم أبي عبد الرحمن، فذكره. كذا في المطبوع من «مسند الحميدي» ليس فيه (علي بن يزيد) ولفظه: «لا يَحِلُّ ثمنُ المُغَنِّيَةِ ولا بيعها، ولا شراؤها، ولا الاستماع إليها» .
* أخرجه ابن ماجة (2168) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان، قال: حدثنا هاشم بن القاسم، قال: حدثنا أبو جعفر الرازي، عن عاصم، عن أبي المهلب، عن عُبيدالله (بن زَحر) الإفريقي، عن أبي أمامة، فذكره، ليس فيه (علي بن يزيد، ولا القاسم أبي عبد الرحمن)
وفي إتحاف المهرة :
- حديث (كم) : أبو الصهباء، عن ابن مسعود. في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [سورة: لقمان، آية 6] قال: " هو والله الغناء ".
كم في تفسير لقمان: ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا بكار بن قتيبة، ثنا صفوان بن عيسى، ثنا حميد الخراط، عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عنه، بهذا.
وفي الدر المنثور:
أخرج الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} يَعْنِي بَاطِل الحَدِيث
وَهُوَ النَّضر بن الْحَارِث بن عَلْقَمَة
اشْترى أَحَادِيث الْعَجم وصنيعهم فِي دهرهم وَكَانَ يكْتب الْكتب من الْحيرَة وَالشَّام ويكذب بِالْقُرْآنِ فَأَعْرض عَنهُ فَلم يُؤمن بِهِ
وَأخرج ابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: شِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابه
وبحسب الْمَرْء من الضَّلَالَة أَن يخْتَار حَدِيث الْبَاطِل على حَدِيث الْحق
وَفِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: يستهزىء بهَا ويكذبها
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {ويتخذها هزوا} قَالَ: سَبِيل الله يتَّخذ السَّبِيل هزوا
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَابْن جرير وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: بَاطِل الحَدِيث
وَهُوَ الْغناء وَنَحْوه {ليضل عَن سَبِيل الله} قَالَ: قِرَاءَة الْقُرْآن وَذكر الله
نزلت فِي رجل من قُرَيْش اشْترى جَارِيَة مغنية
وَأخرج جُوَيْبِر عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: أنزلت فِي النَّضر بن الْحَارِث
اشْترى قينة فَكَانَ لَا يسمع بِأحد يُرِيد الإِسلام إِلَّا انْطلق بِهِ إِلَى قَيْنَته فَيَقُول: أطعميه واسقيه وغنيه هَذَا خير مِمَّا يَدْعُوك إِلَيْهِ مُحَمَّد من الصَّلَاة وَالصِّيَام وَأَن تقَاتل بَين يَدَيْهِ فَنزلت
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَأحمد وَالتِّرْمِذِيّ وَابْن ماجة وَابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم وَالطَّبَرَانِيّ وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة رَضِي الله عَنهُ عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَات وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خير فِي تِجَارَة فِيهِنَّ وَثَمَنهنَّ حرَام
فِي مثل هَذَا أنزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِلَى آخر الْآيَة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا فِي ذمّ الملاهي وَابْن مرْدَوَيْه عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا قَالَت: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ان الله حرم الْقَيْنَة وَبَيْعهَا وَثمنهَا وَتَعْلِيمهَا وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهَا
ثمَّ قَرَأَ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث}
وَأخرج البُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن أبي حَاتِم وَابْن مرْدَوَيْه وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وأشباهه
وَأخرج ابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَابْن مرْدَوَيْه عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث}
أخرج ابْن عَسَاكِر عَن مَكْحُول رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْجَوَارِي الضاربات
وَأخرج ابْن أبي شيبَة وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر وَالْحَاكِم وَصَححهُ وَالْبَيْهَقِيّ فِي شعب الإِيمان عَن أبي الصَّهْبَاء قَالَ: سَأَلت عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ عَن قَوْله تَعَالَى {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ - وَالله - الْغناء
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير عَن شُعَيْب بن يسَار قَالَ: سَأَلت عِكْرِمَة رَضِي الله عَنهُ عَن {لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء
وَأخرج الْفرْيَابِيّ وَسَعِيد بن مَنْصُور وَابْن أبي الدُّنْيَا وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وكل لعب لَهو
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق حبيب بن أبي ثَابت عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ الْغناء وَقَالَ مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ: هُوَ لَهو الحَدِيث
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: الْغناء وَالْبَاطِل
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن الْحسن رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء والمزامير
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ قَالَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع وَالذكر ينْبت الإِيمان فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء الزَّرْع
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن إِبْرَاهِيم رَضِي الله عَنهُ قَالَ: كَانُوا يَقُولُونَ: الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الْغناء ينْبت النِّفَاق فِي الْقلب كَمَا ينْبت المَاء البقل
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا عَن أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ: أَخبث الْكسْب كسب الزمارة
وَأخرج ابْن أبي الدُّنْيَا وَالْبَيْهَقِيّ عَن نَافِع قَالَ: كنت أَسِير مَعَ عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا فِي طَرِيق فَسمع زمارة رَاع فَوضع أصبعيه فِي أُذُنَيْهِ ثمَّ عدل عَن الطَّرِيق فَلم يزل يَقُول: يَا نَافِع أتسمع قلت: لَا
فَأخْرج أصبعيه من أُذُنَيْهِ وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم صنع
وَأخرج ابْن مرْدَوَيْه عَن عبد الله بن عمر أَنه سمع النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: فِي هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} إِنَّمَا ذَلِك شِرَاء الرجل اللّعب وَالْبَاطِل
وَأخرج الْحَاكِم فِي الكنى عَن عَطاء الْخُرَاسَانِي رَضِي الله عَنهُ قَالَ: نزلت هَذِه الْآيَة {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} فِي الْغناء وَالْبَاطِل والمزامير
وَأخرج آدم وَابْن جرير وَالْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ اشتراؤه الْمُغنِي والمغنية بِالْمَالِ الْكثير وَالِاسْتِمَاع إِلَيْهِ وَإِلَى مثله من الْبَاطِل
وَأخرج الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب عَن ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله {وَمن النَّاس من يَشْتَرِي لَهو الحَدِيث} قَالَ: هُوَ رجل يَشْتَرِي جَارِيَة تغنيه لَيْلًا أَو نَهَارا

وعند ابن جرير:
مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)

القول في تأويل قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6) }
اختلف أهل التأويل، في تأويل قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيث) فقال بعضهم: من يشتري الشراء المعروف بالثمن، ورووا بذلك خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهو ما حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا وكيع، عن خلاد الصفار، عن عبيد الله بن زَحْر، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يحِلُّ بَيْعُ المُغَنِّيَاتِ، وَلا شِرَاؤُهُنَّ، وَلا التِّجارَةُ فِيهِنَّ، وَلا أثمَانُهُنَّ، وفيهنّ نزلت هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) ".
حدثنا ابن وكيع، قال: ثني أبي، عن خَلاد الصفار، عن عبيد الله بن زَحْر، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم بنحوه، إلا أنه قال: "أكْلُ ثَمَنِهِنَّ حَرَامٌ" وقال أيضا: "وفِيهِنَّ أنزلَ اللهُ عليَّ هَذِهِ الآيَةَ: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ".
حدثني عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني، قال: ثنا أبي، قال: ثنا سليمان بن حيان، عن عمرو بن قيس الكلابي، عن أبي المهلَّب، عن عبيد الله بن زَحْر، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة. قال: وثنا إسماعيل بن عَياش، عن مُطَرَّح بن يزيد، عن عبيد الله بن زَحْر، عن عليّ بن زيد، عن القاسم، عن أبي أُمامة الباهلي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحلّ تَعْلِيمُ المُغَنِّياتِ، وَلا بَيْعُهُنَّ وَلا شِرَاؤُهُنَّ، وَثمَنُهُنَّ حَرامٌ، وقَدْ نزلَ تَصْدِيقُ ذلكَ فِي كِتابِ الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيث ... ) إلى آخر الآية".
وقال آخرون: بل معنى ذلك: من يختار لهو الحديث ويستحبه.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بغَيْرِ عِلْمٍ) والله لعله أن لا ينفق فيه مالا،
لكن اشتراؤه استحبابه، بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع.
حدثني محمد بن خلف العسقلاني، قال: ثنا أيوب بن سويد، قال: ثنا ابن شوذب، عن مطر في قول الله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيث) قال: اشتراؤه: استحبابه.
وأولى التأويلين عندي بالصواب تأويل من قال: معناه: الشراء، الذي هو بالثمن، وذلك أن ذلك هو أظهر معنييه.
فإن قال قائل: وكيف يشتري لهو الحديث؟ قيل: يشتري ذات لهو الحديث، أو ذا لهو الحديث، فيكون مشتريا لهو الحديث.
وأما الحديث، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه، فقال بعضهم: هو الغناء والاستماع له.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يزيد بن يونس، عن أبي صخر، عن أبي معاوية البجلي، عن سعيد بن جُبَير، عن أبي الصهباء البكري (1) أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بغَيْرِ عِلْمٍ) فقال عبد الله: الغناء، والذي لا إله إلا هو، يردّدها ثلاث مرّات.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا صفوان بن عيسى، قال: أخبرنا حميد الخراط، عن عمار، عن سعيد بن جُبَير، عن أبي الصهباء، أنه سأل ابن مسعود، عن قول الله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عليّ بن عابس، عن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء.
حدثنا عمرو بن عليّ، قال: ثنا عمران بن عيينة، قال: ثنا عطاء بن السائب، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال:
الغناء وأشباهه.
حدثنا ابن وكيع، والفضل بن الصباح، قالا ثنا محمد بن فضيل، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: هو الغناء ونحوه.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا حكام بن سلم، عن عمرو بن أبي قيس، عن عطاء، عن سعيد بن جُبَير عن ابن عباس، مثله.
حدثنا الحسين بن عبد الرحمن الأنماطي، قال: ثنا عبيد الله، قال: ثنا ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: هو الغناء والاستماع له، يعني قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) .
حدثنا الحسن بن عبد الرحيم، قال: ثنا عبيد الله بن موسى، قال: ثنا سفيان، عن قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن جابر في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: هو الغناء والاستماع له.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم أو مقسم، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: شراء المغنية.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا حفص والمحاربي، عن ليث، عن الحكم، عن ابن عباس، قال: الغناء.
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال: باطل الحديث: هو الغناء ونحوه.
حدثنا ابن بشار وابن المثنى، قالا ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن حبيب، عن مجاهد (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر وعبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن حبيب، عن مجاهد قال: الغناء.
قال: ثنا أبي، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهد، مثله.

حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا الأشجعي، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهد (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: هو الغناء، وكلّ لعب لهو.
حدثنا الحسين بن عبد الرحمن الأنماطي، قال: ثنا عليّ بن حفص الهمداني، قال: ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِى لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء والاستماع له وكل لهو.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: المغني والمغنية بالمال الكثير، أو استماع إليه، أو إلى مثله من الباطل.
حدثني يعقوب وابن وكيع، قالا ثنا ابن علية، عن ليث، عن مجاهد في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: هو الغناء أو الغناء منه، أو الاستماع له.
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا عثام بن عليّ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار، عن عكرِمة قال: (لَهْوَ الحَدِيثِ) : الغناء.
حدثني عبيد بن إسماعيل الهباري، قال: ثنا عثام، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن شعيب بن يسار هكذا قال عكرِمة، عن عبيد، مثله.
حدثنا الحسين بن الزبرقان النخعي، قال: ثنا أبو أسامة وعبيد الله، عن أسامة، عن عكرِمة في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ) قال: الغناء.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن أسامة بن زيد، عن عكرِمة، قال: الغناء.
وقال آخرون: عنى باللهو: الطبل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني عباس بن محمد، قال: ثنا حجاج الأعور، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قال: اللهو: الطبل.
وقال آخرون: عنى بلهو الحديث: الشرك.
* ذكر من قال ذلك:
حديث عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: أخبرنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ) يعني: الشرك.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيل اللهِ بغيرِ عِلْمٍ وِيتَّخِذَها هُزُوًا) قال: هؤلاء أهل الكفر، ألا ترى إلى قوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) فليس هكذا أهل الإسلام، قال: وناس يقولون: هي فيكم وليس كذلك، قال: وهو الحديث الباطل الذي كانوا يلغون فيه.
والصواب من القول في ذلك أن يقال: عنى به كلّ ما كان من الحديث ملهيا عن سبيل الله مما نهى الله عن استماعه أو رسوله؛ لأن الله تعالى عمّ بقوله: (لَهْوَ الحَدِيثِ) ولم يخصص بعضا دون بعض، فذلك على عمومه حتى يأتي ما يدلّ على خصوصه، والغناء والشرك من ذلك.
وقوله: (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) يقول: ليصدّ ذلك الذي يشتري من لهو الحديث عن دين الله وطاعته، وما يقرّب إليه من قراءة قرآن وذكر الله.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس (لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) قال: سبيل الله: قراءة القرآن، وذكر الله إذا ذكره، وهو رجل من قريش اشترى جارية مغنية.
وقوله: (بغَيرِ عِلْم) يقول: فعل ما فعل من اشترائه لهو الحديث جهلا منه بما له في العاقبة عند الله من وزر ذلك وإثمه. وقوله: (وَيَتَّخِذَها هُزُوًا) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة وبعض أهل الكوفة: (وَيَتَّخِذُها) رفعا، عطفا به على قوله: (يَشْتَرِي) كأن معناه عندهم: ومن الناس من يشتري لهو الحديث، ويتخذ آيات الله هزوا. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة: (وَيَتَّخِذَها) نصبا عطفا على يضلّ، بمعنى: ليضلّ عن سبيل الله، وليتخذَها هُزُوًا.
والصواب من القول في ذلك: أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب في قراءته، والهاء والألف في قوله: (وَيَتَّخِذَها) من ذكر سبيل الله.

* ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (وَيَتَّخِذَها هُزُوًا) قال: سبيل الله.
وقال آخرون: بل ذلك من ذكر آيات الكتاب.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قَتادة، قال: بِحَسْب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحقّ، وما يضرّ على ما ينفع، ويتخذها هزوا يستهزئ بها ويكذّب بها. وهما من أن يكونا من ذكر سبيل الله أشبه عندي لقربهما منها، وإن كان القول الآخر غير بعيد من الصواب، واتخاذه ذلك هزوا هو استهزاؤه به.
وقوله: (أُولَئِكَ لَهُمْ عذَابٌ مُهِينٌ) يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا أنهم يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله. لهم يوم القيامة عذاب مُذِلّ مخزٍ في نار جهنم.
القول في تأويل قوله تعالى: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (7) }
يقول تعالى ذكره: وإذا تُتلى على هذا الذي اشترى لهو الحديث للإضلال عن سبيل الله آيات كتاب الله، فقرئت عليه (ولَّى مُسْتَكْبِرًا) يقول: أدبر عنها، واستكبر استكبارا، وأعرض عن سماع الحقّ والإجابة عنه (كأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كأنَّ فِي أُذُنَيهِ وَقْرًا) يقول: ثقلا فلا يطيق من أجله سماعه.
كما حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: (فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا) قال: ثقلا.
وقوله: (فَبشِّرْهُ بعَذَابٍ ألِيمٍ) يقول تعالى ذكره: فبشر هذا المعرض عن آيات الله إذا تُلِيت عليه استكبارا بعذاب له من الله يوم القيامة مُوجِع، وذلك عذاب النار.
وعند البغوي :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ، الْآيَةَ. قَالَ الْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كِلْدَةَ كَانَ يَتَّجِرُ فَيَأْتِي الْحِيْرَةَ وَيَشْتَرِي أَخْبَارَ العجم فيحدث بِهَا قُرَيْشًا وَيَقُولُ: إِنَّ مُحَمَّدًا يُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ عَادٍ وَثَمُودَ وَأَنَا أُحَدِّثُكُمْ بِحَدِيثِ رُسْتُمَ وَاسْفَنْدِيَارَ وَأَخْبَارِ الْأَكَاسِرَةِ، فَيَسْتَمْلِحُونَ حَدِيثَهُ وَيَتْرُكُونَ اسْتِمَاعَ الْقُرْآنِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ وَقَالَ مُجَاهِدٌ يَعْنِي شِرَاءَ الْقِيَانِ والمغنين، وَوَجْهُ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ مَنْ يَشْتَرِي ذَاتَ لَهْوِ أَوْ ذَا لَهْوِ الْحَدِيثِ.
«1650» أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثعلبي أَنَا أَبُو طَاهِرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الفضل بن محمد بن
إسحاق المزكي [1] ثنا جَدِّي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ خزيمة أَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ أَنَا مُشْمَعِلُّ بْنُ مِلْحَانِ الطَّائِيُّ عَنْ مُطَّرِحِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عُبَيْدِ [2] اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ [3] أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَحِلُّ تَعْلِيمُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا بَيْعُهُنَّ وَأَثْمَانُهُنَّ حَرَامٌ» ، وَفِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، «وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْغِنَاءِ إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْطَانَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى هَذَا الْمَنْكِبِ وَالْآخَرُ عَلَى هَذَا الْمَنْكِبِ فَلَا يَزَالَانِ يَضْرِبَانِهِ بِأَرْجُلِهِمَا حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ» .

«1651» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ [بْنُ عَبْدِ الله] [1] بن أحمد بن الْقَفَّالُ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبَرْوَنْجِرْدِيُّ أَنَا أَبُو أَحْمَدَ بَكْرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ الصَّيْرَفِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غالب تمتام [2] أنا خالد بن يزيد [3] أنا حماد بن يَزِيدَ عَنْ هِشَامٍ هُوَ ابْنُ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيْرِيْنَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «نَهَى عَنْ ثَمَنِ الْكَلْبِ وَكَسْبِ الزَّمَّارَةِ» .
قَالَ مَكْحُولٌ: مَنِ اشْتَرَى جَارِيَةً ضَرَّابَةً لِيُمْسِكَهَا لِغِنَائِهَا وَضَرْبِهَا مُقِيمًا عَلَيْهِ حَتَّى يَمُوتَ لَمْ أُصَلِّ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ الْآيَةَ.
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالُوا: لَهْوُ الْحَدِيثِ هُوَ الْغِنَاءُ وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِيهِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ أَيْ يَسْتَبْدِلُ وَيَخْتَارُ الْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ، قال أبو الصهباء [4] الْبَكْرِيُّ سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ: هُوَ الْغِنَاءُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ وَكَانَ أَصْحَابُنَا يَأْخُذُونَ بِأَفْوَاهِ السِّكَكِ يَخْرِقُونَ الدُّفُوفَ. وَقِيلَ: الْغِنَاءُ رُقْيَةُ الزِّنَا. وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: هُوَ الطَّبْلُ. وَعَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: هُوَ الشِّرْكُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: هُوَ كُلُّ لَهْوٍ وَلَعِبٍ، لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، يعني يَفْعَلُهُ عَنْ جَهْلٍ قَالَ قَتَادَةُ: بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الضَّلَالَةِ أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ الْحَقِّ. قَوْلُهُ تَعَالَى:
وَيَتَّخِذَها هُزُواً، قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ: وَيَتَّخِذَها بِنَصْبِ الذَّالِ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: لِيُضِلَّ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ نَسَقًا عَلَى قَوْلِهِ: يَشْتَرِي، أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.
ومن المرتبة الرابعة بحثت في تفسير سفيان الثوري وابن المنذر فوجدت عند تفسير سفيان الثوري :
766: 1: 4 سفيان عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال الغناء (الآية 6) .
767: 2: 5 سفيان عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ هُوَ الْغِنَاءُ
وَكُلُّ لَعِبٍ لهو.
ومن كتب المرحلة الخامسة اطلعت على تفسير مجاهد وفيه :
وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)

أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، نا إِبْرَاهِيمُ، نا آدَمُ، نا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] قَالَ: «هُوَ اشْتِرَاءُ الْمُغَنِّي وَالْمُغَنِّيَةَ بِالْمَالِ الْكَثِيرِ، وَالِاسْتِمَاعُ إِلَيْهِمْ، وَإِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْبَاطِلِ»
ومن كتب المرحلة السادسة :
في المحرر الوجيز لابن عطية :
وقوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ روي أنها نزلت في قرشي اشترى جارية مغنية تغني بهجاء محمد صلى الله عليه وسلم وسبه فنزلت الآية في ذلك، وقيل إنه ابن خطل وروي عن أبي أمامة الباهلي بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «شراء المغنيات وبيعهن حرام» وقرأ هذه الآية، وقال في هذا المعنى أنزلت علي هذه الآية، وبهذا فسر ابن مسعود وابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد، وقال الحسن لَهْوَ الْحَدِيثِ المعازف والغناء، وقال بعض الناس نزلت في النضر بن الحارث لأنه اشترى كتب رستم واسبندياد وكان يخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحدثهم بتلك الأباطيل ويقول أنا أحسن حديثا من محمد، وقال قتادة: الشراء في هذه الآية مستعار، وإنما نزلت الآية في أحاديث قريش وتلهيهم بأمر الإسلام وخوضهم في الأباطيل.


قال الفقيه الإمام القاضي: فكأن ترك ما يجب فعله وامتثال هذه المنكرات شراء لها على حد قوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى [البقرة: 16، 175] ، وقد قال مطرف: شراء لَهْوَ الْحَدِيثِ استحبابه، قال قتادة ولعله لا ينفق فيه مالا ولكن سماعه هو شراؤه، وقال الضحاك لَهْوَ الْحَدِيثِ الشرك، وقال مجاهد أيضا لَهْوَ الْحَدِيثِ الطبل وهذا ضرب من الغناء.
قال الفقيه الإمام القاضي: والذي يترجح أن الآية نزلت في لهو حديث منضاف إلى كفر فلذلك اشتدت ألفاظ الآية بقوله: لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً، والتوعد بالعذاب المهين، وأما لفظة الشراء فمحتملة للحقيقة والمجاز على ما بينا، ولَهْوَ الْحَدِيثِ كل ما يلهي من غناء وخنى ونحوه، والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد، بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه، وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة تروم تتميم ذلك النقص بالأحاديث وقد جعلوا الحديث من القربى، وقيل لبعضهم أتمل الحديث؟ قال: إنما يمل العتيق.
قال الفقيه الإمام القاضي: يريد القديم المعاد، لأن الحديث من الأحاديث فيه الطرافة التي تمنع من الملل، وقرأ نافع وعاصم والحسن وجماعة «ليضل» بضم الياء.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بفتحها، وفي حرف أبيّ «ليضل الناس عن سبيل الله» ، وقرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم «ويتخذها» بالنصب عطفا على لِيُضِلَّ، وقرأ الباقون «ويتخذها» بالرفع عطفا على يَشْتَرِي، والضمير في يَتَّخِذَها يحتمل أن يعود على الْكِتابِ المذكور أولا ويحتمل أن يعود على السبيل، ويحتمل أن يعود على الأحاديث لأن الحديث اسم جنس بمعنى الأحاديث، وكذلك سَبِيلِ اللَّهِ اسم جنس ولكل وجه من الحديث وجه يليق به من السبيل.
وفي زاد المسير لابن الجوزي :
مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في رجل اشترى جارية مغنّيةً.
وقال مجاهد: نزلت في شراء القيان والمغنّيات.
وقال ابن السائب ومقاتل: نزلت في النَّضْر بن الحارث، وذلك أنه كان تاجراً إِلى فارس، فكان يشتري أخبار الأعاجم فيحدِّث بها قريشاً ويقول لهم: إِنَّ محمداً يحدِّثكم بحديث عاد وثمود، وأنا أُحدِّثكم بحديث رستم وإِسفنديار وأخبار الأكاسرة، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن، فنزلت فيه هذه الآية.
وفي المراد بلهو الحديث أربعة أقوال: أحدها: أنه الغناء، كان ابن مسعود يقول: هو الغناء والذي لا إِله إِلا هو، يُردِّدها ثلاث مرات وبهذا قال ابن عباس، ومجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، وقتادة. وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال: اللهو: الطبل. والثاني: أنه ما ألهى عن الله تعالى: قاله الحسن، وعنه مثل القول الأول. والثالث: أنه الشِّرك، قاله الضحاك. والرابع: الباطل، قاله عطاء.
وفي معنى «يشتري» قولان: أحدهما: يشتري بماله وحديث النضر يعضده. والثاني: يختار ويستحبّ، قاله قتادة، ومطر. وإِنما قيل لهذه الأشياء: لهو الحديث، لأنها تُلهي عن ذِكْر الله تعالى.
قوله تعالى: «لِيَضِلَّ» المعنى: ليصير أمره إِلى الضلال، وقد بيَّنَّا هذا الحرف في الحج «1» . وقرأ أبو رزين، والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش، وأبو جعفر: لِيُضِلَّ بضم الياء، والمعنى:
لِيُضِلَّ غيره، وإِذا أضَلَّ غيره فقد ضَلَّ هو أيضاً.
وعند القرطبي :
مِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (6)
فِيهِ خَمْسُ مَسَائِلَ: الْأُولَى- قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) " مِنَ" فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالِابْتِدَاءِ. وَ" لَهْوَ الْحَدِيثِ": الْغِنَاءُ، فِي قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا. النَّحَّاسُ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَالتَّقْدِيرُ: مَنْ يَشْتَرِي ذَا لَهْوٍ أو ذات لهو، مثل:" وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ" «1» [يوسف: 82] . أَوْ يَكُونُ التَّقْدِيرُ: لَمَّا كَانَ إِنَّمَا اشْتَرَاهَا يَشْتَرِيهَا وَيُبَالِغُ فِي ثَمَنِهَا كَأَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِلَّهْوِ «2» . قُلْتُ: هَذِهِ إِحْدَى الْآيَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْعُلَمَاءُ عَلَى كَرَاهَةِ الْغِنَاءِ وَالْمَنْعِ مِنْهُ. والآية الثانية قوله تعالى:" وَأَنْتُمْ سامِدُونَ" «3» [النجم: 61] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الْغِنَاءُ بِالْحِمْيَرِيَّةِ، اسْمُدِي لَنَا، أَيْ غَنِّي لَنَا. وَالْآيَةُ الثَّالِثَةُ قَوْلُهُ تَعَالَى:" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ" «4» [الاسراء: 64] قَالَ مُجَاهِدٌ: الْغِنَاءُ وَالْمَزَامِيرُ. وَقَدْ مَضَى فِي" سُبْحَانَ" «5» الْكَلَامُ فِيهِ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ وَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَةٍ فِيهِنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ، فِي مِثْلِ هَذَا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ" إِلَى آخِرِ الْآيَةِ. قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، إِنَّمَا يُرْوَى مِنْ حَدِيثِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، وَالْقَاسِمُ ثِقَةٌ وَعَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، قَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَبِهَذَا فَسَّرَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَمُجَاهِدٌ، وَذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْجَوْزِيُّ عَنِ الْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وقتادة والنخعي.

قُلْتُ: هَذَا أَعْلَى مَا قِيلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ إِنَّهُ الْغِنَاءُ. رَوَى سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ قَالَ: سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ" فَقَالَ: الْغِنَاءُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ. وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ الْغِنَاءُ، وَكَذَلِكَ قَالَ عِكْرِمَةُ وَمَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمَكْحُولٌ. وَرَوَى شُعْبَةُ وَسُفْيَانُ عَنِ الْحَكَمِ وَحَمَّادٍ عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: الْغِنَاءُ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ، وَقَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَزَادَ: إِنَّ لَهْوَ الْحَدِيثِ فِي الْآيَةِ الِاسْتِمَاعِ إِلَى الْغِنَاءِ وَإِلَى مِثْلِهِ مِنَ الْبَاطِلِ. وَقَالَ الْحَسَنُ: لَهْوُ الْحَدِيثِ الْمَعَازِفُ وَالْغِنَاءُ. وَقَالَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ: الْغِنَاءُ بَاطِلٌ وَالْبَاطِلُ فِي النَّارِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهُ فَقَالَ: قَالَ الله تعالى:"فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ" «1» [يونس: 32] أَفَحَقٌّ هُوَ؟! وَتَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ «2» (بَابٌ كُلُّ لَهْوٍ بَاطِلٍ إِذَا شَغَلَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ، وَمَنْ قال لصاحبه تعال أُقَامِرْكَ) ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً" فَقَوْلُهُ: (إِذَا شَغَلَ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ) مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى:" لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ". وَعَنِ الْحَسَنِ أَيْضًا: هُوَ الْكُفْرُ وَالشِّرْكُ. وَتَأَوَّلَهُ قَوْمٌ عَلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَتَلَهَّى بِهَا أَهْلُ الْبَاطِلِ وَاللَّعِبِ. وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي النَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، لِأَنَّهُ اشْتَرَى كُتُبَ الْأَعَاجِمِ: رُسْتُمَ، وَإسْفِنْدِيَارَ، فَكَانَ يَجْلِسُ بِمَكَّةَ، فَإِذَا قَالَتْ قُرَيْشٌ إِنَّ مُحَمَّدًا قَالَ كَذَا ضَحِكَ مِنْهُ، وَحَدَّثَهُمْ بِأَحَادِيثِ مُلُوكِ الْفُرْسِ وَيَقُولُ: حَدِيثِي هَذَا أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ، حَكَاهُ الْفَرَّاءُ وَالْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: كَانَ يَشْتَرِي الْمُغَنِّيَاتِ فَلَا يَظْفَرُ بِأَحَدٍ يُرِيدُ الْإِسْلَامَ إِلَّا انْطَلَقَ بِهِ إِلَى قَيْنَتِهِ فَيَقُولُ: أَطْعِمِيهِ وَاسْقِيهِ وَغَنِّيهِ، وَيَقُولُ: هَذَا خَيْرٌ مِمَّا يَدْعُوكَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ مِنَ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَأَنْ تُقَاتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَهَذَا الْقَوْلُ وَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ فِي الشِّرَاءِ. وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الشِّرَاءُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَعَارٌ، وَإِنَّمَا نَزَلَتِ الْآيَةُ فِي أَحَادِيثَ قُرَيْشٍ وَتَلَهِّيهِمْ بِأَمْرِ الْإِسْلَامِ وَخَوْضِهِمْ فِي الْبَاطِلِ. قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: فَكَانَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ وَامْتِثَالُ هَذِهِ الْمُنْكَرَاتِ
شِرَاءٌ لَهَا، عَلَى حَدِّ قَوْلُهُ تَعَالَى:" أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى " «1» [البقرة: 16] ، اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ، أَيِ اسْتَبْدَلُوهُ مِنْهُ وَاخْتَارُوهُ عَلَيْهِ. وَقَالَ مُطَرِّفٌ: شِرَاءُ لَهْوِ الْحَدِيثِ اسْتِحْبَابُهُ. قَتَادَةُ: وَلَعَلَّهُ لَا يُنْفِقُ فِيهِ مَالًا، وَلَكِنَّ سَمَاعَهُ شِرَاؤُهُ. قُلْتُ: الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى مَا قِيلَ بِهِ فِي هَذَا الْبَابِ، لِلْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ فِيهِ، وَقَوْلُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِيهِ. وَقَدْ زَادَ الثَّعْلَبِيُّ وَالْوَاحِدِيُّ فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ: (وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْغِنَاءِ إِلَّا بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ شَيْطَانَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى هَذَا الْمَنْكِبِ «2» [والآخر على هذا المنكر] فَلَا يَزَالَانِ يَضْرِبَانِ بِأَرْجُلِهِمَا حَتَّى يَكُونَ هُوَ الَّذِي يَسْكُتُ) . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: (صَوْتَانِ مَلْعُونَانِ فَاجِرَانِ أَنْهَى عَنْهُمَا: صَوْتُ مِزْمَارٍ وَرَنَّةُ شَيْطَانٍ عِنْدَ نَغْمَةٍ وَمَرَحٍ وَرَنَّةٌ عِنْدَ مُصِيبَةٍ لَطْمُ خُدُودٍ وَشَقُّ جُيُوبٍ) . وَرَوَى جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (بُعِثْتُ بِكَسْرِ الْمَزَامِيرِ) خَرَّجَهُ أَبُو طَالِبٍ الْغَيْلَانِيُّ. وَخَرَّجَ ابْنُ بَشْرَانَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (بُعِثْتُ بِهَدْمِ الْمَزَامِيرِ وَالطَّبْلِ) . وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا فَعَلَتْ أُمَّتِي خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةً حَلَّ بِهَا الْبَلَاءُ- فَذَكَرَ مِنْهَا: إِذَا اتُّخِذَتِ الْقَيْنَاتُ وَالْمَعَازِفُ (. وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:) وَظَهَرَتِ الْقِيَانُ وَالْمَعَازِفُ (. وَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ جَلَسَ إِلَى قَيْنَةٍ يَسْمَعُ مِنْهَا صُبَّ فِي أُذُنِهِ الْآنُكُ «3» يَوْمَ الْقِيَامَةِ) . وَرَوَى أَسَدُ بْنُ مُوسَى عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: (أَيْنَ عِبَادِي الَّذِينَ كَانُوا يُنَزِّهُونَ أَنْفُسَهُمْ وَأَسْمَاعَهُمْ عَنِ اللَّهْوِ وَمَزَامِيرِ الشَّيْطَانِ أَحِلُّوهُمْ رِيَاضَ «4» الْمِسْكِ وَأَخْبِرُوهُمْ أَنِّي قَدْ أَحْلَلْتُ عَلَيْهِمْ رِضْوَانِي) . وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مِثْلَهَ، وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ (الْمِسْكِ: ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَسْمِعُوهُمْ حَمْدِي وَشُكْرِي وَثَنَائِي، وَأَخْبِرُوهُمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) . وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا هَذَا الْمَعْنَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم
وعند ابن كثير :

مَّا ذَكَّرَ تَعَالَى حَالَ السُّعَدَاءِ، وَهُمُ الَّذِينَ يَهْتَدُونَ بكتاب الله وينتفعون بسماعه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الزمر: 23] الآية، عَطَفَ بِذِكْرِ حَالِ الْأَشْقِيَاءِ الَّذِينَ أَعْرَضُوا عَنِ الِانْتِفَاعِ بِسَمَاعِ كَلَامِ اللَّهِ وَأَقْبَلُوا عَلَى اسْتِمَاعِ الْمَزَامِيرِ وَالْغَنَاءِ بِالْأَلْحَانِ وَآلَاتِ الطَّرَبِ، كَمَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قال: هو والله الغناء.
رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ «1» : حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ أَبِي الصَّهْبَاءِ الْبَكْرِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ وَهُوَ يَسْأَلُ عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
قال عبد الله بن مسعود: الْغِنَاءُ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ، يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ الْخَرَّاطُ عَنْ عَمَّارٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِي الصَّهْبَاءِ أَنَّهُ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قَالَ: الْغِنَاءُ «1» ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرٌ وَعِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ وَمَكْحُولٌ وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ وَعَلِيُّ بْنُ بَذِيمَةَ.
وَقَالَ الحسن البصري: نزلت هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي الْغِنَاءِ وَالْمَزَامِيرِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَوْلُهُ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَاللَّهِ لَعَلَّهُ لَا يُنْفِقُ فِيهِ مَالًا، وَلَكِنْ شِرَاؤُهُ اسْتِحْبَابُهُ بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الضَّلَالَةِ أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ الْحَقِّ، وَمَا يَضُرُّ عَلَى مَا ينفع، وقيل: أراد بِقَوْلِهِ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ اشْتِرَاءَ الْمُغَنِّيَاتِ مِنَ الْجَوَارِي. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَحْمَسِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ خَلَّادٍ الصَّفَّارِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنُ يَزِيدَ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «لَا يَحُلُّ بَيْعُ الْمُغَنِّيَاتِ وَلَا شِرَاؤُهُنَّ وَأَكْلُ أَثْمَانِهِنَّ حَرَامٌ، وَفِيهِنَّ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ» وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ بِنَحْوِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَضَعَّفَ عَلِيَّ بْنَ يَزِيدَ الْمَذْكُورَ.
(قُلْتُ) عَلِيٌّ وَشَيْخُهُ وَالرَّاوِي عَنْهُ كُلُّهُمْ ضُعَفَاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ قال: يَعْنِي الشِّرْكُ، وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ أَنَّهُ كُلُّ كَلَامٍ يَصُدُّ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ سَبِيلِهِ. وَقَوْلُهُ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ إِنَّمَا يَصْنَعُ هَذَا لِلتَّخَالُفِ لِلْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ، وَعَلَى قِرَاءَةِ فَتْحِ الْيَاءِ تَكُونُ اللَّامُ لَامَ الْعَاقِبَةِ أَوْ تَعْلِيلًا لِلْأَمْرِ الْقَدَرِيِّ، أَيْ قَيَّضُوا لِذَلِكَ ليكونوا كذلك. وقوله تعالى: وَيَتَّخِذَها هُزُواً قَالَ مُجَاهِدٌ: وَيَتَّخِذُ سَبِيلَ اللَّهِ هُزُوًا يَسْتَهْزِئُ بِهَا. وَقَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي وَيَتَّخِذُ آيَاتِ اللَّهِ هَزُّوا، وَقَوْلُ مُجَاهِدٍ أَوْلَى.
وَقَوْلُهُ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ أَيْ كَمَا اسْتَهَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَسَبِيلِهِ أُهِينُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْعَذَابِ الدَّائِمِ الْمُسْتَمِرِّ. ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً أَيْ هَذَا الْمُقْبِلُ عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَالطَّرَبِ إِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِ الْآيَاتُ الْقُرْآنِيَّةُ وَلَّى عَنْهَا وَأَعْرَضَ وَأَدْبَرَ وتصامم وما به من صمم، كأنه ما سمعها لِأَنَّهُ يَتَأَذَّى بِسَمَاعِهَا إِذْ لَا انْتِفَاعَ لَهُ بِهَا وَلَا أَرَبَ لَهُ فِيهَا، فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُؤْلِمُهُ كَمَا تَأَلَّمَ بسماع كتاب الله وآياته.
ومن كتب المرتبة السابعة :
بحثت في المكتبة الشاملة عن الكاف الشاف لم يظهر لي
وفي فيض الباري ولم يظهر أيضا
أسأل الله الإعانة والسداد ، والله المستعان وعليه التكلان .

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مجلس, أداء

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:25 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir