أسلوب الحجاج
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي هدى والصلاة والسلام على رسول الهدى ،أما بعد فإن الآيات المختارة لهذا الأسلوب هي قوله تعالى :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3) بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}من سورة القيامة .
تضمنت هذه الآيات القدرة على البعث بعد الموت وسهولة ذلك على الله تعالى .
وبيانها كالآتي:
أولاً :قوله تعالى : :{ أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ (3)}
بين تعالى قدرته لمخلوقاته بإنه قادر على أن يحييهم بعد موتهم وقدر أورد براهين عقيلة في كتابه لإثبات ذلك ،منها قوله تعالى :{ يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج } الحج -5.
فأثبت تعالى بأنه قادر على أحياء الميت ،بدليل حسي عقلي وهو أحيائه الأرض بعد موتها ،فلما أثبت للناس ذلك دل على قدرته على أحياء الموتى .
ومنها قوله تعالى :{ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ ۖ قَالَ مَن يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)}،من سورة يس.
فأستدل على الإعادة بالبدأة ،فكما خلقهم أول مرة قادر على أن يعيدهم مرة أخرى، فهو القائل سبحانه :{ وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ ۚ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَىٰ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (27)} الروم .
وهو ما أكده في هذه الآية بعدما أقسم في قوله تعالى :{ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)} ليدل على أن المقسم عليه أمر مهم ينبغي الأنتباه له ،(فلاأيظن أنا لا نقدر على إعادة عظامه وجمعها من أماكنها المتفرقة)(1).
ثانياً:قوله تعالى :{ بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ (4)}
رد تعالى على المنكرين للبعث ،وأكد بقوله بلى( قدرتنا صالحة لجمعها ، ولو شئنا لبعثناه أزيد مما كان ، فنجعل بنانه - وهي أطراف أصابعه – مستوية).(2)
عن سعيد بن جُبير، قال: قال لي ابن عباس: سل، فقلت: ( أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ) قال: لو شاء لجعله خفا أو حافرا.(3)
وقدر ذكر النابلسي : (أن هذا الإبْهام دَرَسَهُ العلماء فَوَجدوا فيه مائة نقْطة، ومائة علامة، وطَبَعوا إبْهاماً بِحَجْم مائة مُرَبَّع، وطَبَعوا مائة ألف إبْهام، ومَرَّروا هذه المائة ألف على هذا الإبْهام فلم يكن يَجِدوا ولا واحِداً يُوافق الآخر).(4)
وهذا يدل على قدرته سبحانه حيث أنه لن يعيد أجسادهم فقط بل وهذا الإبهام الذي يميز المرء عن غيره ،ولا يمكن أن يتوافق أبهامين لشخصين مختلفين ،وهناك الملايين من الناس ،فهذا الإبهام مع دقته وتميزه ولا يمكن تكراره ،فالله قادر على أن يعيده كما كان .والله أعلم
وقد قال الزمخشري في هذا المقام :( وقرئ قادرون، أى: نحن قادرون، بَلْ يُرِيدُ عطف على أَيَحْسَبُ فيجوز أن يكون مثله استفهاما، وأن يكون إيجابا على أن يضرب عن مستفهم عنه إلى آخر. أو يضرب عن مستفهم عنه إلى موجب).(5)
المراجع :
ينبغي التنبه على أن ما بين القوسين هو الكلام المنقول عن أهل العلم .
(1) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(2) تفسير القرآن العظيم لابن كثير.
(3) جامع البيان في تأويل القرآن للطبري.
(4)موقع الشيخ محمد راتب النابلسي.
(5)الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل للزمخشري.
هذا والحمد لله رب العالمين .