السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحييكم جميعاً ، وأسأل الله تعالى أن يجعلكم موفّقين مباركين حيثما كنتم، وأن يفتح لكم أبواب فضله ورحمته، وأن ينفعكم بآياته ويرفعكم بها.
وكنت أود أن أكتب إليكم في الأسبوع الأول من دراستكم في هذا الفصل، ولكني أعتذر إليكم من التأخر لما شغلني عن ذلك مع حرصي عليه، وأوصيكم في بدء دراستكم لهذه المرحلة المهمة من التفسير، وهي دراسة التفسير على المستوى المتقدّم بجملة من الوصايا أودّ أن تعتنوا بها:
أولها: تعاهد النيّة وتصحيح المقاصد؛ فإنّ القلب يتقلب، وقد صحّ عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عائشة وحديث أنس أنه كان يكثر أن يقول: «اللهم يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك».
وأن يعلم طالب العلم أنّ العبرة ليست بكثرة المعلومات، وإنما بما ينفعه الله به منها، ولذلك فلتكن العناية بإحسان الدراسة وإحسان العمل مقدمةً على الاستكثار من المعلومات من غير ضبط، ومقدمةً على الإمعان في الاستكثار من حجج الله مع التقصير في العمل.
وثانيها: إدراك أهمية هذه المرحلة في البناء العلمي، وأنّ ما سبق من الدورات والمهارات إنما كان لأجل التأهّل لدراسة التفسير في هذه المرحلة؛ فهي مرحلة مهمة، بل هي صلب دراسة التفسير، وأوّل الطريق لبناء أصل علمي متقن، ولذلك أودّ أن تعتنوا بتلخيص مسائل التفسير؛ فمن شقّ عليه ذلك في جميع الدروس فلا أقلّ من أن يدوّن أهمّ المسائل ويحرر القول فيها على ما سبقت دراسته.
وثالثها: أنه حرصا على التهيئة لإحسان الدراسة فقد أعيد النظر في تقسيم دروس التفسير في هذا الفصل؛ لتكون اثني عشر قسماً، بمعدّل أربعة دروس في الأسبوع، وذلك لأجل أن تتوافر همّة الدارس على إتقان الدراسة وضبط المسائل العلمية في هذه المرحلة المهمة. [ التنظيم الجديد: هنا]
ورابعها: العناية بمجالس المذاكرة وإدراك مقاصدها؛ فليس الغرض منها مجرّد وسيلة مراجعة قبل دخول الاختبار، بل هي أداة مهمّة لصقل مهارات التفسير وتنميتها، والإفادة منها في بناء أصل علمي يرجع إليه الطالب، ومواصلة التدرب على هذه المهارات يكسب الطالب ملكة علمية حسنة في تصوّر المسائل التفسيرية، وسرعة تحريرها، ومعرفة نظائر المسائل والأقوال، وطرق الاستدلال والترجيح والإعلال، واستخراج الفوائد والأحكام، إلى غير ذلك من الأدوات المهمة للمفسّر.
وخامسها: الحرص على تزكية هذا العلم؛ ببثّ ما أحسن الطالب تعلّمه وتثبّت منه؛ فيتمرن على إلقاء الكلمات التفسيرية وكتابة المقالات المختصرة ، أو بث الفوائد في وسائل التواصل الاجتماعي بما لا يشغله عن مواصلة الدراسة والانتظام فيها؛ فإنّ تزكية العلم من أعظم أسباب رسوخه ونمائه وبركته.
وسادسها: أن يتعرّف كلّ واحد منكم على ما يحسنه مما أنعم الله به عليه من القدرات والملكات النافعة حتى يعدّ لنفسه خطة واضحة لمنهجه بعد التخرج من هذا البرنامج، ويبدأ من الآن في الاستعداد للوصول إلى مرحلة تحقيق أهدافه.
وسابعها: العناية بقراءة سير المفسرين، واستخلاص الفوائد منها، والتعرف على طرقهم في تعلم هذا العلم وتعليمه، وتأمّل وصاياهم وأخبارهم، فمن أحبّ أن يلحق بقوم فليحسن التعرّف عليهم.
وختاماً أسأل الله تعالى لكم التوفيق والإعانة، وأن يتقبّل منكم، ويجعل ما تتعلمونه قربة إليه ، وحجة لكم، وأن ينفع بكم أمّة الإسلام.