المجموعة الثالثة
س1/ ما الحكمة من سؤال المسلم الهداية الى الصراط المستقيم وقد هداه الله الى الاسلام؟
هذا السؤال لم يكن منتشرا فى عهد السلف وإنما نشأ هذا السؤال بعدهم ومن أقوال أهل العلم فى ذلك :
قول ابن جرير وأبو إسحاق والزجاج أن معنى ( اهدنا ) اى ثبتنا على الهدى
قال الزجاج ( سؤالهم الهداية وهم مهتدون اى ثبتنا على الهدى )
وقال شيخ الاسلام ابن تيميه ( ورد فى قول بعضهم فى قوله تعالى ( اهدنا الصراط المستقيم ) فيقولون أن المؤمن قد هدى الى الصراط المستقيم فأى فائدة فى طلب الهدى؟ فمنهم من اجاب ( ثبتنا على الهدى ) او ( الزم قلوبنا الهدى ) او ( زدنى هدى ) وهذا السؤال يدل على عدم تصورهم الصراط المستقيم الذى يطلبه العبد الهداية إليه فالمراد به العمل بما أمر الله به وترك ما نهى الله عنه فى جميع الامور .
فالإنسان بعد إقراره بأن محمد رسول الله وأن القرءان حق على سبيل الاجمال لزمه أن يعرف من تفاصيل الامور وجزئياتها ما لم يعرفه، لهذا أمر الانسان فى مثل ذلك بسؤال الهدى الى الصراط المستقيم الذى بتناول:
* التعريف بما جاء به الرسول مفصلا.
* التعريف بما يدخل فى أوامره الكليات.
* الهام العمل بعلمه فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه.
واستدل ابن تيميه على ذلك بقول الله عز وجل لنبيه بعد صلح الحديبيه فى سورة الفتح ( إنافتحنا لك فتحا مبينا . ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويهديك صراطا مستقيما ) وقوله تعالى فى حق موسى وهارون ( وآتيناهما الكتاب المستبين . وهديناهما الصراط المستقيم )
لدخول المسلم فى الاسلام هو اصل الهداية لكنه يحتاج الى هدايات كثيرة متنوعه:
1- الهداية القائمة على العلم والعمل فيحتاج المؤمن الى بصيرة فى الدين والى الإعانة على الطاعة والعصمة من الضلالة فى كل اموره.
2- الهداية الإجمالية لا تغنى عن الهداية التفصيلية
3- حاجة المرء إلى سؤال الله تعالى التثبيت والهداية
4- الفتن التى تعترض المؤمن كثيرة ومتنوعة ومن لم يهده الله صل بها.
5- لكل عبد حاجات خاصة للهداية بما يناسب حاله فهو محتاج أن يمده الله بتلك الهدايا.
س2/ ما هى اقوال السلف فى معنى الصراط المستقيم؟ وما الموقف منها؟
تنوعت اقوال السلف فى معنى الصراط المستقيم وهذا التنوع ناتج عن اختلاف مسالكهم فى الدلالة لا عن اختلاف فى المدلول، وفى هذا المعنى خمسة أقوال :
القول الاول
هو دين الاسلام
وهو من اشهر الاقوال وأصلها وقال به جابر بن عبد الله ورواية الضحاك عن ابن عباس وهو ايضا قول جمهور المفسرين.
واستدل على ذلك بحديث النواس بن سمعان الكلابى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبى الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الابواب ستور مرخاه وعلى باب الصراط داع يقول : ايها الناس ادخلوا الصراط جميعا ولا تتعرجوا وداع يدعوا من فوق الصراط فإذا أراد يفتح شيئا من تلك الابواب قال : ويحك لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه والصراط الاسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله وذلك الداعى على راس الصراط كتاب الله والداعى من فوق الصراط واعظ الله فى قلب كل مسلم)
والشاهد قوله ( والصراط الاسلام ) وهذا اللفظ تفرد بروايتها معاوية بن صالح الليثى.
القول الثاني
هو كتاب الله تعالى
وهو رواية صحيحه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال ( إن هذا الصراط محاضر تحضره الشياطين يقولون: يا عباد الله هذا الطريق فاعتصموا بحبل الله فإن الصراط المستقيم كتاب الله )
واستدل بعض المفسرين لهذا القول بحديث وصف القرءان المشهور وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وما بعدكم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى فى غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو الصراط المستقيم)
وهذا القول صحيح فى نفسه باعتبار أن من اتبع القرءان فقد هدى الى الصراط المستقيم.
القول الثالث
هو ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهذا القول رواية عن ابن مسعود.
روى الاعمش عن أبى وائل عن عبد الله قال ( الصراط المستقيم الذى تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) رواه الطبراني والبيهقي ولفظه ( الصراط المستقيم تركنا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على طرفه والطرف الاخر الجنة )
القول الرابع
هو النبى صلى الله عليه وسلم وصاحباه ابو بكر وعمر وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما
وان كان لهذا القول سبب وهو ظهور الفرق بعد مقتل عثمان فأراد أن يبين للناس أن الصراط المستقيم ما كانت عليه الان فى عهد النبي صلى الله عليه وسلم وابى بكر وعمر
فعن عاصم الاحول عن أبى العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما فى قوله ( الصراط المستقيم ) قال : ( هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه) قال فذكرنا ذلك للحسن فقال ( صدق والله ونصح، والله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ابو بكر وعمر رضي الله عنهما)
القول الخامس
هو الحق
وقال به مجاهد بن جبر رواه ابن ابي حاتم
وهذا القول فى حقيقته بيان وصف الصراط المستقيم بأنه الحق لان كل ما أتبع سواه فهو باطل.
قال ابن كثير ( كل هذه الأقوال صحيحه ومتلازمة فإن من اتبع النبي صلى الله عليه وسلم واقتدى بعده بأبى بكر وعمر فقد اتبع الحق ومن اتبع الحق فقد أتبع الاسلام ومن اتبع الاسلام فقد أتبع القرءان وهو كتاب الله وحياه المتين وصراطه المستقيم فكلها صحيحه يصدق بعضها بعضا ولله الحمد)
ويجب أن ننتبه إلى أن بعض هذه الأقوال يجوز اختصارها وروايتها بالمعنى مما يخل بمعناه حتى زعم البعض أن الصراط المستقيم هو حب ابى بكر وعمر وفى هذا اخلال فى النقل لذا لابد من الإتيان بالنصوص والتعبير عنها بما لا يخل بمعناها لذا تطلب منا أن لا نكتفى بما يتم نقله من اقوال السلف فى التفاسير بل يجب علينا الرجوع الى المصادر الاصليه فيأخذ عباراتهم بنصها.
س3/ بين معانى الإنعام فى القرءان
المعنى الأول
إنعام عام وهو إنعام فتنة وابتلاء
قال الله تعالى ( فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن..........)
وهو عام للمؤمن والكافر قال تعالى ( فإذا مس الإنسان ضر دعانا ثم إذا خولناه نعمة كما قال إنما اوتيته على علم بل هى فتنه ولكن اكثرهم لا يعلمون )
وهو حجة على العباد ودليل على المنعم جل وعلا ليخلصول له العبادة
قال تعالى ( يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون)
المعنى الثاني
الانعام الخاص وهو إنعام منه واجتباء وهو الإنعام بالهداية الى ما يحبه الله عز وجل ويرضاه من الاقوال والاعمال
وهو المقصود فى قوله تعالى ( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا . ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما)
س4/ ماالحكمة من إسناد الإنعام فى قوله تعالى ( أنعمت عليهم ) الى الله تعالى وعدم إسناد الغضب إليه جل وعلا فى قوله ( المغضوب عليهم )
* توحيد الرب جلا وعلا والاعتراف بذكر إنعامه وحده وأن إنعامه هو سبب اعتداء المرء إلى الصراط المستقيم.
* أنه أبلغ فى التوسل والثناء على الله تعالى
* هذا اللفظ انسب للمناجاه والدعاء والتقرب والتضرع إلى الله.
* مقتضى شكر النعمه التصريح بذكر المنعم ونسبه النعمة إليه.
س5/ ما المراد بالمغضوب عليهم وبالضالين ؟
صح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنهم مغضوب عليهم ووصف النصارى بأنهم ضالون ولا يتطلب هذا قصر الوصف عليهم فمن فعل فعلهم فهو منهم ولقى جزائهم
وتوافقت أقوال السلف على أن :
سبب الغضب على اليهود أنهم لم يعملوا بما علموا فهم يعرفون الحق ولكنهم اعرضوا عنه وحرفوه وعادوا أولياء الله فاستحقوا غضب الله
واما النصارى ضلوا لانهم عبدوا الله على جهل باتباع أهوائهم ورهبانهم المبدعين للدين.
س6/ بين ما استفدته من دراستك لدورة تفسير سورة الفاتحة المنهجية فى دراسة مسائل التفسير
* التحرى والدقة فى الاقوال وصحة وردها
* الرجوع الى المصادر الاصليه وعدم الاكتفاء بالتفاسير
* الاعتبار بالقول الضعيف وعدم إهماله مع ذكر ضعفه
* الجمع بين جميع النصوص وان اختلفت لأن هذا الاختلاف يكون نتيجة اختلاف مسالك الوصول إليها
* اخذ النصوص على ظاهرها.