دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21 شوال 1436هـ/6-08-2015م, 05:26 PM
فاطمة الزهراء احمد فاطمة الزهراء احمد غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 1,051
افتراضي بحث في المراد باللمم

رسالة في تفسير المراد باللمم في قوله تعالى:
( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللمم) سورة النجم .(32).


الحمد لله الذي له ملك السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، والصلاة والسلام على الرسول النبي الكريم نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد ورد ذكر اللمم – بهذا اللفظ - في قوله تعالى في سورة النجم :
( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إن ربك واسع المغفرة).(32).
والسياق
الذي ذكرت فيه هذه الأية كان في وصف المؤمنين بالأوصاف الكاملة والتي جاء من ضمنها:
الإحسان واجتناب الكبائر والفواحش ولكن لأنهم بشر غير معصومين فهم يرتكبون (اللمم)
ولهذا يغفره الله لهم ويتجاوز عنهم.
وهذا الاستثناء يحتمل وجوها:
أحدها
: أن يكون ذلك استثناء من الفواحش وحينئذ فيه وجهان :
أحدهما : استثناء منقطع ؛ لأن اللمم ليس من الفواحش .
وثانيهما : غير منقطع لما بينا أن كل معصية إذا نظرت إلى جانب الله تعالى وما يجب أن يكون عليه فهي كبيرة وفاحشة ، ولهذا قال الله تعالى : ( وإذا فعلوا فاحشة ) [ الأعراف : 28 ] غير أن الله تعالى استثنى منها أمورا يقال : الفواحش كل معصية [ ص: 9 ] إلا ما استثناه الله تعالى منها ووعدنا بالعفو عنه .
ثانيها : ( إلا ) بمعنى " غير " وتقديره " والفواحش غير اللمم " ، وهذا للوصف إن كان للتمييز كما يقال : الرجال غير أولي الإربة فاللمم عين الفاحشة ، وإن كان لغيره كما يقال : الرجال غير النساء جاءوني لتأكيد وبيان " فلا " .
وثالثها : هو استثناء من الفعل الذي يدل عليه قوله : ( الذين يجتنبون ) لأن ذلك يدل على أنهم لا يقربونه فكأنه قال : لا يقربونه إلا مقاربة من غير مواقعة وهو اللمم .
وقد فسر الشيخ السعدي رحمه الله الآية الكريمة فقال (ص 976) :

" (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ ) أي : يفعلون ما أمرهم الله به من الواجبات التي يكون تركها من كبائر الذنوب ، ويتركون المحرمات الكبار من الزنا وشرب الخمر وأكل الربا والقتل ونحو ذلك من الذنوب العظيمة (إِلا اللَّمَمَ) وهو الذنوب الصغار التي لا يصر صاحبها عليها ، أو التي يُلِم العبد بها المرة بعد المرة على وجه الندرة والقلة ، فهذه ليس مجرد الإقدام عليها مخرجاً للعبد من أن يكون من المحسنين ، فإن هذه مع الإتيان بالواجبات وترك المحرمات تدخل تحت مغفرة الله التي وسعت كل شيء ، ولهذا قال : ( إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ ) فلولا مغفرته لهلكت البلاد والعباد ، ولولا عفوه وحلمه لسقطت السماء على الأرض ، ولما ترك على ظهرها من دابة ، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ ، مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ ) " اهـ .


وليس معنى الآية الإذن لهم في ارتكاب (اللمم) وهي الصغائر ، بل المعنى : أنهم يجتنبون الكبائر ، ثم ما وقع منهم من الصغائر - على سبيل الزلة والخطأ - فإنه يقع مغفوراً لهم باجتنابهم الكبائر.


وفي السنة المطهرة في الحديث الصحيح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر ))
[ رواه مسلم وأحمد والترمذي
).
وروى الترمذي (3284) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) . قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ تَغْفِرْ اللَّهُمَّ تَغْفِرْ جَمَّا وَأَيُّ عَبْدٍ لَكَ لا أَلَمَّا) . صححه الألباني في صحيح الترمذي.
وفي حديث الإفك
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنْ كُنْت أَلْمَمْت بِذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرِي اللَّه ) رواه البخاري (2661) ومسلم (2770) .
قال النووي : مَعْنَاهُ : إِنْ كُنْت فَعَلْت ذَنْبًا وَلَيْسَ ذَلِكَ لَك بِعَادَةٍ , وَهَذَا أَصْل اللَّمَم اهـ
وقد تنوعت عبارات السلف في بيان معنى (اللمم) ومن رويت عنهم آثار من الصحابة والتابعين في بيان معنى اللمم هم:
الأول: عن أبي هُريرة وابن عباس والشعبي وابن مسعود وأبي سعيد الخدري وغيرهم
" اللمم " كل ما دون الزنى،(ذكره القرطبي).
الثاني: عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
- "إلا اللمم " إلا ما سلف، وكذا قاله زيد بن أسلم (ذكره ابن كثير).
الثالث: عن محمد بن الحنفية
كل ما هممت به من خير أو شر فهو لمم . ودليل هذا التأويل قوله عليه الصلاة والسلام : إن للشيطان لمة وللملك لمة الحديث . وقد مضى في " البقرة " عند قوله تعالى : (الشيطان يعدكم الفقر).تفسير الثعلبي والقرطبي).
الرابع:عن سعيد بن المسيب
قال سعيد بن المسيب : هو ما ألم على القلب ; أي خطر .(تفسير الثعلبي والقرطبي).
الخامس:عن عبد الله بن عمرو
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني يحيى بن أيوب عن المثني بن الصباح عن عمرو ابن شعيب أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال في {اللمم}: هو ما دون الشرك). [الجامع في علوم القرآن: 1/5]
السادس:عن قتادة
عن قتادة في قوله {إلا اللمم} قال: اللمم ما بين الحدين ما لم يبلغ حد الدنيا ولا حد الآخرة موجبة قد أوجب الله لأهلها النار أو فاحشة يقام عليه الحد في الدنيا). [الدر المنثور: 14/41]
السابع: عن الكلبي
اللمم على وجهين : كل ذنب لم يذكر الله عليه حدا في الدنيا ولا عذابا في الآخرة ; فذلك الذي تكفره الصلوات الخمس ما لم يبلغ الكبائر والفواحش ، والوجه الآخر : هو الذنب العظيم يلم به الإنسان المرة بعد المرة فيتوب منه.(ذكره البغوي).
الثامن:عن الحسن بن الفضل
"اللمم" : النظر من غير تعمد ، فهو مغفور ، فإن أعاد اللمم : فليس بلمم ، وهو ذنب .(ذكره البغوي).
- وذهب جمهور العلماء إلى أن "اللمم" هو صغائر الذنوب . قاله الامام ابن القيم وغيره (الدرر السنية).
وأحسن هذه الاقوال قولان هما:
أحدهما
: أن المراد به: ما يلم به الإنسان من صغائر الذنوب، كالنظرة والاستماع لبعض ما لا يجوز من محقرات الذنوب وصغائرها ونحو ذلك، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وجماعة من السلف، واحتجوا على ذلك بقوله سبحانه في سورة النساء: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا[2] قالوا: المراد بالسيئات المذكورة في هذه الآية هي صغائر الذنوب، وهي: اللمم؛ لأن كل إنسان يصعب عليه التحرز من ذلك، فمن رحمة الله سبحانه أن وعد المؤمنين بغفران ذلك لهم إذا اجتنبوا الكبائر، ولم يصروا على الصغائر. وأحسن ما قيل في ثبوت الكبائر إنها المعاصي التي فيها حد في الدنيا؛ كالسرقة، والزنى، والقذف، وشرب المسكر، أو فيها وعيد في الآخرة بغضب من الله أو لعنة أو نار؛ كالربا، والغيبة، والنميمة، وعقوق الوالدين. ومما يدل على غفران الصغائر باجتناب الكبائر وعدم الإصرار على الصغائر قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنى فهو مدرك ذلك لا محالة، فزنى العين النظر، وزنا اللسان الكلام، وزنا الأذن الاستماع، وزنا اليد البطش، وزنا الرجل الخطى، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه))، ومن الأدلة على وجوب الحذر من الصغائر والكبائر جميعاً وعدم الإصرار عليها قوله سبحانه: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ[3].

القول الثاني: أن المراد باللمم: هو ما يلم به الإنسان من المعاصي ثم يتوب إلى الله من ذلك، كما قال في الآية السابقة وهي قوله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً...[4] الآية، وقوله سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[5] وما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((كل بني آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون))، ولأن كل إنسان معرض للخطأ، والتوبة النصوح يمحو الله بها الذنوب، وهي المشتملة على الندم على ما وقع من المعصية، والإقلاع عنها، والعزيمة الصادقة على ألا يعود إليها خوفاً من الله سبحانه، وتعظيماً له، ورجاء مغفرته.

ذكره الشيخ عبد العزيز بن باز.

فهذا ما علمته أُثر عن الصحابة والتابعين في تفسير اللمم.

أقوال المفسرين في المراد ب(اللمم) وترجيحهم :
قال الْخَطَّابِيُّ : الْمُرَاد بِاللَّمَمِ مَا ذَكَرَهُ اللَّه فِي قَوْله تَعَالَى : ( الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ ) وَهُوَ الْمَعْفُوُّ عَنْهُ . وَقَالَ فِي الآيَة الأُخْرَى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ ) فَيُؤْخَذ مِنْ الآيَتَيْنِ أَنَّ اللَّمَم مِنْ الصَّغَائِر وَأَنَّهُ يُكَفَّر بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِر اهـ .

وذكر النووي رحمه الله كلام الخطابي ثم قال :

" هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِير اللَّمَم , وَقِيلَ : أَنْ يُلِمّ بِالشَّيْءِ وَلا يَفْعَلهُ , وَقِيلَ : الْمَيْل إِلَى الذَّنْب . وَلا يُصِرّ عَلَيْهِ , وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ بِظَاهِرٍ . وَأَصْل اللَّمَم وَالإِلْمَام الْمَيْل إِلَى الشَّيْء وَطَلَبَهُ مِنْ غَيْر مُدَاوَمَة . وَاَللَّه أَعْلَم " اهـ .

قال الحافظ :

وَمُحَصَّل
كَلَام اِبْن عَبَّاس تَخْصِيصه بِبَعْضِهَا ( يعني : تخصيص اللمم ببعض الذنوب الصغار) , وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون أَرَادَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ جُمْلَة اللَّمَم أَوْ فِي حُكْم اللَّمَم اهـ .

قال في تحفة الأحوذي :

اخْتَلَفَت أَقْوَالُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي تَفْسِيرِ اللَّمَمِ ، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ صَغَائِرُ الذُّنُوبِ . . وَهو الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ اهـ .

وقال القرطبي رحمه الله :

‏"إلا
اللمم" وهي الصغائر التي لا يسلم من الوقوع فيها إلا من عصمه الله وحفظه اهـ .

وقال ابن جرير :

" وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب قول من قال "إلا" بمعنى الاستثناء المنقطع، ووجه معنى الكلام (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم) بما دون كبائر الإثم ، ودون الفواحش الموجبة للحدود في الدنيا ، والعذاب في الآخرة ، فإن ذلك معفو لهم عنه ، وذلك عندي نظير قوله جل ثناؤه : ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ) النساء/31 . فوعد جل ثناؤه باجتناب الكبائر ، العفو عما دونها من السيئات ، وهو اللمم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لعينان تزنيان ، واليدان تزنيان ، والرجلان تزنيان ، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) وذلك أنه لا حد فيما دون ولوج الفرج في الفرج ، وذلك هو العفو من الله في الدنيا عن عقوبة العبد عليه ، والله جل ثناؤه أكرم من أن يعود فيما قد عفا عنه " اهـ

معنى اللمم لغة:

قال أبو إسحاق الزجاج : أصل اللمم والإلمام ما يعمله الإنسان المرة بعد المرة ولا يتعمق فيه ولا يقيم عليه ; يقال : ألممت به إذا زرته وانصرفت عنه ، ويقال : ما فعلته إلا لمما وإلماما ; أي : الحين بعد الحين . وإنما زيارتك إلمام ، ومنه إلمام الخيال ; قال الأعشى :
ألم خيال من قتيلة بعدما وهى حبلها من حبلنا فتصرما
وقيل : إلا بمعنى الواو . وأنكر هذا الفراء وقال : المعنى إلا المتقارب من صغار الذنوب . وقيل : اللمم النظرة التي تكون فجأة .
واللمم أيضا طرف من الجنون ، ورجل ملموم أي به لمم . ويقال أيضا : أصابت فلانا لمة من الجن وهي المس والشيء القليل ; قال الشاعر :
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن إلا كلمة حالم بخيال
قَالَ مَكِّيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ): ({اللَّمَمَ}: دون الكبائر.
قالَ يعقوبُ بنُ إسحاقَ ابنِ السِّكِّيتِ البَغْدَادِيُّ (ت: 244هـ) : (واللمم من الجنون واللمم دون الكبيرة من الذنوب). [إصلاح المنطق: 61].
وهذا نظير قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ماتنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما) النساء.
والفواحش معطوفة على الكبائر ، وهي ما فحش من الفعائل القبيحة ، وهذه الآية تناسب الآية التي نفسها في معناها بذاتها وموقعها مما قبلها ، فقد عبر في كل منهما باجتناب الكبائر ، وجعل جزاء هذا الاجتناب تكفير ما دون الكبائر والفواحش وغفرانه ، ولكنه عبر عن مقابل الكبائر هنا بالسيئات وهو لفظ يشمل الصغائر والكبائر كما علم من استعماله في عدة مواضع من القرآن ، وعبر في سورة النجم باللمم ، وفسروا اللمم بما قل وصغر من الذنوب ، كما فسروا السيئات هنا بالصغائر وما أخذوا ذلك إلا من المقابلة كما تقدم ، وقد يكون اللمم بمعنى مقاربة الكبيرة أو الفاحشة بإتيان بعض مقدماتها مع اجتناب اقترافها ، من ألمت النخلة إذ قاربت الإرطاب وألم الغلام إذا قارب البلوغ ، ومن التناسب المتعلق بالسياق أنه علل في سورة النجم مغفرة اللمم بعلم الله تعالى بحال الإنسان في خروجه من مواد الأرض الميتة تكون غذاء [ ص: 41 ] فدما فمنيا يلقح البويضات في رحم الأم ، وعلمه بحاله بعد هذا التلقيح إذ يكون جنينا في بطن أمه لا يقدر على شيء ، فقصاراه أن الإنسان ضعيف كما قال في أخرى : خلقكم من ضعف ( 30 : 54 ) ، وقد تقدم الآية التي نفسرها تعليل التخفيف عن المكلفين بقوله تعالى : (وخلق الإنسان ضعيفا ).
والكبائر التي نهى الله عنها هي :
ما بين أول سورة النساء إلى رأس الثلاثين. وقال آخرون : الكبائر سبع . عن محمد بن إسحاق , عن محمد بن سهل بن أبي حثمة , عن أبيه , قال : إني لفي هذا المسجد مسجد الكوفة , وعلي رضي الله عنه يخطب الناس على المنبر , فقال : يا أيها الناس إن الكبائر سبع ! فأصاخ الناس , فأعادها ثلاث مرات , ثم قال : ألا تسألوني عنها ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ما هي ؟ قال : الإشراك بالله , وقتل النفس التي حرم الله , وقذف المحصنة , وأكل مال اليتيم , وأكل الربا , والفرار يوم الزحف , والتعرب بعد الهجرة. فقلت لأبي : يا أبت التعرب بعد الهجرة , كيف لحق ههنا ؟ فقال : يا بني , وما أعظم من أن يهاجر الرجل , حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد , خلع ذلك من عنقه فرجع أعرابيا.
ذكره الطبري رحمه الله.
و أجمع العلماء على أن هناك من الذنوب ما هو من الصغائر، وأن هناك من الذنوب ما هو من الكبائر، لكن القول الفصل في تعريف الكبيرة والصغيرة، أن الكبيرة هي الذنب الذي يصر الإنسان عليه فقد سئل ابن عباس عن الكبائر، أسبعٌ هن ؟ فقال: هن إلى السبعمئة أقرب، إلا أنه لا كبيرة مع الاستغفار، ولا صغيرة مع الإصرار، وقال ابن عباس رضي الله عنه: كل شيء عصي الله به فهو كبيرة، ولا تنظر إلى صغر الذنب ولكن انظر على من اجترأت.
أسأل الله أن يحفظني وإياكم من الكبائر والصغائر وأن يمن علينا بمغفرته وأن يدخلنا مدخلا كريما.
والحمد لله رب العالمين .
المراجع:
تفسير الطبري
تفسير ابن كثير
تفسير القرطبي
تفسير عبد الرزاق الصنعاني
تفسير البغوي
تفسير الثعلبي
تفسير الزجاج
تفسير السعدي
التفسير الكبير للرازي
الدر المنثور
تحفة الأحوذي
صحيح البخاري ومسلم
الدرر السنية
-طريقة البحث
حاولت محاكات رسالة (المثل الأعلى)
وكانت على طريقة التقرير العلم


http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/taba...a53-aya32.html
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a53-aya32.html
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/qort...a53-aya32.html
http://islamport.com/w/tfs/Web/1461/3001.htm
http://www.nwahy.com/quran/t-53-1-32.html
http://www.e-quran.com/baghawy/bghwy-s53.html
http://www.al-eman.com/%D8%AA%D9%81%...85/t42&s53&p22
http://islamqa.info/ar/22422
http://library.islamweb.net/newlibra...no=132&ID=4759
http://islamport.com/d/1/srh/1/23/588.html
http://www.dorar.net/enc/aqadia/3385
https://ar.m.wikisource.org/wiki/%D8...86%D8%AC%D9%85
http://library.islamweb.net/newlibra...play_book.php?
idfrom=7780&idto=7782&bk_no=53&ID=1242


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تجب, في

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:26 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir