وَمِن الإِيمَانِ بِهِ وَبكُتُبِهِ: الإِيمَانُ بِأَنَّ القُرْآنَ كَلاَمُ اللهِ مُنَزَّلٌ غَيْرُ مخلوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ ، وَأَنَّ اللهَ تَكَلَّمَ بِهِ حَقِيقَةً ، وَأَنَّ هَذَا القُرْآنَ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم هُوَ كَلاَمُ اللهِ حَقِيقَةً لاَ كَلاَمُ غَيْرِهِ ، وَلاَ يَجُوزُ إِطْلاَقُ القَوْلِ بِأَنَّهُ حِكَايَةٌ عَنْ كَلاَمِ اللهِ أَوْ عِبَارَةٌ عنه، بَلْ إِذَا قَرَأَهُ النَّاسُ أَوْ كَتَبُوهُ فِي الْمَصَاحِفِ لَمْ يَخْرجْ بِذَلِكَ عَنْ أَنْ يَكُونَ كَلاَمَ الله حَقِيقَةً ، فإِنَّ الكَلاَمَ إِنَّمَا يُضَافُ حَقِيقَةً إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبْتَدِئاً ، لاَ إِلَى مَنْ قَالَهُ مُبَلِّغاً مُؤَدِّيًا ، وَهُوَ كَلاَمُ اللهِ، حُرُوفُهُ وَمَعَانِيه ِ، لَيْسَ كَلاَمُ اللهِ الْحُرُوفَ دُونَ الْمَعَانِي ، وَلاَ الْمَعَانِي دُونَ الْحُرُوفِ .
وقَدْ دَخَلَ أَيْضًا فِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِن الإِيمَانِ بِهِ ، وَبِكُتُبِهِ ، وَبِمَلائِكَتِهِ ، وَبِرُسُلِهِ، الإِيمَانُ بِأَنَّ الْمُؤْمِنِينَ يَرَوْنَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ عِيَانًا بِأَبْصَارِهِمْ، كَمَا يَرَوْنَ الشَّمْسَ صَحْوًا لَيْس دُونَهَا سَحَابٌ ، وَكَمَا يَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ لاَ يُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ ، يَرَوْنَهُ - سُبْحَانَهُ - وَهُمْ فِِي عَرَصَاتِ القِيَامَةِ ، ثُمَّ يَروْنَهُ بَعْدَ دُخُولِ الْجَنَّةِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ - سُبْحَانَهُ وتَعَالَى.